محكمة مغربية تبرئ «فتاتي إنزكان» من تهمة الإخلال بالحياء العام

جمعيات نسائية دعت إلى إنشاء شرطة تتصدى للعنف ضد النساء

محكمة مغربية تبرئ «فتاتي إنزكان» من تهمة الإخلال بالحياء العام
TT

محكمة مغربية تبرئ «فتاتي إنزكان» من تهمة الإخلال بالحياء العام

محكمة مغربية تبرئ «فتاتي إنزكان» من تهمة الإخلال بالحياء العام

أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة إنزكان (جنوب المغرب)، أمس، حكمًا نهائيًا ببراءة «فتاتي إنزكان» من تهمة «الإخلال العلني بالحياء العام»، وذلك بعد تعرضهما للتحرش الجنسي بسبب لباسهما القصير، وهي القضية التي كانت قد أثارت جدلاً واسعًا.
في غضون ذلك، طالب تحالف مكون من مجموعة من المنظمات النسائية بإنشاء شرطة مكلفة قضايا العنف ضد النساء. وقال بكار السباعي، محامي الفتاتين، إن حكم البراءة «رد الاعتبار للفتاتين، وعلى كل من سولت له نفسه التدخل في شؤون السلطة العامة والحلول محلها في تطبيق القانون»، كما عد الحكم بداية الطريق للنظر في الشكوى التي تقدمت بها الفتاتان لدى النيابة العامة ضد المتحرشين بهما.
وكانت الفتاتان، سهام وسناء، قد جرى توقيفهما في 13 يونيو (حزيران) الماضي في أحد أسواق مدينة إنزكان بعد تعرضهما لتحرش جنسي من قبل شابين بسبب لباسهما القصير، وتوبعا في حالة إفراج بتهمة الإخلال العلني بالحياء العام، وبعد الضجة الكبيرة التي أثيرت حول القضية وخروج منظمات نسائية إلى الشارع للاحتجاج على متابعتهما بدل حمايتهما من المتحرشين، اعتقلت السلطات الأمنية المغربية، في 3 يوليو (تموز) الحالي، شابين من المدينة عمرهما 17 و18 سنة، وذلك للاشتباه في تحرشهما جنسيًا بالفتاتين، وتعريضهما للسب والشتم والإيذاء، بسبب ما اعتبراه ملابس مخلة بالحياء.
ورحبت الجمعيات النسائية، أمس، بقرار المحكمة الإفراج عن الفتاتين فيما عرف بـ«معركة التنورة».
وفي هذا السياق، نوه «تحالف ربيع الكرامة»، الذي يضم عدة جمعيات نسائية وحقوقية بهيئة المحكمة، لـ«ما أبانت عنه من سعة صدر وتفهم للملف ولحيثياته وللمناخ العام الذي فتح في سياقه»، كما نوهت بـ«التراجع الشجاع والمسؤول للنيابة العامة عن موقفها في إطار سلطة الملاءمة وعملاً بقاعدة «القلم أسير واللسان حر».
وأشاد التحالف، في بيان أصدره عقب صدور الحكم تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، بهيئة الدفاع من محاميات ومحامين حضروا من كل مناطق المغرب لمؤازرة سهام وسمية، ودفاعًا عن الحريات الفردية واحترامًا لحقوق الإنسان.
وقال التحالف إن «هيئة الدفاع تؤكد في كل مرة يستلزم فيها الأمر ذلك، أنها قلعة حصينة لحماية الحقوق والحريات من أي انتهاك من أي جهة كيفما كانت، انسجامًا مع المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب بهذا الخصوص، وانسجامًا كذلك مع دستور 2015 الذي جعل تلك المواثيق تسمو على القوانين الوطنية».
وطالب التحالف بإنشاء وحدات خاصة من الشرطة ومن أعضاء النيابة العامة مكلفي قضايا العنف ضد المرأة، تمهيدًا لإنشاء محاكم خاصة وإجراءات خاصة بالمحاكم تكفل معالجة قضايا العنف ضد النساء بشكل فعال يضمن الحماية القانونية للضحايا والمبلغين والشهود. كما دعا التحالف المسؤولين إلى «إنهاء مرحلة غلو وتغول مصالح الضابطة (الشرطة) القضائية في إعداد محاضرها وفي إنجاز الأبحاث والتحقيقات»، وذلك بالرفع من مستوى تكوين عناصرها في مجال حقوق الإنسان، وبفرض مزيد من الرقابة والإشراف عليها من طرف السلطة القضائية.
ودعا الجمعيات النسائية إلى تفعيل مقتضيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة، والأهداف الاستراتيجية للميثاق، لا سيما في مجال تعزيز حماية القضاء للحقوق والحريات، وهو هدف لن يتحقق، بنظر التحالف النسائي، إلا من خلال «المراجعة الشاملة للسياسة الجنائية وإصلاح منظومة التجريم والعقاب بشكل يستحضر مقاربة النوع الاجتماعي لتعزيز الحماية القانونية للنساء ضحايا العنف».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.