الحكومة التونسية تتخذ إجراءات عاجلة لضمان الأمن .. ومسيرات غاضبة تندد بالإرهاب

منظمات تخشى من انعكاس الإجراءات الأمنية على الحريات وحقوق الإنسان

دورية أمن تتأكد من هوية أحد المواطنين بالقرب من الفندق الذي تعرض للهجوم (أ.ف.ب)
دورية أمن تتأكد من هوية أحد المواطنين بالقرب من الفندق الذي تعرض للهجوم (أ.ف.ب)
TT

الحكومة التونسية تتخذ إجراءات عاجلة لضمان الأمن .. ومسيرات غاضبة تندد بالإرهاب

دورية أمن تتأكد من هوية أحد المواطنين بالقرب من الفندق الذي تعرض للهجوم (أ.ف.ب)
دورية أمن تتأكد من هوية أحد المواطنين بالقرب من الفندق الذي تعرض للهجوم (أ.ف.ب)

قررت الحكومة التونسية دعوة جيش الاحتياط من أجل تعزيز الوجود العسكري والأمني داخل المناطق الحساسة والمواقع التي قد تكون هدفًا لهجمات العناصر المتطرفة، وتكثيف الحملات والمداهمات لتتبع العناصر المشبوهة والخلايا النائمة، وذلك في إطار احترام القوانين المنظمة للحريات وحقوق الإنسان.
فبعد اجتماع خلية الأزمة التي أشرف عليها الحبيب الصيد، أمس، بحضور وزيري العدل والداخلية وقيادات أمنية وعسكرية، اتخذت الحكومة مجموعة من القرارات المستعجلة، ومن أبرزها اعتبار الإضرابات العشوائية ضربًا للمؤسستين الأمنية والعسكرية. كما ينتظر حظر أنشطة بعض الأحزاب التي قد تكون حرضت على الإرهاب بطريقة غير مباشرة.
وكان الرئيس التونسي قد لمّح إلى إمكانية اتخاذ قرارات موجعة قد تصل إلى سحب الترخيص القانوني لعدد من الأحزاب السياسية.
من جهته، أعلن الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، في ساعة متأخرة مساء أول من أمس، خلال اجتماع خلية التنسيق الأمني والمتابعة، عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات، أهمها فتح تحقيق وإجراء تقييم شامل للهجوم الإرهابي الذي عرفته المنطقة السياحية بسوسة، وتحديد المسؤوليات خاصة على المستوى الأمني، وإعلان جبال سمامة ومغيلة، وبيرينو وللا عيشة، وورغة وتوشة، الممتدة بين الكاف وجندوبة والقصرين (شمال ووسط غربي) مناطق عسكرية مغلقة، بما يسهل عمليات التدخل وملاحقة الإرهابيين.
كما قررت الحكومة وضع مخطط استثنائي لضمان تأمين المناطق السياحية والمواقع الأثرية، ونشر وحدات من الأمن السياحي، تكون مسلحة على كامل الشريط الساحلي وداخل الفنادق بداية من فاتح يوليو (تموز) المقبل. والدعوة إلى مؤتمر وطني لمقاومة الإرهاب خلال شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، تشارك فيه كافة مكونات المجتمع المدني والأحزاب والمنظمات التونسية، إضافة إلى رصد مكافأة مالية إلى كل من يدلي بمعلومات تمكن من القبض على عناصر إرهابية. ومن المنتظر أن يجتمع اليوم مجلس الأمن القومي، برئاسة الباجي قائد السبسي، الذي يضم قيادات أمنية وعسكرية للنظر في إجراءات إضافية. إلا أن عدة منظمات حقوقية تخشى من انعكاس إجراءات محاربة الإرهاب على منسوب الحريات العامة والفردية وحقوق الإنسان.
وبخصوص أعمال اجتماع مجلس الأمن القومي، قال معز السيناوي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، إن المجلس سينعقد من أجل النظر في إجراءات تكميلية لمجابهة الوضع الحالي، والحد من تبعات الضربة الإرهابية التي وقعت، أول من أمس، في مدينة سوسة، مشددًا على أنه «لا بد من شن حرب شاملة ضد الإرهاب تشمل مختلف الأطراف الوطنية من أجل رد فعل يكون في مستوى العملية الإرهابية الموجعة التي ضربت صورة تونس».
من جانبها، قالت زهرة إدريس، صاحبة الفندق الذي تعرض للهجوم، إنّها طلبت من رئيس الحكومة تخصيص رجال أمن مسلّحين لحراسة الفنادق، على أن يتكفّل أصحابها بدفع كلّ مستحقّاتهم، وعبرت عن رفضها لقرار تسليح حراس الفنادق لأنهم غير مؤهلين لحمل السلاح واستعماله، حسب رأيها. وأدان حزب التحرير التونسي، الذي يدعو إلى إرساء نظام الخلافة، العملية الإرهابية بشدة، وقال في بيان له: «إن الخطير في هذه العملية هو مدى الاختراق الأمني وعدد الضحايا ورمزية العملية».
وعلى صعيد متصل، خرج المئات من المحتجين من أنصار حركة النهضة الإسلامية، مساء أول من أمس، وسط العاصمة التونسية للتنديد بالهجوم الإرهابي، الذي أوقع 39 قتيلاً، حيث تقاطر المحتجون على شارع الحبيب بورقيبة، رافعين شعارات منددة بالإرهاب، من بينها «الإرهاب ضد الإسلام» و«الإرهاب ضد تونس»، و«يا إرهابي يا جبان شعب تونس لا يهان».
وكان حزب حركة النهضة، الشريك في الائتلاف الحاكم والكتلة الثانية في البرلمان، قد دعا في بيان له إلى «الخروج في مسيرات غضب وتعبير عن التضامن والوحدة الوطنية في مواجهة جرائم الإرهاب المقيت». وقال الحزب إن استهداف القتلة للسياحة فيه استهداف للتونسيين، ومحاولة لضرب اقتصاد البلاد واستقرارها، حيث قال عبد الحميد الجلاصي، نائب رئيس حركة النهضة، وسط التجمع إن «أذرع تونس مفتوحة لكل ضيوف تونس. ونحن نريد أن نقول للإرهابيين لن تمروا، وللشعب التونسي إن المعارك الكبيرة تقتضي التكاتف».
ودعت «النهضة» إلى صياغة استراتيجية وطنية لمواجهة شاملة للإرهاب عبر مؤتمر وطني يعقد في أقرب الآجال.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.