سيارتان مفخختان تعمقان أحزان الصوماليين بـ100 قتيل و300 جريح

السلطة تتعهد دحر «الشباب»... وتدعو لتسميتها بـ«الخوارج»

الرئيس الصومالي خلال زيارته موقع التفجيرات في مقديشو (وكالة الأنباء الرسمية)
الرئيس الصومالي خلال زيارته موقع التفجيرات في مقديشو (وكالة الأنباء الرسمية)
TT

سيارتان مفخختان تعمقان أحزان الصوماليين بـ100 قتيل و300 جريح

الرئيس الصومالي خلال زيارته موقع التفجيرات في مقديشو (وكالة الأنباء الرسمية)
الرئيس الصومالي خلال زيارته موقع التفجيرات في مقديشو (وكالة الأنباء الرسمية)

أعلن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، استمرار الحرب على حركة الشباب المتطرفة التي أعلنت في المقابل مسؤوليتها عن الهجوم الانتحاري المزدوج الذي استهدف مقر وزارة التعليم في العاصمة مقديشو، وأدى إلى سقوط نحو 100 قتيل و300 جريح، في أعنف هجوم من نوعه منذ نحو 5 سنوات.
وقال حسن فجر اليوم، في بيان مصور بعد زيارة موقع التفجير: «حتى الآن وصل عدد القتلى إلى 100 و300 جريح»، لافتاً إلى أن عدد القتلى والجرحى مرشح للزيادة، وتابع: «التاريخ يعيد نفسه، لقد وقع الهجوم في المكان نفسه، وطال أناساً أبرياء أيضاً. هذا ظلم؛ لكن بإذن الله لن يتمكنوا من شن هجوم آخر في منطقة زوبي».
وأضاف: «البلد في حرب، في هذه الساعة التي أتحدث إليكم فيها، هناك حرب مستمرة، أبطال القوات المسلحة ضد الخوارج».
وأمر حسن الحكومة بتقديم الرعاية الطبية الطارئة للجرحى من الضحايا، كما قدم تعازيه لأسرهم، وقال لدى وقوفه على أنقاض مسجد دمرته التفجيرات، إن هذا الهجوم الوحشي تسبب في مقتل عشرة أشخاص كانوا يصلون في هذا المسجد، وهي إحدى الحوادث المأساوية التي تم تسجيلها. وقال إن الحكومة «ستوفر التعليم المجاني لجميع الأطفال الذين استُشهد آباؤهم في التفجيرات الإرهابية في البلاد».
ونقلت عنه «وكالة الأنباء الصومالية» الرسمية قوله: «يوماً بعد يوم، أصبحت وحشية وعداء العدو الإرهابي تجاه جميع الصوماليين أكثر وضوحاً، جراء الأعمال الوحشية التي يرتكبها، كالانفجارات، والقتل، وإطلاق النار، وحرق الآبار، وتدمير المساجد، واستهداف النساء والأطفال والمسنين»؛ مشيراً إلى أن «ما تقوم به ميليشيات الشباب من جرائم وانتهاكات هو بسبب الأموال التي يدفعها التجار الصوماليون لهم» الذين دعاهم مجدداً «لعدم دفع الأموال للعدو الإرهابي».
وأكد «أهمية تسمية العلماء الصوماليين علناً لميليشيات (الشباب) باسم (الخوارج)، الأمر الذي كشف كل ذرائعهم الكاذبة تجاه ديننا الإسلامي النبيل»، وأضاف: «اليوم لا يوجد شخص واحد يشك في الخطة الرسمية لإرهابيي (الشباب) لقتل شعبنا في أي مكان وفي أي وقت؛ لكن هذا لن ينجح بإذن الله وسنحرر البلد».
واعتبر حسن في تغريدة له عبر «تويتر» أنه «لا يمكن للهجوم الإرهابي الوحشي على الأبرياء من قبل مجموعة (الشباب) المفلسة أخلاقياً، والمجرم، أن يثبط عزيمتنا، ولكنه سيعزز عزمنا على هزيمتهم مرة واحدة وإلى الأبد»، وتعهد بأن «تواصل حكومتنا وشعبنا الشجاع الدفاع عن الصومال ضد الشر».
وكان رئيس الحكومة حمزة عبدي، قد اعتبر في بيان، أن ما وصفه بـ«الهجوم الإرهابي الشنيع»: «لن يثنينا عن مواصلة العمليات العسكرية بالتعاون مع السكان المحليين ضد الإرهابيين»، لافتاً إلى أن الهجوم يعكس مدى إصرار الإرهابيين على إراقة مزيد من دماء الشعب.
وأكد أن حكومته عازمة على دحر الإرهابيين، ودعا الشعب الصومالي إلى «مواصلة الثورة المسلحة لحين استئصال الإرهابيين من البلاد».
في المقابل، ادعت حركة «الشباب» في بيان لها بثته إذاعة الأندلس الناطقة باسمها، أن عناصرها استهدفت أحد مراكز العدو، وزعمت أن مقر وزارة التعليم هو «مركز لتنظيم حرب ذهنية ضد المسلمين في الصومال، لمحاربة المناهج التربوية الإسلامية، ونشر المناهج المنحرفة التي كتبها الكفار».
واتهمت الوزارة بتلقي دعم أجنبي لمحاربة العقيدة الإسلامية من النظام التعليمي للأطفال الصوماليين، واستبدال العلمانية والإلحاد بها، كما اتهمت الوزارة بلعب دور رئيسي في تجنيد الطلاب.
وادعت أن الهجوم وإطلاق النار أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وإلحاق أضرار بالمبنى الذي كانت تدور فيه المؤامرة، والمعدات التي كان يعمل عليها، مشيرة إلى سقوط ضباط مهمين في القطاع الأمني.
وكررت الحركة مطالبتها للشعب بالابتعاد عن قواعد ومراكز ومكاتب الحكومة، وتعهدت بمواصلة ما وصفته بـ«الجهاد ضد التحالف الدولي للصليبيين وأتباعهم المرتدين».
واستهدف انفجار مزدوج بسيارتين ملغومتين مقر وزارة التعليم بالعاصمة مقديشو، ومفترق طرق، ومدرسة. ونقلت وكالة «رويترز» عن ضابط الشرطة نور فرح: «أصاب انفجار سيارتين ملغومتين جدران الوزارة»، لافتاً إلى أن الانفجار الأول أصاب جدران مبنى الوزارة، ثم وقع الانفجار الثاني مع وصول سيارات الإسعاف وتجمع الناس لنجدة الضحايا.
وأعلنت نقابة الصحافيين الصوماليين مقتل صحافي وإصابة مصورين كانوا قد هرعوا لتغطية مكان التفجير الأول، عندما وقع التفجير الانتحاري الثاني. وطبقاً لما أعلنه المتحدث باسم الشرطة، الرائد صادق آدم، فقد استهدف الإرهابيون مراكز تعليمية بالقرب من تقاطع زوبي؛ حيث كان الشارع مزدحماً بالناس والمركبات لحظة وقوع التفجير.
وكُشف النقاب عن أن القوات الأمنية حصلت على معلومات عن المخطط الإرهابي، واتخذت الإجراءات الأمنية الاحترازية، ما أدى إلى تقليل الخسائر. ووقع الهجوم في المكان نفسه الذي شهد وقوع أكبر تفجير في الصومال في الشهر نفسه من عام 2017، والذي أودى بحياة ما يزيد على 500، بعدما انفجرت شاحنة ملغومة أمام فندق مكتظ عند تقاطع محاط بمكاتب حكومية ومطاعم وأكشاك.
في السياق ذاته، بحث قائد الجيش الصومالي العميد أدوا يوسف راغي، مع كبار ضباط قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام «أتميس» تعزيز العمليات العسكرية ضد ميليشيات حركة «الشباب» بهدف القضاء على الإرهابيين الذين يسعون لزعزعة الأمن والاستقرار.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.