بلا طعام ولا فرح... النازحون يستقبلون شهر رمضان في شمال غربي سوريا

ربة أسرة تطهو الطعام على النار في مركز إيواء بمدينة جسر الشغور (الشرق الأوسط)
ربة أسرة تطهو الطعام على النار في مركز إيواء بمدينة جسر الشغور (الشرق الأوسط)
TT

بلا طعام ولا فرح... النازحون يستقبلون شهر رمضان في شمال غربي سوريا

ربة أسرة تطهو الطعام على النار في مركز إيواء بمدينة جسر الشغور (الشرق الأوسط)
ربة أسرة تطهو الطعام على النار في مركز إيواء بمدينة جسر الشغور (الشرق الأوسط)

في خيام متهالكة مزقتها العواصف وسنوات الحرب والنزوح الطويلة، وفي مراكز إيواء مؤقتة لمنكوبي الزلزال المدمر، والتي غلب عليها الحزن والألم، يستعد أكثر من 3 ملايين سوري في شمال غربي البلاد، لاستقبال شهر رمضان المبارك هذا العام.
«أقسى أيام مرت علينا بعمرنا، كانت هذه الأيام مع قدوم شهر رمضان... كيف سنفرح بقدومه، وكثيرون من أحبتنا لن يكونوا معنا على موائد الإفطار؟ لذلك لم نقم بتحضير أي شيء من المأكولات الرمضانية الخاصة بالسحور والمؤن»؛ بهذه الكلمات المؤثرة والحزينة تحدث خالد (33 عاماً)، ابن مدينة حارم (غربي إدلب) الذي فقد 13 من أقاربه، بينهم أمه وأخوه، بالزلزال المدمر.
ويضيف: «مع حلول شهر رمضان هذا العام، تستعيد ذاكرتي مشاركة والدتي وأخي الصغير خلال شهور رمضان الماضية لنا الإفطار، والسهرات الرمضانية العائلية الخاصة التي كانت تضفي أجواء من الفرح والسرور بالشهر الكريم. ولن تغادر ذاكرتي أيضاً مشاركة والدتي لزوجتي، عندما كانت تنهمك في الدقائق الأخيرة قبيل موعد أذان المغرب، بتحضير المائدة وتوزيع الطعام عليها، بينما كان أخي الصغير يجلب لنا شراب العرقسوس والتمر الهندي والجلاب من أحد الباعة بالقرب من منزلنا. كل هذه الأشياء ستغيب عن موائدنا، بعد أن غيّب الموت بالزلزال المدمر والدتي وأخي الصغير، وسيكون الحزن حاضراً مع تحضير وجبات الإفطار».
أما أم محمد (41 عاماً)، وهي ربة عائلة منكوبة بالزلزال، ولجأت إلى مركز إيواء أنشأته مجموعة من المتبرعين في دولة الكويت بالقرب من مدينة جنديرس، فقالت عن استعدادها لشهر رمضان، إنها تعيش «حالة من الحيرة والتخبط» لم يسبق لها أن عاشتها سابقاً، بعد أن دمر الزلزال منزلها وأثاثه، بما في ذلك أواني الطبخ وصناعة العصائر، ولجأت إلى خيمة لا تمتلك فيها سوى بعض الأواني القليلة لتحضير الطعام، بينما يغيب عنها الغاز للطهي، ما سيدفعها للجوء إلى إشعال النار بعد تجميع كمية من الحطب وأعواد الأشجار، من المزارع المحيطة بمركز الإيواء الذي تقيم فيه.
وتضيف أنها بسبب وضع العائلة المادي المحدود، وعجز زوجها عن العمل بسبب إصابته بالزلزال، ستختلف مائدتها الرمضانية هذا العام عن موائد رمضان في الأعوام الماضية، وستقتصر على المأكولات البسيطة، كالبرغل وقليل من الأرز والخضراوات ودبس البندورة، مع غياب اللحوم بكل أنواعها. أما في الشهور الرمضانية الماضية فكانت «الكبة باللحمة» حاضرة على المائدة الرمضانية تقريباً كل يوم، إضافة إلى «الشوربات» بكل أنواعها، والخضراوات واللحوم.
في شارع العشرين وسط مدينة الدانا، لم تبدُ مظاهر التسوق والحركة الشرائية مشابهة هذا العام للأعوام الماضية، فالزبائن عند باعة التمور والحلوى والمأكولات المتعلقة بوجبات السحور، عددهم قليل جداً، وكذلك عند الجزارين.
ويعزو «أبو أسامة» وهو صاحب متجر للمواد الغذائية في مدينة الدانا، السبب في تراجع الحركة الشرائية هذا العام، إلى ارتفاع الأسعار الذي طرأ على بعض السلع الغذائية الأساسية، ومن جهة أخرى اقتصار المواطنين على شراء الضروريات من المواد الغذائية الرئيسية، وبكميات محدودة جداً، بسبب الخسائر المادية التي ترتبت عليهم بعد كارثة الزلزال المدمر، والعاصفة المطرية التي ضربت المنطقة خلال الأيام الأخيرة الماضية، وشردت آلاف العائلات التي بات جل همها تأمين المسكن الآمن من الزلزال والعواصف.
وكانت عاصفة مطرية غزيرة قد ضربت مناطق شمال غربي سوريا، وتضررت على أثرها مئات العائلات النازحة، بعد أن اجتاحت سيول الأمطار خيامها، وتضرر بداخلها كل شيء، بما فيها المؤن التي عملت العائلات على تحضيرها لشهر رمضان.
وقال مسؤول في «مخيم عدوان» الذي يؤوي أكثر من 400 عائلة نازحة بريف إدلب الغربي، إنه «لم يعد لدى العائلات النازحة أي شيء صالح للطعام، بعد دخول المياه إلى الخيام في العاصفة المطرية، فأغلب العائلات تبلل لديها كل ما تملك من حبوب للطعام، كالبرغل والفاصوليا والحمص والأرز، ولم تعد صالحة، وهي التي كانت العائلات قد عملت على جمعها بالتوفير من السلال الغذائية التي تحصل عليها من المنظمات الإنسانية على مدى شهور سابقة. وقد يلجأ الجميع في المخيم إلى طلب يد العون من المخيمات المجاورة، لتأمين الغذاء خلال شهر رمضان».


مقالات ذات صلة

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

المشرق العربي رجل يحمل كلبه بينما يهرب الناس على الدراجات النارية بجوار المباني المتضررة في أعقاب غارة إسرائيلية على منطقة الشياح في الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

مفوضية اللاجئين في لبنان: الأسابيع الماضية الأكثر دموية وفداحة منذ عقود

حذّر ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة للاجئين في لبنان إيفو فرايسن، اليوم (الجمعة)، من أن الأسابيع الماضية هي «الأكثر دموية وفداحة منذ عقود» على لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

البرلمان المصري يقرُّ قانون اللاجئين

أقر مجلس النواب المصري (البرلمان)، الثلاثاء، وبشكل نهائي، مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن «لجوء الأجانب»، الذي يتضمن 39 مادة «تنظم أوضاع اللاجئين وحقوقهم».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي أشخاص يحملون أمتعتهم أثناء عبورهم إلى سوريا سيراً على الأقدام عبر حفرة ناجمة عن غارات جوية إسرائيلية تهدف إلى قطع الطريق السريع بين بيروت ودمشق عند معبر المصنع في شرق البقاع بلبنان في 5 أكتوبر 2024 (أ.ب)

عبور 385 ألف سوري و225 ألف لبناني من لبنان إلى سوريا منذ 23 سبتمبر

أظهر تقرير للحكومة اللبنانية تسجيل عبور أكثر من 385 ألف سوري و225 ألف لبناني إلى الأراضي السورية منذ 23 سبتمبر (أيلول) وحتى الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا طالبة لجوء سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

«قانون اللاجئين» يثير جدلاً في مصر

أثار مشروع قانون ينظم أوضاع اللاجئين في مصر، ويناقشه مجلس النواب (البرلمان)، حالة جدل واسعة في مصر، وسط تساؤلات عن الفائدة التي ستعود على القاهرة من إقراره.

فتحية الدخاخني (القاهرة)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.