كيف لعبت بلغاريا دوراً حاسماً بإرسال الأسلحة والوقود سراً إلى أوكرانيا؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البلغاري (السابق) كيريل بيتكوف في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البلغاري (السابق) كيريل بيتكوف في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
TT

كيف لعبت بلغاريا دوراً حاسماً بإرسال الأسلحة والوقود سراً إلى أوكرانيا؟

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البلغاري (السابق) كيريل بيتكوف في أبريل الماضي (أ.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البلغاري (السابق) كيريل بيتكوف في أبريل الماضي (أ.ف.ب)

كشفت صحيفة «دي فيلت» الألمانية، أن رئيس الوزراء البلغاري السابق كيريل بيتكوف، قدّم في الربيع الماضي، دون علم برلمانه الموالي لروسيا، 30 في المائة من الذخيرة، و40 في المائة من الوقود الذي استخدمته القوات الأوكرانية منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير (شباط) الماضي، وفق تقرير مترجم لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
ظلت بلغاريا حتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من الدول النادرة في الاتحاد الأوروبي التي لم تقدم مساعدات عسكرية (رسمية) لأوكرانيا. إذ لطالما حافظت جمهورية البلقان السوفياتية السابقة هذه، على علاقات اقتصادية وثقافية قوية مع موسكو. كما أنه في استطلاعات الرأي، يواصل ما يقرب من 30 في المائة من البلغاريين دعم روسيا في الصراع (في حرب أوكرانيا).
ومع ذلك، ومن دون علم برلمانها ذي الأغلبية الاشتراكية الموالية لروسيا، دعمت الحكومة البلغارية سراً كييف، وبقوة، منذ بداية الغزو الروسي. فقد كشفت صحيفة «دي فيلت» الألمانية أن رئيس الوزراء البلغاري بالوكالة آنذاك، كيريل بيتكوف، قام سراً بتهريب كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة والوقود إلى قوات كييف.
وأشار التقرير إلى أنّ هذا الدعم غير الرسمي الذي قدّمته الحكومة البلغارية لأوكرانيا كان حاسماً، لأنه جعل من الممكن ضمان ثلث إمدادات الذخيرة للجيش الأوكراني لأسابيع عدة، وتغطية ما يقرب من نصف احتياجاته من الوقود، كما أكدت الحكومة الأوكرانية. فبين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) 2022. عملت 40 في المائة من دبابات ومركبات الجيش الأوكراني بمساعدة بلغاريا. وحسب التقرير، هذه المساعدة ضخمة للغاية، لأنها تأتي من واحدة من أفقر البلدان في أوروبا.
* محركة العقوبات
لفت التقرير إلى أنّ بطلي المساعدة من الحكومة البلغارية إلى أوكرانيا، هما رئيس الوزراء في ذلك الوقت كيريل بيتكوف، الأوروبي الهوى علناً، ووزير ماليته آسن فاسيليف. فمنذ اليوم الأول لاندلاع الغزو الروسي، جادل الرجلان بقوة لفرض عقوبات على روسيا. وخلال اجتماع رؤساء دول المجلس الأوروبي في بروكسل في 25 فبراير، يصر كيريل بيتكوف، على منع وصول البنوك الروسية إلى النظام المالي الدولي (سويفت). فرغم بعض التحفظات بين المشاركين، فإن المفوضية الأوروبية تؤيد الاقتراح، الذي سيُطلق عليه منذ ذلك الحين «الاقتراح البلغاري» في الدوائر الأوروبية، وفقًا تقرير «دي فيلت».
وآنذاك، عاد وزير المالية البلغاري آسن فاسيليف إلى اجتماع وزراء مالية الاتحاد الأوروبي في باريس، ويقارن العدوان الروسي في أوكرانيا بـ«ما فعله الروس في بلغاريا بعد الحرب العالمية الثانية»، قائلاً: «لقد قتلوا آلاف المنشقين والمدرسين والكهنة»، داعياً إلى اتخاذ إجراءات صارمة. ورغم ذلك، رفضت آنذاك الدولة البلغارية رسمياً تقديم أي مساعدة عسكرية لأوكرانيا.
* عمليات التسليم الحاسمة
جاءت نقطة التحول في أبريل (نيسان)، عندما كان الأوكرانيون الذين صدوا للتو القوات الروسية التي وصلت إلى أبواب كييف، بحاجة ماسة إلى تجديد مخزونهم. إذ تُعتبر صناعة الأسلحة البلغارية من أهم مصادر الذخيرة السوفياتية التي تستخدمها القوات الأوكرانية، وفق التقرير.
حينها قام وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا بزيارة صوفيا. يدور الاجتماع رسمياً حول الترحيب باللاجئين الأوكرانيين في بلغاريا. ولكن وبشكل غير رسمي، يتوسل الوزير الأوكراني مساعدة الحكومة البلغارية في مسألة «حياة أو موت»، متحدثاً باسم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. فيَعِد رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف بأن يفعل «كل ما في وسعه» (للمساعدة) رغم الوضع السياسي الحساس الذي تعيشه بلغاريا.
وبالفعل، أنتجت مصانع الأسلحة البلغارية أسلحة وذخائر سوفياتية بكميات كبيرة (لتقديمها لأوكرانيا). وتم تسليمها من خلال شركات أجنبية في بولندا ورومانيا والمجر، بتمويل أميركي وبريطاني. وبالمجمل، قدمت بلغاريا ما لا يقل عن مليار يورو من الأسلحة والذخيرة لأوكرانيا منذ بدء الصراع.
أما بالنسبة للوقود، فقد أقنع وزير المالية البلغاري شركة لوك أويل الروسية المشغلة لمصفاة قرب بورغاس على البحر الأسود، بتصدير فائض الوقود إلى أوكرانيا. وقد وافقت الشركة التي لا يوافق موظفوها المحليون على حرب فلاديمير بوتين، على إرسال ناقلات وقطارات شحن (وقود) إلى أوكرانيا عبر رومانيا.
قال رئيس الدبلوماسية الأوكرانية دميترو كوليبا: «نُقدّر أن نحو ثلث الذخيرة التي احتاجها الجيش الأوكراني في بداية الحرب جاءت من بلغاريا». غطت شحنات الوقود ما يصل إلى «40 في المائة من احتياجات كييف في الربيع»، بينما كانت بلغاريا في الوقت نفسه لا تزال تتلقى جميع إمداداتها من الوقود من روسيا، وفق التقرير.
* من مساعدة سرية إلى تبني الدعم رسمياً
ولفت التقرير إلى أن الموقف المؤيد لأوكرانيا من رئيس الوزراء البلغاري كيريل بيتكوف، الليبرالي والمؤيد لأوروبا، أدى إلى الإطاحة به في الصيف الماضي من الأطراف الموالية لروسيا في البرلمان البلغاري. وفي غضون ذلك، غيّر غزو أوكرانيا الوضع في بلغاريا التي يبلغ عدد سكانها 6.5 مليون نسمة، حيث كان الرأي العام تقليدياً مؤيداً إلى حد كبير لروسيا.
فها هي بلغاريا، آخر دولة في حلف شمال الأطلسي مع المجر لا تزود كييف بالأسلحة، تقرر أخيراً في ديسمبر (كانون الأول) إعادة النظر في موقفها، من خلال تصويت البرلمان والموافقة على عمليات التسليم الرسمية الأولى للأسلحة إلى كييف.



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.