عون يغادر القصر الجمهوري تاركاً «دولة مهترئة»

تعهد بـ«النضال لاقتلاع الفساد» وسط مراسم رسمية ووداع المناصرين

أتباع الرئيس عون في وداعه أمام قصر بعبدا اليوم (د.ب.أ)
أتباع الرئيس عون في وداعه أمام قصر بعبدا اليوم (د.ب.أ)
TT

عون يغادر القصر الجمهوري تاركاً «دولة مهترئة»

أتباع الرئيس عون في وداعه أمام قصر بعبدا اليوم (د.ب.أ)
أتباع الرئيس عون في وداعه أمام قصر بعبدا اليوم (د.ب.أ)

أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون أنه انتقل إلى مرحلة جديدة «تبدأ بنضال قوي لاقتلاع الفساد من جذوره»، معتبراً أن «لبنان يعود إلى الحياة بعد إنهاء نفوذ من شلّ القضاء، وأوقف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت»، مستكملاً في آخر أيامه بقصر بعبدا، الهجوم على خصومه، متهماً إياهم بحماية حاكم «مصرف لبنان المركزي»، رياض سلامة، كما انتقد القضاء، قائلاً إن «عدم إقرار قانون (الكابيتال كونترول) لغاية الآن هو بهدف الاستمرار بالسماح بخروج الأموال إلى الخارج».
وغادر عون قصر بعبدا، اليوم (الأحد)، منتقلاً إلى منزله في الرابية، وسط مراسم وداع رسمية أُقيمت له. وقبيل مغادرته القصر الجمهوري، ألقى عون كلمة في الحشود التي توافدت لتحيته ودعمه، فأشار إلى أنه ينتقل اليوم إلى مرحلة جديدة تبدأ بنضال قوي وعمل وجهد لاقتلاع الفساد من جذوره. وتوجه إلى مناصريه بالقول: «اليوم نهاية مهمّة، وليس نهاية عمل ووداع. اليوم اللقاء الكبير، وقد عدنا من الحجر إلى البشر».
وأكد الرئيس عون أن «لبنان في حاجة إلى إصلاح كي يعود إلى الحياة بعد إنهاء نفوذ الذين شلّوا القضاء وأوقفوا التحقيق في انفجار المرفأ»، مضيفاً أن «البلد مسروق بخزينته وبمصرفه المركزي، ومن جيوب المواطنين. وأصبح لدينا دولة مهترئة بمؤسساتها ومن دون قيمة، لأن المنظومة الحاكمة استعملتها، والقضاء معطّل لا يحصل حقوق الناس». وتساءل عون: «ماذا نقول إذا كانت كل الجرائم المالية قد ارتكبها حاكم (المصرف المركزي)، ولم نتمكن من إيصاله إلى المحكمة؟ فمَن يحميه؟ ومن هو شريكه؟ جميعهم في المنظومة الحاكمة منذ 32 عاماً أوصلونا إلى هذا الحال».
وقال الرئيس عون إن «القضاء لا يحاكم مَن في حقهم دعاوى جرمية»، مشيراً إلى أنه «مضت سنتان أو ثلاث على رفع 22 دعوى قضائية، من دون معرفة مصير أي منها حتى الآن». وقال أيضاً: «قد يكون المتهمون بالفساد هم من جماعتهم، وإلا، فلماذا يبحثون عن حماية لهم؟»، مشدداً على أن «حكمنا اليوم أصبح حكماً ثأرياً وليس حكماً عادلاً، والثأر ليس بعدالة؛ فالثأر هو جريمة في الحكم».
وأضاف عون: «كانت هناك إمكانية لتخفيف الخسارة، فيما لو أقر قانون (الكابيتال كونترول)، الذي لم يكن ليسمح بتهريب الأموال إلى الخارج، وهو لغاية اليوم لم يُنجز، لماذا؟ حتى يستمر تمرير تحويل الأموال إلى الخارج. كل الجرائم ارتكبتها السلطة في البداية؛ فهي التي سرقت الأموال، وأركانها هم مَن أخذوا الأموال وهرّبوها، وجميع المودعين خاسرون، لا سيما الصغار منهم الذين يشكلون أكبر شريحة من الشعب اللبناني».
وتابع: «سننتقل اليوم إلى المرحلة الثانية التي سيكون فيها تعب، لأنه لا يمكن، وبأي شكل من الأشكال، أن نبدأ بالنهوض قبل أن ننتهي من هذا العذاب المفروض علينا، ونُخرج الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها، والتي لن يخرج منها إلا بما أنجزناه من اتفاق لترسيم الحدود البحرية». وسأل عون: «لماذا يقومون هم بمحاربتنا؟ لأن هناك تحقيقاً يوصلهم إلى المحاكم، نتيجة السرقات في المال العام، ومِن جيوبكم أنتم، ما يشكل أكبر جريمة مالية ترتكب في العالم».
وأعلن الرئيس عون، قائلاً: «إننا سنلتقي في أوقات مختلفة، وسنرى ردة الفعل على ترسيم الحدود، لأن هذا الأمر يدلنا على جديتهم. وإذا ما سيتم تعيين رئيس للصندوق السيادي، لأن هذا الصندوق هو الذي سيحفظ أموال النفط والغاز التي يجب أن يذهب قسم منها للإنماء، ويحفظ القسم الآخر للأجيال الطالعة لأن لهم الحق فيه، ولا يحق لنا صرفه بأكمله الآن. إن هذه التجربة قيد التنفيذ حالياً، وهي التدبير الوحيد الذي يحافظ على أموال الشعب، وأنتم من سيحمي هذه الأموال، ولا أحد غيركم».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.