نعم، ذرف الكثيرون الدموع عندما خسر المنتخب المغربي مواجهة نصف نهائي كأس العالم أمام فرنسا، ولكني على العكس منهم كنت سعيداً جداً ليس حتماً لخسارة المنتخب الذي شجعناه جميعاً، بل سعيد لأننا صرنا نبكي على عدم التأهل لنهائي كأس العالم بعدما كانت أقصى أمانينا كعرب هو تجاوز الدور الثاني الذي لم يتمكن أي منتخب منذ عام 1934 تجاوزه، وقلت 1934 لأن مشاركاتنا بكؤوس العالم بدأت بالنسخة الثانية.
الأكيد أن شلالات من الحبر سالت وستسيل على التأهل التاريخي لأسود الأطلس لهذا الدور ليكونوا أول منتخب عربي وأفريقي يصل إلى هذا الحد صحبة مدرب مواطن، وهو ما يجعل الإنجاز مضاعفاً والفرحة أكبر.
صدقاً مع انطلاقة المونديال وفوز السعودية على الأرجنتين بدأت أحلامنا تكبر وصرنا نتمنى أن نتقدم أكثر ومع فوز تونس على فرنسا زادت الأحلام بأن كل شيء يمكن أن يحدث في كأس العالم القطرية التي دخلت التاريخ بعد خروج ثلاثة أرباع العمالقة التقليديين، إما من الدور الأول كالألمان والأوروغواي وإما من دور الـ16 مثل إسبانيا وإما من ربع النهائي مثل البرازيل والبرتغال وإنجلترا وليست المفاجأة بخروج هؤلاء، بل على يد مَن خرج بعضهم مثل البرتغال وإسبانيا الذين أخرجهم منتخب عربي أفريقي هو المغرب.
نعم، كبرت الأحلام وصرنا نقول لِمَ لا يكون كأس العالم عربياً وهذا لم يأتِ من فراغ، بل جاء من أداء بطولي رجولي من المغاربة الذين منحوا الأمل لكل المستضعفين كروياً أمام العمالقة التقليديين وأثبتوا أن لا مستحيل في عالم الكرة، ولهذا لم أذرف دموع الحزن على الخسارة أمام فرنسا بل ذرفت دموع الفرح والفخر والاعتزاز بلاعبين اصطحبوا أمهاتهم وآباءهم إلى الملاعب وذكروا الملايين بقيمة الأم وأهميتها ومكانتها في الحياة وأضافوا للبطولة نكهة عائلية بامتياز وحققوا المعادلة الأصعب وهي أن تخسر مباراة وتكسب القلوب، علماً بأنهم باتوا أحد الأربعة الكبار في العالم، وهذه ستبقى في سجلات التاريخ إلى الأبد مهما كانت نتيجتهم أمام كرواتيا التي سقطت أمام تألق ميسي.
ومن غرائب الصدف أن يلعب النهائي منتخبان خسرا أمام منتخبين عربيين في نفس البطولة هما السعودية وتونس، ولا ننسى أن البطولة من أولها إلى آخرها عربية التنظيم والهوية وحتى الهوى ولا أعرف إن كان وجودها في دولة عربية هو من جعل منتخباتنا تلعب وكأنها على أرضها وبين جمهورها رغم وجود ثلاثة ملايين ونصف المليون من المشجعين لكل الدول المشاركة ولكنه مجرد إحساس وكلام سمعته من بعض اللاعبين المشاركين وهو أنهم شعروا وكأنهم يلعبون في الرياض أو جدة أو تونس أو الرباط أو الدار البيضاء، ولهذا نرفع القبعة لدولة قطر التي نظمت بطولة استثنائية في مجال المنشآت والبنى التحتية والملاعب والمطارات وإذا بها تتحول إلى بطولة استثنائية أيضاً في أحداثها وأرقامها القياسية.
الحلم العربي
الحلم العربي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة