يستهل منتخب فرنسا حملة الدفاع عن لقبه من دون أفضل لاعب في العالم، مهاجمه كريم بنزيمة، الغائب للإصابة، في مواجهة أستراليا، في حين تأمل تونس في تحقيق مفاجأة أمام الدنمارك، اليوم، ضمن الجولة الأولى من منافسات المجموعة الرابعة لمونديال قطر في كرة القدم.
وستكون مباراة فرنسا وأستراليا إعادة للمواجهة الأولى بينهما في الدور ذاته قبل 4 أعوام في مونديال روسيا 2018. حينها، احتسب حكم الفيديو المساعد «في إيه آر» في أول استخدام لهذه التقنية الجديدة في نهائيات كأس العالم، ركلة جزاء لصالح فرنسا، ترجمها أنطوان غريزمان بنجاح في الفوز الصعب 2-1.
ويختلف مونديال قطر عن سابقه، إذ تلقت فرنسا ضربة معنوية قوية قبل انطلاق المنافسات، بانسحاب المهاجم المخضرم ابن الـ34 عاماً بنزيمة، أفضل لاعب في العالم، من التشكيلة، لإصابة بفخذه، لينضم إلى سلسلة غيابات أرهقت الفريق.
وتواصل مسلسل سقوط مصاب تلو الآخر، فقبل بنزيمة، ودّع تشكيلة بطلة 1998 و2018، كل من نجمي الوسط بول بوغبا ونغولو كانتي، بالإضافة إلى الحارس مايك مينيان، وقلب الدفاع بريسنيل كيمبيبي، والمهاجم كريستوفر نكونكو.
لاعبو فرنسا في التدريبات من دون أبرز لاعبيهم حيث ينتظرون اختباراً غامضاً ضد أستراليا (رويترز)
غير أنّ غياب بنزيمة صبّ في مصلحة إعادة إحياء الثنائية بين كيليان مبابي وأوليفير جيرو التي قادت فرنسا قبل 4 أعوام إلى لقبها الثاني، بمؤازرة من غريزمان.
وحتى إن قرر المدرب ديدييه ديشامب الهجوم برباعي مع إضافة عثمان ديمبيلي، فإن القوى الموجودة بحكم الضرورة تعيد إحياء ذكرى موسكو الجميلة.
في المقابل، احتاجت أستراليا المرور بالملحق الدولي للحاق بركب المنتخبات المتأهلة إلى قطر، وهي تتحضر لمباراتها الأولى بتشكيلة من دون نجوم من العيار الثقيل، ولكن «بحالة ذهنية لا تشوبها شائبة» وعلى أسس أفكار المدرب غراهام أرنولد المساعد السابق للهولندي غوس هيدينك، خلال حقبة توليه المهام الفنية عام 2006.
وتشارك أستراليا التي تحتل المركز الـ36 في التصنيف العالمي للمنتخبات، في نهائيات كأس العالم للمرة السادسة في تاريخها، وذلك بعد 16 عاماً من وصولها إلى دور ثمن النهائي في مونديال ألمانيا، في أفضل سجل لها في المونديالات. كما تأمل في تحقيق فوزها الأوّل في النهائيات منذ مونديال جنوب أفريقيا 2010 (5 هزائم مقابل تعادل).
ولم يكن الطريق إلى قطر مفروشاً بالورود بالنسبة لأستراليا التي وجدت نفسها خلف اليابان والمملكة العربية السعودية في التصفيات الآسيوية، واضطرت للفوز على الإمارات 2-1 في الملحق القاري، ثم على بيرو في الملحق الدولي بركلات الترجيح 5-4، بعد التعادل سلباً في الوقتين الأصلي والإضافي.
وتعرض أسلوب المدرب أرنولد وخططه الفنية لموجة من الانتقادات، لينقذ رأسه من مقصلة الإقالة، بعدما فوت التأهل المباشر إلى قطر.
ولا يحظى لاعبو أستراليا بالشهرة، حتى من قبل الصحافيين المحليين، وأبرز دليل على ذلك ما قاله آدم بيكوك الذي يغطي أخبار المنتخب لموقع «كود سبورتس» بقوله: «إنهم لاعبون ليسوا معروفين حتى في أستراليا!».
أما مدافع منتخب فرنسا إبراهيما كوناتيه فيقول: «أنا لا أعرف أي لاعب أسترالي صراحة».
اثنان فقط يلعبان في البطولات الخمس الكبرى في أوروبا، وهما: إيدين هروستيتش لاعب وسط فيرونا الإيطالي بعد فترة مع أينتراخت فرانكفورت الألماني، والجناح أوير مابيل مع قادش الإسباني. أما الموهبة الصاعدة غارانغ كوول البالغ من العمر 18 عاماً، فسينضم إلى صفوف نيوكاسل الإنجليزي في يناير (كانون الثاني) المقبل، من دون أن يكون قد خاض أي مباراة في دوري الدرجة الأولى الأسترالي.
يعتمد المنتخب الأسترالي على آرون موي (سلتيك الاسكوتلندي) لاعب خط الوسط؛ لكنه سيفتقد إلى خدمات مارتن بويل الذي اضطر إلى الانسحاب، الأحد، بداعي الإصابة.
ويلخص دينيس غينرو الأسترالي الوحيد الذي يلعب في الدرجة الأولى الفرنسية مع تولوز (لم يتم استدعاؤه إلى صفوف المنتخب) حال المنتخب الأسترالي بقوله: «نعتمد أكثر على اللعب الجماعي وليس على الأفراد؛ خلافاً لما كانت عليه الحال لدى بروز الجيل الذهبي المؤلف من مارك شفارتزر ومارك فيدوكا وهاري كيويل وتيم كايهيل؛ لكننا نتمتع بروح وذهنية عالية جداً».
إريكسن القلب النابض لمنتخب الدنمارك (رويترز)
وأضاف: «أستراليا لا تستطيع الاعتماد على الموهبة الفنية التي يتمتع بها لاعبون من أمثال كيليان مبابي أو عثمان ديمبيلي؛ لكنها تعتمد على صلابة المجموعة، على الرغم من أن لاعبيها موزعون في مختلف أرجاء العالم». وتدين أستراليا بالقوة الذهنية للمجموعة إلى المدرب أرنولد الذي يعتبر «بمثابة الأب الروحي للاعبين الذي يحاول استخراج الأفضل من أفراد الفريق» حسب بيكوك.
ورأى بيكوك أن أرنولد تعلم كثيراً من العمل مساعداً مع هيدينك «لا سيما من ناحية أهمية الجماعية في كأس العالم» وهي وصفة ناجحة اعتمدها الهولندي مع منتخب كوريا الجنوبية عام 2002 في كأس العالم، عندما نجح في قيادتها إلى نصف النهائي، في أفضل نتيجة لمنتخب آسيوي على الإطلاق.
وينتظر المنتخب الفرنسي مواجهة بدنية ضد نظيره الأسترالي، وقال كوناتيه في هذا الصدد: «ثمة منتخبات كثيرة تدرك أننا نملك مهاجمين سريعين، وبالتالي سيتقوقعون في الخطوط الخلفية».
لكن بيكوك يخالف كوناتيه الرأي بقوله: «لا، لن يلعبوا بهذه الطريقة. لقد سئموا اللعب بخطط حذرة منذ 4 أعوام. سيلعبون بوتيرة أسرع وسيضغطون في العمق، لن ينتظروا الفرق الأخرى في الخطوط الخلفية. سيلعب الأستراليون بزخم كبير كما لو كانت المباراة الأخيرة لهم، أو مواجهة في ربع النهائي».
في المباراة الثانية، ضمن المجموعة ذاتها، تأمل تونس في تحقيق مفاجأة من العيار الثقيل، أمام منتخب دنماركي يسعى بدوره إلى إكمال مسيرته الناجحة التي بدأها في أمم أوروبا الصيف الماضي.
وقال المهاجم أنيس بن سليمان (21 عاماً) الذي فضّل اللعب لـ«نسور قرطاج» على الدولة التي وُلد فيها، الدنمارك، ويلعب في بطولتها المحلية مع فريق بروندبي: «المجموعة صعبة نوعاً ما، وسيكون الأمر صعباً؛ لكني أعتقد أن كل لاعب سيبذل قصارى جهده لتجاوز دور المجموعات».
وتراهن تونس الحالمة بالتأهل للمرة الأولى إلى الدور الثاني، على ورقة الخبرة في قطر؛ حيث يخوض وهبي الخزري وديلان برون وإلياس السخيري ونعيم السليتي مونديالهم الثاني، إضافة إلى وجوه شابة جديدة بقيادة المدرب جلال القادري.
وتطرّق لاعب الدحيل القطري فرجاني ساسي إلى مباراة الدنمارك قائلاً: «في كل بطولة، الأهم هي المباراة الأولى. قمنا بالتحضير لها كما يجب، ونعلم جيداً أن المباراة ليست سهلة، وإن شاء الله نكون حاضرين كما يجب، ونطبق تعليمات المدرب، مع أعلى مستوى من التركيز».
من ناحيتها، وصلت الدنمارك إلى قطر وفي جعبتها الكثير لترويه، بداية من قصة لاعبها كريستيان إريكسن، العائد إلى الملاعب بعد نوبة قلبية كادت تودي بحياته، نجماً لمنتخب بلاده في مونديال قطر.
وقال إريكسن للصحافيين، السبت: «أنا سعيد فقط بالعودة. مثل الجميع نعلم أن المشاركة في كأس العالم مميزة. كنت محظوظاً لأنني لعبت مرة أو اثنتين من قبل؛ لكنها تظل مميزة».
ولا تعتبر الدنمارك لقمة سائغة لمنافسيها، فقد سبق أن فازت على فرنسا مرتين في مسابقة دوري الأمم الأوروبية في نسختها الحالية، بينما قال المدرب كاسبر: «كثير من الأشياء حصلت منذ عام 2021، ليس فقط في كأس أوروبا».
وبالفعل، فقد خاض منتخب الدنمارك 18 مباراة اكتسب خلالها حب وتقدير بلده، وتطور من ناحية اللعب، وخاض تصفيات جيدة، في ظل تألق سيمون كاير (ميلان الإيطالي) والحارس كاسبر شمايكل (نيس الفرنسي) ويواكيم مايهلي (أتالانتا الإيطالي).
لكن الدنمارك تعاني من غياب لاعب هداف قادر على استغلال الفرص التي يصنعها لاعبو خط الوسط.
وأكد كاسبر هيولماند المدير الفني للمنتخب الدنماركي تقديره للمنافسة، وقال: «أُكن احتراماً كبيراً للمنتخب التونسي وكرة القدم التونسية. نعرف لاعبيهم جيداً وتابعناهم في الفترة الأخيرة... نحن متحمسون للغاية لخوض مباراة الافتتاح لنا. نأمل أن نكون الفريق الأفضل على أرضية الملعب. ندرك تماماً أنه سيكون هناك عديد من الجماهير التونسية في الاستاد».
إريكسن القلب النابض لمنتخب الدنمارك (رويترز)
ولدى سؤال هيولماند عن أهدافه في مونديال قطر، أجاب: «ما يمكن قوله هو أننا لدينا حلم، وهو الفوز بشيء ما. لدينا مجموعة من اللاعبين يتمتعون بالجودة الكافية للفوز بكل شيء، ولكن هل نحن مرشحون؟ هذا ليس صحيحاً، لدينا أشياء نريد تطويرها في الفريق عبر المباريات». وأضاف: «مع ذلك، نحن قادرون على التغلب على أي منافس، ونتمتع بحالة معنوية جيدة للغاية، وسنرى ماذا سيحدث في المباراة».
وعن عودة أريكسن ودوره القيادي، علق هيولماند قائلاً: «قبل البطولة الأوروبية (يورو 2020 التي شهدت انهيار إريكسن على أرض الملعب بسبب أزمة قلبية) وقبل ما حدث معه، قلت إنه يمثل نبض هذا المنتخب عندما يلعب، فهو لديه أسلوب رائع للغاية، ويجيد اتخاذ القرارات خلال المباريات، ويحظى برؤية جيدة للملعب... يفرض حضوره بقوة عبر التمريرات الذكية وأسلوب عمله على أرضية الميدان. إنه لاعب رائع للغاية، نحن سعداء للغاية بعودة كريستيان، وعلى الصعيد الشخصي، هو شخص متميز للغاية».