محكمة ألمانية تدين امرأة عمرها 97 عاماً بـ{جرائم حرب نازية»

اتُهمت بالمشاركة في قتل نحو 11 ألف شخص

المتهمة إيرمغارد فورشنر خلال المحاكمة أمس (أ.ف.ب)
المتهمة إيرمغارد فورشنر خلال المحاكمة أمس (أ.ف.ب)
TT

محكمة ألمانية تدين امرأة عمرها 97 عاماً بـ{جرائم حرب نازية»

المتهمة إيرمغارد فورشنر خلال المحاكمة أمس (أ.ف.ب)
المتهمة إيرمغارد فورشنر خلال المحاكمة أمس (أ.ف.ب)

في ما قد تكون واحدة من آخر محاكمات النازيين التي تشهدها ألمانيا، أصدرت محكمة في بلدة إيتزيهو الصغيرة بجنوب ألمانيا، حكماً بالذنب على إيرمغارد فورشنر البالغة من العمر 97 عاماً، لدورها في قتل 10500 شخص في معسكر «شتوتهوف» الواقع في بولندا، شرق مدينة غدانسك.
وأصدرت المحكمة حكماً على إيرمغارد بعامين في السجن مع وقف التنفيذ. وحوكمت السيدة المسنة في محكمة الأحداث نظراً إلى سنها وقت ارتكاب الجرائم المتهمة فيها والتي وقعت بين عامين 1943 و1945 وكانت حينها في الـ18 من العمر. وكانت تعمل سكرتيرة في المعسكر خلال تلك الفترة.
ووصف المدعي العام ماكسي فانتزن المحاكمة التي استمرت أكثر من عام، بأنها «تحمل أهمية تاريخية كبيرة»، مضيفاً أنها «قد تكون الأخيرة من نوعها بسبب مرور الوقت». واستمعت المحكمة، خلال أكثر من عام استمرت فيه المحاكمة، إلى شهادات 31 شخصاً؛ إما من الناجين من المعسكر وإما من الذين قُتل ذووهم فيه، ومعظمهم قدموا شهاداتهم عبر دائرة الفيديو من الولايات المتحدة وإسرائيل وبولندا.
ونفت المتهمة التهم الموجهة إليها، ودفع محاميها بالبراءة من دون أن ينفي الجرائم التي حصلت في معسكر «شتوتهوف». لكنه قال إن موكلته لم تكن تعلم بها. ولم تتحدث فورشنر طوال فترة محاكمتها إلا في النهاية لتقدم اعتذاراً مما حصل من دون أن تعترف بالذنب. وقالت: «أنا آسفة عن كل ما حصل. أندم أنني كنت في (شتوتهوف) في ذلك الوقت؛ هذا كل ما يمكنني قوله».
وحاولت فورشنر الهرب في بداية محاكمتها، وتركت ملجأ المسنين الذي تعيش فيه بالقرب من هامبورغ من دون أن يعرف أحد مكانها لساعات، حتى عثرت عليها الشرطة بالشارع في هامبورغ واعتقلتها. وأجبرت منذ ذلك الوقت على ارتداء سوار إلكتروني لتحديد مكانها. وكانت غالباً ما تصل إلى قاعة المحكمة بسيارة إسعاف محاطة بالمسعفين والأطباء، وعلى كرسي متحرك، وهي ترتدي نظارات سوداء كبيرة وقناعاً طبياً.
ورفضت المحكمة دفاع محاميها بأنها لم تكن تدري بالجرائم حولها. وخلال المحاكمة، أجرى القاضي ومسؤولون في المحكمة زيارة ميدانية لموقع المعسكر والمبنى والمكتب الذي كانت تجلس فيه فورشنر. واستنتجوا أن مكتبها، الذي كانت تتشاركه مع موظفين آخرين، كان قريباً من غرف الغاز والمشانق التي كان يقتل بها السجناء. واستنتجوا أيضاً أن الطريق التي كانت تسلكها للوصول إلى المكتب تعني أنها من دون شك كانت تعرف ما يجري والتالي كانت متآمرة. وقال الادعاء إن وظيفتها كانت طوعية وإنها كانت باستطاعتها المغادرة وقتما تريد؛ لكنها لم تفعل ذلك.
وقتل في معسكر «شتوتهوف» ما بين 63 ألفاً و65 ألف سجين؛ منهم 28 ألف يهودي وآخرون من سجناء حرب من الجنود السوفيات والمعارضين البولنديين.
ووفق صحيفة «تزايت» الألمانية، ما زالت هناك 5 قضايا أمام المدعين العامين تتعلق بمحاكمة أشخاص على جرائم ارتكبت أيام النازية، ولكن من غير الواضح متى وما إذا كانت هذه التحقيقات ستكتمل أو ستؤدي إلى محاكمات بسبب عدم كفاءة المتهمين الذين تخطوا سن الـ97.
وفي السنوات الأخيرة، مثل أمام محاكم ألمانيا متهمون عن جرائم أيام النازية، ولكن كثيراً من المتهمين لم يصلوا إلى المحكمة. وكتبت صحيفة «تزايت» أنه خلال السنوات الـ77 الماضية، تجاهلت السلطات التنفيذية في البلاد كثيراً من القضايا التي كان بإمكانها ملاحقتها لمعاقبة المتورطين بجرائم النازيين. وقالت إن هذا الأمر سببه أن كثيراً من القضاة كانوا هم أنفسهم «من النازيين»، مشيرة إلى أنه في عام 1954 خدم 70 في المائة من القضاء بشكل فعال أيام الحقبة النازية. وأضافت الصحيفة أن بداية التحقيقات بعد انتهاء الحرب وفضح الفظائع المرتبكة «كانا بطيئين»، ونتيجة لذلك توفي المتهمون في كثير من الأوقات قبل أن تبدأ محاكماتهم.
وأشارت الصحيفة إلى بعض الاستثناءات في سرعة تنفيذ مذكرات التوقيف والمحاكمات، وأعطت مثالاً بـ«محاكمات أشفيتز» في فرنكفورت عام 1963، والتي حوكم فيها 19 رجلاً عملوا حراساً أو أطباء أو مسؤولين عسكريين عن المعسكر. وأعادت الصحيفة الفضل في ذلك للمدعي العام في فرنكفورت فريتز باور الذي قالت إنه تحرك بسرعة في تحقيقاته.
وكان البرلمان الألماني أصدر قانوناً قبل سنوات يسمح بإكمال محاكمات المتهمين بجرائم من حقبة النازية ما دامت حالة المتهم تسمح بذلك، مسقطاً بذلك المهلة الزمنية للمحاسبة عن جرائم. ولكن على الرغم من ذلك، فإن محاكمة فورشنر تبدو الأخيرة التي قد تشهدها ألمانيا، نظراً إلى كبر سن المتهمين الآخرين الذين ما زالوا قيد التحقيق، مما يعني أن ألمانيا تطوي بهذه المحاكمة حقبة طويلة من العار ما زالت الأجيال الجديدة في ألمانيا تعيشها، خوفاً من تكرار أخطاء أجدادهم.


مقالات ذات صلة

واشنطن ترفض تشبيه الرئيس البرازيلي الحملة الإسرائيلية على غزة بالمحرقة

الولايات المتحدة​ منظر عام للبيت الأبيض في العاصمة الأميركية واشنطن (رويترز)

واشنطن ترفض تشبيه الرئيس البرازيلي الحملة الإسرائيلية على غزة بالمحرقة

أعلنت الولايات المتحدة، اليوم (الثلاثاء)، رفضها تصريحات الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا التي شبه فيها الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة بالمحرقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يحذر من تصاعد «معاداة السامية»

احتفل الرئيس الأميركي جو بايدن، باليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة‭‭‬،‬‬ وحذر مما وصفها بـ«زيادة مثيرة للقلق في معاداة السامية» بعد هجمات حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أرشيفية - د.ب.أ)

الحصانة الدبلوماسية تجنّب عباس ملاحقة قضائية في ألمانيا

أكد مدّعون في برلين اليوم أن تصريحات رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المرتبطة بالمحرقة التي أدلى بها خلال زيارة العام الماضي ترقى إلى التحريض على الكراهية.

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحافي مع المستشار الألماني أولاف شولتس في إسرائيل في زيارة للأخير لإظهار التضامن في 17 أكتوبر 2023 بعد هجوم «حماس» غير المسبوق على إسرائيل (د.ب.أ)

نتنياهو: على العالم أن يقف خلف إسرائيل من أجل «هزيمة حماس»

دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إلى دعم دولي واسع النطاق، في الحرب التي تخوضها بلاده ضد حركة «حماس» الحاكمة في قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

بسبب تصريحاته عن المحرقة... تجريد محمود عباس من وسام فرنسي رفيع

جرّدت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، اليوم (الجمعة)، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أرفع أوسمة العاصمة الفرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يأسف لخيارات نتنياهو في لبنان خصوصاً «العمليات البرية»

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

أسف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم (السبت)، لما قام به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من «خيار» لجهة التدخل العسكري في لبنان، خصوصاً القيام بـ«عمليات برية»، مع تأكيده مجدداً على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.

وقال ماكرون خلال المؤتمر الصحافي الختامي للقمة التاسعة عشرة للمنظمة الفرنكوفونية في باريس: «آسف لكون رئيس الوزراء نتنياهو قام بخيار آخر (بدل وقف إطلاق النار الذي اقترحته باريس وواشنطن)، وتحمل هذه المسؤولية، خصوصاً (تنفيذ) عمليات برية على الأراضي اللبنانية».

وأكد أن فرنسا «متضامنة مع أمن إسرائيل»، لافتاً إلى أنه سيستقبل الاثنين، عائلات الضحايا الفرنسيين - الإسرائيليين الذين سقطوا في هجوم حركة «حماس» الفلسطينية في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وأعلن ماكرون أن الأعضاء الـ88 في المنظمة الدولية للفرنكوفونية، وبينهم فرنسا وكندا وبلجيكا، يطالبون «بالإجماع»، بوقف «فوري ودائم» لإطلاق النار في لبنان، العضو بدوره في المنظمة، مع استمرار الغارات الإسرائيلية الكثيفة على مناطق لبنانية عدة.

وقال ماكرون في مؤتمر صحافي اختتم به القمة الـ19 للمنظمة: «أعربنا بالإجماع عن تأييدنا لوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وأكدنا التزامنا احتواء التوترات في المنطقة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوجه ماكرون بالشكر إلى أعضاء المنظمة «بعدما وافقوا على أن تنظم فرنسا مؤتمراً دولياً لدعم لبنان» في أكتوبر.