انقسام في «التيار الوطني» يحسمه باسيل بالاقتراع بورقة بيضاء اليوم

مبنى البرلمان اللبناني (أ.ف.ب)
مبنى البرلمان اللبناني (أ.ف.ب)
TT

انقسام في «التيار الوطني» يحسمه باسيل بالاقتراع بورقة بيضاء اليوم

مبنى البرلمان اللبناني (أ.ف.ب)
مبنى البرلمان اللبناني (أ.ف.ب)

لم يكن الاجتماع الذي عقده تكتل «لبنان القوي» برئاسة النائب جبران باسيل، الثلاثاء، لحسم خياره لجهة الاستمرار بالتصويت بورقة بيضاء خلال جلسة انتخاب رئيس للجمهورية المقررة غداً (الخميس)، أو اختيار اسم مرشح يتم تجيير الأصوات «البرتقالية» إليه، هادئاً؛ إذ دفع قياديون ومسؤولون حزبيون في «التيار» باتجاه تعديل مسار الاقتراع بالورقة البيضاء والاتفاق على التصويت لمرشحين محددين كما تفعل قوى المعارضة التي لا تزال تتمسك بمرشحها رئيس حركة «الاستقلال» النائب ميشال معوض.
وبات اقتراع نواب «التيار» ونواب «الثنائي الشيعي» (حركة أمل و«حزب الله»)، بورقة بيضاء، يحرج الطرفين؛ وهو ما دفع قياديين حزبيين لمحاولة تغيير هذا الأمر. وبعد نقاشات في اجتماع الثلاثاء، قرر باسيل التمسك بالورقة البيضاء، بعد فشل الاتفاق مع قيادة «حزب الله» على مرشح واحد يخوضان به إلى جانب «أمل» المعركة الرئاسية، وإصرار «الثنائي» على أن مرشحه في المرحلة الحالية هو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية الذي أبلغ باسيل المعنيين رسمياً أنه لا يمكن أن يسير به. وأقرّ أحد النواب العونيين في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» بأن «هناك نوعاً من الضياع والتخبط في التعاطي مع تعقيدات الملف الرئاسي»، مؤكداً أن القرار الأول والأخير بشأنه يتخذه باسيل.
ويبدو واضحاً أن قيادة «التيار» رغم امتعاضها من موقف «الثنائي» الرئاسي، لا تريد أن تكسر الجرة مع «حزب الله». لذلك؛ لم تلجأ إلى اختيار اسم مرشح رئاسي تخوض به المعركة بوجه «الثنائي» وقوى المعارضة على حد سواء.
وفي هذا الإطار، أكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب آلان عون، أن «قرار الاستمرار بالتصويت بورقة بيضاء اتُخذ بشبه إجماع لأننا غير مستعدين لطرح أسماء لمجرد حرقها»، نافياً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون هناك من طرح اعتماد أسماء مرشحين من التكتل للتصويت لهم، وأضاف «في الأصل، لا يجوز الانتقال من الورقة البيضاء إلى اسم إلا للعبور باتجاه مرحلة جديدة، فيكون اسماً قادراً على إعادة خلط الأوراق وخلق دينامية جديدة لانتخاب رئيس، أما التصويت الشكلي فهو غير وارد».
ولا ينفي أحد نواب «التيار» الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن «نقاشاً صريحاً» شهده الاجتماع الأخير للتكتل بخصوص الخيارات التي يمكن اللجوء إليها في جلسات انتخاب الرئيس، «لكن الكل توصل إلى قناعة بوجوب الالتزام بالورقة البيضاء باعتبارها موقفاً بحد ذاته لا يختلف عن التصويت لعصام خليفة أو ميشال معوض أو غيرهما».
ويضيف النائب العوني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «طالما (الثنائي الشيعي) متمسك بسليمان فرنجية، وحزب (القوات) ومن معه بميشال معوض، فهناك استحالة للوصول إلى مرشح قادر على تأمين 65 صوتاً»، معتبراً أن «الجميع في حالة ترقب حتى يقتنع الجميع باستحالة فرض مرشح ما، وأن الحل بالجلوس على طاولة واحدة للحوار والتشاور»، مشيراً إلى أن «التوافق مطلوب مهما كانت السقوف مرتفعة في المرحلة الراهنة».
وليس محسوماً التزام نواب «الوطني الحر» الـ18 إضافة إلى نواب الأرمن الـ3 الذين ينتمون إلى تكتل «لبنان القوي»، بقرار باسيل الاستمرار بالتصويت بورقة بيضاء؛ إذ كان نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، أعلن صراحة الأحد أنه لن يصوت بورقة بيضاء في جلسة الخميس، وبأنه سيصوت لمرشح من دون أن يحسم هويته.
وأضاف «هذا أمر ناقشناه في تكتل لبنان القوي وكلنا اتفقنا على أن الورقة البيضاء لم تعد مقبولة، وسنبحث أكثر ونتمنى أن يكون هناك خيار للتكتل غير الورقة البيضاء». ويُعدّ بو صعب من الشخصيات «العونية» القريبة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي يُعدّ على خصومة مع قيادة «التيار» وبالتحديد النائب باسيل. وأشار بو صعب أخيراً إلى أنه طلب من بري الاستمرار في جهوده فيما يتعلق بالملف الرئاسي، مع العلم أن قيادة «التيار» كانت أبلغت بري في وقت سابق، أنها غير مستعدة للمشاركة بالحوار الذي كان قد دعا إليه؛ ما أدى إلى إعلان سحبه مبادرته الحوارية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.