«الصحة العالمية» تؤكد «استمرار خدماتها» في السودان رغم التحديات

المدير الإقليمي قال إن آثار النزاعات المسلحة تستمر مئات السنين

جانب من المؤتمر الصحافي الافتراضي للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)
جانب من المؤتمر الصحافي الافتراضي للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)
TT

«الصحة العالمية» تؤكد «استمرار خدماتها» في السودان رغم التحديات

جانب من المؤتمر الصحافي الافتراضي للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)
جانب من المؤتمر الصحافي الافتراضي للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية)

أكدت منظمة الصحة العالمية استمرارها في تقديم الخدمات في السودان رغم التحديات التي يفرضها النزاع الدائر حالياً. وقال أحمد المنظري، مدير إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، في مؤتمر صحافي (الأربعاء)، إن «المنظمة واجهت مواقف مشابهة لما يحدث في السودان بأقاليم أخرى، وستعمل على تطبيق ما تعلمته من الدروس السابقة، لضمان استكمال رسالتها».
ورغم أن المؤتمر الصحافي، أقيم بمناسبة بداية الأسبوع العالمي «للتمنيع»، فإن الأحداث في السودان فرضت نفسها، في إطار الحديث عن تأثيرها على خدمات التمنيع المقدمة هناك.
وقال المنظري، الذي استهل المؤتمر الصحافي بتقديم التعازي إلى أسرة الأمم المتحدة وبرنامج الأمم المتحدة للغذاء، في وفاة ثلاثة من العاملين بالمجال الإنساني بالسودان، إنه «لا يوجد فائز أو خاسر في أي نزاع، مهما طال أمده، لكن هذه النزاعات ستترك أثرها السلبي على الصحة».
وأوضح رداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن تأثير الأزمة على خدمات التمنيع المقدمة في السودان، أنه «بينما تؤثر الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل على الخدمات الصحية، فترة لا تزيد عن عامين، فإن مثل هذه النزاعات سيمتد تأثيرها مئات السنين، ويمكن استكشاف ذلك عبر زيارة بلدان شهدت نزاعات، فرغم ما تتلقاه من دعم أممي، ومليارات الدولارات التي أنفقت عليها، لا تزال نظمها الصحية تعيش في العصور الوسطى».
وشدد على «ضرورة تحكيم المصلحة العامة على المصالح الشخصية الضيقة في أي نزاع»، مؤكدا على أن «المكاسب التي تحققت في البرامج الصحية المختلفة، مثل البرنامج الموسع للتمنيع، يمكن أن تتسبب مثل هذه النزاعات في خسارتها».
وبدأ البرنامج الموسع للتمنيع في أواخر السبعينات، «ووفر الحماية لملايين الناس، من الأمراض المهددة للحياة، بلقاحات مأمونة وفعالة»، كما أوضح المنظري.
وقال المنظري، إنه «في إقليم شرق المتوسط، حال التطعيم ضد الحصبة دون وقوع ما يقرب من 10 ملايين وفاة في صفوف الأطفال دون سن الخامسة في الفترة بين عامي 2000 و2021، وفي الوقت نفسه، وبفضل الحملات القوية والفعالة ضد شلل الأطفال، أصبح 20 بلداً من بلدان وأراضي الإقليم البالغ عددها 22، خالياً الآن من فيروس شلل الأطفال البري، ولا يزال المرض متوطناً فقط في أفغانستان وباكستان، وقد أحرز كلا البلدين تقدماً كبيراً في اتجاه استئصال المرض».
وتطرق المنظري إلى تأثير جائحة «كوفيد - 19» على أنشطة التمنيع، وقال، إنها «عطلت هذا النشاط؛ إذ لم يتلق أكثر من 6.5 مليون طفل لقاحهم ضد الحصبة بين عامي 2020 و2021، وأيضاً لم يتلق 6.4 مليون طفل أي تطعيمات روتينية، وتوقفت أيضاً حملات مكافحة شلل الأطفال أربعة أشهر، تاركة العديد من الأطفال أشد عرضة لخطر الإصابة بالمرض».
ورغم «تأثير الجائحة السلبي على خدمات التمنيع المقدمة للأمراض الأخرى، فإنها من ناحية أخرى، كانت شاهدة على قصة نجاح؛ إذ تم إعطاء نحو 890 مليون جرعة من لقاح (كوفيد - 19) في الإقليم منذ عام 2021»، كما أوضح المدير الإقليمي.
وأضاف المنظري، أن «المنظمة تسعى من خلال أسبوع التمنيع العالمي إلى الاستفادة من دروس الجائحة، لتمكين برامج التمنيع من تحمل أي صدمات أو اضطرابات تحدث في المستقبل، كما ستعمل بالتعاون مع الحكومات على اتخاذ إجراءات متضافرة، لتدارُك الجهود واستعادة التغطية بالتمنيع الروتيني ضد شلل الأطفال».
وفي سياق متصل، نفى قمرول حسن، رئيس وحدة التمنيع والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في المكتب الإقليمي للمنظمة، وجود أي علاقة بين التغيرات المناخية ومتحور جديد من فيروس شلل الأطفال ظهر مؤخراً.
وقال حسن، إن «المتحورات تتطور في أطفال لم يحصلوا على اللقاحات، لكن التغيرات المناخية يمكن أن يكون لها تأثر غير مباشر في حدوث كوارث طبيعية تتسبب في حرمان الأطفال من الوصول للتطعيم».
ومن جانبه، قال صالح المري، مساعد وزير الصحة العامة للشؤون الصحية بوزارة الصحة العامة بدولة قطر، والذي شارك في المؤتمر الصحافي ممثلاً عن حنان الكواري، وزيرة الصحة القطرية، إن «عدم الإنصاف، والتردد في أخذ اللقاحات، والمعلومات المضللة والأزمات الإنسانية المعقدة تضيف طبقة من التعقيد إلى جهود إقليم شرق المتوسط الرامية إلى تعزيز التمنيع».
ولفت المري إلى أن «هذه المشكلة جعلت شرق المتوسط، هو الإقليم الوحيد، الذي لا يزال فيروس شلل الأطفال متوطناً فيه، حيث لا يزال متوطناً بدولتي باكستان وأفغانستان».
وقال، إن «البلدين قطعا الآن خطوات واسعة في بناء المناعة ضد شلل الأطفال ومحاصرة الفيروس لأصغر حيز جغرافي على الإطلاق، مما يقربنا أكثر من أي وقت مضى من تحقيق هدف الاستئصال العالمي للفيروس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».