بعد شهر من الزلزال... الكوابيس تلاحق سكان كهرمان مرعش

أمام  الأطلال في كهرمان ماراش (أ.ف.ب)
أمام الأطلال في كهرمان ماراش (أ.ف.ب)
TT

بعد شهر من الزلزال... الكوابيس تلاحق سكان كهرمان مرعش

أمام  الأطلال في كهرمان ماراش (أ.ف.ب)
أمام الأطلال في كهرمان ماراش (أ.ف.ب)

بعد شهر من الزلزال الذي كان بقوة 7,8 درجة والذي ضرب جنوب تركيا وجزءاً من سوريا، ما زالت مدينة كهرمان مرعش الواقعة على مسافة ساعتين من مركزه، تحاول إزالة الأنقاض التي خلّفتها هذه الكارثة.
يراقب آدم سيرين من أحد الجسور الحفارات السبع التي تزيل أنقاض منزله والشاحنات التي تتناوب على نقلها. ويقول هذا الرجل الثلاثيني الذي تمكّن من الهرب مع زوجته الحامل في شهرها الخامس من شقّتهما الواقعة في الطابق الحادي عشر من أحد الأبراج لوكالة الصحافة الفرنسية، «بالنسبة إليّ، يبدو الأمر كما لو أنه يوم أمس. ما زلت أسمع نداءات الاستغاثة في كل طابق. هذا الألم لن يزول».
كل يوم، ينقل 250 طنا من الركام إلى مكب نفايات خارج الضواحي، تشمل أغراضا منزلية مدمّرة وألواحا وفتاتا من الإسمنت.
وقال إرين غينش، وهو حارس غابات يبلغ 26 عاما يساعد في عمليات التنظيف وإزالة الركام: «لم نجد جثثا... لكننا شممنا أمس رائحة قوية». ويجذب موقع البناء المدمّر هذا متفرّجين وسكانا سابقين يبحثون عن أغراض وتذكارات، علما بأن هذه الكارثة التي تركت مئات الآلاف من العائلات بلا مأوى، أثرت على الحياة اليومية لـ14 مليون شخص.
وما زال مبنى «والي أكغوز» قائما لكنه تصدّع بشكل كبير. ورغم الخطر، مع تسجيل أكثر من 11 ألف هزة ارتدادية، صعد الدرج مع ابنه إلى شقته في الطابق السابع لاستعادة الأجهزة الكهربائية المنزلية وبعض الأواني وباب.
واعترف هذا التاجر البالغ 54 عاما، الذي تعيش أسرته المؤلفة من 13 شخصا في منزل ريفي، «لقد قمنا بمخاطرة كبيرة». فبعدما اضطر لبدء حياته من جديد في مسكن موقت، بإمكان فرشة أو بضعة أغطية تم استردادها من منزله، أن تحدث فرقا.
وبحسب الحكومة، لجأ مليونا ناجٍ في خيم أو في حاويات نصبت في ملاعب أو متنزّهات، لكنّها غير كافية للجميع. وقررت سولماز توغاجار وأقاربها، العودة إلى منزلهم المدمر، وأوضحت: «نحن خائفون لكن ليس لدينا خيار آخر». وما زالت هذه الخمسينية تبحث مع جيرانها عن خيمة في ساحة مسجد كهرمان مرعش التي تحوّلت إلى مركز لتوزيع المساعدات والوجبات الساخنة. وتتهم توغاجار مسؤول الحي الذي تقطنه بـ«الاحتفاظ بالمساعدات لأصدقائه».
وعلى مرتفعات المدينة، نصبت 11 خيمة في حدائق المختار. فرش إبراهيم بايلا على أرض خيمته بعض السجاد الذي استحصل عليه من المسجد المجاور. لكن لا يوجد في الخيمة أي شيء آخر لإيواء زوجته وابنيهما البالغَين 5 سنوات وشهرين. وقال هذا الوالد البالغ 31 عاما: «لا بأس في الوقت الحاضر، فالطقس جيد، لكن ما العمل عندما تمطر؟».
غير أنه لا يشتكي، فهو ما زال على قيد الحياة، وتمكن من إخراج جميع أقاربه من تحت الأنقاض، بمن فيهم والداه المسنّان. وأضاف: «سنحتاج إلى ذلك (طبيب نفسي) جميعنا». فما زال هذا الكهربائي يسمع نداءات الاستغاثة من الجيران فيما كان هاربا على الدرج حاملا والدته على ظهره. وبعدما هرب المختار عقب الزلزال، تسلّم علي غوجكيران، وهو مصفف شعر نسائي، المسؤولية. يخزّن صناديق حفاضات للأطفال ومواد غذائية في مكان آمن كما يحتفظ بسجلات التوزيع بشكل دقيق. وصرّح: «كل منها صالح لمدة 15 يوما».
لكن هذه الحصص تحتوي بشكل أساسي على منتجات جافة من معكرونة وأرز وعدس... «كيف نطبخها من دون موقد؟».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.