النفايات تُغرِق بيروت.. وتفرض نفسها بندًا على جدول أعمال الحكومة

أسبابها تعود إلى اعتماد الحلول المؤقتة منذ انتهاء الحرب الأهلية

متظاهر لبناني يحمل لافتة تقول: «حان الوقت لوضع حد لمعاناتنا وإقفال مكب النفايات» (أ.ب)
متظاهر لبناني يحمل لافتة تقول: «حان الوقت لوضع حد لمعاناتنا وإقفال مكب النفايات» (أ.ب)
TT

النفايات تُغرِق بيروت.. وتفرض نفسها بندًا على جدول أعمال الحكومة

متظاهر لبناني يحمل لافتة تقول: «حان الوقت لوضع حد لمعاناتنا وإقفال مكب النفايات» (أ.ب)
متظاهر لبناني يحمل لافتة تقول: «حان الوقت لوضع حد لمعاناتنا وإقفال مكب النفايات» (أ.ب)

طغت أزمة النفايات على الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان، خصوصًا مع تحوّلها إلى كرة ثلج متدحرجة، تنذر بكارثة بيئية وصحية، بسبب إقفال مطمر الناعمة أمام شاحنات النفايات اعتبارًا من 17 الشهر الحالي، ورفض مناطق أخرى أن تكون مكبًا للنفايات، وإعلان شركة «سوكلين» المولجة جمع النفايات في بيروت وجبل لبنان، أن «مخازن الشركة امتلأت بالكامل ولم يعد بإمكانها استيعاب نفايات جديدة، والمطلوب من الحكومة إيجاد البدائل لهذه المخازن لجمع النفايات وطمرها».
هذه الأزمة القديمة الجديدة، فرضت نفسها بندًا أساسيا من خارج جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد غدًا الخميس بالنظر إلى دقة هذه القضية وأبعادها الصحية، بحسب ما كشف مصدر مقرّب من رئيس الحكومة تمام سلام، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان يواجه الآن أزمة مستجدة وحساسة لا تحتمل التأجيل والاستمهال».
وقال: «من المنطق أن تتصدر هذه القضية جدول أعمال مجلس الوزراء وأن تعمل الحكومة على إيجاد حلّ سريع ودائم لمعضلة طمر النفايات اليوم قبل الغد من ضمن توافق سياسيّ، إلا إذا خرجت أصوات ترفض البحث بأي شيء قبل النقاش في آلية عمل الحكومة».
لكن الخشية من العرقلة داخل الحكومة، ترجم بإعلان «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون، رفضه المطلق طرح أي بند للمناقشة قبل البحث في آلية عمل الحكومة، وهو ما يعطي أزمة النفايات بعدًا سياسيا، يُخشى أن تكون سببا لتفجير نقمة شعبية عارمة في وجه الحكومة.
معضلة النفايات استدعت عشرات الاجتماعات على مستوى الوزارات المعنية والبلديات واللجان المختصة، كان آخرها الاجتماع الذي عقدته لجنة البيئة النيابية برئاسة النائب مروان حمادة وفي حضور وزير البيئة محمد المشنوق المعني الأول بالملف النفايات، إذ دعا المشنوق خلال الاجتماع «كل القيادات السياسية واتحادات المجالس البلدية والمجتمع المدني إلى التعاون والوقوف إلى جانب تطبيق الخطة الوطنية لمعالجة النفايات الصلبة في لبنان».
وأعلن عن «تعذر وضع خطط استراتيجية الآن لمشكلة النفايات بل حلول آنية». لكنه شدد في الوقت نفسه على «ضرورة عدم وقف جمع النفايات». وقال: «إن شركة سوكلين تتابع جمع النفايات خارج إطار العقد الذي انتهى في 17 يوليو (تموز)، وهناك رغبة كاملة للتعاون مع كل البلديات». وأكد أن «النفايات ستطوف على الجميع وهذه المسألة ليست مذهبية ولا طائفية وعلى البلديات والمكبات التعاون معنا، وعلى المواطن والمجتمع المدني مسؤولية ودور كبير في ملف النفايات». كاشفًا عن «وجود 670 مكبا للردميات في كل لبنان».
أما النائب مروان حمادة، فعبر عن أسفه لأن «المناطق والوحدات الإدارية والوزارات والحكومات والطوائف والمذاهب والأحزاب، تتقاذف قضية النفايات وكأن البلد مكوّن من نوعين من المواطنين، ناس ترمي النفايات وناس هي المكب». وقال: «هذا الأمر يحتاج لمعالجة فعلية، واليوم حاولنا أن نجد خريطة طريقة كي نخرج من الأزمة الآنية الخطيرة جدًا، وهي تراكم النفايات خصوصًا في منطقة بيروت الكبرى وأقسام من جبل لبنان، واعتبرنا كلنا ومن دون أي اعتبارات سياسية أن المشكلة ليست مشكلة حكم أو وزارة بل هي مشكلة وطن».
ويرى الخبير البيئي حبيب معلوف، أن «هذا الأزمة تعود إلى ما بعد انتهاء الحرب الأهلية، عندما ألغي مكب النورماندي في بيروت ونقل إلى برج حمود (شرقي بيروت)، ما بين عامي 1992 و1993». وقال معلوف لـ«الشرق الأوسط»: «بعد ثلاث أو أربع سنوات على اعتماد مكب برج حمود نشأت اعتراضات شعبية عليه، انتهت بوضع الحكومة خطة مؤقتة تقضي باعتماد مطمر في منطقة الناعمة (المدخل الجنوبي لبيروت) وكان هذا المطمر يستوعب ما بين 750 و1000 طن من النفايات يوميًا، تجمع من بيروت والضاحية الجنوبية وبعض مناطق جبل لبنان. وسنة بعد أخرى جرى تكبير المكب وتوسعته، إلى أن وصل استيعابه إلى 3000 طن يوميًا، وهي كمية تقدر بـ40 في المائة من نفايات لبنان، التي وصلت بمجملها الآن إلى 7000 طن يوميًا، خصوصًا مع وجود النازحين السوريين، إلى أن بدأ الاعتراض على وجود مطمر الناعمة، لما له من تأثيرات صحية على المناطق السكنية القريبة منه».
وككل القرارات غير المدروسة، يرى معلوف أن الحكومة الحالية شعرت أنها وصلت إلى آخر الطريق في هذه الأزمة، فوضعت دفاتر شروط لحلّ هذه الأزمة. لكن المفاجأة كانت في عدم تقديم أي عروض أسعار لنفايات بيروت والضاحية الجنوبية، فلجأت الحكومة إلى طرح حلول أخرى مثل ترحيل النفايات إلى الخارج أو نقلها إلى منطقة عكار، فتبيّن أنها عملية مكلفة جدًا وغير واقعية، فجاء اقتراح وزير البيئة بتوزيع هذه النفايات على المكبات الموجودة في المناطق ويقوم الاقتراح على وضع 200 طن في مكب برج حمود، 200 طن في مكب حبالين، 600 في مكب الناعمة، 200 في مكب صيدا (جنوب لبنان) 200 في مكب النبطية (الجنوب) 500 في مكب سرار (جبل لبنان)، 200 في مجدليا (شمال لبنان)، 250 في برالياس و250 في زحلة في البقاع اللبناني.
الخبير البيئي يشير إلى أن «هذه الخطة مؤقتة ولمدة ستة أشهر إلى أن ترسو المناقصات على شركات جديدة، لكن الخشية من أن يتحول المؤقت إلى دائم، خصوصا أن شركات النفايات الجديدة ستواجه مشكلة إيجاد المطامر أو العقارات التي ستنشئ عليها المعامل». ويشدد معلوف على «ضرورة أن يتخذ مجلس الوزراء قرارًا حاسما ونهائيًا لحل هذه الأزمة، وأن تكون الحلول واقعية لا أن نعود إلى عهود ما قبل الدولة على قاعدة تقسيمها على أساس مذهبي أو مناطقي».
رئيس بلدية صيدا محمد السعودي، أعلن أنه أبلغ وزير البيئة محمد المشنوق، رفضه شخصيا ورفض كل من المجلس البلدي في المدينة ونائبي المدينة الرئيس فؤاد السنيورة والنائب بهية الحريري، استقبال أي نفايات من خارج صيدا. وقال: «طلبت وزارة البيئة استقبال كميات من نفايات المناطق إلا أننا رفضنا لهذا الطلب كان واضحا وقاطعا». في حين أوضحت شركة «سوكلين» المولجة جمع نفايات بيروت وجبل لبنان، أن «أعمال عقد النظافة والمعالجة بما فيها جمع النفايات لم تتوقف إلا أن مخازن الشركة امتلأت». وأشارت إلى أنها «بدأت منذ أيام مراسلة الدولة اللبنانية لإيجاد بديل للمخازن التي امتلأت لكنها لم تلق حتى الساعة أي جواب».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.