في باكستان.. المعتقلون في السجون السرية يختفون

منظمات حقوق الإنسان تحذر من اختراق الديمقراطية في البلاد

شرطي باكستاني يقوم بحراسة البوابة الرئيسية للسجن المركزي في كراتشي {غيتي}
شرطي باكستاني يقوم بحراسة البوابة الرئيسية للسجن المركزي في كراتشي {غيتي}
TT

في باكستان.. المعتقلون في السجون السرية يختفون

شرطي باكستاني يقوم بحراسة البوابة الرئيسية للسجن المركزي في كراتشي {غيتي}
شرطي باكستاني يقوم بحراسة البوابة الرئيسية للسجن المركزي في كراتشي {غيتي}

فجأة في إحدى الليالي اختفى نجل نياز بيبي، بعدما ألقى جنود باكستانيون القبض عليه، متهمين إياه بأنه مقاتل في «طالبان». وعلى امتداد 18 شهرًا مليئة بالألم، عجزت الأم عن معرفة أي معلومات عن مصير الابن، حتى تلقت اتصالاً هاتفيًا أخبرها خلاله الطرف الآخر أن عليها الذهاب لسجن كوهات، ونبهها بألا تخبر أحدًا.
وداخل السجن، الواقع شمال غربي باكستان، جرى توجيهها نحو مركز اعتقال منفصل تديره المؤسسة العسكرية، حيث جرى إحضار نجلها، أصغر محمد، إليها. وتلامست أيدي الأم والابن عبر أسلاك معدنية وانخرطت الأم في البكاء بينما كان يطمئنها الابن إلى أنه سيعود للمنزل قريبًا، إلا أن جرس الهاتف رن مجددًا بعد شهر، وأبلغها المتحدث هذه المرة: «ابنك مات. تعالي لاستلام الجثمان».
ويعد محمد واحدًا من عشرات المحتجزين الذين قضوا نحبهم داخل مركز احتجاز عسكري في باكستان خلال العام والنصف الماضيين، في خضم روايات تتحدث عن تعذيب وتجويع وحالات قتل خارج نطاق القضاء على لسان محتجزين سابقين وأقارب ومراقبين لحقوق الإنسان.
وتأتي الاتهامات في وقت صعد فيه الجنرالات الباكستانيون، اعتمادًا على سلطات قانونية وقضائية جديدة واسعة، من حربهم ضد حركة طالبان الباكستانية عبر شن غارات كاسحة ضد معاقلها واحتجاز المئات من الأفراد.
ويحذر نقاد من أن هذه المكاسب قد تأتي على حساب حقوق الإنسان، الأمر الذي قد يلحق الضعف بالديمقراطية الباكستانية الهشة، ويقوض - نهاية الأمر - جهودها في مكافحة الإرهاب.
وفي هذا الصدد، اشتكى مصطفى قدري، من منظمة العفو الدولية التي تلقت إخطارات بخصوص وفاة أكثر من 100 شخص داخل مراكز احتجاز عسكرية خلال عام 2014، من أن «الناس يعيشون في خوف بالغ حيال الحديث عما تفعله المؤسسة العسكرية».
ويتعلق الأمر في جوهره بشبكة مؤلفة من 43 مركز احتجاز سريا منتشرة عبر إقليم خيبر بختونخوا والحزام القبلي. ولا تتوفر سوى القليل من المعلومات حول هذه المراكز التي تأسست رسميًا عام 2011 ومنحت سلطات أوسع عبر قانون صارم لمكافحة الإرهاب جرى تمريره العام الماضي.
وتوجد غالبية المراكز داخل سجون قائمة بالفعل وقواعد عسكرية، وتعمل بمنأى عن الرأي العام. ولم يتم حتى الآن كشف عدد المحتجزين لدى هذه المراكز.
وقد تقدم أقارب مفقودين بـ2100 دعوى قضائية لدى محكمة بيشاور العليا يطالبون بالكشف عن معلومات عن مصير ذويهم.
وفي الكثير من الحالات، كان أول الأنباء متمثلا في جثة مرسلة إلى المنزل.
وفي العام الماضي، شهد رجل من ضاحية خرام القبلية أمام المحكمة بأن ثلاثة من أبنائه الستة احتجزوا في كوهات وماتوا داخل الحجز. وقال محامي الرجل إنه «لم يتقدم بشكوى جنائية ضد المؤسسة العسكرية خوفًا من أن يلقى أبناؤه المتبقون المصير ذاته».
ومن جهته، لم يرد المتحدث الرسمي باسم المؤسسة العسكرية، ميجور جنرال أسيم باجوا، على قائمة تفصيلية من الأسئلة حول الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز.
ويذكر أن مجموعة من الوثائق السرية المسربة العام الماضي على يد إدوارد سنودن، المتعهد الذي كان يعمل لدى وكالة الأمن الوطني، أوضحت أن مسؤولين أميركيين كانوا على دراية بوقوع انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان من جانب القوات المسلحة الباكستانية، رغم استمرار تدفق مليارات الدولارات من المساعدات الأميركية على باكستان. وذكر تقييم أميركي صدر عام 2011 أن مسؤولين عسكريين باكستانيين عذبوا وقتلوا أفرادا مشتبها في كونهم مسلحين «مع علم ضباط من الرتب الكبيرة، إن لم يكن بموافقتهم».
وذكرت الوثيقة، التي كانت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أول من أوردها، أن «المؤسسة العسكرية بذلت جهودًا كي تجعل الوفيات تبدو وكأنها وقعت أثناء عمليات لمكافحة التمرد، أو لأسباب طبيعية، أو جراء عمليات انتقام شخصية».
والملاحظ أن إدارة أوباما، التي حسنت تدريجيًا علاقاتها مع باكستان هذا العام، التزمت الصمت في الغالب على الصعيد المعلن حيال الانتهاكات الباكستانية، ولم تسع لتفعيل مادة في القانون الأميركي تقيد المساعدات الموجهة للمؤسسات العسكرية الأجنبية المدانة بالتورط في انتهاكات لحقوق الإنسان. وبدلاً من ذلك، وافقت الإدارة على تقديم مزيد من الأسلحة للقوات المسلحة الباكستانية، ففي أبريل (نيسان) الماضي، وافقت على توفير طائرات مروحية وصواريخ «هيلفاير» الموجهة بأشعة الليزر بقيمة إجمالية تقارب مليار دولار، لعمليات مكافحة الإرهاب بباكستان.
ومن جهتهم، قال مسؤولون بوزارة الخارجية إنهم حذروا المؤسسة العسكرية الباكستانية من أن التقارير المتواترة حول وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان قد تؤدي لفرض قيود في المستقبل على المساعدات العسكرية.
وحتى وقت قريب، كانت الاتهامات الأكثر حدة الموجهة لجنود وضباط استخبارات باكستانيين باقتراف مثل تلك الانتهاكات، في غرب إقليم بلوشستان، حيث يواجه الجيش اتهامات باختطاف وتعذيب وقتل أفراد مشتبه في كونهم قوميين بلوشيين كجزء من جهوده المستمرة منذ عقد لقمع حركة تمرد انفصالية هناك.
وجاءت الوفيات داخل مراكز الاحتجاز متزامنة مع تحقيق مكاسب داخل ميادين القتال - وفي العام الماضي، سيطر الجيش على الكثير من أرجاء شمال وزيرستان - واتخاذ الرأي العام موقفا أكثر صرامة تجاه طالبان الباكستانية.
ورغم حصول الجيش على سلطات قانونية أوسع منذ تمرير قانونين جديدين لمكافحة الإرهاب، تراجعت أعداد الوفيات داخل مراكز الاحتجاز العسكرية في الشهور الأخيرة منذ تفعيل نظام جديد للمحاكم العسكرية أقره البرلمان في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ومن جانبه، أحصى فايز ظفر، صحافي في وادي سوات، 48 جثة جرت إعادتها للمنطقة عام 2014 وخمسة حتى الآن خلال العام الحالي، كان آخرها في 2 يونيو (حزيران) الماضي.
ومن جانبهم، يرى خبراء أن المحاكم التي يديرها عسكريون تفتقر بدرجة كبيرة إلى المعايير الدولية، ويجري الطعن في سلطتها أمام المحكمة الباكستانية العليا. ومع ذلك، فإن أصوات الرفض العامة على هذه المحاكم خفتت، خاصة منذ المذبحة التي ارتكبتها طالبان بحق 150 شخصا، غالبيتهم من الأطفال، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ومنذ ذلك الحين، اتخذت السلطات توجهًا أكثر صرامة إزاء المسلحين على جبهات أخرى أيضًا، وألغت قرار التجميد الذي كان مفروضًا على تنفيذ أحكام الإعدام، ما أدى لشنق 178 مدانًا.
وقد أثارت الإعدامات اعتراضات متكررة من جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لكن نادرًا ما أبدى الرأي العام امتعاضه.
وتشير الكثير من التقارير إلى أن «الأوضاع داخل مراكز الاحتجاز تصبح وحشية بعض الأحيان». وعلى سبيل المثال، قال أحد المحتجزين السابقين من منطقة سوات إنه تعرض للجلد باستخدام سلك شائك، واقتصر طعامه على الحساء فقط، وأجبر على تقديم شهادة زور ضد محتجزين آخرين أمام المحكمة.
وقال الرجل الذي اشترط مثل الآخرين عدم الكشف عن هويته خوفًا من التعرض لمشكلات: «شعرت بالذنب، لكنني كنت أعلم أني لو رفضت فسأتعرض للضرب».
ويقول أقارب من يقضون نحبهم داخل مراكز الاحتجاز إنهم تعرضوا لضغوط كي يسرعوا في إجراء الجنازات، غالبًا ليلاً، وتعرضوا للإكراه أحيانا كي يرفضوا إجراء تشريح للجثمان، حتى وإن حملت الجثة علامات واضحة على التعرض لاعتداء.
وذكروا أنه في حالات أخرى تم منع رجال دين محليين من الصلاة على الميت.
ومن جانبها، قالت أسماء جهانغير، المحامية البارزة بمجال حقوق الإنسان، إنها تقدمت بدعوى أمام المحكمة العليا للطعن في احتجاز 33 رجلاً. وعندما مثلوا أمام المحكمة منذ عامين، قال اثنان منهم إنهما تعرضا للتعذيب. وقد لقي الاثنان حتفهما داخل الاحتجاز لاحقًا، وأضافت جهانغير: «من المفترض أنهما تعرضا لأزمة قلبية». وداخل سوات، شكلت عدة سيدات مجموعة رفض تسعى للحصول على أخبار عن الأقارب المفقودين من خلال تنظيم مظاهرات ورفع دعاوى قضائية. وقالت قائدة المجموعة، جان سابا، خلال مقابلة معها، إنها «طرقت جميع الأبواب» بحثًا عن أخبار عن زوجها المختفي، لكنها عجزت عن الوصول لشيء.
ويذكر أن الغالبية تعترف بأن الكثير من المحتجزين داخل مراكز الاحتجاز العسكرية على صلة بالفعل بـ«طالبان». مثلاً، اعترف محمد، المحتجز الذي قتل في كوهات العام الماضي، لأسرته بأنه قضى ثمانية أشهر مع مقاتلي «طالبان» قبل القبض عليه، حسبما قال أقارب له.
ومن ناحية أخرى، فإنه رغم إلحاق الجيش الضعف بوضوح بطالبان في الشهور الأخيرة، فإن خبراء يحذرون من أن مثل تلك الانتهاكات قد تضر نهاية الأمر بجهود مكافحة الإرهاب، مثلما أدت التكتيكات الأميركية القاسية بعد هجمات 2001 إلى إدانات دولية واسعة وعززت جهود التجنيد في أوساط الجماعات المسلحة. ومن ناحيتها، وصفت المحامية جهانغير شبكة مراكز الاحتجاز بأنها «خليج غوانتانامو المصغر في باكستان».

* خدمة «نيويورك تايمز»



الأمم المتحدة تدعو «طالبان» إلى السماح للأفغانيات بالعمل في مكاتبها

دعت الأمم المتحدة الأحد سلطات «طالبان» إلى رفع حظر تفرضه منذ 3 أشهر على عمل موظفاتها الأفغانيات في مقراتها في أفغانستان (أ.ف.ب)
دعت الأمم المتحدة الأحد سلطات «طالبان» إلى رفع حظر تفرضه منذ 3 أشهر على عمل موظفاتها الأفغانيات في مقراتها في أفغانستان (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تدعو «طالبان» إلى السماح للأفغانيات بالعمل في مكاتبها

دعت الأمم المتحدة الأحد سلطات «طالبان» إلى رفع حظر تفرضه منذ 3 أشهر على عمل موظفاتها الأفغانيات في مقراتها في أفغانستان (أ.ف.ب)
دعت الأمم المتحدة الأحد سلطات «طالبان» إلى رفع حظر تفرضه منذ 3 أشهر على عمل موظفاتها الأفغانيات في مقراتها في أفغانستان (أ.ف.ب)

دعت الأمم المتحدة، الأحد، سلطات «طالبان» إلى رفع حظر تفرضه منذ 3 أشهر على عمل موظفاتها الأفغانيات في مقراتها في أفغانستان، محذّرة من أن هذا الإجراء يهدد «خدمات مساعدة حيوية».

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في أفغانستان، سوزان فيرغسون، في بيان: «ندعو إلى رفع الحظر المفروض على دخول الموظفات الأفغانيات في الأمم المتحدة ومتعاقداتها إلى مقرات الأمم المتحدة، و(إتاحة) الوصول الآمن إلى المكاتب وفي الميدان، حتى يتسنى للمساعدات أن تصل إلى النساء والفتيات الأكثر احتياجاً إليها».

فرضت سلطات «طالبان» التي تطبق تفسيراً متشدداً للشريعة الإسلامية، هذا الحظر قبل 3 أشهر. ووفق مصادر أممية، أثّر هذا الحظر على مئات الموظفات الأفغانيات.

منذ عودة «طالبان» إلى السلطة عام 2021، منعت الأفغانيات من ممارسة كثير من الوظائف، ومن زيارة الحدائق وصالونات التجميل، ومن ارتياد المدارس بعد سن 12 عاماً.

وأوضحت الأمم المتحدة أن موظفاتها واصلن «عملهن الحيوي من أجل الشعب الأفغاني» عن بعد لمدة 3 أشهر، خصوصاً لتقديم المساعدة لضحايا الزلازل المميتة التي ضربت أفغانستان في الأشهر الأخيرة، وللمهاجرين الأفغان الذين أعيدوا بشكل جماعي من باكستان وإيران.

لكن سوزان فيرغسون أكّدت أن «إطالة أمد هذه القيود تعرّض خدمات مساعدة حيوية لخطر متزايد»، مشيرة إلى أن هذا الحظر «ينتهك مبادئ حقوق الإنسان والمساواة التي ينصّ عليها ميثاق الأمم المتحدة».

وقالت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة: «بفضل هؤلاء النساء فقط تتمكن الأمم المتحدة من الوصول إلى النساء والفتيات» في أفغانستان.

ولم يتسنَّ التواصل على الفور مع سلطات «طالبان» للحصول على تعليق.

في منتصف سبتمبر (أيلول)، اضطرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تعليق المساعدات المقدمة للمهاجرين الأفغان في مراكز توزيع المساعدات النقدية.

وبرّرت المفوضية هذا القرار باستحالة «إجراء مقابلات وجمع معلومات عن 52 في المائة من المهاجرين العائدين إلى البلاد، وهم من النساء، دون وجود موظفات».


موجة أمطار جديدة تضاعف معاناة الملايين في سريلانكا وإندونيسيا

عناصر من القوات الجوية الإندونيسية يستعدون لإسقاط مساعدات في المناطق المتضررة يوم 7 ديسمبر (أ.ب)
عناصر من القوات الجوية الإندونيسية يستعدون لإسقاط مساعدات في المناطق المتضررة يوم 7 ديسمبر (أ.ب)
TT

موجة أمطار جديدة تضاعف معاناة الملايين في سريلانكا وإندونيسيا

عناصر من القوات الجوية الإندونيسية يستعدون لإسقاط مساعدات في المناطق المتضررة يوم 7 ديسمبر (أ.ب)
عناصر من القوات الجوية الإندونيسية يستعدون لإسقاط مساعدات في المناطق المتضررة يوم 7 ديسمبر (أ.ب)

ارتفعت حصيلة ضحايا العواصف الاستوائية والأمطار الموسمية التي ضربت إندونيسيا وسريلانكا وماليزيا وتايلاند وفيتنام، إلى ما لا يقل عن 1800 شخص. وتضرَّر نحو 11 مليون شخص، وفق تقييم الأمم المتحدة، بينهم نحو 1.2 مليون أُجبروا على مغادرة منازلهم إلى الملاجئ، بينما جرفت السيول الطرق والخدمات العامة والأراضي الزراعية.

وأصدرت السلطات السريلانكية، الأحد، تحذيرات جديدة من انهيارات أرضية، بسبب أمطار غزيرة في مناطق دمَّرتها أصلاً الفيضانات وانزلاقات التربة، بينما تحاول إندونيسيا تكثيف عمليات إيصال المساعدات.

صورة جوية لانزلاقات التربة من جرَّاء الفيضانات في قرية باندونغ الإندونيسية يوم 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

وفي سريلانكا، ضربت الأمطار الغزيرة مجدداً مناطق دمَّرها إعصار عنيف، ما رفع عدد القتلى إلى 627 شخصاً، حسب أحدث حصيلة للحكومة التي أفادت أيضاً بأنَّ 190 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

العاصفة الأسوأ

وتضرر أكثر من مليوني سريلانكي، أي نحو 10% من السكان، من تداعيات الإعصار «ديتواه» الذي ضرب البلاد الأسبوع الماضي، ويُعدّ أسوأ عاصفة تشهدها الدولة الجزرية منذ مطلع القرن. وأفاد مركز إدارة الكوارث، الأحد، بأن العواصف الموسمية تتسبب بمزيد من الأمطار وتجعل المنحدرات غير مستقرة، خصوصا في المنطقة الجبلية الوسطى والمناطق الداخلية الشمالية الغربية.

القوات الجوية الإندونيسية تستعد لإسقاط مساعدات في المناطق المتضررة يوم 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

​واستخدمت السلطات مروحيات وطائرات لإيصال مساعدات إلى مناطق في وسط البلاد عزلتها الانزلاقات الأرضية. كما أعلنت القوات الجوية السريلانكية وصول طائرة محملة بمساعدات إنسانية من ميانمار، بعد أن طلبت كولومبو مساعدة دولية. وأشار مركز إدارة الكوارث إلى أنَّ عدد المقيمين في مخيمات اللاجئين الحكومية، الذي بلغ ذروته عند 225 ألف شخص، انخفض إلى 90 ألفاً مع انحسار مياه الفيضانات.

وأعلنت الحكومة الجمعة عن حزمة تعويضات ضخمة، لإعادة بناء أكثر من 80 ألف منزل متضرر ومساعدة الشركات. وقدَّرت السلطات أن تكلفة إعادة الإعمار قد تصل إلى 7 مليارات دولار. وأعلن صندوق النقد الدولي أنه يدرس طلباً من كولومبو للحصول على مساعدات بقيمة 200 مليون دولار لإعادة الإعمار.

استياء شعبي

وفي إندونيسيا؛ حيث وصل عدد قتلى العواصف المدمرة إلى 916 شخصاً، بينما لا يزال 274 في عداد المفقودين، زار الرئيس برابوو سوبيانتو إقليم آتشيه شمال غربي جزيرة سومطرة التي تأثرت بشدة بالكارثة.

متطوعون يوزعون المساعدات على المتضررين من الفيضانات والأعاصير في سومطرة بإندونيسيا يوم 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

وقال سياهرول -وهو رجل يبلغ 35 عاماً- لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنَّ زيارة الرئيس «تبدو كأنها رحلة سياحية للكوارث». وفي إقليم آتشيه، رفع سياهرول وآخرون لافتات تحضُّ الرئيس على بذل مزيد من الجهود، لا مجرَّد «التجول» في منطقتهم المنكوبة. في المقابل، أفادت وزارة أمانة الدولة بأنَّ هذه الزيارة تهدف إلى «تسريع جهود الاستجابة للطوارئ، وإعادة الإعمار في المناطق المتضررة».

سيدة تتفقد الأضرار التي لحقت بمنزلها في شمال مقاطعة سومطرة يوم 7 ديسمبر (رويترز)

وتتجاهل الحكومة الإندونيسية حتى الآن ضغوط السكان المتضررين الذين يُطالبون بإعلان حالة الكارثة الوطنية، الأمر الذي من شأنه أن يُوفِّر مزيداً من الموارد، ويسمح للوكالات الحكومية بتنسيق أعمالها. وبعيد وصوله إلى باندا آتشيه، وعد سوبيانتو «بإصلاح كل الجسور في غضون أسبوع إلى أسبوعين إن أمكن». وأكدت وزارة أمانة الدولة في بيان أن «إدارة الفيضانات في آتشيه هي أولوية وطنية» للحكومة.

تفشي الأمراض

في غياب مياه الشرب النظيفة، يواجه الإندونيسيون في مناطق الفيضانات المحيطة بجزيرة آتشيه تاميانغ تفاقماً في انتشار الأمراض، ونقصاً في الرعاية الطبية؛ إذ يكافح العاملون لمساعدة عشرات السكان في المستشفى الوحيد بالمنطقة.

موظفو إغاثة يخرجون جثمان أحد الضحايا من مستشفى بآتشيه تاميانغ يوم 7 ديسمبر (رويترز)

ومع فقدان السكان منازلهم بسبب بِرَك الطين والحطام، تفاقم انتشار الأمراض، وفق «رويترز». وقالت وزارة الصحة الإندونيسية الأسبوع الماضي، إن الأمراض شملت الإسهال والحمى والألم العضلي الناجم عن «سوء البيئة وأماكن الإقامة بعد الكارثة». وفي المستشفى الوحيد في آتشيه تاميانغ، تحدثت مريضة وعاملون في قطاع الصحة مع «رويترز» عن تفاقم الأمراض هناك. وقال شهود إن المعدات الطبية مغطاة بالطين، والحقن مبعثرة على الأرض، كما جرفت الفيضانات الأدوية.

تسببت انزلاقات التربة في إتلاف أدوية ومعدات طبية في آتشيه تاميانغ يوم 7 ديسمبر (رويترز)

وقالت ممرضة تبلغ من العمر 42 عاماً، إن العمل في المستشفى أصيب بالشلل التام تقريباً، بسبب نقص الأدوية. وحاول عاملون إنقاذ أجهزة تنفس صناعي في وحدة العناية المركزة للأطفال الرضع، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك؛ لأن المياه المتصاعدة غمرتهم. وقالت إن رضيعاً توفي بينما نجا ستة، وعبرت عن أملها في إعادة تشغيل المستشفى، مضيفة: «هذه كارثة استثنائية. الدمار طال كل شيء».

من جانبه، قال طبيب سافر بالقارب للوصول إلى آتشيه تاميانغ، إن الجسور المدمرة جعلت من المستحيل تقريباً على العاملين في القطاع الطبي التنقل في أنحاء المنطقة، مضيفاً أن غرف الطوارئ لن تعمل قبل يوم الاثنين.


اليابان تطلب من أميركا دعماً أقوى لها وسط التوترات مع الصين

ترمب وتاكايتشي خلال حفل توقيع وثيقة بشأن تنفيذ اتفاقية التجارة بين أميركا واليابان في طوكيو... أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
ترمب وتاكايتشي خلال حفل توقيع وثيقة بشأن تنفيذ اتفاقية التجارة بين أميركا واليابان في طوكيو... أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
TT

اليابان تطلب من أميركا دعماً أقوى لها وسط التوترات مع الصين

ترمب وتاكايتشي خلال حفل توقيع وثيقة بشأن تنفيذ اتفاقية التجارة بين أميركا واليابان في طوكيو... أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)
ترمب وتاكايتشي خلال حفل توقيع وثيقة بشأن تنفيذ اتفاقية التجارة بين أميركا واليابان في طوكيو... أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

طلبت اليابان من الولايات المتحدة تعزيز دعمها لها، في ظل تصاعد التوترات مع الصين، بعد تصريحات رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، بحسب ما ذكرته صحيفة «فاينانشال تايمز»، اليوم (الأحد).

وأفادت وكالة «بلومبرغ» للأنباء، اليوم (الأحد)، بأن طوكيو أعربت عن استيائها؛ بسبب صمت واشنطن إلى حد كبير، لتجنب تعريض اتفاقيتها التجارية مع بكين للخطر.

وأعربت اليابان عن خيبة أملها؛ بسبب رد فعل الولايات المتحدة، الذي اقتصر على إصدار بيانات من السفارة، وبث منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أعطى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأولوية للاتفاقية التجارية مع الصين، متجنباً الدعم المعلن القوي لليابان، بحسب ما أوردته «بلومبرغ».

وياتى هذا في الوقت الذي قال فيه وزير الدفاع الياباني، شينغيرو كويزومي، إن مقاتلات صينية وجَّهت الرادار الذي يتحكم في إطلاق النار إلى مقاتلات يابانية فوق المياه الدولية، أمس (السبت)، بالقرب من جزر أوكيناوا اليابانية في واقعتين منفصلتين وصفهما الوزير بأنهما «خطرتان».

وأضاف كويزومي، في منشور على موقع «إكس»: «تجاوزت إضاءة الرادار ما هو ضروري للطيران الآمن للطائرات»، مشيراً إلى أن اليابان قدمت احتجاجاً إلى الصين بشأن الواقعة «المؤسفة».

يعد قفل رادار التحكم على وضع إطلاق النار أحد أكثر الأعمال التي يمكن أن تقوم بها طائرة عسكرية تهديداً؛ لأنه يشير إلى هجوم محتمل، مما يجبر الطائرة المستهدفة على اتخاذ إجراءات مراوغة.

يذكر أن اليابان قد أعلنت أنها ستنشر وحدة دفاع جوي للحرب الإلكترونية في جزيرة يوناغوني في عام 2026، مما يضع قدرات تشويش رادار جديدة، على بعد 110 كيلومترات فقط من تايوان. وقال شيمو كوزو، مدير التخطيط في مكتب الدفاع في جزيرة أوكيناوا إن تعزيز الوضع الدفاعي للمنطقة الجنوبية الغربية أمر ملح، وإن وحدات الحرب الإلكترونية ستعزز حماية الجزر النائية، حسب موقع «تايوان نيوز» الإخباري، السبت. وشدَّد على أن هذه المعدات «لا تستهدف مهاجمة دول أخرى»، وحثَّ السكان على تفهم أن إظهار قدرة اليابان على الدفاع عن النفس، يعدّ بمثابة رادع. وقالت وزارة الدفاع اليابانية إن الوحدة ستجري تشويشاً برياً ضد طائرات العدو المقتربة، مما يضعف أو يعطل الرادار على طائرات الإنذار المبكر وغيرها من المنصات. ومن المقرر نشرها في حاميتي يوناجوني وكينغون في العام المالي 2026، ثم حامية ناها في العام المالي 2027.