توقيف مصرية انتحلت «صفة طبيبة» يُجدد الحديث عن «ضوابط المهنة»

بعد أيام من واقعة ضبط «عامل» يدير مركزاً لعلاج «الخشونة»

وزير الصحة المصري خلال جولة بأحد المستشفيات (الصحة المصرية)
وزير الصحة المصري خلال جولة بأحد المستشفيات (الصحة المصرية)
TT

توقيف مصرية انتحلت «صفة طبيبة» يُجدد الحديث عن «ضوابط المهنة»

وزير الصحة المصري خلال جولة بأحد المستشفيات (الصحة المصرية)
وزير الصحة المصري خلال جولة بأحد المستشفيات (الصحة المصرية)

أثار توقيف مصرية انتحلت «صفة طبيبة» وأجرت عمليات جراحية جدلاً في البلاد، وجدد الحديث حول «ضوابط المهنة» وآليات مواجهة هذه الوقائع، خاصة أن الواقعة تأتي بعد أيام من ضبط عامل بمحل «كشري» يدير مركزاً طبياً لعلاج «الخشونة».
وقامت أجهزة الأمن المصرية بتوقيف سيدة بحي المطرية (شرق القاهرة) انتحلت صفة «طبيبة بشرية» وقامت بإجراء عمليات جراحية للسيدات. ووفقاً لبيان وزارة الداخلية، مساء الثلاثاء، فإنه «تم ضبط السيدة وعدد من الأدوات الطبية ومخدر موضعي». وبحسب البيان: «أقرت السيدة بقيامها بانتحال صفة طبيبة بشرية، وإنشاء حساب عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) لمزاولة نشاطها».
وقبلها بأيام قررت النيابة العامة المصرية حبس عامل بمحل كشري أربعة أيام احتياطياً لاتهامه «بانتحال صفة طبيب وإدارة مركز طبي بالسويس من دون ترخيص». ووفقاً لبيان النيابة العامة: «قام المتهم بانتحال صفة طبيب، وممارسة مهنة الطب بمركز طبي يديره». وأكدت التحريات أن «المتهم مارس مهنة الطب البديل (الحجامة) بمركزه الطبي لأكثر من عامين». وبحسب البيان: «ذاع صيته لمعالجة المرضى ووصفه العلاج لهم عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)».
كما أكدت التحقيقات أيضاً أن «المتهم يزاول مهنة الطب من دون ترخيص، وغير مقيد بجداول نقابة الأطباء». وقالت النيابة العامة إن «المتهم أنكر خلال التحقيقات مزاولة مهنة الطب من دون ترخيص»، معللاً سبب ارتدائه زي الأطباء في بعض صوره على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه «كان في احتفالية بمناسبة حصوله على شهادة من مركز للعلوم الطبية والطب البديل في الحجامة».
وتنص المادة 10 من قانون مزاولة مهنة الطب على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من زاول مهنة الطب على وجه يخالف أحكام هذا القانون، وفي حالة العودة يحكم بالعقوبتين معاً».
ودعا الدكتور محمد حسن خليل، منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة (غير حكومية) إلى «ضرورة تغليظ عقوبة انتحال صفة طبيب لتتناسب مع المخاطر التي تهدد حياة المرضى». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بجانب تغليظ عقوبة انتحال صفة طبيب، يجب تفعيل التفتيش على المنشآت الطبية كافة، من عيادات خاصة أو مراكز طبية، كما يجب إلزام كل طبيب بوضع شهاداته العلمية في مكان بارز داخل العيادة حتى يمكن للمريض أن يعرف مؤهلاته العلمية وتخصصه بدقة». وبحسب خليل: «يجب أيضاً نشر الوعي بين المرضى وتعريفهم بحقوقهم، كي يحرص المريض على معرفة تخصص الطبيب الذي يذهب إليه ومؤهلاته العلمية».



سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».