هجوم انتقامي لبوكو حرام على قرية في نيجيريا يخلف 10 قتلى

رئيس الأركان السابق: الجيش يفتقر إلى العتاد والمال لقتال هذه الجماعة

عمال إنقاذ يحاولون إسعاف الجرحى في سوق مايدوغوري التي فجرت فيها انتحارية نفسها أمس وخلفت 10 قتلى (أ.ف.ب)
عمال إنقاذ يحاولون إسعاف الجرحى في سوق مايدوغوري التي فجرت فيها انتحارية نفسها أمس وخلفت 10 قتلى (أ.ف.ب)
TT

هجوم انتقامي لبوكو حرام على قرية في نيجيريا يخلف 10 قتلى

عمال إنقاذ يحاولون إسعاف الجرحى في سوق مايدوغوري التي فجرت فيها انتحارية نفسها أمس وخلفت 10 قتلى (أ.ف.ب)
عمال إنقاذ يحاولون إسعاف الجرحى في سوق مايدوغوري التي فجرت فيها انتحارية نفسها أمس وخلفت 10 قتلى (أ.ف.ب)

قتل عشرة أشخاص على الأقل في هجوم انتقامي شنه تنظيم بوكو حرام على سكان قرية في ولاية يوبي بشمال شرقي نيجيريا، بحسب ما أفاد مسؤول محلي أمس الجمعة.
وقال بابا نوهو لوكالة الصحافة الفرنسية إن «مسلحي بوكو حرام هاجموا قرية كوكوا غاري، مستقلين 32 دراجة نارية، وقتلوا عشرة أشخاص، بينهم امرأتان»، مضيفا أن «هذا الهجوم وقع بعد يومين من قيام جمع من سكان القرية بقتل عنصرين من بوكو حرام، تعرف عليهما السكان حين حضرا إلى القرية». كما قتل ستة أشخاص عندما فجرت انتحارية نفسها أمس في سوق في مايدوغوري، شمال شرقي نيجيريا، وفق ما أفاد شهود، فيما تعكف نيجيريا وجاراتها على تشكيل قوة لقتال بوكو حرام.
وقال باباكورا كولو، وهو عنصر في ميليشيا الدفاع الذاتي التي تقاتل بوكو حرام إلى جانب الجيش النيجيري، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد وقع هجوم انتحاري في سوق غامبورو بمايدوغوري، نفذته انتحارية عند قرابة الساعة 6.30 صباحا بالتوقيت المحلي، وهو الوقت الذي يصل فيه التجار إلى السوق التي تفتح في وقت مبكر»، مضيفا أنه تم نقل سبع جثث، بينها جثة الانتحارية إلى المستشفى، فيما أصيب ثمانية أشخاص آخرين.
ويعد هذا الانفجار هو الأحدث في موجة هجمات استهدفت أسواقا مزدحمة، نفذ الكثير منها انتحاريات مراهقات، في نيجيريا وتشاد والكاميرون، وأدت إلى مقتل 130 شخصا وإصابة العشرات هذا الشهر.
وأضاف كولو أنه «تبين من الإفادات التي جمعناها من الناس حولنا، أن المرأة وصلت في سيارة ذات ثلاث عجلات، كما تفعل جميع النساء العاملات في السوق، وفجرت نفسها فور نزولها من السيارة وسط السيارات المشابهة الأخرى التي كان ينزل منها التجار».
ووصف أحد السكان المحليين حالة الرعب التي عمت مكان الانفجار بقوله: «كنت في منزلي عندما سمعت انفجارا قويا دفعني إلى الخروج، وكان الهجوم من سوق غامبورو... لقد كانت جثث الضحايا والعربات تتناثر في المكان».. فيما قال تاجر في السوق طلب عدم كشف اسمه: «لقد شاركت في عمليات الإغاثة، حيث حملنا ست جثث وجثة الانتحارية المشوهة في شاحنة صغيرة نقلتهم إلى المستشفى. كما نقل ثمانية جرحى إلى مستشفى متخصص في مايدوغوري». وتعد سوق غامبورو ثاني أهم سوق في مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو ومهد حركة بوكو حرام التي تشن حملة دموية منذ 2009 أدت حتى الآن إلى مقتل 15 ألف شخص على الأقل.
ويأتي هجوم مايدوغوري عقب زيارة قام بها الرئيس النيجيري محمد بخاري هذا الأسبوع إلى الكاميرون لمناقشة تقوية التحالف الإقليمي ضد المتطرفين عقب موجة غير مسبوقة من التفجيرات الانتحارية في الكاميرون، التي شهدت خمس هجمات انتحارية.
وكانت السلطات النيجيرية قد عينت أول من أمس الجنرال آليا أباه قائدا للقوة التي تشارك فيها خمس دول لقتال بوكو حرام، بعد أن عمل قائدا سابقا للعمليات العسكرية في دلتا النيجر. وتتألف القوة المشتركة من 8700 عسكري من نيجيريا وتشاد والكاميرون والنيجر وبنين.
وفي سياق متصل، أعلن رئيس الأركان النيجيري السابق أليكس بادش مساء أول من أمس، أن الجيش النيجيري يفتقر إلى المال والعتاد اللازمين للقضاء على حركة بوكو حرام المتمردة.
وقال الجنرال باديش خلال حفل ألقاه بمناسبة مغادرته منصبه: «لقد كنت على رأس جيش يفتقر إلى العتاد اللازم، وإلى الحافز لقتال عدو غير مرئي ومندس في صفوف السكان المحليين». وأعرب باديش عن أسفه لأنه «مع مرور الوقت تم إهمال الجيش ولم يتم تجهيزه، وذلك في سبيل الحفاظ على بعض الأنظمة، في حين أن أنظمة أخرى قامت عمدا، بناء على نصائح من دول بعض الدول الأجنبية، بخفض حجم الجيش وتمويله».. من دون أن يوضح عن أي أنظمة أو دول أجنبية يتحدث.
واتهم رئيس الأركان السابق «طابورا خامسا في الجيش وأجهزة أمنية أخرى بتسريب مخططات معلومات عسكرية حساسة أخرى إلى المتطرفين»، مما جعل قتال بوكو حرام «صعبا للغاية». كما أكد الجنرال بادش أن تسريب معلومات سرية أدى أيضا إلى «مقتل الكثير من الضباط والرجال الذين سقطوا في كمائن نصبها متطرفون تم تحذيرهم مسبقا بقرب وصول الجنود».
وسبق أن وجهت انتقادات شديدة إلى الجيش النيجيري لعجزه عن القضاء على تمرد بوكو حرام الذي خلف أكثر من 15 ألف قتيل و1.5 مليون مهجر خلال ست سنوات.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.