«الجيش الحر» يوقف معركة الثعلة «لتطمين» دروز السويداء.. ويتوجه إلى مدن درعا

توجه للمعارضة السورية المسلحة بتعطيل استخدام المطار العسكري لقصف الجنوب

أفراد من دروز الجولان المحتل يراقبون سير المعارك بين النظام والمعارضة في قرية الخضر داخل سوريا (أ.ب)
أفراد من دروز الجولان المحتل يراقبون سير المعارك بين النظام والمعارضة في قرية الخضر داخل سوريا (أ.ب)
TT

«الجيش الحر» يوقف معركة الثعلة «لتطمين» دروز السويداء.. ويتوجه إلى مدن درعا

أفراد من دروز الجولان المحتل يراقبون سير المعارك بين النظام والمعارضة في قرية الخضر داخل سوريا (أ.ب)
أفراد من دروز الجولان المحتل يراقبون سير المعارك بين النظام والمعارضة في قرية الخضر داخل سوريا (أ.ب)

أعلنت فصائل المعارضة السورية في جنوب البلاد أمس، تجميد معاركها ضد مطار «الثعلة» العسكري الذي أطلقت الهجوم عليه الأسبوع الماضي، و«التفرغ لاستكمال السيطرة على مدن وبلدات محافظة درعا»، وسط وجود مؤشرات على رسائل تطمين من فصائل المعارضة للدروز السوريين في السويداء، بأنهم «غير مستهدفين من قبلنا»، كما قال مصدر قيادي في «الجبهة الجنوبية» التابعة لـ«الجيش السوري الحر» لـ«الشرق الأوسط».
وأعلن قائد «جيش اليرموك» المعارض بشار الزعبي في تغريدة له في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس: «وقف معركة مطار الثعلة» في ريف السويداء. وردًا على منتقديه، قال الزعبي في تغريدة ثانية: «جيش اليرموك لم ولن يوقف معاركه مع النظام».
بدورهم، أكد مقربون من «ألوية العمري» التابعة للجيش السوري الحر أيضًا: «إيقاف المعركة». وأشار هؤلاء إلى أن أولوية «ألوية العمري» اليوم «هي لتحرير درعا البلد، ومدينتي الصنمين وأزرع، بحكم الاستراتيجية القديمة». وأوضح هؤلاء أن الأولوية أساسًا كانت لمدينة درعا البلد، آخر المدن الخاضعة لسيطرة نظام الرئيس السوري بشار الأسد على الحدود الأردنية في محافظة درعا، إضافة إلى الأوتوستراد الذي يصل درعا بدمشق، ومدينتي الصنمين وأزرع: «لكن بعض الفصائل، وبحكم التقدم الكبير في اللواء 52. اتجهت إلى مطار الثعلة». وأشاروا إلى أن كتائب المعارضة وجدت أن حصار مطار الثعلة غير مجدٍ في الوقت الحالي، ما دفعها للعودة إلى الخطة المرسومة مسبقًا وهي التوجه إلى الصنمين وأزرع. وكانت صفحات مؤيدة للنظام السوري، أعلنت أن «الجيش وأهالي السويداء يصدون الهجوم الأعنف على مطار ‫ الثعلة، ويقضون على أعداد كبيرة من الإرهابيين». وأشاروا إلى أن قوات النظام المدعومة بمقاتلين من السويداء صدوا هجومًا على المطار من بوابته الغربية، قبل أن يعتمد النظام أسلوب الهجوم بالغارات الجوية والتقدم باتجاه تلة الشيخ حسين وقرية سكاكة.
غير أن أسبابًا أخرى تقف وراء هذا القرار، بحسب ما أكد مصدر قيادي في الجبهة الجنوبية التابعة للجيش السوري الحر، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الهجوم حقق أهدافه المتمثلة بتحييد المطار عن قصف درعا، إضافة إلى إرسال رسائل تطمين للدروز في السويداء.
وأوضح أن أهمية الهجوم على الثعلة «كانت تتمثل في تعطيله كمطار عسكري يستخدم لقصف درعا». وأشار إلى أن الهدف «تحقق عبر تحييد المطار».
كما أشار إلى أن السبب الثاني لإيقاف المعركة «يتمثل في إرسال رسالة تطمين لإخوتنا الدروز في السويداء، بأننا لن نقاتلهم، وسنحقن دماءهم، ونمنع أي استخدام للنظام لدمهم»، مشددًا على أنه «لن نرضى بأن يكون الدروز ضحية للنظام، ولا نريد أن تكون طائفة من مكونات الشعب السوري ضدنا، أو قلقة منا». وأوضح المصدر أن قوات المعارضة لو كانت تريد التقدم باتجاه السويداء «لكنّا أطلقنا المعركة من بصرى الشام، بعد السيطرة عليها أواخر مارس (آذار) الماضي، لأنها الأقرب إلى السويداء»، مشيرًا إلى أن الدروز «كانوا يؤيدون عمليات الجيش الحر، بدليل امتناعهم عن القتال إلى جانب النظام في بصرى الشام». ولفت إلى أن الممثلين الأربعة عن الجبهة الجنوبية في مؤتمر مجلس قيادة الثورة الأخير «أرسلوا رسالة للدروز بأن الهدف ليس السويداء، ولا الدروز، بل وقف القصف على درعا من مواقع للنظام موجودة على أطراف السويداء».
وبينما تجمد القتال على مطار الثعلة، تحولت وجهة البندقية باتجاه مدن وبلدات في محافظة درعا، لا تزال خاضعة لسيطرة القوات الحكومية. وقال الناطق باسم الجبهة الجنوبية في سوريا لوكالة «آكي» الإيطالية، إن «الثوار يحضّرون لتحرير ما تبقّى للنظام في محافظة درعا بما فيها المدينة»، مشيرًا إلى أن النظام بدأ «بسحب بعض مقراته والبنوك والمتاحف»، وشدد على أن الجبهة قادرة على إدارة المناطق المحررة بالتنسيق مع الفعاليات الإدارية ومجالس المحافظة.
ونقلت الوكالة عن الرائد عصام الريس، الناطق الرسمي باسم الجبهة الجنوبية: «نحن نجهز لعدة معارك لتحرير ما تبقى من أراضي الجبهة الجنوبية بما فيها مدينة درعا، وأي تشكيل عسكري أو حواجز للنظام سيكون هدفًا مشروعًا لنا في الجبهة الجنوبية».
وعن وجود خطة لإدارة المدينة ومؤسساتها ولمنع حدوث فوضى بعد السيطرة على مدينة درعا التي تعتبر مركز المحافظة، قال: «نحن جاهزون لإدارة أي منطقة تتحرر، ونُحضّر عادة قبل التحرير من خلال التنسيق مع الفعاليات الإدارية ومجالس المحافظة، بغض النظر عن المكان الجاري تحريره».
وتضم مدينة درعا مديريات ومؤسسات الدولة الخدمية والإدارية، فيما يسيطر النظام على نصفها تقريبًا (درعا المحطة)، حيث حوّلها لمربعات أمنية، وحوّل ملعب المدينة إلى ثكنة ومركزًا لإدارة العمليات العسكرية، ومركزًا لمدفعية تستهدف النصف الآخر من المدينة وقرى الريف، فيما فقد السيطرة على غالبية مدن وقرى ريف جنوب سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.