تركيا تتجه نحو الانتخابات المبكرة في ظل توقعات بفشل محادثات الائتلاف

مصادر رئاسة الحكومة: مطالب حزب الشعب الجمهوري «تعجيزية»

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اجتماع بأنقرة أمس يبحث الاختيارات المحتملة أمامه للتصدي لحزب العمال التركي (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اجتماع بأنقرة أمس يبحث الاختيارات المحتملة أمامه للتصدي لحزب العمال التركي (إ.ب.أ)
TT

تركيا تتجه نحو الانتخابات المبكرة في ظل توقعات بفشل محادثات الائتلاف

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اجتماع بأنقرة أمس يبحث الاختيارات المحتملة أمامه للتصدي لحزب العمال التركي (إ.ب.أ)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في اجتماع بأنقرة أمس يبحث الاختيارات المحتملة أمامه للتصدي لحزب العمال التركي (إ.ب.أ)

تتجه تركيا سريعا نحو خيار الانتخابات البرلمانية المبكرة، مع ازدياد المؤشرات على فشل المحادثات التي يجريها حزب العدالة والتنمية الحاكم، مع حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة الثلاثة.
واتهمت مصادر تركية قريبة من رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو، الحزب المعارض بتقديم «مطالب تعجيزية» للقبول بالتحالف الانتخابي، مشيرة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حزب العدالة «لا يمكن أن يتخلى عن ثوابته» من أجل القبول بالائتلاف، في إشارة غير مباشرة إلى ما تردد عن مطالبة «الشعب الجمهوري» بتوليه وزارة الخارجية و«إجراء تغييرات جذرية في السياسة الخارجية التركية».
ولم تستبعد المصادر الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة في حال الوصول إلى طريق مسدودة في محادثات الائتلاف، مشيرة إلى أن اقتراب وجهات النظر مع حزب «الحركة القومية» ثاني أحزاب المعارضة (80 مقعدا) لا يبدو كافيا للدخول في ائتلاف بسبب إصرار الحزب المعارض على إعادة فتح المحاكمة في ملفات الفساد التي اتهم فيها أبناء وزراء من حكومة كان يرأسها الرئيس الحالي للجمهورية رجب طيب إردوغان نهاية العام الماضي.
ويتوقع أن يعقد اليوم اجتماع جديد بين رئيس حزب العدالة والتنمية (258 مقعدا) أحمد داود أوغلو، ورئيس حزب الشعب الجمهوري (132 مقعدا) كمال كليتشدار أوغلو، للبحث في موضوع الائتلاف. وقالت مصادر تركية إن حزب الشعب الجمهوري طلب الحصول على ثلاث وزارات من أصل أربع وزارات سيادية هي الخارجية والداخلية والعدل والتعليم. وقالت المصادر إن الشعب الجمهوري طرح ضرورة حصول تغيير جذري في مسار السياسة التركية، خاصة في الخارجية التي تجر تركيا إلى الهاوية والاقتصاد الذي على وشك الانهيار والتعليم وصياغة دستور يليق بالبلاد وحل المعضلة الكردية جذريا. ومن المعلومات التي تسربت أن كليتشدار أوغلو قال لداود أوغلو «إنه في حالة تشكيل حكومة ائتلاف بين الحزبين سيكون من أهم أولوياتنا تغيير السياسة الخارجية من الجذور، وستعاد صياغة السياسة الخارجية في الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي على أساس ترسيخ السلام، كما أننا سنركز على ترسيخ سياسة التعليم الإجباري». وقالت مصادر حزب الشعب الجمهوري إن أحد الموضوعات التي سيقدمها العدالة والتنمية للرأي العام كمبرر لعدم مواصلة المشاورات هو «مدارس الأئمة والخطباء الثانوية ومادة التربية الدينية». فالشعب الجمهوري يعارض مدارس «الأئمة والخطباء»، كما يريد أن تكون المواد الدينية اختياريّة.
ويرجح المراقبون أن تفشل محادثات الائتلاف في ضوء التباعد القوي في المواقف بين الحزب الحاكم الذي يمتلك أكثر المقاعد البرلمانية، وبين أحزب المعارضة الثلاثة. فالحزبان الكبيران يختلفان في كل شيء تقريبا، في حين يقترب العدالة والتنمية من «الشعب الجمهوري» في ملفات قليلة، لكنها غير كافية للحركة القومية التي تريد محاسبة «أزلام إردوغان» وتريد إنهاء عملية السلام مع الأكراد. أما الأكراد فهم يبتعدون بشكل متزايد عن الحزب الحاكم إلى درجة العودة إلى السلاح بعد أعوام طويلة من السلام بين الطرفين.
وأعطى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس مؤشرات إضافية للانتخابات المبكرة، قائلا في كلمة أذيعت أمس: «بوسع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي كلفته بتشكيل الحكومة أن يتخذ خطوات لإجراء انتخابات مبكرة أو لتشكيل حكومة ائتلافية».
ويستند أصحاب الرأي في الذهاب إلى الانتخابات المبكرة إلى استطلاعات رأي تؤشر إلى أرجحية الحزب الحاكم بالحصول على الأغلبية الكافية لتشكيل الحكومة مجددا في حال جرت الانتخابات «هذا الأسبوع». فقد أظهر استطلاع نشرته مؤسسة «آندي إيه آر» لاستطلاعات الرأي أن نسبة التأييد لحزب العدالة والتنمية زادت نحو نقطتين مئويتين منذ الانتخابات التي جرت قبل شهرين لتصل إلى 42.8 في المائة. ولم يتضح إن كان ذلك كافيا لاستعادة قبضته على الحكومة أم لا. إلا أن استطلاعين آخرين أشارا أيضا إلى أن الحزب سيحصل على عدد من الأصوات يتيح له تشكيل حكومة بمفرده.
وأظهر استطلاع الرأي أن 72 في المائة من الأتراك، غالبيتهم من الحزب الحاكم، يؤيدون الانتخابات المبكرة. كما أظهر أن أنصار الحزب الحاكم يرفضون إلى حد كبير الائتلاف مع حزب الشعب الجمهوري ذي التوجهات اليسارية (8 في المائة فقط وافقوا على الائتلاف).
وقد منحت اللجنة المركزية لحزب الشعب الجمهوري أمس الصلاحية الكاملة لرئيس الحزب كمال كليتشدار أوغلو في مواصلة مشاوراته، متمسكة بمبدأ أنه ينبغي للحكومة التي سيتم تشكيلها أن تكون حكومة إصلاحات تكمل مدة أربع سنوات. وأعطت إدارة الحزب كليتشدار أوغلو الصلاحية الكاملة من أجل تشكيل حكومة ذات توجهات إصلاحية ومكانة عالية وتتمتع بقاعدة عريضة. وأعلن حزب المعارضة الأم، الذي يتوقع أن يترك العدالة والتنمية طاولة المفاوضات مبررًا ذلك بسياسات الشعب الجمهوري في موضوعات «نظام التعليم ومادة التربية الدينية»، عن استراتيجية جديدة من أجل ذلك. وذكر اجتماع اللجنة المركزية لـ«الشعب الجمهوري» أمس أن العدالة والتنمية يواصل المشاورات حتى الآن رغبة منه في تشكيل حكومة ائتلافية، إلا أنه قد يغادر طاولة المفاوضات في آخر دقيقة انصياعًا لقرارات وإصرار قصر رئاسة الجمهورية (إردوغان)، وهو ما يجعله يقوم من الآن بطرح مبررات عدم مواصلة التفاوض والتشاور.



مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
TT

مقتل وزير اللاجئين الأفغاني بتفجير انتحاري استهدف وزارته

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)
وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني يصل لحضور تجمع أقيم بمناسبة الذكرى الأولى لعودة «طالبان» إلى السلطة في كابل يوم 15 أغسطس 2022 (أ.ف.ب)

قُتل وزير اللاجئين الأفغاني، خليل الرحمن حقاني، الأربعاء، جرّاء تفجير وقع بمقر وزارته في كابل، نُسب إلى تنظيم «داعش» الإرهابي، وهو الأوّل الذي يستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم في عام 2021. واستنكر الناطق باسم حكومة الحركة «هجوماً دنيئاً» من تدبير تنظيم «داعش»، مشيداً بتاريخ «مقاتل كبير» قد «ارتقى شهيداً»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». ووقع الانفجار، الذي لم تتبنّ بعد أي جهة مسؤوليته، «في مقرّ وزارة اللاجئين»، وفق ما أفاد به مصدر حكومي «وكالة الصحافة الفرنسية»، مشيراً إلى أنه تفجير انتحاري. وأوضح المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه: «للأسف وقع انفجار في وزارة اللاجئين، ويمكننا أن نؤكد أن الوزير خليل الرحمن حقاني قد استشهد إلى جانب عدد من زملائه». وضربت قوى الأمن طوقاً حول الحيّ حيث تقع الوزارة في وسط كابل. فيما أورد حساب الوزارة على منصة «إكس» أن ورشات تدريبية كانت تعقد في الأيام الأخيرة بالموقع. وكلّ يوم، تقصد أعداد كبيرة من النازحين مقرّ الوزارة لطلب المساعدة أو للدفع بملفّ إعادة توطين، في بلد يضمّ أكثر من 3 ملايين نازح جراء الحرب.

«إرهابي عالمي»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني خلال مؤتمر صحافي في كابل يوم 12 يونيو 2022 (أ.ف.ب)

كان خليل الرحمن يحمل سلاحاً أوتوماتيكياً في كلّ إطلالاته، وهو شقيق جلال الدين الذي أسس «شبكة حقاني» مع بداية سبعينات القرن الماضي وإليها تُنسب أعنف الهجمات التي شهدتها أفغانستان، قبل أن تندمج «الشبكة» مع حركة «طالبان» إبان حكمها الذي بدأ عام 1994 وأنهاه الغزو الأميركي للبلاد في عام 2001، ثم عودة الحركة إلى الحكم بعد انسحاب القوات الأميركية والدولية في 2021. وهو أيضاً عمّ وزير الداخلية الحالي سراج الدين حقاني. ورصدت الولايات المتحدة مكافأة مالية تصل إلى 5 ملايين دولار في مقابل الإدلاء بمعلومات عن خليل الرحمن، واصفة إياه بأنه «قائد بارز في (شبكة حقاني)» التي صنّفتها واشنطن «منظمة إرهابية». وفي فبراير (شباط) 2011، صنَّفته وزارة الخزانة الأميركية «إرهابياً عالمياً»، وكان خاضعاً لعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، التي قدّرت أن يكون في الثامنة والخمسين من العمر.

هجمات «داعش»

وزير اللاجئين الأفغاني خليل حقاني (وسط) خلال وصوله لتفقد مخيم للاجئين بالقرب من الحدود الأفغانية - الباكستانية يوم 2 نوفمبر 2023 (أ.ف.ب)

ويبدو أن «شبكة حقاني» منخرطة في نزاع على النفوذ داخل حكومة «طالبان». ويدور النزاع، وفق تقارير صحافية، بين معسكر يطالب بالتطبيق الصارم للشريعة على نهج القائد الأعلى لـ«طالبان» المقيم في قندهار، وآخر أكثر براغماتية في كابل. ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان. إلا إن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان». وسُمع أكثر من مرّة دويّ انفجارات في كابل أبلغت عنها مصادر محلية، غير أن مسؤولي «طالبان» نادراً ما يؤكدون حوادث من هذا القبيل. وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قُتل طفل وأصيب نحو 10 أشخاص في هجوم استهدف سوقاً وسط المدينة. وفي سبتمبر (أيلول) الذي سبقه، تبنّى تنظيم «داعش» هجوماً انتحارياً أسفر عن مقتل 6 أشخاص، وجُرح 13 بمقرّ النيابة العامة في كابل. وأكّدت المجموعة أن هدفها كان «الثأر للمسلمين القابعين في سجون (طالبان)»، علماً بأن الحركة غالباً ما تعلن عن توقيف أعضاء من التنظيم أو قتلهم، مشددة في الوقت عينه على أنها تصدّت للتنظيم في البلد.