أطباء إسرائيليون يرفضون إطعام الأسرى الفلسطينيين بالقوة

يؤكدون أن هذه الطريقة قد تكسر الإضراب عن الطعام ولكنها تهدد حياة الأسرى

أطباء إسرائيليون يرفضون إطعام الأسرى الفلسطينيين بالقوة
TT

أطباء إسرائيليون يرفضون إطعام الأسرى الفلسطينيين بالقوة

أطباء إسرائيليون يرفضون إطعام الأسرى الفلسطينيين بالقوة

أعلنت نقابة الأطباء الإسرائيلية رفضها الانصياع لرغبة الحكومة في إطعام الأسرى الفلسطينيين بالقوة، لكسر إضراباتهم. وقال رئيس النقابة، البروفسور ليونيد إيدلمان، إنه حتى لو تم سن قانون بهذا الخصوص، فإن أي طبيب لن يستطيع تنفيذ عملية الإطعام بالقوة، لأنها تهدد حياة الأسير.
وجاءت تصريحات إيدلمان هذه، تعقيبا على قرار اللجنة الوزارية لشؤون القانون والدستور بإكمال المشروع الذي بدأته حكومة بنيامين نتنياهو السابقة، لسن قانون جديد يهدف إلى كسر الإضرابات التي يعلنها أسرى فلسطينيون في السجون الإسرائيلية، ضمن كفاحهم لتحسين أوضاعهم. وقال وزير الداخلية، غلعاد اردان، المبادر لهذا القانون، إن عودة الأسير خضر عدنان إلى الإضراب عن الطعام ودخول إضرابه 40 يوما، تجبر الحكومة على وضع حد لهذه الظاهرة. واتخذ القرار بالإجماع.
ورد رئيس نقابة الأطباء، إيدلمان، على ذلك قائلا: «إذا تم تمرير القانون فسندعو الأطباء إلى تجاهله. فهذه حالة تتغلب فيها الأخلاق الطبية على القانون بشكل قاطع، والرسالة التي نريد تمريرها للأطباء، هي أن التغذية بالقوة تعني التعذيب، ويمنع على الأطباء المشاركة فيها».
وحسب أقوال إيدلمان، الذي حول رسالة في هذا الشأن إلى وزيري الداخلية، غلعاد اردان، والعدل، اييلت شكيد، فإن «كل طبيب حاول إدخال أنبوب إلى المعدة يعرف انه إذا تم عمل ذلك خلافا لرغبة الإنسان، فإنه يهدد حياته. وبديل التغذية عبر الوريد ليس أفضل، فهو يحتم تقييد الإنسان. وإذا تم عمل ذلك لمرة واحدة فإنه لن يحقق فائدة، فهذا يحتاج إلى أيام كاملة. هذا قانون خطير سيسبب ضررا يفوق الفائدة. وهو خاطئ من ناحية طبية وأخلاقية».
يذكر أن هذا القانون أعد في السنة الماضية، وقد تم تجميده في النهاية، على الرغم من الجهود التي بذلها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، لتمريره بشكل عاجل. وكان من المفروض طرح مشروع القانون للتصويت في الليلة التي عثر فيها على جثث الشبان الإسرائيليين الثلاث الذين اختطفوا وقتلوا في مثل هذا الوقت من السنة الماضية، وتبين لاحقا أن خلية من حماس هي التي نفذت العملية. وقد تم يومها إلغاء جلسة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ولم يتم تجديد التصويت بعد الحرب، بسبب قرار تبكير موعد الانتخابات.
ولكن في الأيام الأخيرة، وبعد الإضراب الذي أعلنه خضر عدنان، وصلت معلومات استخبارية للشاباك، تقول إن الأسرى ينوون بدء إضراب مفتوح عن الطعام فور انتهاء شهر رمضان، في النصف الثاني من شهر يوليو (تموز) المقبل.
وقال الوزير اردان بعد المصادقة على القانون إن «الأسرى الأمنيين يريدون تحويل الإضراب عن الطعام إلى عملية انتحارية من نوع جديد يهددون من خلالها دولة إسرائيل. لن نسمح لأحد بتهديدنا، ولن نسمح للأسرى بالموت في سجوننا».
وردا على موقف رئيس نقابة الأطباء، قال اردان إن «موقف نقابة الأطباء مستهجن، فبصفتهم يتحملون مسؤولية إنقاذ الحياة في كل حالة، يجب على الأطباء القيام بمهامهم سواء كان الحديث عن أسير يحاول الانتحار في سجنه، أو أسير يجوع نفسه حتى الموت».
وأضاف أنه متأكد من أنه سيتم العثور على الأطباء الذين سيطبقون القانون الجديد، ويوافقون على تغذية الأسرى بالقوة.
وأصدرت جمعية «أطباء لحقوق الإنسان»، أمس، بيانا مستقلا جاء فيه أن «الحكومة الإسرائيلية تعود إلى طرح قانون مخجل قوبل بالشجب من قبل المجتمع الطبي في إسرائيل والعالم، وتسعى إلى تشريع التعذيب والخرق الخطير للأخلاق الطبية والمعاهدات الدولية. وبدلا من تغذية الأسرى بالقوة، من خلال إهانتهم وتهديد حياتهم، على إسرائيل التعامل مع مطالب المضربين عن الطعام من خلال وقف الاعتقالات الإدارية الاعتباطية».
وقالت جمعية حقوق المواطن إن «التغذية بالقوة ممنوعة، لأنها تمس بحق الإنسان بمعارضة علاجه، وبحقه على جسده وكرامته. وكل قرار يقضي بتقديم العلاج يجب أن يتم اتخاذه من قبل طاقم مستقل، وبما يتفق مع قانون حقوق المريض، الذي يمنع معالجة إنسان رغم إرادته».
واعتبرت رئيسة حركة ميرتس زهافا غلؤون سن هذا القانون «غير أخلاقي»، فيما قال النائب باسل غطاس (القائمة العربية المشتركة) إن سن القانون سيشكل دليلا على الدخول في طريق مظلم.
وقال النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، إن هذا القانون يدل على أن الحكومة الإسرائيلية لا تعرف كيف تتعامل مع الفلسطينيين كبشر. فالإطعام بالقوة هو أسلوب بشع، لا إنساني، لا يليق بالتعامل مع بني البشر. ولا يمكن تصور وجود أطباء مستعدين لخيانة أمانة المهنة وللدوس على «قسَمِ الطبيب»، وقدسية الحياة التي تربى عليها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.