مصدر سياسي عراقي رفيع: قيادات سنية وشيعية بارزة تسعى إلى بلورة مشروع لتسوية تاريخية

العبادي يتهم حزب البعث بالتحالف مع «داعش» لإسقاط العملية السياسية

مصدر سياسي عراقي رفيع: قيادات سنية وشيعية بارزة تسعى إلى بلورة مشروع لتسوية تاريخية
TT

مصدر سياسي عراقي رفيع: قيادات سنية وشيعية بارزة تسعى إلى بلورة مشروع لتسوية تاريخية

مصدر سياسي عراقي رفيع: قيادات سنية وشيعية بارزة تسعى إلى بلورة مشروع لتسوية تاريخية

كشف سياسي عراقي رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» أنه «بالتزامن مع التزام رئاسة الجمهورية بالمصالحة الوطنية وتشكيل لجان من قبل الرئاسات الثلاث لهذا الغرض، فإن قيادات بارزة سنية وشيعية تعمل الآن على بلورة مشروع يتعدى المفاهيم التقليدية للمصالحة الوطنية إلى ما يمكن أن يرتقي إلى مستوى التسوية التاريخية بين الطرفين من خلال تقديم تنازلات كبيرة من كل طرف للطرف الآخر».
وأضاف السياسي الذي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «هناك نقاط حديث ومشاريع عمل قدمت وهي الآن في إطار البحث والإنضاج تتعلق بالكثير من القضايا التي هي محل خلاف الآن سواء فيما يتعلق بالقوانين المعلقة التي يعول عليها السنة، أو فيما إذا كان لدى الطرف الشيعي استعداد للتعاون مع البعثيين باستثناء البعث الصدامي المنصوص عليه في الدستور»، مبينا أن «من بين الأفكار المطروحة حاليا عقد مؤتمر لأهل السنة يتضمن توحيد موقف السنة من القضايا المطروحة، مع الأخذ بنظر الاعتبار التحولات في المواقف الإقليمية والدولية الراهنة».
بدوره، أكد السياسي العراقي المستقل عزت الشابندر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة أن الحكومة السابقة فشلت في التعامل مع الجماعات المسلحة وكسب البيئة التي تتحرك فيها، الأمر الذي استغله (داعش) وخلط الأوراق على الجميع». وأضاف الشابندر أن «بعض مروجي المصالحة الوطنية يريدون التصالح مع الجماعات الملطخة أياديها بدماء الشعب العراقي رغم أن ذلك مرفوض ولا يمكن قبوله»، مبينا أنه «في الجانب الآخر هناك من لا يريد مصالحة إلا في إطارها الشكلي». وعد الشابندر أن «المطلوب هو إقامة جسور ثقة مع البيئة التي يوجد فيها الإرهاب التي تتحول إلى حاضنة للجماعات المسلحة».
وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري أعلن أخيرا أن المصالحة الحقيقية والشراكة الفاعلة هما الحل الأمثل لاستقرار العراق والوصول إلى حالة توافق سياسي واجتماعي ومجتمعي، وهو ما يؤدي في النهاية إلى دحر الإرهاب.
من ناحية ثانية، اتهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ما سماه «البعث الصدامي» بالتحالف مع «داعش». ويبدو أن إعلان العبادي رسميا عن وجود تحالف بين البعث و«داعش» يأتي من أجل قطع الطريق أمام أي محاولة لمنح قيادات بعثية فرصة في الحوار الحالي حاليا، الذي من المتوقع أن يعقد في ضوئه مؤتمر في العاصمة الأردنية عمان يضم القيادات السنية، سواء المشاركة بالعملية السياسية أو الرافضة لها.
من جهة أخرى، قال العبادي في بيان أثناء زيارته لعدد من أسر القتلى والسجناء السياسيين أمس إن «الفساد والإرهاب واحد، وهناك عرقلة للمشاريع ولمعاملات المواطنين»، موضحًا أن «الحكومة لديها برنامج لخدمة المواطن وهناك في كل خطوة عرقلة له ولكننا مصرون على إنجاحه». وأكد أن «الفساد المالي والإداري لا يقل خطورة عن الإرهاب، والعراق يواجه تحديات كثيرة، والحكومة تعمل من أجل التغلب عليها».
وأشار العبادي إلى أن «البعث الصدامي تحالف مع الشيطان المتمثل بـ(داعش) الإرهابي، وأن عصابات (داعش) أغلب قياداتها من البعث الصدامي»، مؤكدًا أن «توزيع الرواتب في المناطق التي يحتلها (داعش) لا نسمح به دون تدقيق، لأن هناك من هذه الأموال ما يذهب إلى (داعش)».
وفي السياق نفسه، انتقد العبادي وجود جماعات مسلحة في البصرة ومحافظات عراقية أخرى، قائلا إن «المقاتلين في الجبهة لا يضحون بأرواحهم لكي يتم احتلال أبنية كما حصل أخيرا في منطقة زيونة، أو من أجل أن تزداد أموال الأحزاب، وإنما للدفاع عن الأرض والمقدسات». وأضاف أن «توجيهات المرجعية واضحة بأنه يجب العمل تحت غطاء الدولة العراقية، ونحن لا نريد جهات مسلحة عدة»، متسائلا: «ماذا تفعل تلك الجماعات في البصرة وباقي المحافظات.. هل يوجد (داعش) في البصرة؟». وشدد العبادي على أنه «لا يجوز أن نحارب (داعش) ونكون مثله»، لافتا إلى أن «جهدنا الأمني داخل المحافظات هو لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، ونحن نقاوم جرائم الاختطاف ونضربها عندما تزداد لأن من ينفذها يستحق أقصى العقوبات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.