إجراءات استباقية لهادي حفاظًا على وحدة اليمن

مسؤول يمني: الرئيس اليمني اعتمد مقاييس مشاركة المستشارين الجدد في مؤتمر الرياض ومناصرتهم للشرعية

مسيرة  لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)
مسيرة لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)
TT

إجراءات استباقية لهادي حفاظًا على وحدة اليمن

مسيرة  لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)
مسيرة لدعم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في ساحة التغيير في مدينة إب اليمنية (غيتي)

أثمر المؤتمر اليمني للحوار بالرياض، إلى تقريب ثلاثة مكونات سياسية إلى جانب الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، وذلك بعد صدور قراره أول من أمس، بتعين حيدر العطاس، رئيسًا لوزراء جمهورية اليمن الديمقراطية في فترة إعلان الانفصال، والدكتور أحمد بن دغر، نائب الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح في رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام، سياسي وبرلماني يمني، هو أمين عام حزب العدالة والبناء، ورئيس اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض الخاص بالحوار اليمني.
وأوضح مسؤول يمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، اعتمد في قراره تعيين ثلاثة سياسيين بارزين، كمستشارين في الحكومة الشرعية، على مشاركتهم في المؤتمر اليمني للحوار بالرياض، ومناصرتهم للشرعية اليمنية التي تتصدى للتمدد الحوثي، وأتباع الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، مشيرًا إلى أن العطاس وبن دغر شاركا في المؤتمر الرياض، وأسهما بفعالية عالية، بينما كان جباري، عضو في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الذي أختتم بتتويج إعلان الرياض.
وقال المسؤول اليمني، إن ما يحدث الآن على المشهد السياسي اليمني، خصوصا بعد تحرير عدن، وتعيين ثلاثة مستشارين سياسيين بارزين، للرئيس هادي، هو عودة الاصطفاف بشكل واضح إلى الحكومة الشرعية، وهو الأمر الذي كانت تنادي به الأحزاب اليمنية منذ جلسات الحوار الوطني، نحو اتجاهين، الأول الولاء للوطن، والثاني الاعتراف بالشرعية مهما كان لديها من قصور.
وأشار المسؤول اليمني إلى أن الشرعية اليمنية، تضم مسؤولين بارزين في حزب المعارضة اليمنية في الخارج، وكذلك في حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه علي عبد الله صالح، حيث كان العطاس معارضا في الخارج حتى وقوع الانقلاب الحوثي بمساعدة الرئيس المخلوع صالح في 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، وكان يمتاز بالطرح العقلاني والواقعي، إذ انضمامه إلى صفوف الحكومة الشرعية، ضربة للمعارضة في الخارج.
وأضاف «عمل الدكتور أحمد بن دغر، على مناصرة شرعية عبد ربه منصور هادي، حيث أعلن عن موقفه كونه نائب الرئيس المخلوع صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام، وأصدر بيانين، الأول كتبه من الرياض ويحمل اسمه، والثاني كتبه من القاهرة، ويحمل اسم المؤتمر، وذلك حول رغبتهم بالمشاركة في مؤتمر الحوار اليمني بالرياض».
ولفت المسؤول اليمني إلى أن حيدر العطاس، والدكتور أحمد بن دغر والجباري، حضرا مؤتمر الرياض، وأسهما بفعالية كبيرة، واتفقوا على النقاط الأساسية التي أيدها اليمنيون مع الشرعية والحكومة، وهو المقياس الكبير الذي اعتمد عليه الرئيس اليمني هادي في تعيينهم كمستشارين، لمناصرتهم للشرعية اليمنية.
وذكر المسؤول اليمني، أن عبد العزيز جباري، كان عضوا في اللجنة التحضيرية لأعمال المؤتمر اليمني بالرياض، وأسهم في إنجاح إعلان الرياض، وجرى اختيارهم ليمثل الحكومة الشرعية في حوار جنيف الذي اختتم بالفشل، تحت مظلة الأمم المتحدة، حيث استهدفت الميليشيات المتمردة على الشرعية، جباري، وذلك بسرقة منزله خلال أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر الرياض، وأيضًا تفجير منزله خلال مشاركته في جنيف.
وأكد المسؤول اليمني، أنه بدأ العمل الفعلي لإعلان الرياض، وذلك من خلال استعادة بعض مؤسسات الدولة، والبدء في إخراج الميليشيات من بعض المدن اليمنية، ودعم وتنظيم المقاومة الرسمية والشعبية تحت القيادة الشرعية ودمجها مع الجيش الوطني الموالي للشرعية، وحشد الدعم والتأييد الإقليمي والدولي لأعمال الإغاثة والعمل الإنساني وتوسيع نطاقها ورفع مستواها وتوفير الخدمات الأساسية بما يضم وصول هذه الإغاثة لمستحقيها.
وأضاف «تضمنت أعمال بدء إعلان الرياض، في استعادة الأمن والسلم واستيعاب أفراد المقاومة الشعبية ضمن هيكل الجيش والأمن، واستخدام كل الأدوات العسكرية والسياسية لإنهاء التمرد واستعادة مؤسسات الدولة والأسلحة المنهوبة».
وفي سياق متصل, ينظر البعض إلى تعيين الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أول من أمس، لثلاث من الشخصيات السياسية كمستشارين له، على أنه خطوة باتجاه كسب بعض الأطراف على حساب أطراف أخرى، بينما ينظر إليه البعض الآخر، على أنها إجراءات استباقية لأي خطوات مستقبلية قد تقدم عليها جماعات أو فصائل في اليمن وبالأخص في الجنوب، ولذلك يطرح البعض أن هذه خطوة من أجل الحفاظ على اليمن، وفي هذا السياق، يقرأ الكثير من اليمنيين، عادة، قرارات التعيينات على أساس مناطقي، ثم سياسي، فالقرار صدر بتعيين المهندس حيدر أبو بكر العطاس، وهو أول رئيس وزراء لدولة الوحدة اليمنية التي قامت في 22 مايو (أيار) عام 1990، وكان رئيسا لمجلس الشعب التأسيسي في الشطر الجنوبي (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، والعطاس ينتمي لمحافظة حضرموت وهو شخصية سياسية ذات ثقل كبير، وإلى جانب البعد المناطقي في تعيينه، هناك الأسباب السياسية القوية التي تدعم التعيين، لكون العطاس واحدا من أبرز الشخصيات اليمنية الجنوبية المعارضة في الخارج منذ ما بعد حرب صيف عام 1994، وحتى اللحظة، وكان، وما زال، يمثل صوتا وموقفا سياسيا بارزا للكثير من قوى الحراك الجنوبي في الداخل، وهو الحراك الذي تتفق كافة فصائله، تقريبا، على هدف «فك الارتباط» بين الشمال والجنوب، وخلال الأشهر الماضية على الانقلاب على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي من قبل الحوثيين وحليفهم المخلوع علي عبد الله صالح، كان للعطاس حضور بارز في إدانة ذلك الانقلاب، ثم تأييد عملية «عاصفة الحزم» التي قامت بها قوات التحالف بقيادة السعودية، رغم أنه لم يكن على تقارب كبير مع هادي، ولم يكن، في نفس الوقت، يقف ضده، خاصة بعد ابتعاد هادي عن صالح، وأصبح الرجل التوافقي، محليا وخارجيا، لقيادة اليمن في المرحلة الانتقالية.
وفي هذا السياق، أكد مراقبون لـ«الشرق الأوسط» أن تعيين العطاس مستشارا لهادي، يهدف إلى وضع معالجات للقضية الجنوبية ووضع الجنوب الخاص في المعادلة اليمنية، بعيدا عن التطرف وتحسبا لقيام بعض الأطراف المحلية أو الإقليمية، بتحريض أطراف في الساحة الجنوبية على اتخاذ إجراءات ومواقف من طرف واحد، تدخل البلاد في أتون صراع مسلح، تكون تلك الأطراف هي المستفيد الأكبر منه، وذلك بانعدام الاستقرار وشيوع الفوضى والاقتتال، كما يقرأ المراقبون تعيين الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وهو ينتمي لمحافظة حضرموت، أيضا، ونائب رئيس حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه المخلوع صالح، وقد انشق عليه وانضم إلى الشرعية، بأنه تدعيم وتقوية للأجنحة والشخصيات المنشقة عن المخلوع وتأكيد لها على أنها يمكن أن تسهم في إعادة إعمار ما خلفته الحرب من دمار، من خلال المشاركة في العملية السياسية وعدم تحميلها تبعات تصرفات المخلوع وبعض القيادات الموالية له داخل الحزب، هذا عوضا عن المغزى والهدف الجنوبي من التعيين، وفيما يتعلق بتعيين عبد العزيز جباري، مستشارا لهادي، فجباري شخصية سياسية وبرلمانية وقبلية ينتمي لمحافظة ذمار، التي يسميه البعض في اليمن بـ«كرسي الزيدية»، لكنه شخصية منفتحة لم يجد نفسه في صف صالح أو الحوثي، وإنما إلى جانب الشرعية وبرزت قدراته السياسية، في الآونة الأخيرة، ليكون في مقدمة الصفوف المعارضة لانقلاب الحوثيين، لذلك يعتقد المراقبون في الساحة اليمنية أن تعيينه، تأكيد آخر، من هادي، على بقاء اليمن موحدا وعلى عدم استهداف الزيدية كمذهب سياسي، موجود في الساحة اليمنية منذ مئات السنين، وأيضا، عدم استهداف المنتمين للمناطق الشمالية والزيدية، على وجه الخصوص، رغم أن البعض، في الساحة اليمنية، يلعب على ورقة الشطرية، من خلال الحديث عن أن منصب رئيس الجمهورية ومنصب النائب، هما من نصيب الجنوب، إضافة إلى أبرز الشخصيات السياسية الموجودة، حاليا، لكن هناك طروحات ترد على ذلك بالقول إن الجنوب «ظلم وهضم، طوال أكثر من عقدين وإن من حق الجنوبيين تصدر المشهد السياسي، على الأقل، حفاظا على الوحدة اليمنية»، وهي وجهة نظر.
وقال مراقبون ومهتمون بالشأن اليمني لـ«الشرق الأوسط» إن «تعقيدات الوضع في اليمن، والتي تزايدت بصورة خطيرة مع الانقلاب على الشرعية، تحتم على الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أن يدرس خياراته وقراراته بتأن وحذر شديدين وأن يحسن اختيار الشخصيات، خاصة وأنه في مرحلة حرب»، مع الأخذ بالاعتبار كل الحسابات السياسية والمناطقية والشطرية والقبلية»، ويرى هؤلاء المراقبون أن اليمن يعيش على حقل ألغام من المشكلات والضغائن والتناقضات التي خلفها حكم المخلوع صالح للبلاد، لأكثر من ثلاثة عقود، فقد بنى حكمه على التوازنات أو «اللعب على رؤوس الثعابين»، كما قال يوما ما، كما يؤكد المراقبون أن صالح طالما بقي حيا أو طليقا، لن يترك هادي أو أي رئيس آخر يعمل بسلام في اليمن، حسب قولهم.



مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».