المنطقة الآمنة في شمال سوريا خلال 3 أشهر.. وعاصمتها أعزاز

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: اجتماع اليوم بين الأميركيين والأتراك والمعارضة لبحث آليات إدارة المناطق المحررة

قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
TT

المنطقة الآمنة في شمال سوريا خلال 3 أشهر.. وعاصمتها أعزاز

قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)

رغم النفي الأميركي لاتفاق مع تركيا على إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، فإن الأتراك ماضون على ما يبدو بتهيئة الفرص لإقامة هذه المنطقة التي يسمونها «منطقة من دون مخاطر»، ويعملون على تأسيسها بغض النظر عن «الاختلاف اللفظي» مع الولايات المتحدة، كما يقول مسؤول رفيع في الخارجية التركية لـ«الشرق الأوسط»، في حين أكدت مصادر تركية رسمية أن هذه المنطقة «ستقوم في وقت غير بعيد وأن عاصمتها ستكون مدينة أعزاز الحدودية»، التي ستنتقل إليها الحكومة السورية المؤقتة التي أنشأها الائتلاف السوري، والتي ستكون مسؤولة عن إدارة المنطقة، كما قال رئيسها أحمد الطعمة لـ«لشرق الأوسط»، أمس.
ولا يتوقف المسؤولون الأتراك كثيرا أمام النفي الأميركي، ويقول المسؤول التركي لـ«الشرق الأوسط» إن «وكيل وزير الخارجية التركية فريدون سيريليو أوغلو الذي أعلن عن اتفاق مع الأميركيين حول المنطقة هو من يقود المفاوضات مع الأميركيين ويتابع أدق تفاصيلها، ولم ينطق بتصريحاته من تكهنات أو من تقارير مرفوعة إليه»، مشيرا إلى أن تركيا لا تسمي هذه البقعة «منطقة آمنة» بل تفضل تسميتها «منطقة من دون مخاطر»، وأن المنطقة ستكون بطول 98 كيلومترًا، وعمق 45 كيلومترًا، وسيشرف «الجيش الحر» على حمايتها.
وتؤكد المصادر التركية أن هذه المنطقة هي «قرار استراتيجي تركي»، موضحة أن التنفيذ بدأ فعليا، والمنطقة سوف تتشكل تركيا من دون تدخل بري تركي، متحدثا عن وجود نحو ألف مقاتل يتدربون حاليا خارج إطار برنامج التدريب الأميركي ويدينون بالولاء للحكومة السورية المؤقتة وللائتلاف السوري سيكونون نواة حماية المنطقة العازلة، مشيرا إلى أن هؤلاء سيتمتعون بغطاء مدفعي وجوي من تركيا و«التحالف الدولي». وأشارت المصادر إلى أن الحكومة المؤقتة أبلغت المسؤولين الأتراك أنها تفضل مدينة أعزاز للانتقال إليها في المرحلة الأولى وممارسة أعمالها، على أن ينظر في الموقع في وقت لاحق وفقا لتطورات الأمور.
وأوضحت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماعات عمل عدة عقدت بين المعارضة السورية والمسؤولين الأتراك محورها «المنطقة الآمنة» وكيفية قيامها، كما أشارت إلى اجتماع سوف يعقد اليوم بين الأميركيين (يو أس آيد) والأتراك والمعارضة لبحث آليات إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وسبل توفير الدعم لها. وكشفت المصادر عن اجتماع عقد بين مسؤولي الحكومة المؤقتة ومسؤولين في الخارجية التركية عرضت خلاله خطة الحكومة المؤقتة لإدارة المنطقة الآمنة من كل النواحي. وأشارت المصادر إلى أن الجانب السوري المعارض اقترح قيام منطقة عازلة تمتد 180 كيلومترا وبعمق 50 كيلومترا، إلا أن الجانب التركي أوضح أن هذه الأرقام قد لا تكون مناسبة، مشيرا إلى أن العمق قد يتراوح بين 40 و60 كيلومترا وفقا للحاجة. وأوضحت أن الجانب التركي طلب من الحكومة المؤقتة الانتقال إلى الداخل السوري في أقرب وقت ممكن، ودعاها إلى اقتراح مقر للحكومة للعمل فيه داخل الأراضي السورية، متعهدا بتأمين الحماية والإجراءات اللوجيستية اللازمة.
وأكد رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمه التوصل إلى توافق مع الأتراك حول حدود المنطقة الآمنة، لافتا إلى أنها ستكون بطول 98 كلم وعمق 45 كلم أي بمساحة تقريبية نحو 4500 كلم تمتد من غرب نهر الفرات وبالتحديد من جرابلس شرقا باتجاه أعزاز. وأوضح طعمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة المؤقتة اقترحت على الأتراك إنشاء منطقتين أخريين في سد تشرين قرب نهر الفرات وفي الشيخ نجار، إلا أنها لم تتلق جوابا نهائيا حول هذا الطرح، لافتا إلى أن مقر الحكومة في المنطقة الآمنة وبالتالي مركز العاصمة لهذه المنطقة لم يتحدد بعد، وقال: «طُلب منا أن نجهز ملفاتنا خلال الأشهر الـ3 الماضية، وعلى الرغم من أنّه قد لا يكون من الدقة تحديد موعد إنشاء هذه المنطقة إلا أننا نتوقع أن تظهر ملامحها خلال 3 أشهر أو أكثر بقليل».
وأكد طعمه وجود اتفاق أميركي – تركي بإزاحة كل المنظمات المتطرفة من المنطقة المنوي إنشاؤها وبالتحديد «داعش» وجبهة النصرة والـ«PYD»، لافتا إلى أن الخلاف قد يكون حول تسمية هذه المنطقة التي قد لا تكون آمنة 100 في المائة ولكنها لا شك ستكون أقل خطورة من غيرها من المناطق. وأضاف: «لا شك أنّه لن يُسمح للنظام بأن يستبيحها ذهابا وإيابا كما يفعل حاليا إلا أن المخاطر لا شك تبقى موجودة».
وشدّد طعمه على أن الاتفاق مع الأتراك يقضي بإنشاء تركيا المنطقة الآمنة على أن تتولى المعارضة إدارتها، فتتولى الحكومة المؤقتة الإدارة في مرحلة أولى على أن يستلم الائتلاف بعد ذلك المهمة. وعن إمكانية استخدام العملة التركية في هذه المنطقة، قال طعمه: «ما طرحه مجلس حلب لا يزال يُبحث بإطار لجان من الاقتصاديين، ونحن لن نتخذ قرارا مستعجلا في هذا الشأن يكون له ارتدادات سلبية على المواطن السوري وعلى مستقبل الليرة السورية، كما أننا نبحث مع الأتراك ما إذا كانت خطوة مماثلة ستضرهم أو تنفعهم باعتبار أن تركيا بلد مصدّر وارتفاع سعر صرف الليرة قد لا يناسبها كثيرا».
إلى ذلك، قالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن «اجتماعا عقد مطلع الأسبوع بين مسؤولين في الحكومة السورية المؤقتة ووزير التجارة التركي تحضيرا لهذه المنطقة، خلص إلى اعتماد الحكومة المؤقتة المخاطب السوري السياسي والقانوني الوحيد فيما يتعلق بالصادرات من سوريا إلى تركيا وبالعكس». وأشارت المصادر إلى أن البحث مع الجانب التركي تطرق إلى ضرورة قيام منطقة تجارة حرة في المنطقة الآمنة من أجل تشجيع حركة التجارة فيها. وفي المقابل اقترح الجانب السوري أن تكون المنطقة الصناعية في حلب من ضمن المنطقة الآمنة، علما أن هذه المنطقة لا تزال تحت سيطرة النظام الذي سيطر عليها العام الماضي.



الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
TT

الداخلية السورية تعلن مقتل شخص واعتقال 8 بعملية أمنية ضد خلية لـ«داعش»

من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)
من العملية الأمنية في تدمر عقب هجوم «داعش» (أرشيفية - وزارة الداخلية)

أعلنت السلطات السورية، الثلاثاء، أن قواتها قتلت زعيم خلية مرتبطة بتنظيم «داعش» واعتقلت 8 آخرين، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف، الأحد، قوات الأمن بشمال البلاد.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت الوزارة في بيان إن العملية «استهدفت موقع خلية إرهابية تتبع لتنظيم (داعش) الإرهابي»، وأدت العملية إلى «إلقاء القبض على جميع أفراد الخلية وعددهم 8، وحُيّد (قُتل) العنصر التاسع، متزعم الخلية، أثناء المداهمة».

وأفادت الوزارة بعملية أمنية ثانية بناء على المعلومات التي جمعتها من العملية الأولى، وأسفرت العمليتان عن «ضبط أحزمة ناسفة، وكواتم صوت، وصواريخ من نوع ميم-دال، إلى جانب أسلحة رشاشة».

وقالت الداخلية إن المجموعة المستهدفة «مسؤولة عن تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت دوريات أمنية وعسكرية في محافظتي إدلب وحلب».

وتأتي هذه العملية بعد هجوم استهدف، الأحد، دورية لإدارة أمن الطرق في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل أربعة من عناصر قوى الأمن الداخلي وإصابة خامس، حسب وزارة الداخلية السورية.

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية «سانا» بأن مسلحين أطلقوا النار على الدورية أثناء تنفيذ مهامها على طريق معرة النعمان جنوب المحافظة.

وتبنى تنظيم «داعش» لاحقاً الهجوم، وفق ما أورده موقع «سايت» المتخصص في شؤون الجماعات الجهادية.

ويأتي ذلك بعد أيام من استهداف وفد عسكري مشترك في مدينة تدمر وسط سوريا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة أميركيين، بينهم جنديان ومدني يعمل مترجماً، إضافة إلى إصابة عناصر من القوات الأميركية والسورية، حسب واشنطن ودمشق.


تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
TT

تسهيلات مصرية لمستثمرين في السياحة بسيناء لتعويض خسائر حرب غزة

أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)
أحد المنتجعات السياحية الفاخرة في مدينة طابا (هيئة تنشيط السياحة)

أقرت مصر حزمة واسعة من التسهيلات لمستثمري منطقة طابا ونويبع، الواقعتين على شاطئ البحر الأحمر بجنوب سيناء، بعد تضرر الأنشطة السياحية هناك على مدار العامين الماضيين، نتيجة الحرب في قطاع غزة والتوترات الأمنية المحيطة بالمنطقة.

وبحسب تصريحات إعلامية لرئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإنه تمت الموافقة من جانب إدارة الهيئة على منح المستثمرين عاماً إضافياً لتأجيل سداد المديونيات، مع وقف المطالبة بالسداد لمدة 18 شهراً دون فوائد، لافتاً إلى أن هذه القرارات جاءت استجابة لمطالب المستثمرين وبعد عدة اجتماعات ميدانية وجولات تفقدية للمنطقة.

وتضمنت حزمة التسهيلات المقررة مد فترة الإعفاء من سداد قيمة الأراضي إلى 3 سنوات بدلاً من عامين، إلى جانب تجميد المديونيات لمدة سنة ونصف السنة دون فرض أي أعباء إضافية.

وأوضح أن المنطقة تعرضت لضغوط استثنائية أدت إلى توقّف غالبية المقاصد السياحية، مشيراً إلى أن عدد الفنادق العاملة حالياً لا يتجاوز 6 فنادق من بين 55 فندقاً مسجلة في المنطقة.

حوافز حكومية لمنتجعات جنوب سيناء في مصر لتنشيط السياحة (هيئة تنشيط السياحة)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أشارت تقارير إعلامية مصرية إلى «إغلاق نحو 90 في المائة من المنشآت السياحية في مدينتي طابا ونويبع الواقعتين بسيناء على شاطئ البحر الأحمر وتراجع معدل الإشغالات الفندقية في منتجع شرم الشيخ ومدن جنوب سيناء نتيجة الحرب على غزة».

الدكتور يسري الشرقاوي، مستشار الاستثمار الدولي ورئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عدّ التسهيلات المالية التي تقدمها الحكومة المصرية لمساندة المشروعات السياحية المتعثرة خطوة مهمة، لكنها لا تمثل حلاً كاملاً في مواجهة تداعيات الظروف الجيوسياسية الراهنة، مشدداً على ضرورة تبني استراتيجية متعددة المحاور.

وقال الشرقاوي، لـ«الشرق الأوسط»: «تُعد السياحة أحد أهم المصادر للعملة الصعبة في مصر، وكان تأثير الظروف الجيوسياسية على مناطق سيناء، خصوصاً المناطق الجنوبية المتضررة جغرافياً، تأثيراً مباشراً وحاداً».

وتابع: «اليوم، تنظر الحكومة المصرية إلى عام 2026 بوصفه عاماً مرتقباً للهدوء النسبي والاستقرار، وهو العام الذي سيأتي أيضاً بعد شهور من الافتتاح الكامل للمتحف المصري الكبير، والتدابير المتخذة تهدف إلى جعل عام 2026 عاماً ذهبياً لقطاع السياحة إذا ما تلاشت التأثيرات الخارجية»، مؤكداً أن الحلول المالية المطروحة حالياً ستسهم في سداد الفواتير الكبيرة المستحقة على أصحاب المشروعات السياحية المتعثرة في سيناء، ومتوقعاً المزيد من المساعدات التدريجية في هذا الصدد.

وبحسب تصريحات رئيس الهيئة العامة للتنمية السياحية في مصر، مصطفى منير، فإن الهيئة حرصت على جمع مطالب المستثمرين، وإقرار ما يدعم استمرارية النشاط في المنطقة التي تمثل أحد أهم المقاصد في جنوب سيناء.

واستقبلت مصر، وفق بيانات رسمية 15.7 مليون سائح خلال عام 2024، ما يُعدّ أعلى رقم تحققه البلاد في تاريخها. كما أعلنت زيادة أعداد السائحين خلال الربع الأول من العام الحالي 2025 بنسبة 25 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم التحديات الجيوسياسية التي تواجهها المنطقة.

ودعا الشرقاوي إلى ضرورة تدخل أوسع من الحكومة على 3 محاور متزامنة لضمان جذب أعداد أكبر من السائحين؛ أولها المحور الدبلوماسي والسياسي، عبر استمرار الجهد المكثف، ممثلاً في وزارة الخارجية وتحت توجيهات القيادة السياسية، لضمان التحسن التدريجي المستقر في الظروف الجيوسياسية وتلاشي أثرها، إلى جانب الترويج النوعي، من خلال إعداد وزارة السياحة والآثار المصرية برامج ترويجية جاذبة تستهدف إعادة تثبيت الرؤية الآمنة لأسواق السياحة الدولية تدريجياً، خاصة للوافدين إلى سيناء.

وتابع: «كما يجب أن يكون هناك ترويج مدعوم للسياحة الداخلية للحفاظ على نسب الإشغال داخل هذه المنطقة، فلا يمكن لأي منطقة في العالم أن تتجاوز جميع الآثار إلا إذا تضافرت الأيدي الداخلية مع الدعم الخارجي».


«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

«الخط الأصفر» يشعل التوترات بين مصر وإسرائيل

منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)
منظر عام لكتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

في وقت تحدث فيه إعلام إسرائيلي عن زيادة وتيرة التوتر بين مصر وإسرائيل في الفترة الحالية، بسبب ممارسات حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزة، قال مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأجهزة المصرية رصدت ما تقوم به إسرائيل من مخالفات لاتفاق شرم الشيخ، وأعدت به ملفاً وأبلغت به واشنطن للتأكيد على أن القاهرة ملتزمة ومصرة على تنفيذ الاتفاق».

ووفق عسكريين سابقين بمصر، فإن «القاهرة ترى في ممارسات إسرائيل بغزة محاولة للتملص من خطة ترمب المتفق عليها، واللجوء لترسيخ وجود عسكري إسرائيلي دائم فيما يعرف بالخط الأصفر بغزة، مما يهدد الأمن القومي المصري».

و«الخط الأصفر» هو خط تقسيم يفصل قطاع غزة إلى جزأين، وفقاً لخطة السلام الموقعة بشرم الشيخ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهي الخطة التي تهدف إلى إنهاء حرب غزة. ويفصل الخط الأصفر 47 في المائة من الأراضي في المنطقة الغربية التي يسيطر عليها الفلسطينيون، عن 53 في المائة من قطاع غزة التي تسيطر عليها إسرائيل، وتقريباً جميع الفلسطينيين في غزة نزحوا إلى المنطقة الغربية من الخط.

قمة مرتقبة بين ترمب ونتنياهو آخر الشهر تناقش خطة السلام في غزة (أ.ف.ب)

وكشف تقرير لـ«القناة 14» الإسرائيلية عن نشاط للجيش الإسرائيلي فيما يعرف بـ«الخط الأصفر»، وتعديل التضاريس الجغرافية لقطاع غزة، وهو ما تعدّه القاهرة «تهديداً مباشراً لمصالحها الإقليمية»، وفق القناة، التي ذكرت أن «ذلك أغضب مصر ودفعها للشكوى إلى الولايات المتحدة، متهمة إسرائيل بأنها تعمل على تقسيم قطاع غزة إلى جزأين، وتغيير التركيبة الديموغرافية والتضاريسية للمنطقة».

وحسب التقرير، فإن القاهرة «تنظر بقلق بالغ لما يجري في قطاع غزة، خصوصاً بعد تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي إيل زامير، حول الخط الأصفر، باعتباره خطاً دفاعياً وهجومياً جديداً»، حيث إن نشاط الجيش الإسرائيلي في المنطقة «الصفراء» - الذي يشمل تدمير بنية تحتية للأنفاق وهدم منازل - «يفسر في القاهرة على أنه استعداد لترسيخ وجود عسكري طويل الأمد في غزة، ما دفع مصر إلى التحرك الدبلوماسي العاجل باتجاه واشنطن»، وفق القناة العبرية.

وأكد نائب مدير المخابرات الحربية ورئيس جهاز الاستطلاع السابق بمصر، لواء أركان حرب أحمد كامل، أن «مصر غاضبة بشدة من محاولات إسرائيل التملص من التزامها بخطة السلام المتفق عليها، وتحركاتها في المنطقة الصفراء توحي برغبتها في تثبيت وجود عسكري دائم في غزة وقرب الحدود المصرية، مما يمثل تهديداً للأمن القومي المصري».

مصادر تتحدث عن اشتراطات مصرية لعقد قمة بين السيسي ونتنياهو (إعلام عبري)

كامل، وهو مستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية قال لـ«الشرق الأوسط»: «الموقف المصري واضح ومحدد وثابت في عده قضايا رئيسية تخص الأمن القومي المصري، ويقوم على أن السلام هو الهدف الرئيسي والاستراتيجي للسياسة الخارجية المصرية، واحترام مصر للاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، خصوصاً اتفاقيه السلام الموقعة عام 1979، والملحق العسكري المرفق بالاتفاقية وتعديلاته الخاصة بزيادة أعداد القوات المسلحة المصرية في سيناء، وضرورة احترام إسرائيل للاتفاقيات الموقعة بين الجانبين».

وأوضح أن «هناك اشتراطات مصرية للتهدئة مع إسرائيل تتعلق بتنفيذ اتفاق غزة طبقاً لمبادرة الرئيس الأميركي ترمب بمراحلها المختلفة، والبدء فوراً في المرحلة الثانية دون عرقلة أو أسباب واهية، مع التأكيد على تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والتحول إلى مرحلة السلام، وقيام إسرائيل بالتنفيذ الدقيق للاتفاقية ودخول المساعدات الإنسانية بالكميات المتفق عليها، وفتح معبر رفح في الاتجاهين».

ومن الشروط كذلك بحسب كامل، «رفض مصر الهجرة القسرية أو الطوعية لسكان قطاع غزة، وكذلك الإجراءات الإسرائيلية بالضفة الغربية الخاصة بإقامة المستوطنات وضم الضفة الغربية لإسرائيل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من كامل أراضي القطاع بما فيها محور فيلادلفيا والعودة لحدود 7 أكتوبر 2023، والتأكيد أن الوجود الإسرائيلي الحالي هو وضع مؤقت مرهون بتطور تنفيذ مراحل الاتفاق، وأن الخطوط الملونة ومنها الخط الأصفر، هي خطوط وهمية لا يعتد بها».

الشرط الرابع، وفق كامل، متعلق بـ«مدى تجاوب نتنياهو وحكومته مع المطالب العربية الواضحة في المبادرة العربية، والخاصة بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، والشروع والموافقة على حل الدولتين وعدم التهجير للفلسطينيين؛ سواء بغزة أو الضفة، وإبداء النوايا الحسنة الخاصة بحسن الجوار وعدم الاعتداء، والتجاوب مع المطالب الدولية الخاصة بإخلاء المنطقة من التهديد بالسلاح النووي، وانضمام إسرائيل للاتفاقيات الدولية بذات الشأن».

مسلحون من «حماس» يرافقون أعضاء «الصليب الأحمر» نحو منطقة داخل «الخط الأصفر» الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية في مدينة غزة (أرشيفية - رويترز)

ويعتقد أن «مصر لن تتجاوب مع المساعي الأميركية والإسرائيلية الخاصة بعقد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، دون تقديم إسرائيل مبادرة واضحة ومحددة لرغبتها في السلام واستقرار المنطقة، وتكون قابلة للتنفيذ».

وذكرت التقارير الإسرائيلية أن الولايات المتحدة حاولت فعلياً تنظيم قمة ثلاثية في واشنطن؛ بين السيسي ونتنياهو بحضور ترمب، لكن الفكرة ارتطمت بجدار الشروط المصرية التي وصفها الإعلام العبري بـ«غير المقبولة» من وجهة النظر الإسرائيلية، لكن التقارير ذاتها أشارت إلى أن القاهرة تتوقع أن يمارس ترمب ضغوطاً خلال لقائه المرتقب مع نتنياهو في فلوريدا نهاية الشهر الحالي، لـ«كبحه» والحد من خطواته في غزة.

وقال رئيس الأركان السابق للجيش المصري، اللواء سمير فرج، إن «هناك تعويلاً كبيراً على القمة التي ستعقد بين ترمب ونتنياهو ومخرجاتها، وإن ترمب بالقطع سيضغط على نتنياهو للالتزام بخطة السلام في غزة، التي تحمل اسم ترمب شخصياً».

ونوه فرج في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن مصر ستقيم الموقف في إطار ما ستتمخض عنه قمة ترمب ونتنياهو، ولكن في الوقت ذاته، فإن موقفها واضح وثابت في أنها لا تقبل أبداً بتثبيت الوجود العسكري الإسرائيلي في الخط الأصفر، أو في أي منطقة من غزة، وكل ما تفعله حكومة نتنياهو تدرك القاهرة تماماً أنه محاولة لعرقلة خطة السلام التي تنص على الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من جميع أراضي غزة.