هوية مومياء نفرتيتي تثير ترقب علماء المصريات

حواس أعلن عن قرب اكتشافها

رأس تمثال نفرتيتي في متحف برلين (أ.ف.ب)
رأس تمثال نفرتيتي في متحف برلين (أ.ف.ب)
TT

هوية مومياء نفرتيتي تثير ترقب علماء المصريات

رأس تمثال نفرتيتي في متحف برلين (أ.ف.ب)
رأس تمثال نفرتيتي في متحف برلين (أ.ف.ب)

منذ إعلان زاهي حواس، عالم المصريات الشهير، ووزير الآثار المصري الأسبق، عن مساعيه لاكتشاف مومياء نفرتيتي، مرجحاً إعلان ما توصل إليه بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني) المقبلين، بدا علماء المصريات في حالة ترقب للكشف الكبير الذي طالما كان محل بحث وجدل بين المتخصصين بالمجال.
تصريحات حواس كان قالها في حوار مع صحيفة «الإندبندنتي» الإسبانية في منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، أثناء وجوده في مدريد لإلقاء محاضرة بعنوان «المرأة في مصر الفرعونية»، ضمن فعاليات معرض «بنات النيل»، الذي يجمع 300 قطعة من اثنتي عشرة دولة.
يجزم الرجل أن «لدينا (الباحثون) بالفعل الحمض النووي من مومياوات الأسرة الثامنة عشرة، من إخناتون إلى أمنحتب الثاني والثالث، وهناك مومياواتان بالمقبرة (KV21) لم يتم تسميتهما، قد يحلان لغز مومياء (عنخسين آمون)، زوجة توت عنخ آمون، ووالدتها نفرتيتي، كما توجد في المقبرة (KV35) مومياء صبي يبلغ من العمر عشر سنوات، وإذا كان هذا الصبي الغامض، هو شقيق توت عنخ آمون ونجل إخناتون، وهذا ما نسعى لإثباته حالياً، فسيتم تأكيد أن نفرتيتي حكمت ثلاث سنوات تحت اسم (سمنخ كا رع)».
هذه التصريحات حاول علماء المصريات حول العالم تفسيرها، وكان السؤال المهم الذي أثاره مايكل هيبكت، عالم المصريات في كلية الآثار بجامعة «فليندرز» الأسترالية ومركز أبحاث «فاباب» بإيطاليا في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، هو: «أي المومياوات المرجعية التي سيتم الاعتماد عليها لمضاهاة الحمض النووي الخاص بها مع أي مومياء مجهولة؟ للخروج بنتيجة أن المومياء المجهولة هي مومياء نفرتيتي».

زاهي حواس أمام إحدى المومياوات الملكية (صحيفة الإندبندنت)

ويقول: «هناك مومياء السيدة الشابة في المقبرة (KV 35) والمقبولة على نطاق واسع على أنها الأم الوراثية لتوت عنخ آمون، ومنذ عام 2010 يدعم عدد متزايد من علماء المصريات النظرية القائلة إن هذه السيدة الشابة يجب أن تكون الملكة نفرتيتي، لأن هناك تشابهاً في الوجه مع صور نفرتيتي، كما يوجد نقش في المقبرة الملكية للعمارنة، يشير إلى أن نفرتيتي قد تكون والدة لطفل عمره 12 عاماً، ومن ثم يجب أن يكون هذا الطفل هو توت عنخ آمون، فهل تم حل اللغز مؤخراً من خلال هذه السيدة الشابة، التي ستقود إلى اكتشاف ابنتها، وهي زوجة توت عنخ آمون (ملوك الفراعنة كانوا يتزوجون شقيقاتهم)، وذلك من خلال مضاهاة الحمض النووي الخاص بها مع المومياوات المجهولة في (KV21)».
وعن مومياء الصبي الغامض التي أشار إليها حواس يوضح هيبكت، أن «هذا الصبي الغامض إذا كان بالفعل شقيق توت عنخ آمون، فهل معنى ذلك أن وفاته منحت نفرتيتي الحكم ثلاث سنوات بعد وفاة زوجها إخناتون تحت اسم (سمنخ كا رع)؟».
لم يستطع هيبكت أن يجزم بشيء، مكتفياً بتساؤلات طرحتها تصريحات حواس المشوقة، غير أن زميله فرانشيسكو ماريا جالاسي، عالم المصريات في كلية الآثار بجامعة «فليندرز» الأسترالية ومركز أبحاث «فاباب» بإيطاليا، رفض أن يخوض في التساؤلات، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «تصريحات حواس محيرة، دعنا ننتظر حتى أكتوبر أو نوفمبر لنتابع ما سيتم إعلانه ونقيم النتائج بالكامل».
ومثل جالاسي ينتظر المؤرخ وكاتب علم المصريات بسام الشماع مفاجأة زاهي حواس في أكتوبر أو نوفمبر، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «أتمنى بالطبع مثل أي شخص مهتم بالحضارة المصرية، أن يتم الإعلان عن اكتشاف مومياء نفرتيتي، ولكن لا أظن أن مومياء نفرتيتي موجودة من الأصل سواء في الأقصر أو أي مكان آخر، لأسباب دينية وسياسية».
وأضاف أن «زوجة الملك أخناتون، فضلاً عن إخناتون نفسه، ليس من المنطقي أن يتم دفنهما في طيبة (الأقصر حالياً) التي كان يسيطر عليها كهنة (آمون)، الذي أعلن إخناتون الحرب عليهم، لذلك فإني لا أثق إلى الآن في اكتشاف مومياء إخناتون، ولا أثق كذلك في أنه سيتم العثور على مومياء نفرتيتي».
وعن احتمالية أن يكون قد تم نقل هذه المومياوات في عهد توت عنخ آمون بعد أن عاد الملك الشاب إلى ديانة (آمون) بطيبة، يقول الشماع: «لا أظن أن ذلك صحيحاً، لأنه لو كان صحيحاً، لقام توت عنخ آمون بدفن (زوجة أبيه) أو (أمه) كما يرى فريق من العلماء، في مقبرة ملكية، وليس مقبرة هامشية ومستعملة».
وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالدكتور حواس، الذي اكتفى بتصريح مقتضب قال فيه: «ما زال البحث جارياً عن نفرتيتي بين المومياوات المجهولة من الأسرة الـ18. التي نقوم بفحصها حالياً».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

يوميات الشرق مدخل مقبرة بسقارة

مصر: اكتشاف مصاطب ومقابر أثرية تبوح بأسرار جديدة عن سقارة

ما زالت منطقة سقارة الأثرية تبوح بأسرارها، حيث اكتشفت البعثة الأثرية المصرية اليابانية مصاطب ومقابر ودفنات تكشف مزيداً عن تاريخ هذه المنطقة الأثرية المهمة. …

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية بالقاهرة، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأثر ثلاثي الأصبع (جامعة برمنغهام)

من هنا مرَّت الديناصورات...

اكتشف عامل محاجر بريطاني أكبر موقع لآثار الديناصورات في البلاد، وذلك في محجر بمقاطعة أكسفوردشاير، جنوب شرقي إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون ثلاث قطع أثرية من موقع الدُّور في أم القيوين

قطع أثرية يونانية من موقع الدُّور

يحتل موقع الدُّور مكانة بارزة في سلسلة المواقع الأثرية التي كشفت عنها أعمال التنقيب المتواصلة في دولة الإمارات العربية

محمود الزيباوي

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
TT

«إنسانية» الآلة تتخطى البشر... و«تطبيقات الذكاء الاصطناعي» أكثر تعاطفاً منا!

مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)
مستخدمو تطبيق قائم على الذكاء الاصطناعي قيّموا التعاطف الرقمي بدرجة أكبر من نظيره البشري (رويترز)

يعد الكثيرون أن التعاطف هو «حجر الزاوية» في العلاج الفعال للصحة العقلية. ويتفق عدد من الخبراء على أن التعاطف يخلق مشاعر الثقة، ويقلل من المشاعر السلبية، ويعزز احترام الذات، وفق ما ذكره موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية.

لكن، هل يمكن للأجهزة الرقمية أن تُظهر التعاطف؟

تتمتع تطبيقات الصحة العقلية الرقمية بلحظة اختراق حقيقية. ويُظهر الذكاء الاصطناعي أملاً كبيراً في محاكاة المحادثة البشرية. لكن هل يمكن للتعاطف الرقمي أن يتنافس مع التعاطف الإنساني؟

كجزء من مشروع مستمر، أُجري اختبار لقياس تأثير الاستجابات التي يولدها الكمبيوتر عن طريق تطبيق مُصمم حديثاً على الأفراد الذين يبحثون عن الراحة من الأفكار والمشاعر السلبية.

ووفق «سيكولوجي توداي»، فقد سعى الاختبار إلى القياس بـ«طريقة هادفة» حول ما إذا كان الناس يستفيدون بما يسمى «التعاطف الرقمي».

التعاطف الرقمي يفوق التوقعات

وباستطلاع آراء 290 من مختبري الإصدار التجريبي، الذين استخدموا التطبيق في شتاء 2023-2024، الذين طُلب منهم تقييم مستوى الدفء والتفهم الذي شعروا به مع الأصدقاء والأحباء على مقياس من 0 (ليس على الإطلاق) إلى 100 (ممتاز)، وبعد ذلك، طُلب منهم التنبؤ بمدى الدفء والتفهم الذي سيتلقونه من التطبيق، لم يُبلغ معظم مختبري الإصدار التجريبي عن الكثير من الدفء من الأصدقاء كما من التطبيق. ولعل هذا يعكس الاعتقاد السائد منذ فترة طويلة بأن التكنولوجيا هي بطبيعتها «غير شخصية» و«أقل من» الإنسان.

لكن عندما استخدم المشاركون التطبيق بعد تطويره للرد، كما لو كان في محادثة حقيقية «وجهاً لوجه»، عبّر التطبيق عن التفهم، وقدّم الدفء، واقترح العديد من الطرق الجديدة لتحدي الأفكار التي أثارت مشاعر المستخدمين السلبية.

وبمجرد أن بدأ المستخدمون في التفاعل مع التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي، تغيرت تصوراتهم عن «التعاطف الرقمي» بشكل كبير. وفي نهاية الاختبار التجريبي الذي دام أربعة أسابيع، قيّموا مقدار الدفء الرقمي بما يقرب من ضعفي المستوى البشري و«أعلى بكثير مما توقعوه».

قيّم المشاركون التعاطف الرقمي بمستوى أعلى من الدفء والتفاهم

وتشير هذه النتائج بقوة إلى أن التطبيق قد يكون في الواقع أفضل من البشر في التعاطف. وأشار الاختبار أيضاً إلى أنه قد لا يكون هناك حقاً أي شيء فريد أو خاص بشأن التعاطف الإنساني.

لقد تحسن مستخدمو التطبيق بشكل كبير وسريع، وأبلغوا عن انخفاض بنسبة 50-60 في المائة في جميع المشاعر السلبية بعد ثلاثة أيام من استخدام التطبيق، واستمر هذا التحسن طوال مدة الاختبار التجريبي وفي فترة المتابعة لمدة خمسة أسابيع.

أبلغ المستخدمون عن تحسن كبير في المشاعر السلبية بعد استخدام التطبيق القائم على الذكاء الاصطناعي

وأكد الاختبار أن الأجهزة الرقمية «يمكنها القيام بعمل رائع في التعاطف». بالإضافة إلى ذلك، أكد أن «التغيرات السريعة والدراماتيكية في مجموعة واسعة من المشاعر السلبية» أمر ممكن لدى معظم المستخدمين.

ومع التقدم في الذكاء الاصطناعي وتقنيات العلاج الجديدة، يمكن الآن التطلع إلى تطبيقات قابلة للتطوير وأكثر قوة في المستقبل القريب.