المعارضة السورية تحكم سيطرتها على الطريق الدولي الواصل بين حلب واللاذقية

«جيش الفتح» يرفع مستويات تهديده لحاضنة النظام العلوية بإعلان «السقيلبية» منطقة عسكرية

صورة الأسد مدمرة قرب محطة زيزون الحرارية بريف حماه التي سيطر عليها جيش الفتح أمس (رويترز)
صورة الأسد مدمرة قرب محطة زيزون الحرارية بريف حماه التي سيطر عليها جيش الفتح أمس (رويترز)
TT

المعارضة السورية تحكم سيطرتها على الطريق الدولي الواصل بين حلب واللاذقية

صورة الأسد مدمرة قرب محطة زيزون الحرارية بريف حماه التي سيطر عليها جيش الفتح أمس (رويترز)
صورة الأسد مدمرة قرب محطة زيزون الحرارية بريف حماه التي سيطر عليها جيش الفتح أمس (رويترز)

تتسارع تطورات الأحداث في شمال سوريا لصالح فصائل المعارضة المسلحة على اختلافها. فإلى جانب تقدم هذه الفصائل بمواجهة تنظيم داعش والقوى النظامية، على حدّ سواء، أعلن «جيش الفتح» مدينة السقيلبية في ريف حماه الغربي، منطقة عسكرية. ويأتي هذا الإعلان ردًا على قصف القوات النظامية والطيران المروحي بالبراميل المتفجرة، لقرى وبلدات سهل الغاب الواقعة في الريف الشمالي الغربي لحماه، الخاضعة لسيطرة المعارضة، خصوصًا بلدة قلعة المضيق.
هذا التطور العسكري رأى فيه عضو مجلس القيادة العسكرية في الجيش السوري الحر أبو أحمد العاصمي، دلالة بالغة الأهمية، إذ اعتبر أن «إعلان مدينة السقيلبية منطقة عسكرية يعني للنظام الكثير، كون غالبية سكان هذه المدنية هم من أبناء الطائفة العلوية». وأكد العاصمي لـ«الشرق الأوسط» أن «إعلان السقيلبية منطقة عسكرية يعدّ أعلى درجات التهديد، وأن كل شيء بات مباحًا». وقال: «فصائل المعارضة لجأت إلى هذا الخيار على قاعدة (العين بالعين والسنّ بالسن والبادئ أظلم)، واللعب بات على المكشوف، فقصف الطيران السوري للبلدات الواقعة تحت سيطرة المعارضة في سهل الغاب، وإعلان النظام وحزب الله الزبداني منطقة عسكرية ومحاصرتها وقصف المدنيين فيها، جاء الرد عليه بإعلان السقيلبية منطقة عسكرية، فإذا صعّد النظام تصعّد المعارضة، وإذا خفف ستخفف»، مضيفًا أن «الكل يعرف أن النظام والمجموعات المسلحة التابعة له هجروا أبناء المناطق التي سيطروا عليها، في حين أن المناطق التي حررها الثوار لم يتعرض أحد لأهلها، بل عملنا على حمايتهم كي لا يزيد الشقاق أكثر بين أبناء البلد الواحد».
وجاء إعلانها مدينة عسكرية بعد ساعات على قصف النظام للبلدة نفسها وإلقاء الطيران المروحي ما لا يقل عن 18 برميلاً متفجرًا عليها، ما أدى إلى مقتل 17 مواطنًا بينهم طفلة و7 نساء على الأقل و3 مقاتلين من الفصائل الإسلامية.
في هذا القوت، أفادت «وكالة أنباء الأناضول» التركية الرسمية، بأن «فصائل المعارضة السورية المنضوية تحت «جيش الفتح»، أحكمت سيطرتها على الطريق الدولي الواصل بين محافطتي حلب شمالاً واللاذقية غربًا، بعد معارك خاضتها في اليومين الماضيين جنوب غربي إدلب، وشمال سهل الغاب، غرب محافظة حماه.
ونقلت الوكالة عن مسؤول العلاقات الخارجية في فيلق الشام أحمد الأحمد، أن «إحكام السيطرة على الطريق جاء بعد تمكن المعارضة من السيطرة على النقاط القليلة المتبقية للنظام في ريف إدلب الغربي وتحريرها بشكل كامل، وذلك بعد إيقاع عشرات القتلى في صفوف النظام». وأكد الأحمد أن «أهم تلك النقاط هي سلة الزهور، وجنة القرى، وقرية الفريكة، التي تشكل همزة الوصل بين قرى مدينة جسر الشغور وبلدات سهل الغاب». ولفت إلى أن «الطريق بات يمتد من كازية الأهرام بمدخل حلب الغربي، وحتى جسر الشغور، ويبلغ طوله 125 كيلومترا».
أما الأهمية الاستراتيجية للسيطرة على هذا الطريق، فقد فسرها القائد العسكري في «لواء صقور الجبل» النقيب أبو الليث، بأن «السيطرة على الطريق بشكل كامل ستسهل وصول الإمدادات من شمال حلب وإدلب باتجاه الساحل السوري، ونقل المعركة بشكل مباشر إلى جبل التركمان وجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي». وقال أبو الليث «إن هذا التقدم سيسهم كذلك حسم المعركة في سهل الغاب بحلب لصالح المعارضة، والتقدم باتجاه معاقل النظام في بلدتي القرور وجورين، إلى جانب تمكين فصائل المعارضة من قصف القرى الموالية للنظام في الساحل».
في هذا الوقت أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «الطيران الحربي نفذ غارة على مناطق في بلدة كنصفرة بجبل الزاوية، وغارة أخرى على مناطق في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، كما قصف مناطق في محيط مطار أبو الظهور العسكري المحاصر من قبل (جبهة النصرة) والفصائل الإسلامية منذ أكثر من عامين، وألقى الطيران المروحي براميل متفجرة على مناطق في قرى وبلدات شاغوريت والصحن وحميمات والمشيرفة وتلة خطاب».
وتحدث المرصد في المقابل عن «سقوط عشرات الصواريخ التي أطلقتها الفصائل الإسلامية على مناطق في بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية والمحاصرتين من قبل (جبهة النصرة) والفصائل الإسلامية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.