دعوات ماكرون لخفض التوتر السياسي والاجتماعي في فرنسا لا تلقى آذاناً صاغية

أحد المتظاهرين في باريس يتحدث بجانب لافتة كتب عليها «نحن ثورة الأرض» (أ.ف.ب)
أحد المتظاهرين في باريس يتحدث بجانب لافتة كتب عليها «نحن ثورة الأرض» (أ.ف.ب)
TT

دعوات ماكرون لخفض التوتر السياسي والاجتماعي في فرنسا لا تلقى آذاناً صاغية

أحد المتظاهرين في باريس يتحدث بجانب لافتة كتب عليها «نحن ثورة الأرض» (أ.ف.ب)
أحد المتظاهرين في باريس يتحدث بجانب لافتة كتب عليها «نحن ثورة الأرض» (أ.ف.ب)

قبل عام بالتمام والكمال، أعيد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً للجمهورية الفرنسية لولاية ثانية من خمس سنوات. وأظهرت نتائج الانتخابات عن تراجع لماكرون بلغ عشر نقاط مقابل تقدم حققته مارين لوبن، مرشحة اليمين المتطرف منافسته في الجولة الثانية. إلا أن الأمر الأبرز ظهر في الانتخابات التشريعية حيث فشل حزب ماكرون «النهضة» وشركاؤه في الفوز بالأكثرية المطلقة في المجلس النيابي، الأمر الذي يفسر لجوء رئيسة الحكومة إلى استخدام فقرة من الدستور 12 مرة لأنها تمكنها من إقرار القوانين من غير التصويت عليها.
ولأن حكومة إليزابيت بورن استعانت مجدداً بهذه الفقرة لإقرار قانون التقاعد الذي يرفضه ثلثا الفرنسيين، فإنها بذلك أثارت خصوصاً رفض وحفيظة النقابات وأحزاب اليسار والخضر واليمين المتطرف. وخلال الأشهر الثلاثة الماضية، نزل إلى الشوارع ملايين المواطنين للتنديد به. ورغم مصادقة المجلس الدستوري عليه، فإن النقمة لم تتراجع كما أن اللطمة التي وجهها ماكرون للفرنسيين مساء الاثنين الماضي لم تهدئ من روعهم.
وبعد العنف الذي رافق بعض المظاهرات، فقد حلت محله اليوم رغبة في «تنغيص» حياة رئيس الجمهورية، حيث تواجهه الاحتجاجات أينما تنقل. وقد اضطرت مديرية شرطة العاصمة لإغلاق جزء كبير من وسط باريس لتمكين ماكرون من القيام بزيارة هادئة لكاتدرائية نوتردام التاريخية التي يعاد بناء الجزء الذي التهمته النيران في عام 2019. وعند إلقاء كلمته مساء الاثنين الماضي، تجمع المئات في الساحات والشوارع خصوصاً في ساحة مبنى بلدية العاصمة للتغطية على كلمته بالقرع على الطناجر وعلى كل ما توفر من الأواني المعدنية.
هذا «الإزعاج» مرشح لأن يدوم طويلاً وقد برز مرة أخرى بمناسبة الزيارة التي قام بها ماكرون اليوم إلى منطقة الألزاس (شرق البلاد)، حيث استقبل بالقرع على القدور، كان رده أنه «يتعين الاستماع إلى غصب (الناس) وأنا لست أصم». بيد أنه أردف بالتأكيد على أن «القدور ليست هي التي ستدفع فرنسا إلى الأمام». وكانت زيارته لقرية «سيليستات» الأولى لخروجه من قصر الإليزيه وهو عازم على التنقل في المناطق الفرنسية كافة. وأضاف خلال وجوده في مصنع متخصّص في البناء الخشبي يقع في القرية المذكورة: «سترونني دائماً مع الناس»، مضيفاً: «لا يحق لي أن أتوقّف». وفي أي حال، يعتبر ماكرون أن «واقع البلاد بكاملها لا يقتصر على الذين يصدرون ضجيجاً بالقدور أو الذين يشتكون».
ما يقوله الرئيس الفرنسي صحيح لكنه لا يقلل من حجم العقبات والعوائق التي يتعين عليه أن يتجاوزها مع حكومته والأكثرية النسبية التي تدعمها في البرلمان. وخلال كلمته الأخيرة، طرح خريطة طريق وعرض الملفات والتحديات الواجب مواجهتها والمتمثلة بتحسين ظروف العمل والالتفات إلى ملفات الصحة والتعليم والبيئة والهجرات. ووعد الفرنسيين بأنه سيتعامل مع هذه الملفات ومنح نفسه والحكومة مهلة مائة يوم لمراجعة ما تحقق وللمحاسبة. كذلك عبر عن أمله بالتوصل إلى تفاهمات مع حزب «الجمهوريون» اليميني التقليدي لتوفير الأكثرية التي تحتاج إليها حكومته في البرلمان للسير بالقوانين التي تريد إقرارها.
بيد أن اليمين الذي منع سقوط الحكومة قبل أسبوعين منقسم على نفسه ومتردد في قبول الانخراط تحت الراية الماكرونية. ولقبول العرض الذي طرح عليه مباشرة بعد الانتخابات التشريعية، فإنه يريد ضمانات، بمعنى أن تكون سياسة ماكرون «يمينية» بحيث تتبنى العديد من طروحات اليمين. من هنا، أهمية الكلام الذي جاء على لسان ماكرون في اعتباره أن أحد الورش الرئيسية تتمثل في إقرار قانون جديد للهجرات، وقد سبق لوزير الداخلية جيرالد درامانان أن تناوله أكثر من مرة وكان يفترض أن يطرح في الخريف الماضي. إلا أن خيار الحكومة انصب على قانون التقاعد، وبالتالي فإنها حرصت على تجنب أسباب الشكوى باعتبار أن مشروع القانون المعروفة بنوده من شأنه إحداث انقسام داخل البلاد ويثير حفيظة اليمين الذي يعتبره «ضعيفاً» و«غير متشدد» مع الهجرات غير الشرعية، فيما اليسار يرى فيه استهدافاً للمهاجرين وتبنياً لخطاب يمين متطرف.
في ضوء ما سبق يمكن فهم تصريحات درامانان الذي يؤكد أن نواب اليمين يمكن أن يصوتوا لصالح المشروع الذي يدعي أبوته بصفته وزيراً للداخلية. ويمكن وضع تحذير نظيره وزير الاقتصاد برونو لومير الذي اعتبر أنه يتعين وضع حد لما سماه «الغش الاجتماعي»، أي الاحتيال المالي الذي يمارسه أشخاص يحصلون على معونات اجتماعية من الدولة الفرنسية ويرسلونها، خلافاً للقانون، إلى ذويهم في «المغرب العربي». وقال لومير لقناة «بي إف إم تي في» التلفزيونية أول من أمس: «سئم مواطنونا من الاحتيال» في المعونات الاجتماعية، مضيفاً أنهم «لا يرغبون بتاتاً بأن يروا أشخاصاً يستفيدون من مساعدات ويرسلونها إلى المغرب العربي أو أمكنة أخرى، في وقت لا يحقّ لهم بذلك. النموذج الاجتماعي ليس مصمماً لهكذا أفعال». وسارع زعيم اليسار الراديكالي جان - لوك ميلانشون بالرد عليه في تغريدة على «تويتر» قائلاً: «أعزائي المواطنين المسلمين أو الذين يتحدرون مثلي من المغرب العربي، تهيأوا. من أجل تحويل الانتباه، تعلن الحكومة على لسان برونو لومير عن حملة جديدة لاتهامكم». وأكّد زعيم النواب الاشتراكيين بوريس فالو أنّه «في اليوم الأول من فترة المائة يوم من التهدئة: مغازلة الأفكار النمطية المعادية للأجانب».
وكان ماكرون قد تعهد بالإفصاح عن «إعلانات هامة» خلال شهر مايو (أيار) من بينها «تشديد الضوابط على الهجرة غير القانونية» واتّخاذ إجراءات ضد الاحتيال الاجتماعي والمالي.
هكذا يتظهر اليوم المناخ السياسي - الاجتماعي في فرنسا. وما يسعى إليه ماكرون، بعد أن قلب صفحة الخلاف بشأن قانون التقاعد، من إعادة الهدوء والصفاء إلى الحياة السياسية لا يبدو قاب قوسين أو أدنى بل إن العكس هو الصحيح. ولا شك أن طرح قانون الهجرات وما يتضمنه من إجراءات وتدابير لن يساهم في التخفيف من وطأة الأجواء العامة بل سيزيدها توتيراً.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.