طافت خريجات كلية سويت بريار في ولاية فيرجينيا الأميركية خلال الساحة المغطاة بالأشجار، يوم السبت الماضي، وأشرطة قبعاتهن ذات اللونين الوردي والأخضر تتمايل مع حركاتهن. ومن تحت عباءاتهن السوداء الموحدة، تطل أمواج من الأحذية ذات الكعب العالي الملونة، والصنادل وأحذية الاستيلوتو، تقدم لمحة عن شخصية كل واحدة من السيدات الشابات.
عزفت فرقة من عازفي آلات النفخ والطبول إيقاع مسيرة حفل التخرج، في حين كان الآباء والخريجون يهللون ويلوحون للطالبات في أثناء مرورهن. ولكن أجواء الاحتفال والإنجاز خالطها حزن، وإحباط، وترقب، لأن الكلية التي لا يدرس بها سوى النساء، يُنتظر أن تغلق أبوابها في أغسطس (آب)، وهو ما يمكن أن يجعل دفعة 2015 هي الأخيرة التي تتخرج في هذه الكلية.
استغلت رئيسة الدفعة الأعلى، ساديه فاونتين (22 عاما)، افتتاحية كلمتها لمناسبة حفل التخرج لتقدم نفسها كصانعة سلام في حرم جامعي ساخط على قرار الإغلاق.
قالت الآنسة فاونتين: «رجاء، دعوا عنكم حديثكم المشبع بالكراهية وعدم الاحترام.. اليوم ليس هو يوم القتال».
ورغم هذا، فقد أبدى بعض عضوات الكلية احتجاجا صامتا، وهن يرتدين الأشرطة الوردية والخضراء – وهي ألوان المدرسة – المتهدلة إلى أكمامهن. قال روبرت ألكسندر، وهو أستاذ متفرغ يدرس العلوم البيئية والاقتصاد، إن الأشرطة كانت طريقة للتعبير عن الإحباط، وفي نفس الوقت احترام رغبة الطالبات في احتفالية سعيدة.
وقال الدكتور ألكسندر، الذي يقوم بالتدريس منذ 12 عاما في سويت بريار: «شعر الكثير من (أعضاء) الكلية بأنه عندما يكون هناك شيء مهم ينبغي قوله، فإن عليك التعبير عنه».
كان حفل التخرج يوم السبت لحظة حلوة ومرة في آنٍ معا - ولكنها ليست الأخيرة بأي شكل من الأشكال – في المعركة المحتدمة على مستقبل سويت بريار، التي أعلن مجلس إدارتها على نحو مفاجئ في مارس (آذار) أن كلية النساء التي يصل عمرها لـ114 عاما، سوف تغلق بنهاية أغسطس.. «نتيجة لصعوبات مالية مستعصية». ولقد أثار القرار نقاشا في الدوائر التعليمية حول مستقبل التعليم غير المختلط وجدواه.
ولكنه في سويت بريار، نجمت عن ذلك الخلاف معركة.
فسرعان ما شكلت طالبات الكلية اللائي شعرن بالصدمة، مجموعة أطلقن عليها «إنقاذ سويت بريار» التي تقول إن لديها تعهدات بقيمة 12.4 مليون دولار لإنقاذ الكلية وهي تساند دعوى قانونية رفعها مدعي المقاطعة في أميرست للحيلولة دون عملية الإغلاق.
كما رفع عدد من الطالبات دعاوى قضائية، شأن أعضاء الكلية، الذين يزعمون وجود مخالفة تعاقدية ويطلبون تعويضا بقيمة 44 مليون دولار عن الأضرار الناجمة. وفي ترتيب غير معتاد مع الكلية، يمتلك عدد من الأساتذة بيوتا داخل الحرم الجامعي، رغم أنهم لا يملكون الأرض المقامة عليها؛ ومن ثم ففي حال أغلقت الكلية، سيكون مالكو البيوت مرغمين على بيعها.
وتتمثل القوة الدافعة في حجة جماعة «إنقاذ سويت بريار» في أن مجلس الإدارة خالف وصية مؤسسة المدرسة، إنديانا فليتشر ويليامز، التي تنازلت عن ممتلكاتها، والمتمثلة في ما كانت مزرعة في السابق، لتتم إدارتها كمعهد تعليمي في ذكرى ابنتها المتوفاة، دايزي.
وقد تحركت الدعوى القانونية سريعا، إذ تقرر يوم الرابع من يونيو (حزيران) لعقد مرافعات شفاهية في محكمة فيرجينيا العليا. كما بدأ المدعي العام لولاية فيرجينيا محادثات وساطة بين الأطراف، حيث من المقرر عقد جولة جديدة يوم الاثنين. وقال متحدث باسم سويت بريار، إن المسؤولين سوف يشاركون «بنيات حسنة»، ولكن المدرسة بحاجة إلى «جرعة تمويل هائلة» كي يمكنها البقاء.
وفي مقابلة صبيحة يوم السبت، قالت سارة كليمنت، رئيسة جماعة «إنقاذ سويت بريار»، إن «الكلية تحت الحصار». وقالت إن «قرارهم الذي قالوا إنه لا يمكن أن يخترقه الرصاص، وخالٍ من الكلور، وتمت صياغته بدقة تامة – ليس محصنا، وليست هناك قضية منتهية، كما قال جيمي جونز».
وكانت كليمنت تشير إلى الشخصية التي كانت هدفا لكثير من السخط والانتقاد في سويت بريار، وهو رئيسها المؤقت، جيمس إف. جونز الابن. إن زوجة السيد جونز من المتخرجات في سويت بريار، وكانت حفيدتها من بين الخريجين يوم السبت. ولكن السيد جونز، الذي تشدد في إصراره على حتمية إغلاق المدرسة، قرر ألا يحضر الاحتفالية.
وكتب السيد جونز يوم الجمعة في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى طلاب المدرسة وأعضاء هيئة التدريس وآباء الخريجات يقول إنه «في الساعات الأربع والعشرين الماضية، كان مما استرعى انتباهي، أن هناك من أعضاء الكلية والخريجات من هددوا، وعلى الملأ في بعض الأحيان، بأن يعطلوا احتفالية الغد مرارا في حال ترأست الاحتفالية». ومن ثم، قال إنه «اتخذ على مضض قراره بعدم المشاركة».
وحتى رئيسة حفل التخرج، تريزا توملينسون، عمدة مدينة كولومبس بولاية فيرجينيا، المتخرجة من الكلية عام 1978، يخالجها شعور بالغضب بشأن الإغلاق. قالت السيدة توملينسون في مقابلة مساء الجمعة، إنه وقبل أسبوعين على إعلان مجلس الإدارة، كانت هي وزوجها قد تعهدا بتخصيص مليون دولار من أموالهما لصالح كلية سويت بريار. وهي الآن منهمكة في جمع الأموال من أجل جماعة «إنقاذ سويت بريار».
وقالت العمدة إن «كلية النساء لم تكن بمثل أهميتها كما هي الآن، ومن الواضح أن ليس كل الناس يدركون ذلك»، مضيفة أن «هذه الكلية بحاجة لأن تستمر».
وقد اشتملت كلمة السيدة توملينسون لمناسبة حفل التخرج، على دروس حادة في القيادة، مع ما يمكن وصفه بانتقادات مبطنة، إلى الرئيس ومجلس الإدارة.
وفي ما بدا كإشارة إلى غياب الشفافية التي يشعر كثير من المنتقدين أنها كانت جزءا من قرار إغلاق سويت بريار، قالت السيدة توملينسون: «إذا كانت أفكاركم بهذه الروعة، وإذا كانت قائمتكم القصيرة إعجازية هكذا، إذن لتضعوهما أمام العين الناقدة لأصحاب المصلحة».
واستحثت الطلبة من دفعة 2015 على أن يتحلوا بالشجاعة في قيادتهم، وأن يبحثوا عن أفكار وتصورات غير مطروقة، وعلى أن يتحرروا من الخوف بحيث يرفعون أصواتهم، حتى ولو كانوا منطلقين من وضعية تعوزها الخبرة.
وقالت السيدة توملينسون: «لو أنكن تقاعستن عن التحرك، لما كنا نحن هنا اليوم»، وكانت تشير إلى الأزمة داخل الكلية.
أما بالنسبة إلى ليا هامينوك (23 عاما) وهي طالبة تتخصص في دراسة الكيمياء والفن، فإن التخرج ليس هو نهاية تفاعلها مع الكلية، وقالت إنها ستظل مشاركة في القضية. وقالت هامينوك، وهي ابنة نقيب بحرية متقاعد، إنها نشأت بعقلية لا تعترف بالتراجع كخيار – وهي روح استدعتها عندما شاركت في الاحتجاجات من أجل بقاء الكلية مفتوحة الأبواب.
قالت: «أنا نتاج ما صنعت بي المدرسة، وهو أن أرفع صوتي من أجل حقوقي وأن أتحدث من أجل فرصي».
إن سويت بريار هي مدرسة صغيرة، تمتد على حرم بديع مساحته 3.250 فدان، في أحضان جبال بلو ريدج. ويقدر أن 532 طالبة عشن على حرم الكلية خلال نصف السنة المنصرم هذا، وأن ما يقرب من 170 طالبة درسن بالخارج.
وخلال حفل التخرج، منحت المدرسة درجات علمية لـ117 من الخريجات وست من طالبات الدراسات العليا. وترك هذا 400 طالبة عليهن الانتقال إلى مؤسسات تعليمية في حال أغلقت سويت بريار.
كاثرين مارتين هي واحدة من أولئك الطالبات، وهي في أول سنوات دراستها للتصوير، حيث انتقلت إلى كلية لينشبرغ. وقد شاهدت احتفالية سويت بريار من خلال عدسات كاميرتها.
أما السيدة مارتين، فهي طالبة من الجيل الثاني في سويت بريار. اعتادت والدتها، المتخرجة عام 1991، أن تحكي لها حكايات التنافس في ركوب الخيل في فريق الفروسية، والصلات التي نشأت بين الطالبات وأعضاء الكلية.
قالت السيدة مارتن: «حتى قبل أن يتم قبولي، كنت أعتبر نفسي سيدة من سويت بريار.. أردت أن تكون لي نفس تلك الحكايات، وأعرف الأمر لن يكون كذلك».
* خدمة «نيويورك تايمز»