طفلة سورية نجت من الزلزال لتُهدد «متلازمة الهرس» ساقيها

بقيت 40 ساعة تحت الأنقاض...

طفلة سورية نجت من الزلزال لتُهدد «متلازمة الهرس» ساقيها
TT

طفلة سورية نجت من الزلزال لتُهدد «متلازمة الهرس» ساقيها

طفلة سورية نجت من الزلزال لتُهدد «متلازمة الهرس» ساقيها

بعد أن بقيت نحو 40 ساعة تحت الأنقاض في شمال غربي سوريا، تواجه الطفلة شام اليوم خطر بتر ساقيها، بعد إصابتها على غرار ناجين كثر من الزلزال بمتلازمة «هرس الأطراف».
الفيديو الذي يوثِّق إنقاذها ونشرته منظمة الخوذ البيضاء انتشر على نحو واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وظهرت فيه شام الشيخ محمّد البالغة 9 سنوات ممددة تحت الأنقاض، تتحدث مع عناصر الإنقاذ، تطلب عبوة ماء وتقترح عليهم كيف يمكن سحبها أو تدندن معهم أغنية تحمل اسمها. ثم تئن من بقائها تحت الأنقاض.

تخضع شام، التي ظلت 40 ساعة تحت الأنقاض بعد انهيار منزلها وسقوط السقف على ساقيها، للمراقبة منذ أيام في العناية الفائقة بمستشفى الشفاء في مدينة إدلب. وتواجه الطفلة، وفق الأطباء الذين يتولون رعايتها خطر بتر رجليها على مستوى الساقين، كما أنها معرضة لمشكلات في القلب والكلى. الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا المجاورة، مودياً بحياة أكثر من 43 ألف شخص في البلدين، دمر منزل الطفلة في مدينة أرمناز بريف إدلب الشمالي الغربي، وتسبّب بمقتل أمها وشقيقتها، بينما نجت مع اثنين من أشقائها ووالدها.
على سرير المستشفى، تتمدّد شام وقربها دمية، وتردّد: «ساعدني يا دكتور» في كل مرة تشعر فيها بألم شديد. يوضح الأطباء العاملون في شمال غربي سوريا، أن وضع شام مماثل لحالات عدة أشخاص استقبلوهم إثر الزلزال الذي أودى بحياة 3688 سورياً على الأقل.
ويقول أخصائي الجراحة العظمية طارق مصطفى لوكالة الصحافة الفرنسية: «الطفلة شام واحدة من حالات عدة وردت إلى مستشفيات المنطقة وتعاني من متلازمة الهرس بعدما بقيت أكثر من 40 ساعة تحت الأنقاض». ويوضح الطبيب الذي يعمل في مستشفى ببلدة معرة مصرين تديره الجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز)، أن «وضعها كان حرجاً لأنها معرضة للبتر على مستوى الساقين».
لكنه أشار إلى أن «بعض المؤشرات الإيجابية» دفعت بالمشرفين عليها إلى تأجيل عملية البتر.

ونشرت الخوذ البيضاء، الدفاع المدني في المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق، تغريدة الأسبوع الماضي، طلبت فيها «الدعاء لشام ومصابين كثر بالزلزال، يعانون من حالة طبية اسمها متلازمة الهرس»، التي تحتاج إلى «رعاية طبية متقدمة». وتنتج متلازمة الهرس «عن أي ضغط تتعرض له الأطراف لفترة طويلة تفوق 12 ساعة... ما يؤدي إلى انقطاع الدورة الدموية على مستوى الأنسجة»، وفق مصطفى، الذي أفاد عن معاينة الأطباء في المنطقة لحالات كثيرة مشابهة، خصوصاً من الأطفال.
ويصل المصاب إجمالاً وهو بحالة جيدة إلى المستشفى، حيث يبلغ الأطباء بألم يشعر به على مستوى الأطراف. لكنه يكون في الوقت ذاته عرضة للإصابة بمشكلات في القلب والكلى تُهدد حياته.
ووفق مصطفى: «هذا ما يُسمى المصطلح العامي: ابتسامة الموت». ولا يواجه المصاب خطر التعرّض للبتر فحسب، ذلك أن إعادة تنشيط الدورة الدموية دونها عواقب، «فارتفاع البوتاسيوم في الدم قد يؤدي إلى أذية قلبية بشكل مباشر، وارتفاع الهيموغلوبين قد ينتج عنه قصور كلوي».

وسجّلت وزارة الصحة التابعة لـ«حكومة الإنقاذ» المحلية، التي تدير مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام في إدلب ومحيطها، مائة حالة مصابة بمتلازمة الهرس، تعرّض كثير منها لقصور كلوي استدعى الخضوع لعمليات غسيل الكلى.
حين نجحوا في إخراجها بعد 6 ساعات من العمل من تحت أنقاض مبنى نزحت عائلتها إليه قبل 3 سنوات هرباً من آخر هجوم في المنطقة، احتفل عناصر الإنقاذ بشام. وفي مقطع الفيديو المتداول، يقترح المتطوع في الخوذ البيضاء محمّد نصر الدين، أن يغني لها أغنية أو تغنيها هي، تؤكد له أنها تعرف الأغنية وتبدأ بدندنتها بصوت منخفض. يقول نصر الدين للوكالة: «أعادت لنا القوة حين رأيناها تتحدث تحت الأنقاض وكانت فرحتنا لا توصف حين خرجت. نتمنى أن تبقى سالمة».
وفي محاولة للتخفيف عنها ريثما يتمكنون من سحبها، يعدها المتطوع زياد حمدي برحلة إلى مدينة الملاهي بعد إخراجها، فتجيبه: «أريد أن ألبس ثياباً جميلة، أريد أن أصبح أميرة». ويقول حمدي للوكالة: «سبحان الله لديها سرعة بديهة، لم أتوقع أن تجيبني بهذا الشكل، حتى إنها كانت تطلب مني أن أتوقف عن العمل وتقول لي: لدي فكرة. ثم تقترح أن تشرب أو تنام قليلاً».

بعد 6 ساعات من العمل المتواصل والحوار الطويل، حرر متطوعو الخوذ البيضاء شام من بين الركام. ويروي حمدي أن «الوضع كان محزناً للغاية، سقط السقف على رجليها، كنت أعمل لتحرير رجليها ودمعتي في عيني، أتذكر ابنتي البالغة 5 سنوات».
تحتاج شام التي تقبع في العناية المؤقتة، إلى المراقبة المتواصلة... لكن حمدي يؤكد: «الوعد وعد، سآخذها إلى مدينة الملاهي».



الحوثيون يُصعّدون جنوباً... وواشنطن تدمر مسيّرة ومركبة دعم

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يُصعّدون جنوباً... وواشنطن تدمر مسيّرة ومركبة دعم

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران من هجماتها باتجاه محافظة لحج اليمنية (جنوباً)، وذلك عقب تهديدات زعيمها عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بما وصفه بـ«المفاجآت البرية».

جاء ذلك في وقت واصل فيه الجيش الأميركي ضرباته الاستباقية ضد الجماعة، في سياق السعي لإضعاف قدراتها على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير مسيرة للحوثيين المدعومين من إيران، إضافة إلى مركبة دعم واحدة في منطقة يمنية تسيطر عليها الجماعة.

وفي حين لم يتحدث الحوثيون عن هذه الضربات، ولا آثارها، ولا عن المنطقة التي استهدفتها، قال الجيش الأميركي إنه تبيّن أن هذه الأنظمة كانت تُشكل تهديداً واضحاً وشيكاً للقوات الأمريكية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة.

وأضاف البيان أنه «تم اتخاذ الإجراء (تدمير المسيرة المركبة) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً وأمناً».

وفي مقابل التصعيد الحوثي، أطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمّته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

طائرة وهمية من دون طيار يرفعها أحد عناصر الحوثيين في أحد ميادين صنعاء (إ.ب.أ)

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة، التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.

وتشّن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وكانت الجماعة قد هاجمت الأسبوع الماضي ناقلة نفط ترفع علم بنما، وتدعى «بلو لاجون 1»، ليرتفع عدد السفن التي أصيبت منذ بدء التصعيد إلى ما يقارب 34 سفينة، من بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها.

تعثر إنقاذ «سونيون»

وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفّذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس (آب) الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها، قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».

وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها؛ ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرُّب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.

وأعلنت البعثة البحرية الأوروبية «أسبيدس»، الثلاثاء الماضي أنّ «الظروف غير مواتية» لقطر الناقلة المشتعلة، محذرةً من كارثة بيئية «غير مسبوقة» في المنطقة.

وقالت «أسبيدس» على منصة «إكس»: «إن الشركات الخاصة المسؤولة عن عملية الإنقاذ توصَّلت إلى أن الظروف لم تكن مواتية لإجراء عملية القطر، وأنه لم يكن من الآمن المُضي قدماً، وتدرس الشركات الخاصة الآن حلولاً بديلة».

وأدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

تصعيد ميداني

إلى جانب التهديد البحري ضد السفن، ذكرت مصادر محلية يمنية أن الجماعة الحوثية شنّت هجمات على مواقع عسكرية تابعة للقوات الموالية للحكومة اليمنية في محافظة لحج الجنوبية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

ووفق المصادر، استهدفت الهجمات الحوثية موقعين في منطقة عهامة، التابعة لمديرية المسيمير، واستولت عليهما، قبل تشّن القوات الموالية للحكومة هجمات مضادة في مسعى لاستردادهما.

مسلحون حوثيون ضمن حشد دعا إليه زعيمهم في ميدان السبعين بصنعاء (رويترز)

وتسود مخاوف في الأوساط اليمنية من أن تقوم الجماعة الحوثية بنسف التهدئة الميدانية القائمة منذ أبريل (نيسان) 2022، خصوصاً بعد حديث زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطبه عما وصفه بـ«مفاجآت برية».

ومن وقت لآخر، تهاجم الجماعة الانقلابية مواقع القوات الحكومية في تعز ولحج والضالع ومأرب، واتهمتها الحكومة أخيراً بمحاولة قصف منشأة «صافر» النفطية في مأرب.

وبعد تطلع اليمنيين في آخر العام الماضي إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة اليمنية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، فإن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي أحدث تصريحات رئيس «مجلس القيادة الرئاسي اليمني»، رشاد العليمي، حمل الحوثيين مسؤولية تعطيل مسار السلام، وتطرق إلى المبادرات التي قدمها «المجلس»، وقال: «لم نجد المشترك معهم للتقدم على هذه الطريق؛ إذ ليس لديهم سوى الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».