هل الهزيمة أمام السعودية كانت الصدمة التي أيقظت الأرجنتين في الوقت المناسب؟

هل أعاد فوز السعودية المفاجئ في الجولة الافتتاحية للمونديال الأرجنتين إلى الطريق الصحيح؟
هل أعاد فوز السعودية المفاجئ في الجولة الافتتاحية للمونديال الأرجنتين إلى الطريق الصحيح؟
TT

هل الهزيمة أمام السعودية كانت الصدمة التي أيقظت الأرجنتين في الوقت المناسب؟

هل أعاد فوز السعودية المفاجئ في الجولة الافتتاحية للمونديال الأرجنتين إلى الطريق الصحيح؟
هل أعاد فوز السعودية المفاجئ في الجولة الافتتاحية للمونديال الأرجنتين إلى الطريق الصحيح؟

يبدو الأمر وكأنه قد مر وقت طويل للغاية منذ هزيمة الأرجنتين أمام السعودية، لكن ذلك كان قبل ثلاثة أسابيع وخمسة أيام فقط! لقد تسببت هذه الصدمة غير المتوقعة في طرح العديد من الأسئلة، من بينها فرص النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ورفاقه في الفوز بهذه البطولة. لكن منذ ذلك الحين، أثبت المنتخب الأرجنتيني أن الحُكم عليه بناء على ما حدث في تلك المباراة كان متسرعاً؛ حيث فاز بخمس مباريات بعد ذلك ووصل إلى المباراة النهائية وأصبح على بُعد 90 دقيقة (أو 120 أو 145 دقيقة مع احتساب الوقت بدل الضائع) من الفوز بلقب المونديال. لقد دخل المنتخب الأرجنتيني كأس العالم الحالية وهو لم يخسر في آخر 36 مباراة، ثم خسر أمام السعودية. فما الذي كان يمتلكه المنتخب السعودي أكثر من كل هذه المنتخبات التي لم تنجح في تحقيق الفوز على راقصي التانغو؟ الإجابة عن هذا السؤال هي باختصار الإصرار والشجاعة والحماس.
ربما كان عنصر سوء الحظ قد وقف إلى جانب الأرجنتين. لقد تقدم راقصو التانغو بهدف دون رد في أول 15 دقيقة، ثم أحرزوا ثلاثة أهداف أخرى أُلغيت بداعي التسلل قبل نهاية الشوط الأول. وكان التسلل في الهدف الثاني، الذي أحرزه لوتارو مارتينيز، بفارق ضئيل للغاية بحيث لم يره حكم المباراة، ثم تم إلغاؤه من قبل تقنية الفار. وعلاوة على ذلك، أهدرت الأرجنتين العديد من الفرص المحققة طوال فترات اللقاء، وكانت فرصها أخطر بكثير.
يبدو من الواضح أن سيطرة الأرجنتين على مجريات اللقاء خلال الشوط الأول جعلت اللاعبين يشعرون بالرضا عن النفس ويلعبون بأريحية كبيرة في الشوط الثاني، وقد استغل السعوديون ذلك ونجحوا في العودة ثم التقدم في النتيجة. وبدأت الهجمة التي أحرزت منها السعودية الهدف الأول عن طريق صالح الشهري بعد أن فشل ميسي في الاستحواذ على الكرة. وبحسب موقع «هوسكورد»، لم يفقد ميسي الكرة سوى سبع مرات فقط في البطولة بأكملها. وبعدما لعبت الكرة سريعاً للأمام، مر الشهري من كريستيان روميرو وسدد الكرة في المرمى مسجلاً هدف التعادل. وكان الهدف الثاني أسوأ؛ حيث أخرج نيكولاس أوتاميندي الكرة بشكل سيئ ثم وقف الثلاثي أنخيل دي ماريا وناهويل مولينا ورودريغو دي بول بشكل غريب وسمحوا لسالم الدوسري بتسديد الكرة بقوة وثقة داخل الشباك.
بعد ذلك، تراجع المنتخب السعودي للخلف واعتمد على الدفاع للحفاظ على النتيجة. ولم يكن الدفاع السعودي يعتمد على اللعب الجماعي بقدر ما يعتمد على الشجاعة الفردية؛ حيث كان المدافعون يلعبون بحماس شديد ويلقون بأنفسهم أمام الكرة من أجل إفساد الهجمات واحدة تلو الأخرى. لقد كان المنتخب السعودي يلعب وكأنه في المباراة النهائية لكأس العالم، وبذل اللاعبون السعوديون جهوداً استثنائية في تلك المباراة للدرجة التي يمكن أن تكون قد أدت إلى استنزافهم وعدم قدرتهم على تقديم نفس المستوى مرة أخرى في المباراتين التاليتين أمام بولندا والمكسيك. وبالمثل، لم تتمكن الأرجنتين، بعد أن فقدت سيطرتها على المباراة، من استعادة الإيقاع الذي يمكنها من تحقيق الفوز. وكان الحماس الشديد الذي لعب به المنتخب السعودي –الذي لا يضاهيه إلا ما قدمته أستراليا في الشوط الثاني أمام الأرجنتين في دور الستة عشر – كافياً لإرباك المنتخب الأرجنتيني. لم تتأخر الأرجنتين في نتيجة أي مباراة منذ ذلك الحين، وبالتالي لا نعرف هل ستتمكن من العودة في النتيجة اليوم في حال التأخر أم لا؟!
وهناك عامل آخر يجب أخذه بعين الاعتبار، وهو طبيعة الدعم الذي حصل عليه المنتخب السعودي في ذلك اليوم. فعلى الرغم من أن الجمهور كان يبدو منقسماً بنسبة 50 في المائة لكل فريق على ملعب لوسيل، إلا أن الجمهور السعودي كان هو الأكثر حماساً وصخباً، خصوصاً بعد إحراز السعودية الهدف الأول. لكن الأرجنتين لم تلعب في مثل هذه الأجواء منذ ذلك الحين، كما أن هذه الأجواء لن تتكرر أيضاً أمام فرنسا اليوم. في الحقيقة، يلعب ميسي ورفاقه في قطر وكأنهم يلعبون في الأرجنتين، ومن المتوقع أن تكون الجماهير الأرجنتينية هي الأكثر أيضاً أمام فرنسا.
لذلك، أتيح للسعودية عدد من العوامل الاستثنائية لكي تحقق الفوز على الأرجنتين بطلة العالم مرتين من قبل. من المؤكد أن ما أظهرته السعودية أمام الأرجنتين من العزيمة والحماس والإصرار قد يكون نموذجاً للمنتخبات الأخرى، لكن فرنسا تلعب بطريقتها الخاصة، ويبدو أنها تقدم أفضل مستوياتها عندما تشعر بأنها الأقل حظاً. لكن بغض النظر عما حققه السعوديون، فمن الواضح أن المدير الفني للأرجنتين، ليونيل سكالوني، نظر إلى فريقه واكتشف نقاط الضعف وعمل على تصحيحها على الفور.
وفي المباراة التالية، استبعد سكالوني كلاً من جوليان ألفاريز وأليكسيس ماك أليستر وإنزو فرنانديز من التشكيلة الأساسية. وبعد ذلك، دفع بهم في أوقات مختلفة في وقت لاحق من دور المجموعات، وهو الأمر الذي أضاف الكثير من الحيوية والنشاط في صفوف الفريق. كما استبعد سكالوني المخضرمين دي ماريا وبابو غوميز من التشكيلة الأساسية. وعلاوة على ذلك، لم يعد اللاعبون يشعرون بالرضا عن أنفسهم أو بأنهم قادرون على حسم المباريات في أي لحظة. ومهما كان رأيك في سلوك لاعبي الأرجنتين المحموم خلال المراحل الأخيرة من مباراة الدور ربع النهائي أمام هولندا، فلا شك في أن الأرجنتين – التي كانت متقدمة عن جدارة واستحقاق بهدفين دون رد قبل نهاية المباراة بعشر دقائق – رفضت الاستسلام بعد تعادل هولندا في الوقت القاتل. في غضون ذلك، فإن فوز الأرجنتين بركلات الترجيح يعكس حقيقة أن اللاعبين قادرون على الحفاظ على تركيزهم في أصعب اللحظات.
وفي النهاية، لا يمكن أن أنهي هذه المقالة من دون الحديث عن ميسي، الذي حدث له شيء رائع خلال الأسابيع القليلة الماضية. أمام السعودية، ظهر ميسي مثل أي أسطورة يبلغ من العمر 35 عاماً؛ حيث كان يظهر مهاراته الفذة في كل مرة يلمس فيها الكرة، لكن كان من الواضح أنه يعاني من الناحية البدنية. لكن هذا الأمر تغير تماماً في المباريات التالية، بدءاً من أدائه الرائع أمام المكسيك، وصولاً إلى تلاعبه بالمدافع الكرواتي الصلب جوسكو غفارديول. لقد أصبح ميسي أكثر دقة وسرعة وحسماً. لقد لعب كل دقيقة في كل المباريات التي لعبتها الأرجنتين، ولا تتبقى أمامه سوى مباراة واحدة فقط لكي يحقق حلمه الأكبر بالفوز بكأس العالم. لكن يجب أن يكون منتخب الأرجنتين ممتناً كثيراً للسعوديين لأنهم أيقظوه في الوقت المناسب من خلال الفوز المفاجئ في الجولة الافتتاحية للمونديال!
* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية توماس توخيل يبدأ رسمياً دوره مدرباً لإنجلترا في يناير (أ.ب)

مجموعة إنجلترا في تصفيات المونديال... كيف ستسير الأمور؟

ستواجه إنجلترا صربيا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم الموسعة المكونة من 48 فريقاً في عام 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 (د.ب.أ)

قرعة متوازنة لتصفيات أوروبا المؤهلة إلى المونديال

سحبت قرعة تصفيات أوروبا المؤهلة إلى كأس العالم لكرة القدم 2026 في زيوريخ بسويسرا، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ)
رياضة سعودية من الاحتفالات التي شهدتها العاصمة السعودية الرياض بعد الفوز بالاستضافة المونديالية (رويترز)

حكام الإمارات يهنئون الملك سلمان وولي عهده بـ«استضافة المونديال»

هنأ حكام الإمارات، القيادة السعودية بمناسبة الفوز باستضافة كأس العالم 2034.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
رياضة سعودية التقرير يتزامن مع حصول السعودية على شرف تنظيم كأس العالم 2034

«الشرق للأخبار»: 450 مليون دولار يوفرها «فيفا» من استضافة البطولة التي يشارك فيها 48 منتخباً

أصدرت «الشرق» للأخبار ثامن تقاريرها المطولة، والتي ترصد البيانات المالية في قطاع الرياضة، وهو «مونديال الشرق - السعودية 2034».

«الشرق الأوسط» (الرياض )

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».