جورج كوهين أقل أبطال مونديال 1966 شهرةً وأكثرهم تأثيراً

التزامه اللعب مع فولهام طوال مسيرته جعل سجل بطولاته يتوقف على التتويج العالمي

جورج كوهين يصافح الملكة إليزابيث قبل خوض نهائي مونديال 1966 (أ.ب)
جورج كوهين يصافح الملكة إليزابيث قبل خوض نهائي مونديال 1966 (أ.ب)
TT

جورج كوهين أقل أبطال مونديال 1966 شهرةً وأكثرهم تأثيراً

جورج كوهين يصافح الملكة إليزابيث قبل خوض نهائي مونديال 1966 (أ.ب)
جورج كوهين يصافح الملكة إليزابيث قبل خوض نهائي مونديال 1966 (أ.ب)

فاز جورج كوهين، الذي توفي في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري عن عمر يناهز 83 عاماً، ببطولة واحدة فقط خلال مسيرته الكروية كأحد أفضل المدافعين في تاريخ إنجلترا على الإطلاق، لكن هذه البطولة كانت كأس العالم عام 1966. وكان راضياً تماماً بما حققه. أما سبب عدم حصوله على بطولات أخرى فيعود إلى أنه قضى مسيرته الكروية بالكامل على مدار 14 عاماً مع نادي فولهام، الذي كان الفوز بالبطولات والألقاب معه صعباً للغاية، بالإضافة إلى أنه تعرض لإصابة خطيرة في الركبة جعلته يعتزل كرة القدم وهو في التاسعة والعشرين من عمره، عندما كان في قمة عطائه الكروي.
ومع ذلك، كانت مسيرة كوهين الكروية تستحق كل التقدير والإعجاب. كان كوهين يلعب في مركز الظهير الأيمن مع منتخب إنجلترا، وكوَّن مع راي ويلسون ما يمكن اعتباره أعظم ثنائي في مركز الظهيرين الأيمن والأيسر في كرة القدم الإنجليزية على الإطلاق، لعب 37 مباراة دولية قبل أن يعلق حذاءه ويعتزل كرة القدم بسبب الإصابة. كان كوهين مدافعاً صلباً وسريعاً للغاية، ولديه قدرة فائقة على التحمل، وهي الصفات التي كان يحتاج إليها المنتخب الإنجليزي تماماً في تلك الفترة تحت قيادة المدير الفني ألف رامزي، نظراً لأنه كان يلعب من دون أجنحة –مدافع يمكنه التقدم للأمام بفضل سرعته الفائقة وخلق فرص للمهاجمين بتمريرات عرضية من على الأطراف.
لقد فعل كوهين ذلك ببراعة كبيرة خلال جميع مباريات كأس العالم عام 1966، حيث لعب كل دقيقة من كل المباريات التي لعبها منتخب الأسود الثلاثة في المونديال وقدم مستويات استثنائية طوال الوقت، وكان يتميز بالتركيز الشديد.
وُلِد كوهين في كنسينغتون غربي العاصمة البريطانية لندن، وترعرع في فولهام، حيث كانت والدته الآيرلندية المولد، كاثرين، تعمل مديرة في محطة الكهرباء المحلية، بينما كان والده لويس (المعروف باسم هاري)، يعمل في تركيب الغاز. وعلى الرغم من أصوله اليهودية من جانب والده، وانحدار بعض أفراد عائلته من أصول أوكرانية، فإنه لم يكن يعد نفسه أبداً يهودياً.

جورج كوهين (الثاني من اليمين) خلال التتويج ورفع بوبي مور كأس العالم 1966 (أ.ب)

كانت والدة جورج امرأة قوية ولها التأثير الأكبر على حياته، وكانت هي التي دعمت رغبته في أن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً، بينما كان والده يرى أنه يجب أن يتعلم حرفة قبل أن يرحب بفكرة احترافه لكرة القدم في نهاية المطاف. برزت موهبة جورج منذ سن مبكرة، وكان أكثر سرعة وقوة من الكثير من أقرانه من الأطفال الآخرين، وهو الأمر الذي يعزوه جزئياً إلى قدرته على شرب ماء الملفوف (الكرنب) المسلوق، وهو الطعام الوحيد الذي كان يمكن لوالديه شراؤه آنذاك. كان جورج ملاكماً جيداً، وكان يهتم للغاية بمتابعة مباريات الملاكمة طوال حياته، لكن لاعب فولهام السابق إرني شبرد اكتشف موهبته الكروية في مدرسة فولهام المركزية. وقَبِلَ كوهين، بدعم من والدته، عرضاً للانضمام إلى فريق الكرة بنادي فولهام.
لعب كوهين أول مباراة مع الفريق الأول لنادي فولهام في عام 1957 عندما كان يبلغ من العمر 17 عاماً. وكان فولهام يلعب آنذاك في دوري الدرجة الثانية، ويضم لاعبين مثل جوني هاينز وجيمي هيل. جذب كوهين أنظار الجميع منذ البداية بفضل سرعته الفائقة وقوته البدنية الهائلة وقدرته على التقدم للأمام لتقديم الدعم الهجومي، وسرعان ما أصبح أحد أشهر لاعبي كرة القدم في عصره، وساعد فريقه في عام 1959 على الصعود إلى دوري الدرجة الأولى (الشكل القديم للدوري الإنجليزي الممتاز). كان ظهراء الجنب في ذلك الوقت يتميزون بالقوة البدنية والالتحامات القوية والصلابة الدفاعية وليست السرعة والمهارة، لذلك كان كوهين لاعباً مختلفاً وسابقاً لعصره وقادراً على اختراق دفاعات الفرق المنافسة وتقديم الدعم الهجومي اللازم لزملائه. وقال كوهين ذات مرة: «كانت طريقة لعبي تعتمد على اللياقة البدنية الرائعة أكثر من أي شيء آخر. لقد كان ذلك يمثل جزءاً أساسياً من طريقة لعبي لدرجة أنه كان الميزة الأكثر قيمة بالنسبة لي».
وجذب كوهين أنظار المدير الفني للمنتخب الإنجليزي ألف رامزي في الوقت المناسب تماماً، ولعب أول مباراة دولية مع منتخب الأسود الثلاثة أمام أوروغواي في عام 1964، عندما أطاح بجيمي أرمفيلد من مركز الظهير الأيمن الذي ظل يحتكره لفترة طويلة. وسرعان ما أدرك رامزي أن لديه جوهرة ثمينة في هذا المركز، خصوصاً أن رامزي نفسه كان يلعب كظهير أيمن عندما كان لاعباً. استمرت العلاقة القوية بين الاثنين، حتى بعد موقف مؤسف حدث في التدريبات عندما لعب رامزي في فريق مكون من خمسة لاعبين ضد كوهين في فريق آخر، لكن كوهين تدخل مع رامزي بكل قوة وأطاح به في الهواء قبل أن يسقط على الأرض على رأسه. نهض رامزي في نهاية المطاف وقال لجورج: «لو كان لديَّ ظهير آخر، فلن تلعب غداً».
لحُسن الحظ، كان رامزي يركز على لياقة وسرعة كوهين أكثر من تركزيه على تدخلاته القوية، خصوصاً لأن قلبَي دفاع المنتخب الإنجليزي آنذاك -جاك تشارلتون وبوبي مور– لم يكونا يتميزان بالسرعة. كان ويلسون، زميل كوهين الذي كان يلعب في مركز الظهير الأيسر، سريعاً أيضاً، وبالتالي كان اللاعبان يتقدمان كثيراً إلى الأمام لتقديم الدعم الهجومي اللازم وإرسال الكرات العرضية المتقنة داخل منطقة الجزاء. كان اللاعبان يتميزان بالتواضع والهدوء -كان كوهين هادئاً بشكل أكبر داخل وخارج الملعب- لكن مساهمتهما الكبيرة في فوز المنتخب الإنجليزي بكأس العالم 1966 نالت تقديراً كبيراً من زملائهما في الفريق ومن الجمهور الإنجليزي ككل.
كان كوهين مرحاً وودوداً، لكنه كان هادئاً للغاية وله طريقته الخاصة في القيام بأي شيء. وقال مور، قائد المنتخب الإنجليزي في تلك الفترة: «لم يكن هناك أي لاعب آخر أكثر استعداداً أو تفانياً من جورج. كان يقوم بأي عمل يُسند إليه دون تعقيدات أو شكوى». وعلى الرغم من أنه كان لاعباً بارزاً فإنه كان يفضّل الابتعاد عن الأضواء والعمل والعيش في هدوء. وفي إحدى رحلات المنتخب الإنجليزي إلى كندا، لم يرَه اللاعبون الآخرون خارج الملعب كثيراً لدرجة أن التكهنات بشأن مكان وجوده قد تحولت إلى مزحة! واتضح بعد ذلك أنه كان يقضي معظم وقته في غرفته بالفندق في قراءة الكتب والابتعاد عن أشعة الشمس الحارقة. لقد كان قارئاً نهماً، وكان دائماً ما يحمل الكتب في يده، خصوصاً في أثناء السفر.
لكن ما حدث بعد الفوز بكأس العالم كان مخيباً للآمال إلى حد بعيد. ففي ديسمبر (كانون الأول) 1967، وفي أثناء مباراة فولهام ضد ليفربول، تعرض كوهين لالتواء شديد في الركبة وخرج من الملعب وهو يتألم بشدة. غاب كوهين عن الملاعب لمدة عام وتم استئصال غضروفه، ثم عاد للمشاركة في بعض المباريات لكنه ظل يعاني بشدة وقيل له إن ركبته تضررت بشدة ولا يمكنه اللعب مرة أخرى. قال كوهين عن ذلك: «كنت غاضباً للغاية لأنني كنت في قمة عطائي الكروي، كما أن حصولي على كأس العالم قد منحني ثقة كبيرة للغاية في نفسي، وكنت في أفضل حالاتي على الإطلاق». وبصفة إجمالية، لعب كوهين 408 مباريات في الدوري على مدار 14 عاماً مع نادي فولهام.
تولى كوهين القيادة الفنية لفريق الناشئين بنادي فولهام لمدة عام، لكنه ابتعد بعد ذلك عن كرة القدم وانتقل للعمل في شركة تعمل في مجال المعمار في لندن، حيث تعلم الرسم الفني وقانون التخطيط. أسس كوهين شركته الخاصة للتطوير العقاري وأطلق عليها اسم «جورج آر كوهين بروبرتيز»، وظلت الشركة تعمل بشكل جيد لفترة من الوقت.
ومع ذلك، فشلت صفقة لتطوير قطعة أرض في منطقة «تونبريدج ويلز» في مقاطعة كنت، وخسر كوهين رأس ماله بالكامل. تعافت الشركة بشكل جزئي بعد ذلك، لكن الأمور لم تعد أبداً كما كانت مرة أخرى، واضطر في عام 1998 لعرض الميدالية الذهبية التي حصل عليها في مونديال 1966 للبيع. وعندما لم يتم الوصول إلى السعر المطلوب في المزاد، اشترى رئيس نادي فولهام آنذاك، محمد الفايد، الميدالية من كوهين مقابل مبلغ لم يتم الكشف عنه واحتفظ بها في النادي. كما عيَّنه نادي فولهام سفيراً لعدة سنوات في المباريات التي تقام على ملعب الفريق.
لم تكن الصعوبات التي واجهها كوهين في العمل هي مشكلته الوحيدة، فقد عانى بشدة عندما تُوفيت والدته عام 1971 وهي في الثانية والستين من عمرها. وبعد خمس سنوات، أُصيب بسرطان الأمعاء وظل يُعالج منه لمدة 14 عاماً. وفي عام 2000 الذي حصل فيه على وسام الإمبراطورية البريطانية، تُوفي شقيقه الأصغر بيتر، بعد تعرضه لهجوم في ملهى ليلي في نورثهامبتون، وهو ما جعل كوهين في «حالة غضب دائمة» لفترة طويلة بعد ذلك.


مقالات ذات صلة

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الرياضة الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

الحكم بسجن الدولي الإيطالي إيتزو لتواطئه مع «المافيا»

أصدرت محكمة في نابولي حكماً بالسجن، في حق مُدافع فريق «مونتسا» الدولي أرماندو إيتزو، لمدة 5 أعوام؛ بسبب مشاركته في التلاعب بنتيجة مباراة في كرة القدم. وقال محاموه إن إيتزو، الذي خاض 3 مباريات دولية، سيستأنف الحكم. واتُّهِم إيتزو، مع لاعبين آخرين، بالمساعدة على التلاعب في نتيجة مباراة «دوري الدرجة الثانية» بين ناديه وقتها «أفيلينو»، و«مودينا»، خلال موسم 2013 - 2014، وفقاً لوكالات الأنباء الإيطالية. ووجدت محكمة في نابولي أن اللاعب، البالغ من العمر 31 عاماً، مذنب بالتواطؤ مع «كامورا»، منظمة المافيا في المدينة، ولكن أيضاً بتهمة الاحتيال الرياضي، لموافقته على التأثير على نتيجة المباراة مقابل المال.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الرياضة الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

الدوري «الإسباني» يتعافى «مالياً» ويرفع إيراداته 23 %

أعلنت رابطة الدوري الإسباني لكرة القدم، اليوم (الخميس)، أن الأندية قلصت حجم الخسائر في موسم 2021 - 2022 لأكثر من ستة أضعاف ليصل إلى 140 مليون يورو (155 مليون دولار)، بينما ارتفعت الإيرادات بنسبة 23 في المائة لتتعافى بشكل كبير من آثار وباء «كوفيد - 19». وأضافت الرابطة أن صافي العجز هو الأصغر في مسابقات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا، والتي خسرت إجمالي 3.1 مليار يورو، وفقاً للبيانات المتاحة وحساباتها الخاصة، إذ يحتل الدوري الألماني المركز الثاني بخسائر بقيمة 205 ملايين يورو. وتتوقع رابطة الدوري الإسباني تحقيق صافي ربح يقل عن 30 مليون يورو في الموسم الحالي، ورأت أنه «لا يزال بعيداً عن المستويات قب

«الشرق الأوسط» (مدريد)
الرياضة التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

التعاون يوقف قطار الاتحاد... ويمنح النصر «خدمة العمر»

منح فريق التعاون ما تبقى من منافسات دوري المحترفين السعودي بُعداً جديداً من الإثارة، وذلك بعدما أسقط ضيفه الاتحاد بنتيجة 2-1 ليلحق به الخسارة الثانية هذا الموسم، الأمر الذي حرم الاتحاد من فرصة الانفراد بالصدارة ليستمر فارق النقاط الثلاث بينه وبين الوصيف النصر. وخطف فهد الرشيدي، لاعب التعاون، نجومية المباراة بعدما سجل لفريقه «ثنائية» في شباك البرازيلي غروهي الذي لم تستقبل شباكه هذا الموسم سوى 9 أهداف قبل مواجهة التعاون. وأنعشت هذه الخسارة حظوظ فريق النصر الذي سيكون بحاجة لتعثر الاتحاد وخسارته لأربع نقاط في المباريات المقبلة مقابل انتصاره فيما تبقى من منافسات كي يصعد لصدارة الترتيب. وكان راغد ال

الرياضة هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

هل يكرر الهلال إنجاز شقيقه الاتحاد «آسيوياً»؟

يسعى فريق الهلال لتكرار إنجاز مواطنه فريق الاتحاد، بتتويجه بلقب دوري أبطال آسيا بنظامها الجديد لمدة عامين متتاليين، وذلك عندما يحل ضيفاً على منافسه أوراوا ريد دياموندز الياباني، السبت، على ملعب سايتاما 2022 بالعاصمة طوكيو، بعد تعادل الفريقين ذهاباً في الرياض 1 - 1. وبحسب الإحصاءات الرسمية للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، فإن فريق سوون سامسونغ بلو وينغز الكوري الجنوبي تمكّن من تحقيق النسختين الأخيرتين من بطولة الأندية الآسيوية أبطال الدوري بالنظام القديم، بعد الفوز بالكأس مرتين متتاليتين موسمي 2000 - 2001 و2001 - 2002. وتؤكد الأرقام الرسمية أنه منذ اعتماد الاسم الجديد للبطولة «دوري أبطال آسيا» في عا

فارس الفزي (الرياض)
الرياضة رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

رغد النعيمي: لن أنسى لحظة ترديد الجماهير اسمي على حلبة الدرعية

تعد الملاكمة رغد النعيمي، أول سعودية تشارك في البطولات الرسمية، وقد دوّنت اسمها بأحرف من ذهب في سجلات الرياضة بالمملكة، عندما دشنت مسيرتها الدولية بفوز تاريخي على الأوغندية بربتشوال أوكيدا في النزال الذي احتضنته حلبة الدرعية خلال فبراير (شباط) الماضي. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قالت النعيمي «كنت واثقة من فوزي في تلك المواجهة، لقد تدربت جيداً على المستوى البدني والنفسي، وعادة ما أقوم بالاستعداد ذهنياً لمثل هذه المواجهات، كانت المرة الأولى التي أنازل خلالها على حلبة دولية، وكنت مستعدة لجميع السيناريوهات وأنا سعيدة بكوني رفعت علم بلدي السعودية، وكانت هناك لحظة تخللني فيها شعور جميل حينما سمعت الج


مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».