يمني يموت ضرباً على أيدي الحوثيين لمحاولته الحصول على مساعدة غذائية

مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صورة المواطن اليمني حسين دحابة الذي مات ضرباً على يد المسلحين الحوثيين في صنعاء
مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صورة المواطن اليمني حسين دحابة الذي مات ضرباً على يد المسلحين الحوثيين في صنعاء
TT

يمني يموت ضرباً على أيدي الحوثيين لمحاولته الحصول على مساعدة غذائية

مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صورة المواطن اليمني حسين دحابة الذي مات ضرباً على يد المسلحين الحوثيين في صنعاء
مواقع التواصل الاجتماعي تداولت صورة المواطن اليمني حسين دحابة الذي مات ضرباً على يد المسلحين الحوثيين في صنعاء

بسعادة بالغة وآمال عريضة بالحصول على كمية من القمر والسكر والأرز، غادر حسين دحابة منزله متجهاً إلى مقر إحدى الشركات التجارية في صنعاء والتي اعتاد الحصول منها على مساعدات غذائية شهرية، لكنه عوضاً عن ذلك عاد لأسرته جثة هامدة بعد أن ضُرب من قِبل المسلحين الحوثيين حتى فارق الحياة أثناء وقوفه في طابور الانتظار، ولا يزال القتلة طلقاء حتى الآن.
جاء ذلك في وقت تحولت فيه العاصمة اليمنية المحتلة من الميليشيات الحوثية إلى مثال للتناقض الفاضح باعتبارها من جهة أكبر تجمع للفقراء والبطالة، ومن الجهة الأخرى تشهد طفرة غير مسبوقة في المباني الفاخرة والمراكز التجارية الفخمة التي يملكها قادة الميليشيات الذين استولوا على ممتلكات مؤسسات الدولة والأراضي المملوكة للسكان، وأذلوا التجار والباعة بالجبايات المتعددة والمتنوعة.
لكل ذلك؛ تتكدس المدينة بالمئات من النساء المتسولات ومثلهن من الأطفال في تقاطعات الشوارع وعند بوابات المطاعم والمراكز التجارية بحثاً عما يمكن أن يسدوا به رمقهم وأطفالهم.
حسين دحابة، وهو في العقد الخامس من العمر كان يظن نفسه من القلة المحظوظة الذين تم إدراج أسمائهم في قوائم شركة «فاهم» التجارية والذين يحصلون على مواد غذائية بشكل منتظم، فذهب بعد منتصف النهار إلى مقر الشركة لتسلم حصته والعودة بها إلى أسرته وأطفاله، لكنه وما إن وصل وجد أن هناك زحاماً شديداً وفوضى، وأن الحراس وهم من المسلحين الحوثيين يقومون بتقديم أشخاص لتسلم نصيبهم قبل الآخرين، نظير رشوة يدفعها الأشخاص، فما كان منه إلا أن انتقد ذلك ولم يدرك أنه بذلك يكتب آخر سطر في بقائه على قيد الحياة.
ووفق ما يقول أقاربه، فإنه وبعد ملاسنة مع الحراس واشتباك بالأيدي حضر له أكثر من 15 شخصاً وانهالوا عليه بالضرب حتى فارق الحياة، حيث نقل إلى المستشفى جثة هامدة، في حين تساهلت سلطة الميليشيات في القبض على القتلة، حيث تم إيقاف ثلاثة أشخاص فقط، وعندما أحضرت عائلته الشهود على الواقعة لتدوين أقوالهم في محاضر قسم الشرطة، تحول مسؤولو التحقيق إلى خصوم لهم يرهبون الشهود بأنهم حصلوا على مبالغ مالية من قِبل أسرة الضحية للشهادة، ورفضوا استجوابهم أو تدوين أقوالهم رغم انقضاء أيام عديدة على الحادثة.
وفي حين طالب نشطاء يمنيون سلطة الميليشيات التعامل بجدية مع حادثة مقتل دحابة والقبض على الجناة، أكدوا في بيان لهم، أن الميليشيات تعتقل منذ عام ونصف العام خطيب جامع عتيبة في حي شملان، بعد أن استُهدف من مجموعة تتطلع إلى السيطرة على السكن الملحق بالمسجد والذي يعيش فيه الرجل وأسرته.
وناشد العشرات من الكتاب والنشطاء قادة الميليشيات الإفراج الفوري عن الخطيب شكري الفتيني، وقالوا، إنه تمت الوشاية به وإخراج أسرته من المسكن التابع للمسجد، وتم اعتقاله وهو يعاني من ظرف صحي بالغ الصعوبة يتطلب إسعافه إلى المستشفى وتوفير الرعاية الصحية له.
على صعيد آخر، ذكرت مصادر قضائية في صنعاء، أن الميليشيات الحوثية ترفض حتى الآن تنفيذ ثلاثة أحكام قضائية صدرت بحق الناشط الحوثي محمد العماد، الذي يدير شبكة إعلامية مهمتها تسفيه القضاة والعاملين في النيابة، وقالت المصادر، إن اثنين من هذه الأحكام أدانته بتزوير محررات رسمية بملكية مساحة من الأرض، والثالث أدانه بتهمة الإساءة للقضاء عبر ما يبث في القناة التلفزيونية التي يديرها وتمول من قبل ما تسمى «المنظومة العدلية» التي أسسها القيادي محمد الحوثي.
وبحسب المصادر، فإن هذه الأحكام صدرت منذ عام، ولكن الحوثي قام بمعاقبة القاضي أحمد العسالي الذي أصدر أحد الأحكام وعاقب فيها المدان العماد بالحبس لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ، حيث نقل القاضي إلى محافظة أخرى، وأزيل من درجة رئيس محكمة إلى درجة قاضٍ جزئي، وتم تحريك دعوى تأديبية ضده.
وكشفت المصادر عن نموذج للتواطؤ مع الذين يستهدفون القضاة، وقال أحد القضاة، إنه ورغم مضي سبعة أعوام على واقعة قتل القاضي أحمد العنسي، رئيس محكمة بني الحارث، ونجله داخل مبنى المحكمة، فإن سلطة الميليشيات لم تحاكم الجناة حتى الآن رغم الوعود المكررة التي قطعتها الجماعة الانقلابية.
ومع تصاعد الانفلات الأمني في صنعاء، ذكر رجل الأعمال إسماعيل الحبابي، أن مجموعة مسلحة اعترضت طريقه أثناء مروره في شارع الستين الغربي بمدينة صنعاء، وحاولت الشروع في قتله إلا أنه نجا من الموت بأعجوبة، وقال، إنه أبلغ الجهات الحوثية المختصة بواقعة الاعتداء، ولكنها لم تحرك ساكناً للقبض على المجرمين، وناشد وزير داخلية الميليشيات التوجيه بالقبض على المجرمين وإحالتهم للقضاء واتخاذ أقصى العقوبات الرادعة عن مثل هذا السلوك الإجرامي.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.