انقلابيو اليمن يستغلون منابر المساجد للحض على التبرع لهم بالأموال

جانب من فعالية ذات صبغة طائفية أقيمت في الضواحي الجنوبية لصنعاء (إعلام حوثي)
جانب من فعالية ذات صبغة طائفية أقيمت في الضواحي الجنوبية لصنعاء (إعلام حوثي)
TT

انقلابيو اليمن يستغلون منابر المساجد للحض على التبرع لهم بالأموال

جانب من فعالية ذات صبغة طائفية أقيمت في الضواحي الجنوبية لصنعاء (إعلام حوثي)
جانب من فعالية ذات صبغة طائفية أقيمت في الضواحي الجنوبية لصنعاء (إعلام حوثي)

لم تكتفِ الميليشيات الحوثية باستغلالها منابر المساجد وتحويلها إلى أداة لبث الطائفية والتحريض على القتل والتعبئة والتحشيد إلى جبهاتها فحسب؛ بل امتد ذلك إلى قيامها بإصدار تعليمات تحض معمميها على دعوة رواد المساجد للتبرع بالأموال للإنفاق على احتفالات «المولد النبوي»، وهي المناسبة التي تحولت منذ الانقلاب إلى مهرجانات سياسية طائفية، لتكريس أحقية زعيم الجماعة وسلالته في الحكم.
وأفادت مصادر محلية في صنعاء، «الشرق الأوسط»، بأن معممي الجماعة دعوا من على منابر المساجد خلال خطبتي صلاة الجمعة الماضية في صنعاء وريفها، المواطنين إلى الشروع في تزيين الشوارع والمنازل والمحال التجارية والمساجد والأحياء والحارات على نفقاتهم الخاصة، تزامناً مع تدشين موسم الجباية الحوثي هذا العام بتلك المناسبة.
ووسط تغاضي الميليشيات عن سلسلة تحذيرات من حدوث مجاعة وشيكة في أغلب مدن بسطتها، وتأكيد تقارير دولية احتياج نحو 23.4 مليون يمني إلى المساعدات الإنسانية خلال العام الجاري، ذكر شهود في أحياء السنينة وشملان وبيت بوس والقاع ودارس وباب اليمن، وغيرها، لـ«الشرق الأوسط»، أن المعممين الحوثيين طالبوا بتقديم المساعدة لجماعتهم، والمشاركة في استقبال وإحياء فعاليتي «المولد النبوي» و«ذكرى انقلابهم» التي تصادف الـ21 من سبتمبر (أيلول) الجاري.
ووفقاً للشهود، فقد نقل المعممون من فوق المنابر تعميمات أخرى شفهية صادرة عما تسمى «اللجنة الحوثية الإشرافية للمولد النبوي»، حضت اليمنيين بمناطق سيطرتهم على مواكبة الاستعدادات بتلك المناسبة، وإحياء الندوات والأمسيات، وتقديم المبالغ المالية.
وتكاد منابر المساجد في العاصمة وريفها تكون متشابهة في تحريضها ودعواتها ومطالباتها المصلين بتمويل فعاليات حوثية دخيلة عليهم وعلى مجتمعهم.
وذكر مصلون بمساجد أخرى بريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن خطباء الميليشيات شرعوا منذ الجمعة الماضي في استعطافهم، واستغلال ذكرى مولد الرسول الكريم محمد، وتحويلها من مناسبة دينية إلى أخرى سياسية وجبائية، هدفها التكسب وتكريس أحقية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في الحكم.
وأوضحوا أن الانقلابيين عادة ما يفرضون الإتاوات المالية على المواطنين والتجار، لدعم إقامة الفعاليات ذات الصبغة الطائفية التي ينظمونها تحت لافتات مختلفة، أبرزها ذكرى المولد النبوي الشريف.
ويقول السكان في صنعاء إن عودة استهداف الجماعة الحوثية للمصلين في المساجد وللتجار، يكشف عن مساعيها بالدرجة الأولى لضرب وتدمير ما بقي من القطاع الخاص من جهة، وغسل عقول النشء والشبان وبقية فئات المجتمع وجمع التبرعات والجبايات، وتحشيد مزيد من المجندين الجدد لإرسالهم إلى الجبهات.
وتعمد الجماعة، كعادتها قبل أي مناسبة طائفية، إلى تدشين حملات نهب وجباية الأموال؛ سواء من خلال مؤسسات الدولة التي تخضع لقبضتها، أو من خلال ممارسات أخرى ابتزازية ضد التجار وأصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين.
وكانت مصادر وتقارير محلية عدة قد اتهمت في أوقات سابقة الميليشيات بإهدار الأموال الطائلة من موارد الدولة المنهوبة، على الاحتفالات التي تقيمها من وقت إلى آخر تحت أسماء مختلفة.
وأكدت بعض التقارير مواصلة الجماعة استغلال هذه الاحتفالات لنهب مئات الملايين من التجار ورجال المال والأعمال، بينما مئات الآلاف من الموظفين اليمنيين يكابدون ظروفاً معيشية قاسية، نتيجة سياسة التجويع والنهب التي تمارسها الميليشيات، ومصادرتها لرواتب الموظفين بشقيهم المدني والعسكري منذ أعوام.
وتداول ناشطون يمنيون العام الماضي وثيقة كشفت عن فضيحة فساد حوثية، وعن مدى الإنفاق الكبير على المناسبات والاحتفالات والمهرجانات التي تنظمها.
وأظهرت الوثيقة أن الميليشيات أنفقت بتلك الفترة أكثر من 300 مليون ريال مقابل أجور إضافية لما بعد احتفالها بالمولد النبوي في صنعاء، كما خصصت في احتفالها في العام قبل الماضي بالمناسبة ذاتها، أكثر من 65 مليار ريال لإقامة أكثر من 700 فعالية (الدولار حوالي 560 ريالاً في مناطق سيطرة الميليشيات).


مقالات ذات صلة

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

العالم العربي قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

تواصل الجماعة الحوثية إجراء تغييرات في المناهج التعليمية، بإضافة مواد تُمجِّد زعيمها ومؤسسها، بالتزامن مع اتهامات للغرب والمنظمات الدولية بالتآمر لتدمير التعليم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
TT

«الوزراء اليمني» يناقش إنقاذ الاقتصاد في اجتماع استثنائي

جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)
جانب من اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء اليمني في عدن الخميس (سبأ)

عقدت الحكومة اليمنية في العاصمة المؤقتة عدن، الخميس، اجتماعاً استثنائياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء أحمد عوض بن مبارك؛ لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادي تتوافق مع أولوية الحكومة وبرنامجها في الإصلاحات، وإنهاء الانقلاب الحوثي، واستكمال استعادة الدولة.

وجاء الاجتماع في وقت يعاني فيه الاقتصاد اليمني ظروفاً خانقة بسبب تراجع الموارد، وتوقف تصدير النفط جراء الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتعثر مسار السلام، إثر تصعيد الانقلابيين بحرياً وإقليمياً.

حزم من الأوراق النقدية اليمنية الجديدة والقديمة في أحد البنوك في عدن (غيتي)

وذكرت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء ناقش في الاجتماع المستجدات الاقتصادية والمالية والنقدية والخدمية والمعيشية، وفي المقدمة تقلبات أسعار الصرف، والتحديات المتصلة بالكهرباء، وتقييم مستوى الخطط الحكومية للتعاطي معها.

واستعرضت الحكومة اليمنية في اجتماعها مشروع خطة الإنقاذ الاقتصادي لإثرائها بالنقاشات والملاحظات؛ لتطويرها ومواءمتها مع البرامج والسياسات الحكومية الجاري تنفيذها في مجال الإصلاحات، تمهيداً لإقرارها ورفعها إلى مجلس القيادة الرئاسي.

ونقلت وكالة «سبأ» الرسمية أن مجلس الوزراء أجرى نقاشاً مستفيضاً لتقييم الخطة، والتي تتوافق في عدد من جوانبها مع المسارات الرئيسية لأولويات الحكومة والمتمثلة في استكمال استعادة الدولة، وإنهاء الانقلاب، وتحقيق السلام، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، إضافة إلى الإصلاح المالي والإداري، وتنمية الموارد الاقتصادية، والتوظيف الأمثل للمساعدات والمنح الخارجية وتوجيهها وفقاً للاحتياجات والأولويات الحكومية.

وبحسب الوكالة، أقرت الحكومة تشكيل لجنة وزارية برئاسة وزير المالية، وعضوية وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والصناعة والتجارة، والكهرباء والطاقة، والنقل، والخدمة المدنية والتأمينات، والنفط والمعادن، والبنك المركزي اليمني، والأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومكتب رئيس الوزراء، لدراسة الخطة واستيعاب الملاحظات المقدمة عليها، وإعادة عرضها على المجلس خلال أسبوعين من تاريخه للمناقشة واتخاذ ما يلزم.

مواءمة الخطة

وأفاد الإعلام الرسمي بأن مجلس الوزراء كلف اللجنة الوزارية بمواءمة خطة الإنقاذ مع برنامج الحكومة ومصفوفة الإصلاحات وخطة التعافي الاقتصادي والخطط القطاعية للوزارات، وغيرها من السياسات التي تعمل عليها الحكومة، وتحديد الأولويات، وما تم إنجازه، ومتطلبات تنفيذ الخطة، والخروج بوثيقة اقتصادية موحدة يتم الاستناد إليها في عمل الدولة والحكومة، بحسب الأولويات العاجلة.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وشدد مجلس الوزراء اليمني على تحديد التحديات بما يتناسب مع الواقع والمتغيرات، وسبل معالجتها بطريقة مناسبة والمسؤولية التشاركية والواجبات بين الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي.

وركزت نقاشات الحكومة على أهمية مراعاة الخطة لمسببات الوضع الاقتصادي الكارثي الذي فاقمته هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، وتحديد جوانب الدعم المطلوبة من شركاء اليمن في التنمية من الدول والمنظمات المانحة.

وأكد اجتماع الحكومة اليمنية تحديد السياسات التي تم تنفيذها والجاري العمل عليها، والتي تضمنتها الخطة، والتحديات والمعوقات التي حالت دون تنفيذ بعضها، ومقترحات المعالجة.

نقص الوقود

اطلع مجلس الوزراء اليمني في اجتماعه على تقارير من الوزراء المعنيين، حول الإشكالات القائمة في تزويد محطات الكهرباء بالوقود في العاصمة المؤقتة عدن، والجهود المبذولة لتجاوزها، والإجراءات العاجلة لوضع الحلول لتحقيق الاستقرار النسبي في خدمة الكهرباء، واستمرار إمدادات المياه للمواطنين.

وطبقاً للإعلام الرسمي، تم التأكيد بهذا الخصوص على توفير كميات إسعافية من الوقود لمحطات الكهرباء، وعلى العمل لتأمين كميات أخرى إضافية لضمان استقرار الخدمة.

الحكومة اليمنية تعاني تدهوراً حاداً في الاقتصاد بسبب نقص الموارد وتوقف تصدير النفط (سبأ)

كما وجه الاجتماع الحكومي وزيري المياه والكهرباء بالتنسيق لتأمين احتياجات تشغيل آبار المياه، من الكهرباء والوقود اللازم لاستمرار الضخ، وتفادي توقف إمدادات المياه للسكان في عدن.

وإلى ذلك، استمع مجلس الوزراء اليمني إلى إحاطات حول نتائج حملات ضبط محلات الصرافة المخالفة والمضاربين بالعملة في عدن والمحافظات المحررة، وضبط أسعار السلع والمتلاعبين بالأسعار، وشدد على مواصلة الحملات والتنسيق بين الجهات الأمنية والسلطات العدلية المختصة في هذا الجانب، طبقاً لما أورده الإعلام الرسمي.