ميليشيا الحوثي وقوات صالح تكثف من عمليات اعتقال معارضيها

المتمردون يقيمون نقاط تفتيش أمنية في شوارع الحديدة خوفًا من سيطرة المقاومة

ميليشيا الحوثي وقوات صالح  تكثف من عمليات اعتقال معارضيها
TT

ميليشيا الحوثي وقوات صالح تكثف من عمليات اعتقال معارضيها

ميليشيا الحوثي وقوات صالح  تكثف من عمليات اعتقال معارضيها

قبيل سريان الهدنة المقررة في اليمن والتي كان من المرتقب أن تدخل حيز التنفيذ بعد منتصف الليل، وحتى الجمعة المقبل، والتي أعلنت عنها قيادة التحالف لدعم الشرعية في اليمن، وذلك بناء على طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، صعدت المقاومة من عملياتها العسكرية في الحديدة وتعز ومأرب. وردا على هذه التطورات، قامت ميليشيا الحوثي المسلحة والموالون لهم من أنصار الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بتصعيد عمليات اعتقال وملاحقة جميع المناوئين لهم ومن تشتبه بانتمائهم إلى المقاومة الشعبية المساندة بالجيش المساند لشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، كما تم استقدام المسلحين الحوثيين وأنصار صالح لمسلحين لهم من محافظة الحديدة وبعض المحافظات المسيطرة عليها، وكذا طلب تعزيزات ضخمة في محافظة تعز في محاولة منها استعادة عدد من المواقع الاستراتيجية في جبل صبر بعد استيلاء المقاومة الشعبية عليها.
ففي محافظة الحديدة، غرب اليمن، قامت جامعة الحوثي المسلحة باختطاف الإعلامي سمير المندعي وأحد الناشطين في مدينة الحديدة وصديقه نبيل سليمان من كورنيش الحديدة، مساء أمس، واقتيادهم إلى جهة مجهولة. وقال مقرب من المندعي لـ«الشرق الأوسط» إن «اختطاف المندعي بسبب نشاطه الإعلامي في إقليم تهامة، وقد تم اقتياده إلى معتقل المخابرات اليمنية (جهاز الأمن السياسي) بمدينة الحديدة». وأضاف: «قام المسلحون الحوثيون باختطاف الناشط الإعلامي بالحراك التهامي سمير المنذي في مقهى هاواي في كورنيش الحديدة لأنه من الناشطين وأحد شباب ثورة 11 فبراير (شباط) 2011، وقد تلقى تهديدا بالاختطاف في اليوم السابق من رقم مجهول قبيل اختطافه بيوم واحد»، كما قامت الميلشيا باعتقال البائعين المتجولين من سوق حي باب مشرف، واستحداثهم لنقاط تفتيش في الشوارع الرئيسية بمدينة الحديدة ومنها في شاع زايد جوار مقر التجمع اليمني للإصلاح، المقر الذي تحتله جماعة الحوثي المسلحة، وطلب من سائقي السيارات التي تمر من أمامهم النقطة إبراز بطاقاتهم، وهو ما يجهله السائقون من أبناء الحديدة عن سبب ذلك.
وبينما تستمر المقاومة الشعبية التهامية في تنفيذ هجماتها النوعية ضد جماعة الحوثي المسلحة والموالين لهم من قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ما كبدهم خسائر في الأرواح والعتاد، أكد مقرب من المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» أن «مسلحي المقاومة استهدفوا نقطة خاصة بالمسلحين الحوثيين بالقرب من قرية دير هجاري على طريق الكدن بمديرية باجل بالحديدة، وأن الهجوم أسفر عن سقوط قتيلين من جماعة الحوثي وإصابة أربعة آخرين».
وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المسلحين الحوثيين قاموا باختطاف الدكتور الجامعي بجامعة الحديدة فيصل الزبيدي في ساعة متأخرة، مساء أول من أمس، واقتادته إلى نادي الضباط الذي تتخذه مقرا ومعتقلا لها. ويذكر أن الزبيدي هو أستاذ بكلية التربية بجامعة الحديدة ووالد القاضي في المحكمة التجارية عبد العزيز الزبيدي، وأنه تم اعتقال دون أي سبب.
وكان مسلحون قاموا بمهاجمة نقطة خاصة بجماعة الحوثي المسلحة أمام قاعة نصف القمر بالحديدة منتصف، ليل أول من أمس، أعقبها اشتباكات عنيفة وتمكن المهاجمون من الفرار، ما جعل المسلحين الحوثيين يأتون بتعزيزات من المسلحين وانتشارهم في المناطق المحيطة لقاعة نصف القمر في محيط حي باب مشرف وحي المطراق.
وفي محافظة تعز صعدت جماعة الحوثي المسلحة وأنصار صالح من عملياتها في المدينة وقامت بقصف صواريخ الكاتيوشا والمدفعية على قريتي مشرعة وحدنان في تعز، الواقعتين على قمة جبل صبر جنوب غربي المدينة. وقامت بالقصف بشكل عشوائي على أحياء متفرقة في حي الروضة، ما أدى إلى مقتل مدنيين، في حين اندلعت اشتباكات عنيفة بين المسلحين الحوثيين والمقاومة الشعبية المؤيدة لشرعية الرئيس هادي.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن «الاشتباكات في مدينة تعز بين المقاومة والمسلحين الحوثيين أدت إلى مقتل أكثر من 20 مسلحا حوثيا وإصابة أكثر من 30 آخرين، بينما أسفرت عن مقتل ما يقارب 6 من المقاومة وإصابة آخرين».
ويقول الصحافي فؤاد المسلمي، من مدينة تعز، لـ«الشرق الأوسط» إن «المسلحين الحوثيين طلبوا تعزيزات ضخمة من الأسلحة والعتاد إلى مدينة تعز في محاولة منها لاستعادة مواقع استراتيجية في جبل صبر التي استولت عليها المقاومة، وإن اشتباكات عنيفة اندلعت بين مسلحي المقاومة ومسلحي الحوثي والقوات الموالية لهم في منطقة مشرعة وحدنان في جبل صبر في تعز وأنباء عن سقوط العشرات من ميليشيا الحوثي وصالح».
وأضاف: «مصادر أكدت لنا أن تعزيزات عسكرية ضخمة وصلت إلى مسلحي الحوثي إلى قرية سيعة في محاولة لاقتحام مشرعة وحدنان من أعلى طريق الموادم، وأن مليشيات الحوثي دفعت بتعزيزات كبيرة في محاولة لاستعادة مواقع استراتيجية في المنطقة سقطت بأيدي المقاومة خلال الأيام الماضية، وهذه المناطق تطل على مدينة تعز».
وأكد المسلمي لـ«الشرق الأوسط» أن «قرى حدنان تواجه المسلحين الحوثيين بواسطة المواطنين أنفسهم وتعزيزات الحوثيين التي وصلت إلى أكثر من 40 قطعا عسكريا إلى قرى حيدان تتواجه مع المواطنين أنفسهم في قرى حدنان ومشرعة ومعارك عنيفة». ونفى المسلمي ما يقال من أن المقاومة انسحبت من بعض المواقع بسبب نفاد الذخيرة، وقال: «إن هذا الخبر غير صحيح، وإن ما يحدث هو تقدم للمقاومة، وقامت بتطهير شارع الأربعين وتقدمت في بعض الأحياء في تعز».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.