عقار للسرطان مرشح لعلاج الملاريا

يثبط بروتينات مهمة في الطفيلي المسبب للمرض

أنثى بعوضة الأنوفوليس تنقل طفيلي الملاريا من شخص لآخر (أرشيفية)
أنثى بعوضة الأنوفوليس تنقل طفيلي الملاريا من شخص لآخر (أرشيفية)
TT

عقار للسرطان مرشح لعلاج الملاريا

أنثى بعوضة الأنوفوليس تنقل طفيلي الملاريا من شخص لآخر (أرشيفية)
أنثى بعوضة الأنوفوليس تنقل طفيلي الملاريا من شخص لآخر (أرشيفية)

أظهر عقار للسرطان قيد التجارب السريرية حالياً، إمكانية الحماية من الملاريا وعلاجها ومنع انتقالها.
ويقدم الاكتشاف الرائع الذي توصل إليه فريق دولي يضم باحثين من جامعتي كيب تاون بجنوب أفريقيا وولاية بنسلفانيا الأميركية، ونشرت نتائجه في دراسة جديدة ظهرت في 19 أكتوبر (تشرين الأول) بمجلة «ساينس ترانسليشن ميدسين»، أملاً جديداً ضد مرض يقتل أكثر من نصف مليون شخص سنويا، ويؤثر بشدة على الأطفال دون سن الخامسة والنساء الحوامل والمرضى المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية.
ويقول مانويل لليناس، أستاذ الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية والكيمياء بجامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، في تقرير نشره (الأربعاء) الموقع الإلكتروني للجامعة: «أدت الاضطرابات التي لحقت باللقاحات والعلاج والرعاية أثناء انتشار جائحة «كوفيد – 19» جنباً إلى جنب مع التقارير المتزايدة عن مقاومة علاجات الخط الأول المكونة من مادة (الأرتيميسينين)، إلى زيادة حالات الملاريا والوفيات في جميع أنحاء العالم، لذلك فإن تحديد طرق جديدة لعلاج المرض أمر بالغ الأهمية لمكافحة الملاريا».
وخلال التجارب التي أجريت بالدراسة، اكتشف فريق البحث أن «سابانيسيرتيب»، وهو دواء قيد التجارب السريرية حالياً لعلاج أنواع مختلفة من السرطان، بما في ذلك سرطان الثدي وسرطان بطانة الرحم والورم الأرومي الدبقي وسرطان الخلايا الكلوية وسرطان الغدة الدرقية، يمكن استخدامه لعلاج الملاريا.
ووجد الباحثون أن «سابانيسيرتيب» لديه القدرة على علاج ومنع انتقال الملاريا عن طريق قتل طفيلي الملاريا في عدة مراحل خلال دورة حياته داخل مضيفه البشري، وهذا يشمل عندما يكون الطفيل في الكبد؛ حيث ينمو ويتكاثر أولاً، وعندما يكون داخل خلايا الدم الحمراء للمضيف؛ حيث تتم ملاحظة الأعراض السريرية، وعندما ينقسم جنسياً داخل خلايا الدم الحمراء المضيفة لإنتاج الأشكال المعدية للطفيلي، وعادة ما يتم أخذ الشكل القابل للانتقال من قبل أنثى بعوضة (الأنوفوليس)، أثناء تناولها وجبة الدم من البشر وتنتقل خلال وجبات الدم اللاحقة لإصابة شخص آخر، لذلك يجب أن يمنع قتل الطفيلي أيضاً العدوى اللاحقة.
كما أنشأ الباحثون الآلية التي يقتل بها «السابانيسيرتيب» طفيلي الملاريا البشري، ووجدوا أن العقار يثبط عدة بروتينات تسمى «كينازات» في طفيلي الملاريا.
واستفاد فريق البحث من نهج يُعرف باسم «تغيير الغرض من الدواء»، الذي يهدف إلى إيجاد استخدامات جديدة لعقار موجود، تمت الموافقة عليه من قبل وكالة تنظيمية في منطقة مرضية واحدة، لمرض آخر.
ويستخدم هذا النهج للتحايل على تحديات اكتشاف وتطوير دواء جديد من الصفر، وهي عملية طويلة ومكلفة، وغالباً ما تكون ذات عوائد منخفضة من حيث عدد الأدوية التي تصل في النهاية إلى السوق.
ويقول كيلي شيبالي، مؤسس ومدير مركز اكتشاف وتطوير الأدوية في جامعة كاليفورنيا، تعليقاً على الدراسة: «تتفاقم المشكلة في الأمراض المدارية المهملة مثل الملاريا، حيث تقل الموارد الحالية وتكون العائدات المالية منخفضة، ونهج إعادة استخدام الأدوية الموجودة كعلاجات محتملة لأمراض أخرى، يقصر العملية، وفي هذه الحالة فإن دواء (السابانيسيرتيب)، قد مر بعدة مراحل من التطوير السريري، وستكون لديه ملامح أمان في البشر».
وفي حين تم العثور أحياناً على استخدامات جديدة للأدوية المعتمدة مصادفة، توجد استراتيجيات لتحديد الأدوية التي يمكن استخدامها لأمراض أخرى بشكل منطقي.
وفي هذه الدراسة، استغل الفريق الأدوية التي تعمل على أهداف بروتينية من أصل بشري، التي قد تكون نشطة في أهداف بروتينية مماثلة في طفيلي الملاريا.
ويمنع «السابانيسيرتيب» في استخداماته لعلاج السرطان، بروتين كيناز يسمى (mTOR) الذي ينظم مجموعة متنوعة من العمليات الخلوية، ووجد الباحثون أن استجابة طفيلي الملاريا للدواء تشبه تثبيط مثبطات بروتين كيناز الأخرى.



تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».