خفض الانبعاثات وتحديات المناخ... أبرز قضايا العام

خفض الانبعاثات وتحديات المناخ... أبرز قضايا العام
TT

خفض الانبعاثات وتحديات المناخ... أبرز قضايا العام

خفض الانبعاثات وتحديات المناخ... أبرز قضايا العام

لندن: «الشرق الأوسط»

تغيُّر المناخ كان القضية البيئية الأبرز التي تناولتها المجلات العلمية في أعدادها الختامية لعام 2022.
ويشمل طيف تأثيرات تغيُّرات المناخ مخاطر كبيرة، من بينها ارتفاع منسوب البحر، الذي يهدد مناطق ساحلية بينها الإسكندرية وجاوة، وفق «ناشيونال جيوغرافيك»، واضطراب دورة الماء في الطبيعة وتهديد استدامة الموارد المائية، كما أوردت «أميركان ساينتست». وفي المقابل، اعتبرت «ساينس نيوز» أن 2022 هي سنة النصر للتشريعات المناخية التي تهدف لخفض الانبعاثات.

«ناشيونال جيوغرافيك»
خصصت «ناشيونال جيوغرافيك (National Geographic)» عددها الأخير لأبرز القصص المصوّرة التي عرضتها خلال سنة 2022. ومن بينها التهديدات التي تطال المناطق الساحلية في جزيرة جاوة الإندونيسية. وكانت مساحات واسعة من غابات المناطق الساحلية في هذه الجزيرة أُزيلت وتحولت إلى أراضٍ زراعية ومناطق سكنية. ونتيجة ضخ المياه الجوفية، وغوص الأراضي تحت ثقل المنشآت، وارتفاع منسوب مياه البحر نتيجة تغيُّر المناخ، بدأت المناطق المأهولة تتعرض للفيضانات والغمر بمياه البحر. وبينما كانت مياه البحر تدخل المنازل في شمال جاوة خلال أشهر الربيع والصيف، بمعدل 6 إلى 9 ساعات يومياً، أصبحت الفيضانات خلال السنتين الماضيتين تحصل في جميع المواسم على نحو غير متوقع.

«نيو ساينتست»
مع وصول تعداد البشر إلى 8 مليارات قبل أسابيع قليلة، ناقشت «نيو ساينتست (New Scientist)» كيفية العيش على كوكب الأرض بشكل مستدام. وتشير دراسة حديثة إلى أن نظامنا الغذائي الحالي يمكن أن يوفّر الغذاء لنحو 3 مليارات شخص، وفي حال تغيير ما نزرعه، بالإمكان تغذية 8 مليارات إنسان، ويؤدي تقليل استهلاك اللحوم وهدر الطعام إلى ضمان تغذية 10 مليارات دون تجاوز حدود الكوكب. ومن المتوقع أن يصل تعداد البشر سنة 2050 إلى 10 مليارات، وستتميز هذه الزيادة بتراجع معدلات الخصوبة، وتتناقص نسب الوفيات نتيجة تحسّن الرعاية الصحية. وتمثل هذه التبدّلات تحديات كبيرة تتعلق بشيخوخة المجتمعات، وتناقص أعداد القوى العاملة.

«ساينس»
تناولت «ساينس (Science)» الدور الذي تلعبه بعوضة من سلالة «أنوفلس ستيفنسي (Anopheles stephensi)» في زيادة أعداد الإصابات بالملاريا في أفريقيا. وتُعتبر مناطق جنوب آسيا وشبه الجزيرة العربية الموطن الأصلي لهذه السلالة من البعوض، ولكن وصولها قبل سنوات إلى بلدان القرن الأفريقي والسودان وإثيوبيا أدى إلى تزايد أعداد المصابين بالملاريا على نحو كبير. وتتميز هذه الحشرة الغازية بقدرتها على العيش في صهاريج المياه الأرضية ضمن المناطق الحضرية، وكذلك في البرك والمستنقعات في المناطق الريفية، على عكس أنواع البعوض المحلية التي يكاد تواجدها ينحصر في المناطق الريفية ويرتبط بموسم الأمطار، مما سمح للبعوضة الغازية بنشر المرض في المدن والقرى على حدٍ سواء. وتتوقع دراسة حديثة أن يعرّض انتشار البعوض الغازي، من دون رادع، 126 مليون شخص لخطر الإصابة بالملاريا في أفريقيا.

«ساينتفك أميركان»
خصصت «ساينتفك أميركان (Scientific American)» ملف عددها الأخير لمجموعة من المقالات حول الجاهزية لمواجهة الأوبئة. وتشير تقديرات إلى أن جائحة «كوفيد - 19» تسببت حتى الآن بوفاة نحو 17 مليون شخص، ومن المتوقع أن تصل أضرار الاقتصاد العالمي تحت وطأتها إلى 12.5 تريليون دولار بحلول 2024. ولتجنّب حدث مماثل أو أسوأ في المستقبل، يجب على البلدان التأكد من استعدادها للتعامل بشكل أفضل مع الأوبئة.
ويزداد الاهتمام أكثر فأكثر بالأوبئة التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر، حيث ظهرت غالبية الأوبئة في العقود الأخيرة بهذه الطريقة. ويمكن أن تساعد النمذجة المناخية في توقع ماهية العامل الممرض التالي، وتحديد مناطق تفشي الأمراض المعدية.

«بي بي سي ساينس فوكاس»
في عرضها الموجز لأهم أحداث سنة 2022 العلمية، أوردت «بي بي سي ساينس فوكاس (BBC Science Focus)» مقتطفات من التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيُّر المناخ. وبينما أكّد التقرير الدور الذي لعبه النشاط البشري في الاحترار الذي حصل خلال القرون القليلة الماضية، خلص إلى أن عتبة 1.5 درجة مئوية من الاحتباس الحراري قد جرى تجاوزها بالفعل، وفات الأوان لفعل أي شيء حيال ذلك. وإذ يقدّم التقرير مجموعة من مسارات التكيُّف المحتملة للتخفيف من آثار تغيُّر المناخ، يدعو إلى اتخاذ تدابير مؤثرة مثل التحوّل إلى نظام غذائي نباتي، والسعي لتطوير وسائل تتيح إزالة ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجو، بدلاً من الاعتماد فقط على تقليل الانبعاثات.

«ساينس نيوز»
اعتبرت «ساينس نيوز (Science News)» أن 2022 هي سنة النصر للتشريعات المناخية. وكانت كاليفورنيا وولايات أخرى أعلنت خططاً للتخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالبنزين بحلول سنة 2035، وصادقت الولايات المتحدة على معاهدة دولية لخفض إنتاج الهيدروفلوروكربون المضرّ بطبقة الأوزون، وأحد مسببات الاحتباس الحراري والمستخدم في أجهزة التبريد، كما وضع الاتحاد الأوروبي اللمسات الأخيرة على خطته لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 55 في المائة، مقارنة بمستويات التسعينات بحلول 2030.
أما أبرز التشريعات المناخية، وفق المجلة، فهو قانون «خفض التضخم الأميركي» الذي يلحظ استثمار 369 مليار دولار في تسريع الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة وإزالة الكربون، مما يساعد في خفض انبعاثات الولايات المتحدة بنحو 40 في المائة بنهاية العقد الحالي مقارنة بمستويات 2005.

«أميركان ساينتست»
عرضت «أميركان ساينتست (American Scientist)» تأثير تغيُّر المناخ في تسارع دورة الماء في الطبيعة، عبر الغلاف الجوي والجريان السطحي وتحت الأرض. وترتبط شدة دورة الماء، وهي مجموع الهاطل المطري والتبخر خلال فترة زمنية محددة، بتغذية المياه الجوفية. وتؤدي الزيادة في هطول الأمطار إلى تكثيف دورة الماء في الطبيعة وإعادة تغذية المياه الجوفية، بينما يمثّل التبخر المرتفع وانخفاض هطول الأمطار تهديداً لاستدامة الموارد المائية. وتُظهر الأبحاث أن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تكثّف دورة الماء، وتتسبب في زيادة درجة الحرارة العالمية، وتؤثر في العمليات الهيدرولوجية الأولية. وتختلف معدلات دورة الماء باختلاف المناطق المناخية، مما يتسبب في تغيُّرات غير متساوية في المياه حول العالم.

«كنديان جيوغرافيك»
ناقشت «كنديان جيوغرافيك (Canadian Geographic)» تقنيات احتجاز الكربون والمصاعب التي تعترض تطبيقها. ويشير احتجاز الكربون إلى مجموعة من التقنيات التي تلتقط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي مباشرة أو من مصادر عالية الانبعاث مثل المنشآت الصناعية ومحطات الطاقة. وبينما تبلغ كمية الانبعاثات السنوية التي يطلقها العالم ما بين 35 و40 مليار طن من الكربون، يتم حالياً احتجاز نحو 0.1 في المائة فقط من هذه الانبعاثات، في حين يتطلّب الوصول إلى مستويات «آمنة مناخياً» إزالة نحو تريليون طن من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجو.



باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
TT

باحث بريطاني: «المناطق الزرقاء» المشهورة بعمر سكانها المديد مجرد خدعة

جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)
جانب من الساحل الشمالي لجزيرة سردينيا الإيطالية (فيسبوك)

تشكل الفكرة القائلة إنّ «المناطق الزرقاء» المشهورة في العالم بطول عمر سكانها وارتفاع نسبة المعمرين فيها، مجرد خدعة تستند إلى بيانات غير صحيحة، كما يؤكد أحد الباحثين.

هذه العبارة التي استُحدثت للإشارة إلى منطقة من العالم يقال إن سكانها يعيشون لفترة أطول من غيرهم ويتمتعون بصحة أفضل من قاطني مناطق اخرى. وكانت جزيرة سردينيا الإيطالية أوّل منطقة تُصنّف «زرقاء» عام 2004.

أدت الرغبة في العيش لأطول مدة ممكنة إلى ظهور تجارة مزدهرة، مِن وجوهها نصائح غذائية، وأخرى لاتباع أسلوب حياة صحي، بالإضافة إلى كتب وأدوات تكنولوجية ومكملات غذائية يُفترض أنها تساهم في طول العمر.

لكنّ الباحث البريطاني في جامعة يونيفرسيتي كوليدج بلندن سول جاستن نيومان، يؤكد في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ البيانات المتوافرة عن الأشخاص الأكبر سنّا في العالم «زائفة لدرجة صادمة جدا».

ودقق بحثه الذي يخضع حاليا لمراجعة، في البيانات المتعلقة بفئتين من المعمّرين: أولئك الذين تتخطى أعمارهم مائة عام، ومَن يبلغون أكثر من 110 سنوات، في الولايات المتحدة وإيطاليا وإنكلترا وفرنسا واليابان.

وفي نتيجة غير متوقعة، وجد أن «المعمّرين الذين تتخطى أعمارهم 110 سنوات» هم عموما من مناطق قطاعها الصحي سيئ وتشهد مستويات مرتفعة من الفقر فضلا عن أنّ سجلاتها غير دقيقة.

يبدو أنّ السر الحقيقي وراء طول العمر هو في «الاستقرار بالأماكن التي تُعدّ شهادات الميلاد نادرة فيها، وفي تعليم الأولاد كيفية الاحتيال للحصول على راتب تقاعدي»، كما قال نيومان في سبتمبر (أيلول) عند تلقيه جائزة «آي جي نوبل»، وهي مكافأة تُمنح سنويا للعلماء عن أبحاثهم التي تُضحك «الناس ثم تجعلهم يفكرون».

كان سوجين كيتو يُعدّ أكبر معمّر في اليابان حتى اكتشاف بقاياه المحنّطة عام 2010، وتبيّن أنه توفي عام 1978. وقد أوقف أفراد من عائلته لحصولهم على راتب تقاعدي على مدى ثلاثة عقود.

وأطلقت الحكومة اليابانية دراسة بيّنت أنّ 82% من المعمّرين الذين تم إحصاؤهم في البلاد، أي 230 ألف شخص، كانوا في الواقع في عداد المفقودين أو الموتى. ويقول نيومان «إن وثائقهم قانونية، لقد ماتوا ببساطة».

فالتأكّد من عمر هؤلاء الأشخاص يتطلّب التحقق من المستندات القديمة جدا التي قد تكون صحتها قابلة للشك. وهو يرى أن هذه المشكلة هي مصدر كل الاستغلال التجاري للمناطق الزرقاء.

* سردينيا

عام 2004، كانت سردينيا أول منطقة تُصنّف «زرقاء». وفي العام التالي، صنّف الصحافي في «ناشونال جيوغرافيك» دان بوتنر جزر أوكيناوا اليابانية ومدينة لوما ليندا في كاليفورنيا ضمن «المناطق الزرقاء». لكن في أكتوبر (تشرين الأول)، أقرّ بوتنر في حديث إلى صحيفة «نيويورك تايمز» بأنه صنّف لوما ليندا «منطقة زرقاء» لأنّ رئيس تحريره طلب منه ذلك، إذ قال له عليك أن تجد منطقة زرقاء في الولايات المتحدة.

ثم تعاون الصحافي مع علماء سكان لإنشاء «بلو زونز» التي أضيفت إليها شبه جزيرة نيكويا في كوستاريكا وجزيرة إيكاريا اليونانية.

إلا أنّ سجلات رسمية لا تنطوي على موثوقية كبيرة مثل تلك الموجودة في اليابان، أثارت الشك بشأن العمر الحقيقي للمعمّرين الذين تم إحصاؤهم في هذه المناطق.

وفي كوستاريكا، أظهرت دراسة أجريت عام 2008 أن 42% من المعمرين «كذبوا بشأن أعمارهم» خلال التعداد السكاني، بحسب نيومان. وفي اليونان، تشير البيانات التي جمعها عام 2012 إلى أن 72% من المعمرين ماتوا. ويقول بنبرة مازحة «بقوا أحياء حتى اليوم الذي يصبحون اعتبارا منه قادرين على الاستفادة من راتب تقاعدي».

ورفض باحثون مدافعون عن «المناطق الزرقاء» أبحاث نيومان ووصفوها بأنها «غير مسؤولة على المستويين الاخلاقي والأكاديمي». وأكد علماء ديموغرافيا أنهم «تحققوا بدقة» من أعمار «المعمرين الذين تتخطى اعمارهم 110 سنوات» بالاستناد إلى وثائق تاريخية وسجلات يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر.

لكنّ نيومان يرى أنّ هذه الحجة تعزز وجهة نظره، ويقول «إذا انطلقنا من شهادة ميلاد خاطئة منسوخة من شهادات أخرى، فسنحصل على ملفات مترابطة جيدا... وخاطئة بشكل تام».

ويختم حديثه بالقول «كي تعيش حياة طويلة، ما عليك أن تشتري شيئا. استمع إلى نصائح طبيبك ومارس الرياضة ولا تشرب الكحول ولا تدخن... هذا كل شيء».