انقسم سياسيون ليبيون حول أداء حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فبينما ذهب البعض إلى أنها باتت محاصرة بالأزمات، لا سيما بعد الخلاف مع المجلس الأعلى للدولة، والحديث مجدداً حول قضية «لوكربي»، رأى آخرون أنها «لا تزال تعمل على خدمة المواطنين، دون أي تأثر».
ورأى عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف الأخير بين رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، والدبيبة، «أحكم الحصار حول حكومته من الناحية التشريعية»، وخصوصاً في ظل قيام مجلس النواب بسحب الثقة منها منذ سبتمبر (أيلول) العام الماضي.
ويعتقد الزرقاء بأنه «لم يعد لدى هذه الحكومة أي حلفاء في الساحة الداخلية... هي تعتمد الآن على دعم بعض الدول التي تتحالف معها لتحقيق مصالح وأهداف سياسية خاصة بها، وفي مقدمتها تركيا والمملكة المتحدة، فالأولى تمتلك قوات على الأراضي الليبية، والثانية تستطيع دعمها دولياً، وهناك أيضاً بعض التشكيلات المسلحة المتمركزة بالعاصمة».
واستدرك: «هناك أيضاً من يُعرَفون بأنصار المفتي المعزول من مجلس النواب، صادق الغرياني، وهم الأكثر تشدداً ضمن تيارات الإسلام السياسي في ليبيا، وبالطبع قبل هؤلاء جميعاً يوجد تحالفها مع محافظ المصرف المركزي، الصديق الكبير، وهو تقريباً التحالف الذي يدعم احتفاظ الدبيبة بموقعه حتى اللحظة الراهنة».
وكان المشري اتهم حكومة الدبيبة بتحريض إحدى المجموعات المسلحة على منع انعقاد جلسة مجلسه في طرابلس، التي كانت تستهدف مناقشة ملفي المناصب السيادية وتوحيد السلطة التنفيذية.
ولفت الزرقاء إلى واقعة رفض وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس، استقباله من قبل وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش بمطار معيتيقة الدولي بالعاصمة الليبية، واعتبر ذلك مؤشراً على «تخبط السياسة الخارجية لحكومة الدبيبة، وانحيازها المتواصل لتركيا».
وعلى الرغم من إعلان وزارة العدل بحكومة «الوحدة» أن ملف قضية «لوكربي» قد أُقفل بالكامل من الناحيتين السياسية والقانونية، وذلك بنص الاتفاقية التي أُبرمت بين الدولة الليبية والولايات المتحدة الأميركية في عام 2008، فإن ذلك لم يقفل باباً من التساؤلات والانتقادات اللاذعة من سياسيين ونشطاء حول مسؤولية الحكومة ورئيسها عن خطف المواطن أبو عجيلة مسعود، الذي ذكر اسمه بتحقيقات قضية لوكربي.
واعتبر عضو مجلس النواب، محمد العباني، أن «التشكيلات المسلحة هي القوة المساندة لبقاء تلك الحكومة في الحكم، وليس الدعم الخارجي»، ورأى أن «السلطة الفعلية ليست بيد حكومة الدبيبة، ولم تكن يوماً بيدها أو بيد أي حكومة تعاقبت على حكم ليبيا منذ عقد كامل، وإنما كانت ولا تزال بيد التشكيلات التي تفرض ما تريده بقوة سلاحها».
ويختلف العباني مع من يطرحون أن الدبيبة فقد كل حلفائه محلياً، وقال: «العجلة لا تدور عبر حركة ترس واحد أو ترسين، وإنما عبر حركة كثير من التروس من رجال أعمال وأصحاب مصالح، ربما شارك أغلبهم في نهب المال العام»، متابعاً: «هناك أيضاً حلفاء مستترون لرئيس الحكومة في مجلس النواب، وفي مؤسسات أخرى حتى اللحظة الحالية».
واختلف عضو مجلس النواب، سالم قنيدي، مع الآراء السابقة، وقال إن حكومة الدبيبة «لا تزال تعمل وتقدم الخدمات للمواطنين دون أي تأثر بما يثار حولها».
وأضاف أن «الحديث عن حصار الحكومة بالأزمات هو مجرد نوع من الدعاية من خصومها... أنا لست في جانب تلك الحكومة، ولكني أرى أنها تعمل بشكل طبيعي ولديها شعبية واضحة بالشارع؛ بسبب ما تقدمه من خدمات خصوصاً بالعاصمة، أما قضية أبو عجيلة فهي حتى الآن رهن التحقيق لمعرفة ملابساتها، والصورة لم تتضح بعد».
وقال قنيدي: «هناك قطاع داخل (الأعلى للدولة) لا يزال يؤيد تلك الحكومة، بل إن هناك استدارة داخل البرلمان نفسه، وهناك من نوابه من عاد لتأييدها جراء خيبة أمله في أداء الحكومة التي كلفها البرلمان قبل تسعة أشهر برئاسة فتحي باشاغا، والتي لم تستطع فعل أي شيء».
أما المحلل السياسي الليبي، أحمد المهدوي، فاعتبر أن «الأجسام الليبية كافة باتت تواجه أزمة فيما يتعلق بشرعيتها»، ورأى أن حكومة الدبيبة «تواجه أزمات عديدة».
وأضاف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن النزاع بين الدبيبة والمشري أفقد حكومة «الوحدة» «ما يوصف بأنه بيتها الداخلي، والراعي السياسي الأهم لها في المنطقة الغربية».
وعلى الرغم من إقراره «بنجاح خصوم الدبيبة، خصوصاً مجلسي النواب والأعلى للدولة في استغلال كل أخطاء الحكومة»، خصوصاً ما يتعلق بقضية (لوكربي)، فإن المهدوي، اعتبر ذلك «ليس كافياً لإنقاذهما من مأزق فقدان الشرعية أو تنامي الغضب الشعبي تجاههما في ظل إخفاقهما المتكرر في التوصل لإطار دستوري وقانوني ينظم إجراء الانتخابات، مما يعكس تشبثهما بالسلطة».
وانتهى إلى أن «كثيراً من الشخصيات السياسية الوطنية بالأحزاب والمجتمع المدني بدأت بالبحث عن مسار جديد، وهو ما ترصده البعثة الأممية بوضوح».