الشرط الجزائي.. كنز «الأجانب» في عقود الأندية السعودية

(«الشرق الأوسط») تسلط الضوء على القضية العالقة بعد تزايد الضحايا محليًا

فارياس («الشرق الأوسط») و ريجكامب («الشرق الأوسط»)
فارياس («الشرق الأوسط») و ريجكامب («الشرق الأوسط»)
TT

الشرط الجزائي.. كنز «الأجانب» في عقود الأندية السعودية

فارياس («الشرق الأوسط») و ريجكامب («الشرق الأوسط»)
فارياس («الشرق الأوسط») و ريجكامب («الشرق الأوسط»)

رغم أهميتها لحفظ حقوق جميع الأطراف ومنع وقوع الضرر، فإن نقطة الشرط الجزائي، باتت صداعا مزمنا للأندية السعودية وقبلها المنتخب الأول، وذلك بسبب المبالغات المالية التي تدفع الكرة السعودية ثمنها على الدوام ويجني ثمارها المدربون والمحترفون الأجانب.
وبينما يحضر الأهلي كأحد المستفيدين «الاستثنائيين» من هذا البند، وذلك على حساب المدرب البرازيلي فارياس والذي حضر في يناير (كانون الثاني) 2010 وفسخ العقد ورحل صوب الوصل الإماراتي ليضطر لدفع قيمة الشرط الجزائي، تزخر الذاكرة الرياضية بالكثير من المواقف التي دفع ثمنها المنتخب السعودي وبعض الأندية المحلية، ومنها حادثة إقالة المدرب الهولندي فرانك رايكارد، والذي اضطر اتحاد الكرة السعودي لدفع مبلغ 90 مليون ريال، وكذلك فريق الهلال الذي دفع شرطا جزائيا لمدربه الروماني ريجيكامب مقابل إنهاء عقده.
كما يأتي فريق النصر ضمن المتضررين من هذا البند بعد أن دفع لمدربه الإسباني راؤول كانيدا غرامة الشرط الجزائي، في حين يسعى الاتحاد حاليا لتقليص المبلغ الذي سيدفعه للمدرب الروماني بيتوركا.
«الشرق الأوسط» بدورها سلطت الضوء على هذه القضية، وكانت البداية مع المحامي خالد أبو راشد، والذي أجاب على تساؤل حول حقيقة الشروط الجزائية وهل هي إلزامية من الفيفا أم لا، ورد قائلا: لا إطلاقا، الأمر يعود لما يتفق عليه الطرفان وعليه يتم توقيع العقد وتصديقه.
وأوضح أبو راشد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «البعض يطالب برفع قيمة الشرط الجزائي بحجة عدم رحيل المدرب أو اللاعب مثلا، ولكن هذا الأمر يبدو سلاحا ذا حدين، فلو قمت كناد برفع الشرط الجزائي بشكل كبير، ربما أنت تضطر لإلغاء العقد وتقع في ورطة هذا الشرط الجزائي الضخم، فلو أن اللاعب أو المدرب لم يقدم ما ظهر عليه في البدايات ستضطر لإلغاء العقد، ولكن ستكون أمامك عقبة الشرط الجزائي، فالمسألة هنا نسبة وتناسب على الطرفين، وتحتاج لوعي أكبر عند صياغة العقود».
وعن استفادة الأندية من الشروط الجزائية وهل هي موجودة أم معدومة؟ قال أبو راشد: «هذا نادر جدًا، أتذكر المدرب البرازيلي فارياس الذي انتقل من الأهلي إلى تدريب فريق الوصل الإماراتي وحصل النادي الأهلي مقابل ذلك على مبلغ جيد كشرط جزائي، ولكن هذه أمور من النادر أن تحدث»، مضيفا: «ولكن نحن نتكلم عن الغالبية التي غالبا ما تهدر أموالها من هذه الشروط الجزائية».
وعن حقيقة افتقاد الأندية أو حتى المنتخب السعودي لرجل قانون يصيغ لها العقود، قال أبو راشد: «صياغة العقود قد تكون جزءا من المشكلة، لكن طبيعة العمل الرياضي أحيانا لا تفيد، فمثلا قد توقع مع مدرب وترفع قيمة الشرط الجزائي، ولكنه يحصل على مغريات من أحد الأندية ويدفع لك ويرحل، وفي نفس الوقت المسألة هي ليست مجرد رفع، حتى أنا اليوم كمحام قانوني لو صغت عقدا ورفعت الشرط الجزائي إلى 10 ملايين مثلا من الممكن أن أضر فريقي فهي مسألة نقول عنها وعي وحسن اختيار مع عدة عوامل».
وعن عقود اللاعبين، قال: «اللاعب غالبا هو المستفيد لأنه هو الذي يحصل على مقدم العقد وفي حال أن أحد الأندية يرغب في شراء عقد اللاعب أو بطاقته سيدفع له المبلغ وبالتالي غالبا اللاعب هو الأكثر استفادة». وأضاف: «استفادة الأندية السعودية من اللاعبين تكمن غالبا في التعاقد اللاعب أولا ثم يبيع عقده بمبلغ أعلى وهذه قد تنحصر على اللاعبين السعوديين رغم قلتها، فمثلا الشباب اشترى عقد نايف هزازي من الاتحاد بمبلغ معين ثم باع عقد اللاعب بمبلغ يفوق ذلك بكثير على فريق النصر، أيضا الأندية كالقادسية والوحدة التي تبيع عقد لاعبيها للأندية الكبيرة، لكن اللاعبين الأجانب هم المستفيدون في الغالب».
وبشأن الفائدة التي يضفيها الشرط الجزائي على العقد، قال: «من حيث المبدأ وجوده جدًا مهم، أيضا لا بد أن نفرق بين اللاعب والمدرب، فالمدرب كل ما بينك وبينه هو الشرط الجزائي بينما اللاعب تحكمه لوائح الاحتراف فالعبرة بمدة العقد، وهذا الذي يحكم وليس الشرط الجزائي، فمثلا يمتد العقد لعام أو عامين أو أن يقوم النادي بشراء بطاقة اللاعب». وتابع: «اللاعب إذا كان منتقلا بنظام الإعارة سيرحل بعد نهاية عقده، لكن حينما تشتري بطاقته قد يقوم النادي ببيع عقده بسعر أعلى أو العكس».
واختتم أبو راشد حديثه بالقول: «اللاعبون المحليون أكثر إفادة للأندية، لكن بالنسبة للاعبين الأجانب فالأندية الأكثر تضررًا ونفس الأمر للمدربين، فحينما لا يحقق المدرب بطولة يقوم النادي بإلغاء عقده، والدليل ما حدث في الموسم الماضي، إذ إن ثلاثة أندية لم تلغ عقود مدربيها، والبقية قاموا بفسخ العقود ودفعوا مؤكدا الشروط الجزائية».
من جهته قال الإعلامي والناقد الرياضي مسلي آل معمر: «لم نشاهد أي استفادة من الشروط الجزائية، فغالبية الأندية تتعاقد مع المدرب أو اللاعب لعدة أشهر ولا يصبرون عليه كثيرا ثم يضطرون لإلغاء عقده ودفع كامل العقد بحسب ما تنص لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إذا لم يكن هناك شرط جزائي، فتكون أنديتنا هنا كمن يفكر بالدخول ولا يفكر بالخروج، والأمثلة كثيرة على ذلك».
وعن أبرز الأسباب التي تجعل الأندية السعودية خاسرة دائما في الشروط الجزائية، قال آل معمر: «أولاً صانع القرار هو المسؤول الأول، فهناك من يحمل المفاوض أو الوسيط وهذا غير صحيح لأن من يتخذ القرار هو رئيس النادي أو المسؤول الأول عن كرة القدم فهو يعتبر المسؤول بهذا الجانب، أيضا الخبرة لها دور، فبعض الأخطاء تقع بسبب قلة الخبرة وبعضها بسبب قلة الاحترافية هذه غالبا الأخطاء».
وعن كيفية تحول الأندية السعودية من خاسرة في الشروط الجزائية إلى رابحة، قال آل معمر: «الشرط الجزائي يوضع بالذات للمدربين، وأنا مع وضع شرط جزائي مرتب شهرين في حال الرغبة في إنهاء العقد من الطرفين، فراتب شهرين شرط جزائي معقول، ولكن عندما لا يكون لديك شرط جزائي ستضطر لدفع المبلغ كاملاً، وعندما تريد التوقيع مع مدرب من الأفضل أن توقع معه لعام مع خيار أو أفضلية التجديد لعاميين بحيث لا توقع من أول مرة عقد لعاميين ثم تضطر بعدها لإلغاء العقد ودفع الشرط الجزائي أو العقد كاملا».
وأضاف في هذا الجانب: «أما اللاعبون فالشرط الجزائي لو وضعته سيكون على النادي أيضا، فمثلا لو كان الشرط الجزائي مرتب شهرين ربما اللاعب يقوم بدفع هذا المبلغ ويرحل إذا كان مميزا ولديه عروض تفوق ما يأخذه في النادي»، مختتما حديثه: «هي قضية متكاملة تبدأ من صياغة العقد ومدته، وأيضا الخبرة تلعب دورا مهم جدًا».



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».