الجزائر وباريس تطويان ملف اغتيال فرنسي على أيدي «داعش»

بعد أن قضت محكمة بإعدام قاتله... و7 عناصر من «جند الخلافة»

السائح الفرنسي الذي تعرّض للاغتيال في الجزائر(من حساب جمعية فرنسية تحمل اسمه بـ«فيسبوك»)
السائح الفرنسي الذي تعرّض للاغتيال في الجزائر(من حساب جمعية فرنسية تحمل اسمه بـ«فيسبوك»)
TT

الجزائر وباريس تطويان ملف اغتيال فرنسي على أيدي «داعش»

السائح الفرنسي الذي تعرّض للاغتيال في الجزائر(من حساب جمعية فرنسية تحمل اسمه بـ«فيسبوك»)
السائح الفرنسي الذي تعرّض للاغتيال في الجزائر(من حساب جمعية فرنسية تحمل اسمه بـ«فيسبوك»)

طوت الجزائر وفرنسا ملف تعاون استخباراتي دام ثماني سنوات، يتعلق باغتيال متسلق جبال فرنسي في جبال الجزائر عام 2014، على أيدي فرع «داعش» بمنطقة المغرب العربي والساحل، وذلك بعد أن قضت محكمة الجنايات بالعاصمة الجزائرية، اليوم، بإعدام المتهم الرئيسي في عملية الاغتيال، ويُدعى عبد المالك حمزاوي، الشهير بـ«مالك القبائلي».
وأنكر حمزاوي، عندما كان يرد على أسئلة القاضي حول تفاصيل الحادثة، أي علاقة له باغتيال الستيني هيرفيه غورديل، مؤكداً أنّ دوره في تنظيم «جند الخلافة»، الذي تبنى مقتل الفرنسي «كان يقتصر على جلب الماء من الجبل» إلى عناصر الجماعة الإرهابية. وقال أيضاً إنه «كان مكلفاً إسعاف الجرحى» في صفوف التنظيم، وإن «الإصابات التي كان يعاني منها في يده اليسرى ورجله اليمنى لم تكن تسمح لي بالمشاركة في العمليات المسلحة التي تم تنفيذها».
كما قضت المحكمة، غيابياً، بإعدام سبعة عناصر من «جند الخلافة» يوجدون في حالة فرار، وفق ما ورد في لائحة الاتهام. لكن عدداً من المتتبعين لهذا الملف يعتقد أنهم قُتلوا في عمليات للجيش الجزائري عرفتها المنطقة في السنوات الماضية. ويشار إلى أن عقوبة الإعدام توقف تنفيذها في الجزائر منذ نحو 30 سنة، رغم استمرار القضاء في النطق بها.
ووجهت النيابة لـ«مالك القبائلي» تهم «الاختطاف والتعذيب والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد»، و«إنشاء وتنظيم جماعة إرهابية مسلحة». وشملت لائحة الاتهام 14 شخصاً، بمن فيهم حمزاوي، الذي ألقى الجيش القبض عليه بعد فترة قصيرة من حادثة الاغتيال، عندما كان يطارد الخاطفين بجبال جرجرة بمنطقة القبائل، شرق العاصمة.
وبحسب محامين درسوا الملف، فإن حمزاوي هو من دلّ قوات الأمن على مكان دفن غورديل بأعالي محافظة البويرة (100 كيلومتر شرق العاصمة). وأكد المحامون أنفسهم أن محاكمة حمزاوي تُعد باكورة عمل استخباراتي طويل بين الأجهزة الأمنية الجزائرية والفرنسية امتدت إلى دول مجاورة للجزائر، حيث تم تعقب أذرع «جند الخلافة»، وذلك لجمع معطيات حول اغتيال غورديل.
وكان الإرهابيون قد بثوا شريط فيديو في سبتمبر (أيلول) 2014 يظهر عملية اغتيال غورديل بواسطة ساطور. وخلّف هذا المشهد يومها استياءً بالغاً في فرنسا. وكانت وزارة الدفاع الجزائرية قد أكدت مباشرة بعد بداية عملية البحث عن غورديل أن المعلومة الخاصة بخطف المواطن الفرنسي «وصلت متأخرة، ما سمح للخاطفين بالابتعاد عن المكان قبل وصول قوات الجيش». وكان الخاطفون قد اشترطوا على الحكومة الفرنسية وقف ضربات قواتها العسكرية ضد مواقع «داعش» في العراق في صيف 2014. لكن الرئيس فرنسوا هولاند أعلن حينها عدم خضوعه للشرط، وبعدها أعدم المتشددون متسلق الجبال.
وبرأت المحكمة ذاتها اليوم ستة أشخاص من تهمة الإرهاب، وهم أصدقاء السائح الفرنسي الذين كانوا يستقبلونه كل عام في المنطقة لمرافقته خلال مغامراته بتسلق الجبال، وهم أيضاً متسلقون، وقد وُجهت لهم تهمة «ارتكاب جنحتي عدم التبليغ عن جناية، وتهمة عدم التصريح بإيواء أجنبي لدى المصالح المختصة»، اللتين تصل العقوبة فيهما إلى خمس سنوات وفق القانون الجنائي الجزائري.
وقال ممثل النيابة، أثناء المحاكمة، إن قوات الأمن «كان بإمكانها أن توفر الأمن للسائح الفرنسي، أو نصحه بعدم التوغل بعيداً في الجبال، لو بلغ مرافقوه عن وجوده بينهم، وذلك لدرايتها بالمخاطر التي كانت تحدق بالمنطقة». وقد تابع المحاكمة أبناء غورديل وزوجته بواسطة «التحاضر عن بعد»، وتم سماعهم باعتبارهم طرفاً مدنياً بخصوص طلباتهم على سبيل التعويض عن الضرر.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.