مع تفاقم أزمة كاليه.. رئيس الوزراء البريطاني يتعهد بترحيل المزيد من المهاجرين «غير الشرعيين»

انتقادات حاسمة لوصف كاميرون المهاجرين بـ«السرب العابر للمتوسط»

لاجئون يفرون من الشرطة الفرنسية بالقرب من معبر «اليوروتانل كاليه» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
لاجئون يفرون من الشرطة الفرنسية بالقرب من معبر «اليوروتانل كاليه» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
TT

مع تفاقم أزمة كاليه.. رئيس الوزراء البريطاني يتعهد بترحيل المزيد من المهاجرين «غير الشرعيين»

لاجئون يفرون من الشرطة الفرنسية بالقرب من معبر «اليوروتانل كاليه» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)
لاجئون يفرون من الشرطة الفرنسية بالقرب من معبر «اليوروتانل كاليه» شمال فرنسا أمس (أ.ف.ب)

تشهد بريطانيا وفرنسا حالة فوضى عقب تجمع مئات المهاجرين لليلة الرابعة أمام معبر «يوروتنل» في منطقة كاليه الفرنسية التي تربط الدولتين، حيث حاول أكثر من 3500 شخص الوصول للملكة المتحدة منذ الأسبوع الماضي.
وواجه الرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الكثير من الانتقادات أمس بعدما تعهد بترحيل المزيد من المهاجرين الذين يصلون إلى البلاد بصورة غير شرعية، وصرح كاميرون بأن بريطانيا لن تدخر جهدا للتأكد من حماية حدودها، وللتأكد من أن يتمكن السياح من قضاء عطلتهم، كما اعترف بحرج الموقف إذ إن هناك «سربا من الأشخاص القادمين عبر البحر الأبيض المتوسط بحثا عن حياة أفضل».
ووجه مجلس شؤون اللاجئين البريطاني نقدًا لاذعًا لاستخدام كاميرون لكلمة «سرب»، ووصفها بأنها «كلمة نكراء ولفظة مهينة للإنسانية من قائد عالمي». وصرحت المتحدثة باسم المجلس ريبيكا مور لـ«الشرق الأوسط» بأن «هذا الكلام خطير للغاية، وينبغي أن تركز حكومة كاميرون على العمل مع نظرائها الأوروبيين للرد بهدوء والرحمة لهذه الأزمة الإنسانية المروعة».
وأضافت مور أن «من المهم أن رئيس الوزراء يظهر قدرة على قيادة حقيقية من خلال ضمان المسؤولة لحل الأزمة واستخدام لغة دقيقة لا تخلق مخاوف للمواطنين البريطانيين من خلال تشويه الوضع الحقيقي».
ومع استمرار محاولات مئات المهاجرين الذين تقطع بهم السبل في ميناء كاليه الفرنسي الوصول إلى بريطانيا، صرح كاميرون للصحافيين خلال زيارته إلى فيتنام أمس بأنه رغم صعوبة الوضع الراهن مع وجود آلاف المهاجرين الراغبين في الوصول إلى بريطانيا من كاليه البلاد لن يصبح «ملاذا آمنا».
وصرح بيتر ساذرلاند مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للهجرة الدولية، لهيئة الإذاعة البريطانية، بأن مطالبات الحكومة البريطانية بإبعاد المهاجرين الباحثين عن حياة اقتصادية أفضل هي «رد على قضية حرية التنقل يتسم بكراهية للأجانب».
ووصف ساذرلاند تصريحات كاميرون بأنها «مبالغ فيها وتهدف إلى زيادة التوترات فيما يتعلق بأعداد الأشخاص الذين يحاولون دخول بريطانيا»، وقال المبعوث: «خلال العام الماضي، بلغ إجمالي الموافقات على طلبات اللاجئين دخول فرنسا 68 ألفًا، وهو أكثر من ضعف العدد في المملكة المتحدة».
وشدد على ضرورة أن يكون هناك توزيع عادل بين دول الاتحاد الأوروبي، وكشف ساذرلاند لـ«بي بي سي» إن «ألمانيا استقبلت العام الماضي 175 ألف طلب لجوء، مقابل 24 ألفا فقط في بريطانيا». وأضاف: «إننا نتحدث عن نحو خمسة آلاف إلى عشرة آلاف شخص في كاليه يعيشون في ظروف قاسية».
وأكدت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لورا بادوان لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحدث في منطقة كاليه هو جزء من أزمة الواسعة للاجئين، فإن هؤلاء الأفراد هم اللاجئون بدلا من المهاجرين وهم يفرون من النزاع بدلا من أزمات اقتصادية». وأضافت بادوان خلال مكالمة هاتفية: «اليونان في الوقت الراهن البلد الذي لديه أكبر تدفق من اللاجئين القادمين من سوريا، وقد تم منح حق اللجوء في ألمانيا والمجر. ومن الصعب التنبؤ بما إذا كانت الأزمة ستزيد في المملكة المتحدة».
ومن جهة أخرى، دعا نائب حزب المحافظين ديفيد ديفيز إلى إرسال قوات من الجيش البريطاني إلى كاليه. وقال: «عليك أن تفوق عدد المهاجرين عند المعبر إذا كنت تريد السيطرة عليهم»، كما حث الحكومة على إقامة مخيمات في البلاد التي يتم الهجرة منها حتى يتم ترحيل المهاجرين بطريقة إنسانية. وقد دعا زعيم حزب الاستقلال نايجل فاراج إلى أن تقوم الحكومة بحمل فرنسا على أن تتخذ المزيد من الإجراءات لتسويه الوضع، في حين دعت الزعيمة المؤقتة لحزب العمال هارييت هارمان حكومة المملكة المتحدة لضبط النفس. وعلقت هارمان على تصريحات كاميرون بأنه «يجب أن يتذكر الرئيس الوزراء أنه يتحدث عن الناس وليس الحشرات»، وأفادت هارمان بأن لغة كاميرون «مثيرة للقلق».
وشهدت محطة السكة الحديد تأخيرا في كل من بريطانيا وفرنسا في الأيام الأخيرة، وصرحت شركة «يوروتانيل» بأن خدمة الركاب تعمل وفقا لجدول زمني.
ويذكر أنه توفي مهاجر أول من أمس متأثرا بجروحه التي أصيب بها قبل يومين خلال محاولته عبور نفق «يوروتونيل» في كاليه، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأصيب الرجل بجروح في الرأس يوم الأحد الماضي خلال قفزه عن إحدى المنصات، وتوفي بعد ذلك، كما ذكر مدعي عام بولون سور مير جان بيير فالنسي.
ومنذ عدة أسابيع، يشهد النفق محاولات تسلل يومية من قبل مهاجرين إلى بريطانيا عبر نفق المانش، وهو الشخص العاشر الذي يلقى حتفه على مشارف النفق منذ مطلع يونيو (حزيران).
وليلة أول من أمس اعترضت الشرطة البريطانية مرة أخرى مئات المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى إنجلترا عبر النفق، بأي ثمن، مجازفين بكل شيء حتى بحياتهم.



ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
TT

ناشطات أوكرانيات يحاولن إحياء مبادرة «دقيقة الصمت» تخليدا لضحايا الحرب

أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)
أوكرانيون يحملون في كييف صور جنود سقطوا في الحرب (أ.ف.ب)

تقف خمس شابات في وسط العاصمة الأوكرانية، رغم البرد القارس، دقيقة صمت إحياء لذكرى ضحايا الغزو الروسي، في مبادرة أطلقها الرئيس فولوديمير زيلينسكي في مارس (آذار) 2022 على أن تكون جزءا من الحياة اليومية، لكن بعد حوالى ثلاث سنوات من الحرب أصبحت مشهدا نادر الحدوث.

حملت الفتيات لافتات تدعو المارة إلى التوقف للمشاركة في دقيقة صمت عند التاسعة صباحا، وهو جزء من هذه المبادرة الرسمية التي أطلقها زيلينسكي بعد أسابيع قليلة من بدء الحرب. لكن معظم الحشود الخارجة من محطة مترو غولدن غايت المركزية في كييف، كانت تمر بمحاذاتهن من دون التوقف.

وبعد انتهاء الدقيقة، طوت طالبة الصحافة أوليا كوزيل (17 عاما) اللافتات المصنوعة من ورق الكرتون المقوى في حقيبة.

وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية: «أشعر بالغضب من الأشخاص الذين لا يتوقفون، الذين ينظرون ويقرأون، وأستطيع أن أرى في عيونهم أنهم يقرأون لافتاتنا لكنهم يواصلون طريقهم».

كوزيل هي جزء من مجموعة صغيرة من الأشخاص الذين يحاولون إعادة الزخم لمبادرة زيلينسكي.

عندما لا يكون هناك تحذير من غارات جوية، يجتمع هؤلاء مرة في الأسبوع في مكان مزدحم لتشجيع سكان كييف على التوقف لمدة 60 ثانية.

وتقول كوزيل إن دقيقة الصمت هي وسيلة لمعالجة الحزن الجماعي والفردي الذي يخيم على الأوكرانيين أكانوا يعيشون قرب الجبهة أو بعيدا منها.

ويبدو أن حملة الشابات بدأت تثمر. فقد وافقت بلدية كييف هذا الأسبوع على القراءة الأولى لمشروع قانون يجعل دقيقة الصمت إلزامية في المدارس وبعض وسائل النقل العام. ويشمل المقترح أيضا عدا تنازليا يتردّد صداه عبر مكبرات الصوت في كل أنحاء المدينة من الساعة 9,00 حتى 9,01 صباح كل يوم.

وتعود الفكرة الأصلية لهذه المبادرة إلى إيرينا تسيبوخ، الصحافية التي أصبحت مقدمة رعاية على الجبهة والمعروفة في أوكرانيا باسمها الحركي «تشيكا». وأثار مقتلها قرب الجبهة في مايو (أيار)، قبل ثلاثة أيام من عيد ميلادها السادس والعشرين، موجة من الحزن.

ناشطات من منظمة «الشرف» يحملن صور جنود أوكرانيين سقطوا في المعارك خلال وقفة «دقيقة صمت» في كييف (أ.ف.ب)

وقالت صديقتها كاترينا داتسينكو لوكالة الصحافة الفرنسية في أحد مقاهي كييف «عندما علمنا بمقتل إيرا (إيرينا) قلنا لأنفسنا أمرين: أولا، كيف يمكن أن يحدث ذلك؟ أرادت إيرا أن تعيش كثيرا. وثانيا: يجب أن نكمل معركتها. لا يمكننا أن نستسلم».

وكانت تسيبوخ تريد من الأوكرانيين أن يخصّصوا دقيقة لأحبائهم أو الأشخاص الذين يمثلون لهم شيئا ما، على أساس أن التفكير الجماعي في ضحايا الحرب يمكن أن يوحّد الأمة في مواجهة الصدمة الفردية.

* الأكلاف البشرية

قال زيلينسكي أخيرا إن 43 ألف جندي أوكراني قتلوا في الحرب، رغم أن التقديرات المستقلة تشير إلى أن العدد أعلى من ذلك بكثير.

من جهتها، تفيد الأمم المتحدة بأن العدد المؤكد للقتلى المدنيين البالغ 11743 هو أقل من الواقع إلى حد كبير.

ومع ارتفاع هذه الحصيلة بشكل يومي، يحاول الناشطون غرس معنى جديد لطريقة تخليد ضحايا الحرب.

وقالت الناشطة داتسينكو (26 عاما) التي شاركت في تأسيس المنظمة غير الحكومية «فشانوي» أي «الشرف»، «لا أعرف كيف يمكن لدولة بهذا الحجم أن تخلّد ذكرى كل شخص، لكنّ ذلك ممكن على مستوى المجتمع».

من جهته، رأى أنتون دروبوفيتش، المدير السابق لمعهد الذاكرة الوطنية في أوكرانيا، أن دقيقة الصمت «لا تتعلق بالحرب، بل بالأشخاص. أولئك الذين كانوا معنا بالأمس، والذين شعرنا بدفئهم لكنهم لم يعودوا هنا... الأمر يتعلق بالحب والكلمات التي لم يكن لديك الوقت لتقولها للأشخاص الذين تحبهم».

لكن بعض معارضي الفكرة يقولون إن التذكير اليومي بالخسارة يجعل الناس عالقين في الماضي.