المسيرات الإيرانية تشعل صداماً روسياً ـ غربياً حول ميثاق الأمم المتحدة

بقايا حطام طائرة مسيرة روسية استهدفت مواقع أوكرانية وتقول كييف إنها إيرانية الصنع (رويترز)
بقايا حطام طائرة مسيرة روسية استهدفت مواقع أوكرانية وتقول كييف إنها إيرانية الصنع (رويترز)
TT

المسيرات الإيرانية تشعل صداماً روسياً ـ غربياً حول ميثاق الأمم المتحدة

بقايا حطام طائرة مسيرة روسية استهدفت مواقع أوكرانية وتقول كييف إنها إيرانية الصنع (رويترز)
بقايا حطام طائرة مسيرة روسية استهدفت مواقع أوكرانية وتقول كييف إنها إيرانية الصنع (رويترز)

واجهت الدبلوماسية الروسية مصاعب جمة، خلال جلسة لمجلس الأمن طلبتها موسكو، في إقناع بقية الدول الأعضاء بأنه «لا يحق» للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاستجابة لمطالب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية بإرسال بعثة لتقصي الحقائق حول استخدام روسيا مسيرات ومعدات حربية أخرى استوردتها من إيران في استهداف المدنيين والمنشآت المدنية في أوكرانيا.
عقد الاجتماع بطلب من المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا رداً على رسائل وجهها نظراؤه الأميركية ليندا توماس غرينفيلد والفرنسي نيكولا دو ريفيير والبريطانية برباره وودوارد والألمانية آنتجي لينديرتسي لأن نقل إيران لطائرات الدرون إلى روسيا يتعارض مع قرار مجلس الأمن الرقم 2231 الذي أيد الاتفاق النووي الإيراني، والمعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، وتدعو هذه الرسائل إلى «دعم عمل» الأمانة العامة للأمم المتحدة في «إجراء تحقيق فني ونزيه» حول انتهاك القرار 2231.
واستمع أعضاء المجلس أولاً إلى إحاطة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية ميغيل دي سيربا سواريس حول المادة 100 من الميثاق، والتي تحدد «التزامات الأمين العام وموظفي الأمانة العامة في تصريف أعمالهم، والالتزامات المقابلة من جانب الدول الأعضاء تجاه الأمانة العامة». وهي تنص على أنه «ليس للأمين العام ولا للموظفين أن يطلبوا أو أن يتلقوا في تأدية واجبهم تعليمات من أي حكومة أو من أي سلطة خارجة عن الهيئة»، مؤكداً أنه «من دون الانحراف بأي شكل من الأشكال عن المعايير التي تطلب المادة 100»، فإن الأمانة العامة «مستعدة لتقييم المعلومات إذا طلبت الدول الأعضاء ذلك». ولم يرد المستشار القانوني سواريس بشكل مباشر على طلب روسيا، لكنه قال إنه «من الطبيعي» أن ترغب الدول الأعضاء في «ممارسة أكبر قدر ممكن من التأثير على نشاطات المنظمة». وأضاف «لا أعتقد أن أي شخص هنا يرغب في التأكيد على أن مثل هذه النشاطات تتعارض بأي شكل من الأشكال مع المادة 100 من الميثاق».

أما بالنسبة للقرار 2231، فقال إن الأمين العام يعد تقارير لمجلس الأمن كل ستة أشهر حول تنفيذه، ملاحظاً أنه «في التقارير الـ13 حتى الآن، تمكن الأمين العام من التعبير عن آرائه بشأن التطورات ذات الصلة». وأضاف أنه «في غياب المزيد من التوجيهات من مجلس الأمن، سيواصل الأمين العام إعداد هذه التقارير بالطريقة التي أعدت بها حتى الآن».
ويرقى هذا الكلام إلى موافقة غوتيريش على طلب الدول الغربية.
وعلى أثر ذلك، تحدث المندوب الروسي مستشهداً بالمادة 100 هذه، وبالتالي فإن «مجلس الأمن وحده هو الذي يمكن أن يفوض بإجراء تحقيق». ووصف الرسائل الغربية بأنها «أدلة على أن هذه الوفود تنتهك الفقرة الثانية من المادة 100 من ميثاق الأمم المتحدة». واتهم الدول المعنية بمحاولة التأثير على الأمانة العامة و«إجبارها على انتهاك» لميثاق الأمم المتحدة، معتبراً أن تصرفات وفود الدول الغربية يمثل «سابقة خطيرة في أعمال المجلس». وقال فاسيلي نيبينزيا إن الدعوات الغربية لإجراء تحقيق تشكل سابقة خطيرة. ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، أمس الخميس، عن نيبينزيا قوله: «تشكل تصرفات الوفود الغربية التي تطالب الأمانة العامة (للأمم المتحدة) بإجراء تحقيق في استخدام الطائرات من دون طيار سابقة شديدة الخطورة في عمل الأمم المتحدة. ومن الناحية القانونية، هم يريدون توسيعا مصطنعا لاختصاصات الأمانة العامة ومنحها وظائف إضافية عن طريق التعدي على صلاحيات مجلس الأمن».
ورد نائب المندوبة الأميركية روبرت وود حجة روسيا بأنها «مذهلة بكل بساطة» ومحاولة «لصرف الانتباه عن أخطائها الفادحة في أوكرانيا». وذكر بأن روسيا نفسها «قدمت طلبات» مماثلة إلى الأمين العام الذي قرر بناء على طلب روسي «إيفاد بعثة لتقصي الحقائق» في شأن الاتهامات حول الانتهاكات في السجون داخل أوكرانيا. واستشهد وود بتقرير صدر عام 2017 تحدث فيه الأمين العام عن تحقيق في مزاعم باستخدام صواريخ باليستية قدمتها إيران للحوثيين في اليمن لتنفيذ هجمات ضد المملكة العربية السعودية. وقال إن محققي الأمانة العامة سافروا إلى الرياض في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 لفحص حطام ستة صواريخ باليستية مرتبطة بهجمات الحوثيين. كما ذهب فريق الأمم المتحدة أيضاً إلى إسرائيل لفحص الطائرات الإيرانية من دون طيار التي اخترقت مجالها الجوي.
وكذلك اتهم المندوب الفرنسي نيكولا دي ريفيير روسيا بانتهاك ميثاق الأمم المتحدة باستمرار «والدوس على مبادئها من خلال غزو جارتها والادعاء بضم أراضيها». ووصف نائب المندوب البريطاني جيمس كاريوكي ما تقوم به روسيا بأنه «محاولة أخرى لصرف الانتباه عن جرائمها في أوكرانيا، وإخفاق إيران وروسيا في الالتزام بالتزاماتهما الدولية». ورأى مبعوثون غربيون آخرون أن روسيا تضيع وقت مجلس الأمن.
ووصفت نائبة المندوب الأوكراني الاجتماع بأنه محاولة روسية لتشتيت الانتباه عن «جريمة عدوانها وجرائم الحرب والجرائم ضد البشرية التي ترتكبها في بلادي». وقالت إن «نداء روسيا من أجل الميثاق يعتبر ضربا من النفاق». ورأت أن المحاولات الروسية «لعرقلة التحقيق ما هي إلا محاولات للضغط على الأمانة بهدف التملص من أي مسؤولية». أما المندوب الإيراني أمير سعيد إيرواني فرأى أن هناك «محاولة يائسة» من الولايات المتحدة لـ«اصطناع رابط زائف ما بين أحكام القرار 2231 واستخدام الطائرات المسيرة في النزاع الدائر في أوكرانيا عبر نشرها ادعاءات لا أساس لها من الصحة».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.