احتلت الإضرابات العمالية المختلفة في بريطانيا مكاناً ثانوياً خلف التغطية المكثفة التي خصصت لمذكرات الأمير هاري المعنونة «سبير» أو (الاحتياطي)، وحل المراسلون المتخصصون في الشؤون الملكية ضيوفاً على نشرات الأخبار سواء في التلفزيون أو على محطات الراديو المختلفة، يحللون ما قاله هاري، وبعضهم يروي قصصاً لم تعرف من قبل عن الأمير، ولم تضيع صحف «التابلويد» الفرصة فهاجمت هاري بشكل مركز لتثأر من هجومه الحاد عليها، وأيضاً لتستكمل الحملة التي تشنها عليه وعلى زوجته ميغان التي بدأت منذ زواجهما.
ورغم عدم صدور الكتاب بالإنجليزية بعد، فإن معظم تفاصيله تسربت عبر نشره بالخطأ بالإسبانية. ومن التفاصيل التي جاءت في الكتاب ما تناولته الوكالات، أول من أمس، عن شجار حاد بين هاري وويليام عام 2019. وأيضاً موقف ويليام وهاري من زواج والدهما الملك تشارلز من كاميلا، حيث توسلا إلى والدهما كي لا يتزوج مرة ثانية، وكتب هاري: «على الرغم من حقيقة أن ويلي وأنا طلبنا منه عدم القيام بذلك، مضى والدي قدماً. رغم المرارة والحزن اللذين شعرنا بهما مع إغلاق صفحة أخرى من تاريخ والدتنا، أدركنا أن هذا لا صلة له بالأمر».
وقد ظهرت بعض تفاصيل الكتاب أيضاً في مقطع بثته قناة (آي تي في)، من مقابلة مع هاري ستُذاع لاحقاً، قال فيها إنه لا يستطيع التعهد بحضور تتويج والده في مايو (أيار)، بحسب ما نقلت «رويترز».
تُقدم مذكرات هاري وصفاً شخصياً للصعوبات التي واجهها في التعامل مع رحيل والدته الأميرة ديانا، وأنه قام بالقيادة في النفق الذي لاقت فيه حتفها عدة مرات، وبنفس سرعة السيارة التي كانت تستقلها، باحثاً عن إجابات وتساؤلات حول ما حدث لها. ويتذكر اليوم الذي أخبره فيه الملك تشارلز عن وفاة والدته من دون أن يعانقه. كما ذكر، بحسب صحيفة «ديلي ميل» أنه وويليام ما زالا يحتفظان بخصلات من شعر والدتهما ديانا، قامت شقيقتها بقصها بعد الحادث، كما أشار إلى دودي الفايد صديق ديانا، الذي قتل معها في نفس الحادث، ووصفه بأنه «شخص لطيف جداً».
وكان الأميران ويليام وهاري يعتبران مقربين للغاية بعد وفاة والدتهما ديانا في باريس في حادث سير في 1997. لكن نشب الشقاق بين الشقيقين منذ أن تزوج هاري من ميغان، الممثلة السابقة، عام 2018. ثم تخلى الزوجان عن واجباتهما الملكية.
- انتقادات لاذعة
منذ مغادرتهما، وجّه دوق ودوقة ساسكس، كما يُعرف الزوجان هاري وميغان رسمياً، انتقادات لاذعة للأسرة المالكة والنظام الملكي البريطاني تضمنت اتهامات بالعنصرية التي نفاها ويليام نفسه.
وفي مقابلة مع برنامج (60 دقيقة) على شبكة (سي بي إس) الأميركية، قال هاري إنه «ربما كان متزمتاً قبل بدء العلاقة مع ميغان». وأضاف: «لم أكن أرى ما أراه الآن».
وبثت منصة «نتفليكس»، الشهر الماضي، فيلماً وثائقياً عن الزوجين من 6 أجزاء اجتذب نسبة مشاهدة قياسية من الجمهور، وتجددت فيه اتهامات تضمنت أن ويليام صرخ في هاري خلال اجتماع لمناقشة مستقبله.
والانتقاد الرئيسي الذي وجهه هاري وميغان هو أن المساعدين الملكيين لم يرفضوا فقط الرد على التغطية الصحافية المعادية وغير الدقيقة، بل تواطأوا في تسريب قصص سلبية؛ لحماية أفراد العائلة المالكة الآخرين، وتحديداً ويليام.
وقال هاري في مقطع قناة (آي تي في) البريطانية: «لا أعرف كيف سيجعل الصمت الأمور أفضل بأي حال من الأحوال».
وعندما سئل عن سبب انتهاكه خصوصية عائلته، رغم أنه أمر كان يشتكي منه، أجاب: «سيكون هذا هو اتهام الناس الذين لا يفهمون أو لا يريدون تصديق أن عائلتي كانت تقدم إفادات للصحافة».
ويأتي عنوان كتابه «سبير» من اقتباس كثيراً ما يُستشهد به في الأوساط الأرستقراطية البريطانية عن الحاجة إلى وريث، وآخر احتياطي.
ويقول هاري إنه تردد أن تشارلز قال لديانا في يوم ولادته: «رائع! الآن منحتيني وريثاً واحتياطياً، لقد أنجزت مهمتي».
ونقلت صحف عن مصادر لم تسمها، هذا الأسبوع، أن تشارلز ما زال يأمل في المصالحة مع ابنه.
وتقول صحيفة «الغارديان» في مقتطفاتها المسربة إن الملك وقف بين ولديه خلال اجتماع صعب في قلعة وندسور بعد جنازة جدهم الأمير فيليب، زوج الملكة الراحلة إليزابيث، في أبريل (نيسان) 2021.
ونقل هاري عن والده قوله: «أرجوكما يا ولديَّ، لا تجعلا سنواتي الأخيرة بائسة».