العاهل المغربي يتباحث مع الرئيس المالي في باماكو حول قضايا المنطقة

وشحه بوسام ملكي رفيع * توقيع 17 اتفاقية تعاون بين البلدين أغلبها اقتصادية

العاهل المغربي الملك محمد السادس يوشح الرئيس المالي إبراهيما بوبكر كيتا وساما ملكيا رفيعا في باماكو أمس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس يوشح الرئيس المالي إبراهيما بوبكر كيتا وساما ملكيا رفيعا في باماكو أمس (ماب)
TT

العاهل المغربي يتباحث مع الرئيس المالي في باماكو حول قضايا المنطقة

العاهل المغربي الملك محمد السادس يوشح الرئيس المالي إبراهيما بوبكر كيتا وساما ملكيا رفيعا في باماكو أمس (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس يوشح الرئيس المالي إبراهيما بوبكر كيتا وساما ملكيا رفيعا في باماكو أمس (ماب)

أجرى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في القصر الرئاسي بباماكو، أمس، محادثات مع الرئيس مالي إبراهيما بوبكر كيتا، قبل أن يوقع وزراء في حكومتي البلدين على 17 اتفاقية تعاون، أغلبها في المجال الاقتصادي.
وقالت مصادر مالية ومغربية متطابقة لـ«الشرق الأوسط»، إن الملك محمد السادس والرئيس كيتا بحثا قضايا المنطقة والوضع في مالي عقب قبول الحركات المسلحة بشمال البلاد، أول من أمس، استئناف الحوار مع الحكومة في باماكو، والسماح بتجميع مقاتليها في 39 معسكرا بشمال البلاد.
وكان العاهل المغربي قد التقى عددا من قادة «الحركة الوطنية لتحرير أزواد»؛ أبرز حركات الطوارق المسلحة؛ في مراكش مطلع الشهر الحالي، وحثهم على الشروع في المفاوضات، والتوصل إلى اتفاق سلام ينهي أزمة مالي.
وقام الملك محمد السادس، الذي يزور مالي منذ الثلاثاء الماضي، في ختام محادثاته مع الرئيس كيتا، بتوشيح الأخير بالحمالة الكبرى للوسام المحمدي، وهو وسام ملكي رفيع.
وعقب توقيع الاتفاقيات، قال وزير الاقتصاد والمالية المغربي، محمد بوسعيد، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاقيات التي وقعت مهمة جدا، ومن شأنها أن تشجع الاستثمارات المتبادلة بين البلدين»، وأضاف: «لقد وقعنا مع الجانب المالي اتفاقيتين بالغتي الأهمية، تضمن الأولى حماية الاستثمارات التي يتولاها مستثمرون من البلدين وفي البلدين، هذا بالإضافة إلى تحفيز وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بين رجال الأعمال في البلدين، واتفاقية تلغي الضريبة المضافة بين مالي والمغرب».
ويراهن الماليون على الاستفادة من الخبرة المغربية في مجالات متعددة، ويركزون على تكوين الأطر بغية الحصول على عنصر بشري قوي، وذلك من خلال الاستفادة من اتفاقية تعاون وقعت مع مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل في المغرب، وفي هذا السياق قال محمد بن الشيخ، المدير العام لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل في المغرب، لـ«الشرق الأوسط»: «وقعنا مع الجانب المالي اتفاقية تعاون يقوم بموجبها مكتبنا بتشخيص نظام التكوين المهني في دولة مالي، والعمل على تكوين مكونين ومؤطرين ماليين»؛ وأضاف: «سنشرع الشهر المقبل في استراتيجية لتكوين الأطر المالية، وفق نظام محدد لتكوين خمسين شابا كل سنة، وفي عدة اختصاصات».
وفي سياق دعم المغرب التكوين في مالي، ضاعفت الرباط عدد المنح الدراسية المخصصة للطلاب الماليين، من 50 إلى 100 طالب سنويا؛ هذا بالإضافة إلى المنح الدراسية المخصصة للمستفيدين من التكوين المهني.
من جهته، قال وزير التجهيز والنقل المالي، عبد الله كوماري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مالي اليوم في مرحلة إعادة الإعمار، وهي ترحب بجميع من يريد مساعدتها في هذه المرحلة، ونرحب بشكل خاص بإخوتنا المغاربة الذين كانوا سباقين للوقوف معنا، نحن نفتح لهم الأبواب ونفتح أمامهم أسواقنا، لأننا المستفيد الأول من وجودهم معنا»، وأضاف كوماري: «طبعا، إعادة الإعمار لا بد لها من البنية التحتية، وتحديدا شبكة طرقية قوية، ولذا وقعت اتفاقية تعاون مع نظيري المغربي في مجالات عدة، خاصة مجال النقل الجوي، ونحن نفكر في فتح خط جوي يربط الدار البيضاء وباماكو، مرورا بنواكشوط أو دكار، وهو ما سيجري العمل لتنفيذه في أسرع وقت ممكن»؛ وأكد الوزير المالي أن «هنالك الكثير مما يمكننا أن نستفيده من خلال التعاون مع المغرب»، على حد تعبيره.
يشار إلى أن الاستثمارات المغربية في مالي تزايدت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ففي القطاع البنكي يعد «البنك الدولي من أجل مالي»، ثاني أكبر بنك في البلاد، ومرجعا في القطاع البنكي بمالي، وهو مملوك منذ عام 2009 من طرف مجموعة «التجاري وفاء بنك» المغربية.
وعلى مستوى قطاع الاتصالات، شكل حضور شركة «المغرب للاتصالات» خلال السنوات الأخيرة، نقلة مهمة في السوق، حيث كانت تعد منافسا قويا، خاصة أنها تعد الآن المساهم الرئيس في شركة سوتيلما (ماليتيل)، وهي واحدة من كبرى شركات الاتصال المنافسة في مالي.
وفيما يتعلق بقطاع المعادن والطاقة، عرف التعاون بين مالي والمغرب في هذا المجال تطورا، أسفر أخيرا عن حصول مجموعة مغربية على رخصة للتنقيب واستغلال المعادن في عدة مواقع من الأراضي المالية؛ وفي ضوء ذلك أبدى المسؤولون المغاربة في اجتماع مع نظرائهم الماليين أول من أمس في باماكو، استعدادهم لنقل الخبرة المغربية إلى مالي لمساعدتها في استغلال المعادن.
يذكر أنه مع بداية الأزمة في مالي مطلع عام 2012، أبدى المغرب اهتماما خاصا بالبلد الذي يعد من بين أفقر بلدان العالم، ففضلا عن الدعم السياسي ووقوف المغرب إلى جانب الوحدة الترابية للبلد، كانت المساعدات الإنسانية المغربية حاضرة في مخيمات اللاجئين الماليين في موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو.
وقد استمر الدعم الإنساني لمالي مع زيارة الملك محمد السادس لباماكو في شهر سبتمبر (أيلول) 2013 للمشاركة كضيف شرف في حفل تنصيب الرئيس إبراهيما بوبكر كيتا؛ حيث جرى تشييد مستشفى عسكري قدم خدمات الكشف الطبي والعلاج مجانا لآلاف المواطنين الماليين، من بينهم نازحون من شمال البلاد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.