عام 2022 شهد كثيراً من الأحداث الرياضية التي لا تُنسى، مثل فوز المنتخب الإنجليزي للسيدات بكأس العالم، ومونديال قطر المثير للجدل، وبيع نادي تشيلسي، وتحقيق رقم قياسي للحضور الجماهيري في مباراة لفريق برشلونة للسيدات على ملعب «كامب نو».
«الغارديان» ترصد هنا أكثر الأحداث الرياضة التي لا تُنسى في لعبة كرة القدم في عام 2022:
كأس العالم في قطر
هل حقاً كانت بطولة كأس العالم بقطر هي أعظم مونديال في التاريخ؟ لقد كانت المباراة النهائية لكأس العالم 2022 بين الأرجنتين وفرنسا هي أفضل نهائي للمونديال منذ عقود، كما نجح النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي أخيراً في الفوز بلقب كأس العالم، ليؤكد للجميع أنه أفضل لاعب في القرن الحادي والعشرين من دون أدنى شك. وفي خضم هذه الاحتفالات، حافظ ميسي على تواضعه وهدوئه كالعادة. وقدم ميسي وكيليان مبابي أداء رائعاً في المباراة النهائية؛ حيث أحرز مبابي 3 أهداف (هاتريك) في المباراة النهائية، ليتفوق على بيليه وفافا وجيف هيرست، كأفضل هداف في المباريات النهائية لكأس العالم برصيد 5 أهداف، بينما نجح ميسي أخيراً في الفوز بكأس العالم وتحقيق الإنجاز نفسه الذي حققه الأسطورة دييغو أرماندو مارادونا في عام 1986.
وكانت البطولة مثيرة وممتعة للغاية، ونجح المغرب في الوصول إلى الدور نصف النهائي لأول مرة في تاريخ المنتخبات الأفريقية والعربية في المونديال؛ لكن ذلك لم يكن كافياً لتغيير رأي أي شخص فيما يتعلق باستضافة قطر لكأس العالم.
فوز المنتخب الإنجليزي
للسيدات بكأس العالم
أدى الهدف التاريخ الذي سجلته كلوي كيلي في مرمى ألمانيا، في الوقت الإضافي من المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب «ويمبلي» إلى حصول إنجلترا على أول بطولة كبرى منذ عام 1966. كانت المدير الفنية الهولندية للمنتخب الإنجليزي للسيدات، سارينا ويغمان، هي العقل المدبر لهذا الإنجاز التاريخي، كما نجحت في الفوز بلقب كأس الأمم الأوروبية للسيدات مرتين متتاليتين، مستغلة العدد الكبير من المواهب في الدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات. سجل أهداف المنتخب الإنجليزي كيلي وإيلا تون، اللتان شاركتا من على مقاعد البدلاء، ونجحت ويغمان في الخروج بالمباراة إلى بر الأمان أمام منتخب ألمانيا القوي وصاحب الخبرات الكبيرة.
لقد أحرزت بيث ميد 6 أهداف، وقادت المنتخب الإنجليزي للوصول إلى المباراة النهائية؛ لكنها تعرضت للإصابة، وتركت مكاناً لكيلي في النهائي.
لم يكن الطريق إلى «ويمبلي» مفروشاً بالورود، فقد تطلب الأمر هدفاً قاتلاً من تون لكي تمتد مباراة الدور ربع النهائي أمام إسبانيا إلى الوقت الإضافي، كما شهدت المباراة النهائية نفسها التي أقيمت أمام حضور جماهيري قياسي، إثارة كبيرة للغاية.
إن الهدف الذي أحرزته كيلي في مرمى المنتخب الألماني حقق الحلم الذي طال انتظاره، والذي سيكون مصدر إلهام لكثيرين.
بيع نادي تشيلسي
عندما دخلت القوات الروسية أوكرانيا في الرابع والعشرين من فبراير (شباط)، وصلت ملكية رجل الأعمال الروسي رومان أبراموفيتش لنادي تشيلسي إلى نهايتها. فالعقوبات التي فرضتها حكومة المملكة المتحدة على رجال الأعمال الروس جعلت هذا أمراً واقعاً. سعى أبراموفيتش في البداية إلى أن يجعل المؤسسة الخيرية للنادي تقوم بالإشراف على كل شيء في تشيلسي؛ لكنه بعد ذلك عرض النادي للبيع، بعدما أصبح من الواضح أن أصوله في المملكة المتحدة سيتم تجميدها.
وأصدر أبراموفيتش بياناً قال فيه: «يؤلمني الانفصال عن النادي بهذه الطريقة»، ليرحل رجل الأعمال الروسي عن تشيلسي بعد 19 عاماً، غيَّر خلالها شكل كرة القدم الإنجليزية، وأنفق كثيراً من الأموال على تدعيم صفوف الفريق، وأدخل مفهوم الاستحواذ على أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، كرمز لمكانة الأثرياء على كوكب الأرض.
وهكذا بدأت رحلة البحث عن مالكين جدد، وهي العملية التي فاز بها في نهاية المطاف تحالف بقيادة تود بوهلي من ولاية كونيتيكت الأميركية، بالشراكة مع شركة الاستثمار «كليرليك كابيتال» مقابل 4.25 مليار جنيه إسترليني في مايو (أيار).
أنفق بوهلي أكثر من 250 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعبين جدد، وأقال المدير الفني الألماني توماس توخيل، بعد مرور 7 جولات فقط من الموسم الجديد. ومن المؤكد أن السعر الضخم لبيع تشيلسي جعل الملاك الأميركيين لليفربول ومانشستر يونايتد يفكرون أيضاً في بيع الناديين، أو البحث عن استثمارات محتملة.
فوضى في باريس
كانت المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في 28 مايو، بين ريال مدريد الفائز باللقب 13 مرة، وليفربول المتوج باللقب 6 مرات، مباراة كلاسيكية تماماً. كانت المباراة متكافئة وصعبة للغاية؛ لكن النادي الملكي نجح في الفوز بهدف من توقيع فينيسيوس جونيور، وتألق حارس ريال مدريد تيبو كورتوا، وتصدى لكثير من الهجمات الخطيرة لليفربول.
من المؤكد أن جمهور ليفربول يشعر بالمرارة لخسارة هذه المباراة التي شهدت حالة من الفوضى في تنظيم المباراة والإشراف عليها. صحيح أنه لم يمُت أي شخص –ربما كان الحظ وحده هو السبب في ذلك– لكن جمهور ليفربول الذي عانى كثيراً خارج بوابات الملعب أعاد للذاكرة الذكريات المؤلمة لكارثة هيلزبره في عام 1989.
لقد سدت الشرطة ممرات العبور الضيقة، وظل الجمهور ينتظر بينما فشلت التكنولوجيا عند البوابات الدوارة، ثم أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على الجمهور، ليصبح الموقف أكثر ذعراً وارتباكاً.
وكان رد الفعل الفوري للحكومة الفرنسية والشرطة والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) هو إلقاء اللوم على التذاكر المزيفة، وسلوك المشجعين، وهو ما أعاد إلى الأذهان مرة أخرى ما حدث في كارثة هيلزبره. وهذه المرة، استمرت عملية التستر على ما حدث لساعات وليس لعقود، ولا يزال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) يحقق في الأمر، على الرغم من أنه لا تزال هناك تساؤلات حول استقلالية «يويفا».
رقم قياسي في ملعب «كامب نو»
زادت شعبية كرة القدم للسيدات كثيراً على مستوى الأندية، وعندما استضاف برشلونة ريال مدريد في 30 مارس (آذار) في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا للسيدات، شهدت المباراة حضوراً جماهيرياً قياسياً، بلغ 91553 متفرجاً، وفاز برشلونة في هذه المباراة بخمسة أهداف مقابل هدفين، ليتأهل إلى الدور نصف النهائي، بعد الفوز في مجموع مباراتي الذهاب والعودة بنتيجة 8 أهداف مقابل ثلاثة.
قدم برشلونة أداء استثنائياً في تلك المباراة، وخصوصاً من جانب أليكسيا بوتيلاس، الفائزة بجائزة «الكرة الذهبية» لأفضل لاعبة في العالم لعام 2022. لكن حامل اللقب الذي حقق الفوز في جميع المباريات التي لعبها في الدوري الإسباني، خسر أمام ليون، نتيجة التألق اللافت للاعبة الرائعة أدا هيغربيرغ.
لم يتم تجاوز عدد الحضور الجماهيري على ملعب «أزتيكا» في نهائي كأس العالم للسيدات عام 1971، بين الدنمارك والمكسيك في مكسيكو سيتي، والذي يقدر بأكثر من 100 ألف شخص؛ لكن مشهد الجماهير الغفيرة في ملاعب مثل «كامب نو» أصبح مألوفاً. تتميز الأجواء في الملاعب الصغيرة مثل ملعب «كينغسميدو» الخاص بنادي تشيلسي بأنها استثنائية؛ لكن هذه الملاعب ليست كبيرة بما يكفي لتلبية الطلب المتزايد على حضور مباريات كرة القدم للسيدات.
لقد أدت وفاة الملكة إليزابيث الثانية إلى تأجيل انطلاق الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز للسيدات في أوائل سبتمبر (أيلول)، وهو ما حرم المشجعين المتحمسين للغاية بعد بطولة كأس الأمم الأوروبية من فرصة رؤية توتنهام يلعب على ملعب «وايت هارت لين»، وتشيلسي على ملعب «ستامفورد بريدج» وبرايتون على ملعب «أميكس».