الأسد في خطابه أمس: الحديث عن حل سياسي للأزمة أجوف وعديم المعنى

قال إن القطاعات الواعدة في مثل ظروفنا.. قطاع الإعمار

الأسد في خطاب أمام رؤساء النقابات والمنظمات الشعبية وغرف الصناعة والتجارة امس (إ.ب.أ)
الأسد في خطاب أمام رؤساء النقابات والمنظمات الشعبية وغرف الصناعة والتجارة امس (إ.ب.أ)
TT

الأسد في خطابه أمس: الحديث عن حل سياسي للأزمة أجوف وعديم المعنى

الأسد في خطاب أمام رؤساء النقابات والمنظمات الشعبية وغرف الصناعة والتجارة امس (إ.ب.أ)
الأسد في خطاب أمام رؤساء النقابات والمنظمات الشعبية وغرف الصناعة والتجارة امس (إ.ب.أ)

بينما اعتبر الموالون للنظام خطاب الرئيس بشار الأسد يوم أمس هو خطاب (النصر) وأطلق جنوده النار ابتهاجا على عدد من الحواجز في العاصمة دمشق بعد انتهاء بثه عبر القناة التلفزيونية المحلية، رأى البعض أن أخطر ما قاله الأسد في خطابه، إشارته إلى أن «الوطن ليس لمن يعيش فيه أو يحمل جنسيته وجواز سفره، بل لمن يحميه ويدافع عنه».
ورأوا في ذلك إقرارا من الأسد أن سوريا باتت حقا لحملة السلاح فقط من ميليشياته المقاتلة والميليشيات الأجنبية والعربية الداعمة لنظامه، (الحرس الثوري الإيراني وحزب الله والميليشيات الشيعية)، حيث أشاد بالاتفاق النووي الإيراني واعتبره «انتصارا»، واصفا ما حققته إيران من اتفاق «بعد طول صبر وعناء لكن بثبات وعزيمة وإرادة وهذا هو نهج الدول الحرة»، معترفا بالدعم العسكري الإيراني وميليشيا حزب الله له. وقال: «إن إخوتنا الأوفياء في المقاومة اللبنانية امتزجت دماؤهم بدماء إخوانهم في الجيش وكان لهم دورهم المهم وأداؤهم الفعال والنوعي مع الجيش في تحقيق إنجازات»، مناقضا نفسه لاحقا، بقوله بأنه لا يمكن «لأي صديق أو شقيق غير سوري أن يأتي ويدافع عن وطننا نيابة عنا».
وبالتزامن مع بث الخطاب حلق الطيران الحربي التابع لقوات النظام بكثافة في سماء العاصمة دمشق، في الوقت الذي انقطعت فيه الكهرباء عن معظم أحيائها، الأمر الذي أشار إليه الأسد بخطابه بالقول: إن «السوريين لن يتمكنوا من مشاهدة الخطاب بسبب انقطاع الكهرباء».
وفي الخطاب الذي ألقاه الأسد أمام رؤساء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة، وبثه التلفزيون السوري صباح أمس الأحد، أقرّ الأسد بعدم قدرة قواته على تحقيق الانتصار في كافة المعارك، وأكد على أولوية الحفاظ على حياة الجنود. وقال: «لن نستطيع الانتصار في كافة المعارك.. ونتخلى عن مناطق من أجل الحفاظ على مناطق أخرى.. وحددنا أولوياتنا في المعارك بأسباب مختلفة». ولم يحدد الأسد تلك الأولويات، إلا أنه انتقد «التهرب من الخدمة العسكرية» وأرجع ذلك إلى «الخوف»، ولكنه استدرك بالحديث عن تحسن في معدلات التهرب خلال الشهور الماضية. وقال: إن مرسوم العفو عن المتخلفين عن الخدمة العسكرية الذي أصدره أول من أمس السبت «كان استجابة لطلبات من مئات المتخلفين الذين أبدوا الرغبة في الالتحاق بالخدمة، وفي نفس الوقت أعربوا عن تخوفهم من الإجراءات الحسابية».
ورغم اعتراف الأسد بضعف قواته مشيرًا إلى أن النقص في الطاقة البشرية فقط، قال: إن قواته «قادرة وهي مرتاحة»، على القيام بمهامها، رغم تدخل بعض الدول مباشرة لدعم الجماعات المسلحة.
وفيما يتعلق بالحل السياسي والجهود الدولية المبذولة في هذا السياق، عبر الأسد عن تأييده لـ«أي حوار سياسي حتى وإن كان تأثيره محدودا على حل الأزمة»، رغم اعتباره «الحديث عن حل سياسي للأزمة أجوف وعديم المعنى». مؤكدًا أن «تعامل الغرب مع الإرهاب ما زال يتسم بالنفاق، فهو إرهاب عندما يصيبهم وثورة وحرية وديمقراطية وحقوق إنسان عندما يصيبنا». وأكد على أن التبدلات الغربية لا يعول عليها طالما أن المعايير مزدوجة، مضيفا: «لم نعتمد إلا على أنفسنا منذ اليوم الأول وأملنا الخير فقط من الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري». واعتبر الأسد أن «روسيا شكلت مع الصين صمام الأمان الذي منع تحويل مجلس الأمن إلى أداة تهديد للشعوب ومنصة للعدوان على الدول وخاصة سوريا»، متوقفا عند ما قدمته إيران من الدعم.
ووصف أي طرح سياسي «لا يستند في جوهره إلى مكافحة الإرهاب وإنهائه، لا أثر له على الأرض». وقال: «هناك فرق كبير بين المعارضة الخارجية المنتجة في الخارج والمؤتمرة بأمره، والمعارضة الداخلية التي تشترك معنا للخروج من الأزمة وزيادة مناعة الوطن»، لافتا إلى أنه في «الحوار هناك ثلاثة نماذج.. الوطني والعميل والانتهازي». وأن «المبادرات التي تقوم بها الدولة ليست مقالات في الصحافة بل هي وقائع على الأرض». كما أشار الأسد إلى المعركة الإعلامية وترويج فكرة التقسيم، قائلا: «نخوض حربا إعلامية نفسية تهدف إلى تسويق وترسيخ فكرة سوريا المقسمة إلى كيانات، موزعة جغرافيا بين موالاة ومعارضة ومجموعات طائفية وعرقية».
كما تطرق الأسد في خطابه إلى انعكاس الوضعين السياسي والميداني على الوضع الاقتصادي، قائلا: إن «مؤسسات الدولة مستمرة بالقيام بعملها ولو بالحدود الدنيا ببعض الحالات، فنحن في حرب وفي الحروب تتوقف الحياة تماما وتنقطع مقومات العيش»، لافتا إلى أن أكثر «القطاعات الواعدة في مثل ظروفنا، قطاع الإعمار، وقد صدر القانون الذي يفتح المجال واسعا أمام هذا القطاع ووضعت المخططات التنظيمية لأولى هذه المناطق في دمشق»، وذلك في إشارة غير مباشرة إلى مشروع تنظيم بساتين الرازي في منطقة المزة التي يجري الآن إخلاؤها من السكان بعد أن تعهدت شركات إيرانية بإعمارها.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.