«حبوب البن» تواجه آفات المناخ وأزمات الاقتصاد

تراجع إنتاج «مفتاح النهار» لمزاج العالم

محصول القهوة يواجه أزمات مناخية واقتصادية هذا العام (أ.ف.ب)
محصول القهوة يواجه أزمات مناخية واقتصادية هذا العام (أ.ف.ب)
TT

«حبوب البن» تواجه آفات المناخ وأزمات الاقتصاد

محصول القهوة يواجه أزمات مناخية واقتصادية هذا العام (أ.ف.ب)
محصول القهوة يواجه أزمات مناخية واقتصادية هذا العام (أ.ف.ب)

تبدو قهوة الصباح ورائحتها من الطقوس التي يجتمع العالم تقريباً على تثمينها، ذلك المشروب الذي يرتبط به أغلب سكان الأرض باختلافاتهم الاجتماعية والاقتصادية والعمرية، بطريقة عبر عنها الشاعر الراحل محمود درويش بأنها «مفتاح النهار» لمحبيها.
وسواء كنت ممن يعدون القهوة على الموقد بالطريقة التقليدية، أو عبر ماكينة قهوة «الاسبرسو»، أو حتى من يشتري قهوة «اللاتيه» من إحدى السلاسل الشهيرة قبل ذهابه للعمل، ففي كل تلك الصباحات بات هناك كوب قهوة مهدد، ومعه مزاج ملايين من سكان الأرض.
وتلفت المؤشرات الواردة كل صباح، إلى أن فنجان القهوة لن يستطيع الصمود طويلاً في مواجهة آفات المناخ التي خلقت أزمة عالمية مثلها نقص محصول القهوة، وهي الأزمة التي تشير الأرقام إلى أنها دخلت في نفق مجهول.
وتمثل أزمة المناخ العالمية الجانب الأبرز من مشكلة نقص القهوة الحالية، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية المحتدمة جراء الجائحة والحرب الروسية - الأوكرانية، ناهيك عن تهديد محاصيل البن خلال السنوات القادمة بفعل أزمة المناخ خاصةً في أميركا اللاتينية، ووفقاً لدراسات فإنه يمكن أن فقدان نصف المناطق الأكثر ملاءمة لزراعة البن على مستوى العالم في الثلاثين عاماً القادمة.
وحسب تقرير حديث لـ«بوابة القهوة العالمية» (World coffee portal) فإن ثمة «حالة طوارئ مناخية باتت تؤثر على إنتاج البن في العالم بشكل مقلق، حيث إن هناك ما يصل إلى 50 في المائة من الأراضي المستخدمة لزراعة البن في جميع أنحاء العالم قد تصبح غير مناسبة لزراعتها بحلول عام 2050 بسبب ارتفاع درجات الحرارة والطقس القاسي المتطرف، وفي الوقت نفسه تواجه 60 في المائة من أنواع البن البرية خطر الانقراض بحلول نهاية القرن».
ويشير التقرير إلى أن من بين أبرز أعراض «الطوارئ المناخية» أن مزارعي البن الشباب بدأوا يتركون تلك الزراعة بأعداد كبيرة في دول تعتمد بشكل رئيسي على اقتصاد القهوة كالبرازيل «مع ترسيخ عدم الاستقرار المناخي والمالي، فإن زراعة القهوة باتت فرصة وظيفية محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد للشباب، وأصبح الافتقار إلى الإدارة والعمالة الماهرة، لا سيما بين المزارع الصغيرة التي تنتج مجتمعة حوالي 60 في المائة من البن في العالم، مشكلة أخرى لمزارعي البن في جميع أنحاء العالم».

خريطة البن

وتسيطر خمس دول على غالبية إنتاج البن عالمياً، وهي بترتيب الإنتاج: البرازيل، وفيتنام، وكولومبيا، وإندونيسيا، وإثيوبيا وبما يعادل 74 في المائة من الإجمالي العالمي، وفق ما تفيد «منظمة القهوة العالمية».
وتهيمن البرازيل وحدها على ما يقرب من 40 في المائة من الإنتاج العالمي لمزاج العالم، حيث تصل المساحة المزروعة من البن في البرازيل إلى 27 ألف كيلومتر مربع، كما أنها أنتجت حوالي63.4 مليون كيس وزن 60 كيلوغرام من البن بنهاية عام 2020.
كما تحتل إثيوبيا المركز الخامس في قائمة الدول الأعلى إنتاجاً للبن، ويقدر إنتاجها في عام 2020 بـ7.3 مليون كيس وزن 60 كيلوغراما، بحصة تمثل 4.3 في المائة من الإجمالي العالمي.
ولعل الخريطة الزراعية لمحصول القهوة من الخرائط التي يعتبرها الدكتور أشرف كمال، أستاذ الاقتصاد الزراعي بمركز البحوث الزراعية في مصر «صعبة التعويض أو الاستبدال بخريطة زراعة بديلة؛ لا سيما أنه من المحاصيل الاستوائية التي ترتبط بدرجة حرارة ورطوبة محددة».

Made with Flourish

ويشرح كمال في حديث إلى «الشرق الأوسط» أن «محصول البن يجود بإنتاجه في بعض دول أميركا اللاتينية عند خط الاستواء، وفي بعض مناطق غرب أفريقيا مثل غانا وغينيا ومالي، وبعض دول آسيا في الهند الصينية، وهي مناطق تستطيع توفير الاحتياجات الحرارية لمحصول البن».
ويستكمل: «ما حدث مع تقلب الأحوال المناخية، أن محصول البن له احتياجات حرارية محددة إذا واكبها تغير يحصل نقصان مقابل في المحصول، علاوة على ما يرافق هذا الارتفاع من انخفاض في نسبة الرطوبة ما يؤثر بشكل مباشر على تزهير البن، ومن ثم يقل بشكل ملحوظ».
ويرى أستاذ الاقتصاد الزراعي أن «الأزمة الكبيرة في تهديد محصول البن، هي أن القهوة مشروب شعبي في المقام الأول، وليس مشروبا يخص طبقة غنية محددة، ما يجعل استبداله أمراً صعباً».

Made with Flourish

أما الأزمة الثانية، وفق الخبير فإنها «تخص الدول التي تعتمد في اقتصادها بشكل رئيسي على البن، خاصةً في الدول ذات المحصول الواحد أو المحصولين، ومنها تلك التي تعتمد على محصول البن بشكل رئيسي، والمتأثر الرئيسي هنا هو اقتصاد تلك الدول بداية من دخل المزارع في نطاق أميركا اللاتينية وأفريقيا وبعض دول آسيا، فهو في النهاية لا تستطيع تحمل تكلفة التغيرات المناخية اليوم، التي يعد العالم المتقدم بسياساته الصناعية المسيئة سبباً رئيسيا فيها». ويضيف: «التغيرات المناخية في العالم أصبحت دراماتيكية في العالم كله، فحتى الزراعة في الاتحاد الأوروبي، بكل سياستها الزراعية الرصينة لم تنج منها، فما بالنا بدول في النهاية يعتمد اقتصادها الرئيسي على محصول شعبي واحد كالبن».

شعبية مهددة؟
وما لبث أن شارك العديد من مزارعي حزام البن في البرازيل صوراً لأشجار البن بعد تأثرها البالغ مع نهاية يوليو (تموز) الماضي بموجة الطقس السيئ المفاجئة، التي ألحقت أضراراً بالأشجار وآفاق محصول العام المقبل.
ويبدو أن سؤال شعبية القهوة كمشروب، بات محل شك وقلق يمكن رصده في المقالات الصحافية وحتى تعليقات مواقع التواصل الاجتماعي في العالم، يقول الصحافي الأميركي لوران روثمان في مقال له: «يبدو أن عادة تناول القهوة تتحول تلك الأيام إلى ترف، لا سيما أن تضاؤل مخزون حبوب الروبوستا في فيتنام لا يساعد في دفع الأسعار العالمية إلى أعلى».
ويحاول روثمان في مقاله المنشور على منصة «تسيتنغ تابل»، قبل أسبوعين تقريباً تأمل «ما الذي يعنيه تأثر مخزون البن بفيتنام بالنسبة للمستهلكين كواحدة من معاقل محاصيل البن في العالم».
وقد يكون التصفح سريعا عبر «تويتر» كفيلا بالتعرف على «المزاج» السائد والقلق لجمهور القهوة هذه الأيام عبر العالم، تقول تغريدة «مجرد تخيل عجز في محصول القهوة عالمياً، هو كابوس محقق»، فيما تقول تغريدة أخرى «لو كنا نتصور أن العالم في صورته الحالية مجنون، فلننتظر كيف سيصل جنونه بعد نفاد القهوة».
فيما ينشر متجر باسم «كامبريدج ماركتنج» صورة لعبوة قهوة سريعة الذوبان شهيرة داعياً الزبائن بسرعة التوجه لشراء ما تبقى منها قبل اختفائها من السوق «هناك عجز في هذا المنتج الذي لا غنى عنه» على حد تعبير الإعلان الإلكتروني.
https://twitter.com/cambridgefoods/status/1565679010121752576?s=20&t=_nBdkdZx3v_KTUJhL2gz4w
وتنشر بائعة قهوة أوغندية صورتها بجوار عربة تخصصها لبيع البن الأوغندي وتقول في تغريدة لها: «يبدو أنه علينا تعلم زراعة البن في بيوتنا».
وهذا أحد المغردين من إيطاليا، يقوم بنشر فيديو له وهو يتحدث أن بلاده طالتها أزمة البن العالمية «سعر مشروبنا المفضل في ارتفاع غير مفهوم، حتى في المناطق غير السياحية، لقد ارتفع ثمن كوب القهوة بشكل لافت. واليوم يشكو أصحاب محلات القهوة من ارتفاع أسعار الكهرباء، فيما يشكو الزبائن من ارتفاع ثمن قهوتهم».
https://twitter.com/Bandy33807340/status/1564967207888633856?s=20&t=CCLDHyj1OJIPnSu2HkUGWA
أما الصحافي الإثيوبي إلياس تيجن فيعتبر أن أزمة البن لم تعد تخص البلاد المنتجة فحسب، وإنما بسبب شعبية البن فقد صارت «أزمة عالمية، حتى أن مستهلكي القهوة من الدول المستوردة للبن، بات عليهم دفع أسعار أعلى من أجل البقاء على روتين شرب قهوتهم المفضلة الشعبية»، كما يشير في مقاله بصحيفة «ذا ريبورتر».
ويشير تقرير أخير عن «منظمة القهوة العالمية» (ICO) إلى انخفاض صادرات البن العالمية إلى 10.12 مليون كيس في يوليو (تموز) 2022 مقارنة بـ10.83 مليون كيس في يوليو 2021.
كما انخفضت الصادرات خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2021 إلى يوليو الماضي بنسبة 0.3 في المائة حيث كانت 109.17 مليون كيس لتصل إلى 108.8 مليون كيس.

حبوب الروبوستا
وهناك العديد من أنواع البن أشهرها حبوب روبوستا المعروفة باحتوائها على نسبة كافيين مرتفعة، حيث يشكل الكافيين نسبة 2.7 في المائة منها ما يجعلها أكثر شعبية في محلات بيع القهوة إلى جانب حبوب «الأرابيكا»، التي تشير «منظمة القهوة العالمية» إلى أن إجمالي صادراتها خلال الأشهر الماضية وصل إلى 80.25 مليون كيس مقابل 82.99 مليون كيس في العام الماضي.
وحسب موقع «بلومبرغ» فإن إمدادات حبوب الروبوستا التي تم تخزينها من قبل المزارعين الفيتناميين لسنوات تتضاءل بشكل كبير، ومن المتوقع خلال هذا الشهر أن تصل إلى نصف ما كان مخزوناً في البلاد في سبتمبر (أيلول) الماضي، إلى جانب انخفاض إنتاج البن الفيتنامي المتوقع في الفترة من 2022 إلى 2023، ما يدفع أسعار «الروبوستا» للارتفاع أكثر من أي وقت مضى بعد أدنى مستوى لها في عشرة أشهر، حيث ارتفعت بنسبة 17 في المائة منذ منتصف يوليو تموز الماضي.



عائلة بريطانية تتغذى على فطرة ضخمة تزن 5 كيلوغرامات

أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»
أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»
TT

عائلة بريطانية تتغذى على فطرة ضخمة تزن 5 كيلوغرامات

أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»
أليسمون مينيت والفطرة الضخمة في صورة على حسابها في «إنستغرام»

عثرت امرأة في أثناء نزهة في الريف الإنجليزي على فطرة ضخمة تزن 5 كيلوغرامات (11 رطلاً). وقالت إن عائلتها تناولتها في وجباتها على مدار أسبوع كامل.

كانت أليسمون مينيت (27 عاماً) حسبما ذكرت «بي بي سي»، تسير برفقة والدها بحقل في نورث مارستون، بمقاطعة باكينغهامشير البريطانية عندما لاحظا الفطرة الضخمة وسط العشب. وتابعت: «تغذيت وعائلتي عليها لمدة أسبوع... داومت على تناول أطباق مصنوعة منها منذ وجدتها. ولا تزال لديّ 3 شرائح في الثلاجة. ولأكون صادقة أشعر بشبع زائد منها».

تهوى عازفة الموسيقى أليسمون جمع الفطر، وحسب قولها فهي تعرف كيف تحدّد النّوع الصالح منه للأكل، ولا تخلط بينه وبين الفطر السّام.

الفطرة الضخمة تزن 5 كيلوغرامات («إنستغرام» أليسمون مينيت)

وتوضح مينيت أن «فطر البافبول هو أسهل أنواع الفطر من ناحية التعرف عليه. يبدو كأنه من كوكب آخر، شكله غريب جداً». وأوضحت أنها تعرف الأشكال والألوان التي يجب تجنبها. ويقول الخبراء إن الأشخاص الذين لا يمتلكون مثل هذه المعرفة الأفضل لهم ألّا يغامروا.

استخدمت أليسمون مينيت الفطرة لصنع رغيف اللحم وشرائح الفطر، كما صنعت بيتزا بالفطر. وتابعت: «وجدت أمي وصفة بيتزا مع الفطر على (تيك توك)، وكانت لذيذة جداً».

جديرٌ بالذكر أن 3 أشخاص من جيرسي تعرضوا للتسمم في سبتمبر (أيلول)، بعد أن أخطأوا في التمييز بين «فطر قبعة الموت» والفطر الصالح للأكل.

وحذرت المتخصصة بعِلم الفطريات شارلوت شينكين، الناس من تناول الفطر البرّي الذي لا يمكنهم تحديده بدقة، وقالت: «من الضروري أن تكونوا على دراية بالمخاطر الحقيقية والقاتلة المحتملة لتناول الفطريات البرّية من دون معرفةٍ وحذر». كما نصحت جامعي الفطر باستشارة رأي ثانٍ وترك عينة غير مطهوة في حال أُصيبوا بالتسّمم.