العبادي يستنسخ تجربة سلفه المالكي في إدارة الحكومة العراقية

بدء العد التنازلي لوثيقة الاتفاق السياسي وسط استمرار الخلافات بشأن القوانين الخلافية

العبادي يستنسخ تجربة سلفه المالكي  في إدارة الحكومة العراقية
TT

العبادي يستنسخ تجربة سلفه المالكي في إدارة الحكومة العراقية

العبادي يستنسخ تجربة سلفه المالكي  في إدارة الحكومة العراقية

في وقت تتكاثر فيه الاعتراضات على رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي جراء قيامه بسلسلة تعيينات بالوكالة لمؤسسات وهيئات مستقلة، مثلما كان يعمل طوال سنوات حكمه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فإن رئيس البرلمان سليم الجبوري حاول من جهته التملص من تبعات فشل تنفيذ وثيقة الاتفاق السياسي التي تقترب من إكمال عامها الأول؛ فقد حذر رؤساء الكتل النيابية من حسم القوانين الخلافية التي بلغت مرحلة التصويت وهي (المحكمة اﻻتحادية والأحزاب والحرس الوطني والعفو والمساءلة والعدالة والعمل).
وفيما شهدت جلسة البرلمان أمس الخميس اعتراضات على دمج قانوني حظر البعث والمساءلة والعدالة بعد الانتهاء من القراءة الثانية للقانون فإن الجبوري الذي ينتمي إلى تحالف القوى العراقية (الكتلة السنية في البرلمان) يواجه صعوبات في إقناع كتلته بصعوبة المواءمة بين عمله رئيسا للبرلمان وتحقيق مطالب السنة التي تضمنتها وثيقة الاتفاق السياسي، مما حمله على التهديد بوضع القوانين المعطلة على جدول الأعمال وحسمها بالتصويت العلني ما لم يتم الاتفاق عليها.
وكانت حكومة العبادي التي تشكلت خلال شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي بعد الاتفاق على وثيقة «الاتفاق السياسي» التي نصت على تحقيق مطالب للأكراد والعرب السنة، وقد تم تحديد سقوف زمنية لتحقيقها تتراوح بين ثلاثة أشهر وسنة كاملة. وفيما تحققت بعض المطالب للجانب الكردي، في المقدمة منها الاتفاق النفطي مع أربيل، لكنه سرعان ما بدأ هو الآخر يترنح في وقت يتبادل فيه الطرفان الكردي والحكومي الاتهامات. بينما لم يتحقق حتى الآن من وجهة نظر السنة أي مطلب من مطالبهم.
وفي هذا السياق أكد القيادي في تحالف القوى العراقية ورئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي طلال الزوبعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك سلسلة من القوانين التي تم التوافق عليها من خلال مباحثات مطولة مع التحالف الوطني لا تزال تنتظر التشريع، بينما انتهت المدد التي حددناها لها، ومن أبرزها قوانين العفو العام والمساءلة والعدالة والحرس الوطني»، مشيرا إلى أن «بعض مشاريع القوانين هذه، لا سيما الحرس الوطني، قد تم إفراغها من محتواها بحيث بات يصعب التصويت عليها بالصيغة التي هي عليها الآن، مما يؤكد عدم وجود جدية لدى الحكومة في تشريع مثل هذه القوانين التي من شأنها وضع حد للمشكلات وبداية الاستقرار في البلاد».
وأوضح الزوبعي أن «من بين المسائل التي تعد ضرورية للاستقرار والتي كنا وضعناها في صميم وثيقة الاتفاق السياسي المصالحة الوطنية التي لا تزال مجرد وعود وحبرا على ورق، كما طالبنا بأن يعاد النظر بالمحاكمات، لا سيما أن هناك الكثير من الأبرياء انتزعت منهم الاعترافات بالقوة».
على الصعيد نفسه، فإنه طبقا لما كشفه رئيس كتلة الحل البرلمانية المنضوية في تحالف القوى العراقية محمد الكربولي لـ«الشرق الأوسط»، من أن «الحكومة وفي محاولة منها لإبعاد المسؤولية عنها تقوم بتمرير مشاريع قوانين كلها ألغام ومفخخات إلى البرلمان لا لشيء إلا لكي تقول إنها من جانبها قامت بإرسال القوانين إلى البرلمان»، مبينا أن «هذه السياسة سبق أن اتبعتها الحكومة السابقة إذ إنه لا فرق من حيث تمثيل الكتل بين الحكومة والبرلمان؛ إذ إن الكتل الممثلة في البرلمان هي نفسها ممثلة بالحكومة، وإذا ما حصل توافق داخل الحكومة لا يعني حصولها داخل البرلمان، علما أن الوزراء في الحكومة هم أنفسهم يمثلون الكتل البرلمانية».
وأكد الكربولي أن «الوقت لم يعد يعمل لصالح العبادي وحكومته؛ لأن كل القوانين التي اتفقنا عليها ضمن وثيقة الاتفاق السياسي استنفدت مددها الزمنية».
من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن اتحاد القوى العراقي أحمد مدلول مطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلات الموروثة بين الكتل السياسية تعيد إنتاج نفسها باستمرار، وبالتالي تؤثر على عموم ما يحصل في البلاد، حيث لا توجد وحدة موقف حول الكثير من القضايا التي يفترض أن تمثل مشتركات بين الجميع، ولذلك فإن الخلافات الداخلية للكتل تنعكس على ما يفترض أن يكون وطنيا؛ لأن القوانين التي يجري الحديث عنها إنما هي قوانين تهم المواطن العراقي في كل المناطق والمحافظات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.