تونس تستعيد دبلوماسييها المختطفين.. وتغلق قنصليتها في طرابلس

البكوش: المفاوضات حصلت بين جهات رسمية.. ولا دخل للوزارة بملف القليب

عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)
عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)
TT

تونس تستعيد دبلوماسييها المختطفين.. وتغلق قنصليتها في طرابلس

عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)
عائلات الدبلوماسيين التونسيين كانت في مقدمة المستقبلين بمطار تونس بعد إطلاق سراحهم في ليبيا أمس (رويترز)

وصل الدبلوماسيون التونسيون العشرة المختطفون، الذين تم إطلاق سراحهم من قبل مجموعات مسلحة في ليبيا، سالمين إلى المطار العسكري بمنطقة العوينة في تونس العاصمة، وكان في استقبالهم الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي. وقد رافق المختطفين العشرة 13 شخصا من موظفي القنصلية التونسية في طرابلس التي أعلن البكوش عن قرار إغلاقها.
وأكد مختار الشواشي، المتحدث باسم وزارة الخارجية التونسية، وصول الدبلوماسيين التونسيين المحتجزين في ليبيا، وقال إن عدد العائدين إلى تونس بلغ 23 شخصا من أعوان وموظفي القنصلية، وبمجرد الإعلان عن وصولهم تدافعت وسائل الإعلام لتغطية الحدث والتحدث إلى الدبلوماسيين المحررين، وذلك بعد جولات طويلة من المفاوضات بين تونس والمجموعات المسلحة في طرابلس.
وذكر الشواشي أن طائرة عسكرية أقلت الدبلوماسيين من معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا وهبطت في مطار العوينة العسكري. وقد تمت العملية على مرحلتين: الأولى بتسلم الدبلوماسيين التونسيين المختطفين من الجانب الليبي عبر المعبر الحدودي رأس الجدير، والثانية عبر نقلهم إلى تونس العاصمة. وكان في استقبال الدبلوماسيين المختطفين بالمعبر الحدودي والي (محافظ) مدنين الذي أكد سلامتهم الجسدية.
وبمجرد وصول الدبلوماسيين التونسيين المختطفين إلى رأس الجدير، والإعلان الرسمي عن تحريرهم، سلمت تونس فجر أمس الجمعة وليد القليب، القيادي في تنظيم «فجر ليبيا»، المسجون لدى تونس منذ يوم 18 مايو (أيار) الماضي، إلى السلطات الليبية في طرابلس، وذلك في إطار الاتفاقية التي أبرمت بين السلطات التونسية والجهات الخاطفة.
ونجحت تونس في تأمين عملية الإفراج عن الدبلوماسيين التونسيين دون خسائر بشرية، وذلك بمقتضى اتفاق تونسي ليبي يقضي بتسليم وليد القليب، مقابل عودة الدبلوماسيين التونسيين المختطفين في العاصمة الليبية طرابلس منذ الجمعة الماضية.
وبهذا الخصوص قال الطيب البكوش، وزير الخارجية التونسي، في تصريح إعلامي إن الحكومة التونسية قررت وقف أعمالها القنصلية في العاصمة الليبية طرابلس بعد أن اقتحم مسلحون القنصلية قبل نحو أسبوع، وخطفوا عشرة موظفين، وأوضح أن إغلاق القنصلية يأتي بعد حصول عمليات الاقتحام والاختطاف.
وبخصوص نجاح المفاوضات مع الجهات الليبية المسلحة، أعلن البكوش أنها حصلت بين جهات رسمية، أي بين وزارة الخارجية وحكومة طرابلس، مشيرا إلى أن الوزارة وجهت رسالة إلى الجانب الليبي، مفادها أنها ستتعامل معها سياسيا، وأنها لا تتدخل في المسائل والملفات القضائية، مؤكدا أن قضية وليد القليب مسألة قضائية لا دخل للوزارة بها.
وخلافا لتصريحات وزير الخارجية التونسي، فإن معظم المعطيات المتوفرة من خلال التصريحات التي أدلت بها القيادات الليبية، تؤكد أن تحرير كل أفراد البعثة التونسية كان في مقابل تسليم تونس لوليد القليب إلى السلطات الليبية. وإثر نجاح عملية المقايضة، دعت تونس كل العاملين في القنصلية إلى مغادرتها، والعودة إلى تونس، كما دعت وزارة الخارجية كافة التونسيين إلى تجنب السفر إلى ليبيا، وحملت من يخالف ذلك مسؤولية ما قد يتعرض له. فيما أعلن وزير الخارجية إغلاق مقر القنصلية التونسية بطرابلس بسبب «إخلال الجانب الليبي بتعهداته بتأمين المقر وسلامة البعثة الدبلوماسية التونسية» حسب تعبيره.
وفي ظل معلومات أولية تشير إلى تعرض الدبلوماسيين التونسيين المختطفين لسوء المعاملة، نفى البشير السناوي، وهو أحد الدبلوماسيين التونسيين الذين جرى تحريرهم، تعرضهم للتعذيب، وقال في تصريح لوسائل الإعلام «لم نتلق تهديدات ولم يتم تعذيبنا. وقد عشنا لحظات صعبة فعلا عند الاختطاف، لكننا عوملنا بطريقة إيجابية.. فقد كانوا يقدمون لنا ثلاث وجبات في اليوم، وعند الإعلان عن حلول شهر الصيام قدموا لنا السحور الخاص بأول ليلة فجر الأربعاء، وكانت الأجواء عادية، وخلافا لما تم تداوله فإن الاحتجاز كان في أحد المنازل بضواحي طرابلس وليس بالسجن». ونفى السناوي تعرض أي من الوفد التونسي، المكون من عشرة موظفين بالبعثة، لسوء معاملة.
لكن في مطار العوينة، حيث تمت عملية استقبال الدبلوماسيين المختطفين، بدا أن أحد المختطفين قد تعرض لاعتداء في الرأس، إلا أنه رفض تأكيد حصول الاعتداء، كما أشيعت أنباء عن تعرض المختطفين لاعتداءات متنوعة، إلا أنهم رفضوا التصريح بذلك لأسباب ما تزال مجهولة.
وفي السياق ذاته، قال جمال السايبي، أحد المختطفين، إن وليد القليب اتصل بالخاطفين من سجنه من تونس، وأكد أن المعاملة كانت سيئة خلال اليومين الأولين من حدوث الاختطاف، لكنها تغيرت بعد الاتصال بالقليب والاطمئنان على سلامته. وأفاد أنهم تعرضوا إلى الضرب خلال اليومين الأولين ولمعاملة نفسية صعبة قبل أن تنفرج الأمور، على حد تعبيره.
وسجن الليبي وليد القليب يوم 18 مايو (أيار) الماضي في تونس، وهو قيادي بارز في تنظيم «فجر ليبيا» للاشتباه في تورطه في تشكيل معتقلات ومعسكرات في ليبيا واستغلالها لاحتجاز مدنيين من بينهم تونسيون. إلا أن التطورات التي أعقبت عملية اعتقال القليب سلطت ضغوطات كبرى على السلطات التونسية، إثر احتجاز 172 عاملا تونسيا في ليبيا في مرحلة أولى، وإطلاق سراحهم على دفعات، ثم مهاجمة القنصلية التونسية في طرابلس يوم الجمعة 12 يونيو (حزيران) الجاري، واحتجاز عشرة دبلوماسيين تونسيين من قبل عناصر مسلحة قيل إنها على علاقة بالقيادي الليبي المذكور. واشترطت هذه العناصر المسلحة الإفراج عن وليد القليب لإطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين المختطفين.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.