قائد الجيش الجزائري في فرنسا لترتيب زيارة تبون

زخم جديد في المصالحة بين الجزائر وباريس

مصافحة بين رئيسَي الأركان الفرنسي والجزائري (أ.ب)
مصافحة بين رئيسَي الأركان الفرنسي والجزائري (أ.ب)
TT

قائد الجيش الجزائري في فرنسا لترتيب زيارة تبون

مصافحة بين رئيسَي الأركان الفرنسي والجزائري (أ.ب)
مصافحة بين رئيسَي الأركان الفرنسي والجزائري (أ.ب)

سبقت الزيارة، غير المتوقعة، التي قادت رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أول سعيد شنقريحة، إلى فرنسا الاثنين والثلاثاء، الزيارة المرتقبة للأمينة العامة لوزارة الخارجية الفرنسية آن ماري ديكوت إلى الجزائر (الأربعاء)، للبحث في تحضير زيارة مرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى باريس تلبيةً لدعوة من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وقالت مصادر سياسية جزائرية إن محادثات ستجمع ديكوت مع الأمين العام للخارجية الجزائرية عمار بلاني، «تخص ملف ليبيا ونزاع الصحراء الغربية والأوضاع الأمنية في الساحل، خصوصاً مالي وبوركينافاسو، حيث يشهد الوجود العسكري الفرنسي رفضاً شعبياً متزايداً». وتتضمن المحادثات أيضاً، حسب المصادر نفسها، ترتيب زيارة للرئيس تبون إلى فرنسا في مايو (أيار) المقبل. مشيرةً إلى أن «متابعة تنفيذ الاتفاق الخاص بإطلاق شراكة متجددة، الذي أبرمه الرئيسان في أغسطس (آب) الماضي، بالجزائر العاصمة، مدرج في مباحثات بلاني وديكوت».
وكان ديكوت وبلاني قد التقيا في باريس 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، في إطار «الدورة الثامنة للمشاورات السياسية الجزائرية الفرنسية»، وهو الإطار الذي يشهد تنسيقاً بين البلدين في كل ملفات التعاون المشترك.
وكان الرئيس ماكرون قد استقبل يوم الاثنين في قصر الإليزيه، قائد الجيش الجزائري الفريق أول شنقريحة، في أول زيارة رسمية لقائد جيش جزائري إلى فرنسا منذ 17 عاماً، وذلك تلبيةً لدعوة من نظيره الفرنسي تييري بوركا. والقائدان -الجزائري والفرنسي- سبق والتقيا خلال زيارة ماكرون إلى الجزائر في أغسطس 2022 والتي سمحت بـ«تبديد سوء تفاهم» نشأ عن تصريحات مثيرة للرئيس الفرنسي، في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، جاء فيها أنه «يتساءل إن كان هناك شيء اسمه أمة جزائرية قبل استعمارها من طرف فرنسا؟!». كما قال إن الرئيس تبون «رهينة لدى القادة العسكريين». وتسبب هذا الكلام في استياء بالغ في الجزائر، وفي التشويش على مساعٍ سابقة، بين البلدين، لتسوية ما تُعرف بـ«الخلافات حول الذاكرة وجراح الماضي».
وأكدت وزارة الدفاع الجزائرية، في بيان، أن زيارة شنقريحة «تندرج في إطار تعزيز التعاون بين الجيش الوطني الشعبي والجيوش الفرنسية، وستمكّن الطرفين من التباحث حول المسائل ذات الاهتمام المشترك».
والتقى بوركا نظيره الجزائري يومي 25 و26 أغسطس 2022 خلال زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر، حيث بحثا الوضع الأمني في منطقة الساحل وتعزيز التعاون بين الجيشين الجزائري والفرنسي، حسبما أُعلن يومها، وحضر اللقاء قادة الأجهزة الأمنية بالبلدين.
وعدَّ مراقبون الزيارة الباريسية لشنقريحة، «فرصة لتسوية كل النزاعات بين البلدين، بما فيها تلك التي تحمل طابعاً سياسياً»، مثل ملف «الذاكرة» وتسهيل تنقل الأفراد بين البلدين. ودرج تبون، منذ وصوله إلى السلطة نهاية 2019، على استشارة قائد الجيش في أهم الملفات الداخلية وحتى التي تهم علاقات البلاد مع شركائها الكبار وأولهم فرنسا.
ويؤكد مراقبون أن «العلاقات بين البلدين تعرف زخماً في طريق الصلح بينهما». ويقول هؤلاء إنه إذا كانت الجزائر تضع «الذاكرة» و«اعتذار فرنسا عن جرائم الاستعمار» وزيادة حصتها من التأشيرة الفرنسية، على رأس أولوياتها في علاقاتها مع المحتل السابق، فإن اهتمامات باريس منصبّة أكثر على المنافسة التي تواجهها المؤسسات الاقتصادية الفرنسية، من طرف عملاء تجاريين أقوياء وبخاصة تركيا والصين.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.