تصريحات زعيم المجلس الأعلى الإسلامي تستفز مشاعر البصريين

دعوات للتظاهر اليوم تطالب برحيل المحافظ المنتمي لكتلة الحكيم

تصريحات زعيم المجلس الأعلى الإسلامي تستفز مشاعر البصريين
TT

تصريحات زعيم المجلس الأعلى الإسلامي تستفز مشاعر البصريين

تصريحات زعيم المجلس الأعلى الإسلامي تستفز مشاعر البصريين

في الوقت الذي شهدت فيه مواقع التواصل الاجتماعي نداءات استهجان من قبل عدد كبير من أهالي البصرة (كبرى مدن جنوب العراق الغنية بالنفط) بشأن تصريحات زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم والتي رفض بها التظاهرات في مناطق جنوب العراق والبصرة خاصة، يستعد البصريون للخروج، اليوم، بتظاهرات كبيرة أمام مبنى الحكومة المحلية مطالبين محافظ البصرة ماجد النصراوي المنتمي لكتلة «المواطن» التي يتزعمها الحكيم، بالرحيل وذلك بسبب سوء الخدمات.
ومع إعلان رئاسة مجلس محافظة البصرة (الشق التنفيذي في المدينة) عن عزمه استضافة النصراوي لبيان نسب الإنجاز المالي والإجابة على أسئلة الأعضاء حول أوجه صرف مبلغ الـ1400 مليار دينار التي تسلمها المحافظ من بغداد كتخصيصات لعام 2014، استهجنت «كتلة بدر» في البصرة وصف المواطنين الذين ينوون التظاهر بالبعثيين أو الداعشيين، وطالبت محافظ البصرة بتوفير الحماية اللازمة لهم. وكان زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم قد حذر خلال مؤتمر صحافي مشترك مع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في مقر الأخير بمدينة النجف، أول من أمس، من «مخطط لإثارة الفتنة في مناطق الجنوب في العراق من خلال المظاهرات على تردي الخدمات». وقال إن «رفع شعار الخدمة شعار صحيح، ولكن إرباك الشارع وجر الفوضى إلى المناطق الجنوبية في لحظة وجود (داعش) في المناطق الغربية حيث القتال شرس معه، لا يصب ولا يحقق السلم الأهلي ومصالح الشعب، وقد عبرنا عن قلقنا من هذه المحاولات المشبوهة».
وقال رئيس مجلس محافظة البصرة صباح البزوني في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن «المجلس سيعقد هذا الأسبوع جلسة استثنائية لاستضافة المحافظ ماجد النصراوي لبيان نسب الإنجاز المالي والإجابة على أسئلة الأعضاء حول أوجه صرف مبلغ الـ1400 مليار التي تسلمها المحافظ من بغداد كتخصيصات لعام 2014 الماضي». وأضاف أن «خطوة النصراوي بتقديمه طلبًا للحضور بالجيدة، وأن المجلس كان متوجها باستضافة المحافظ في أي حال من الأحوال».
إلى ذلك، قال عضو مجلس محافظة البصرة عن «كتلة بدر» حسام أبو الهيل، إن: «هناك أمر مستغرب جدا وهو وصف الذين ينوون التظاهر بالبعثيين أو الداعشيين وذلك عبر صفحات التواصل الاجتماعي». وأضاف أن «الدستور العراقي كفل حق التظاهر للجميع شرط الحصول على الموافقات الرسمية وعلى المحافظ التعامل معهم بما يكفله الدستور وخصوصا إذا ما حصلوا على تلك الموافقات».
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا «فيسبوك» حملات تدعو أهالي البصرة للتظاهر، السبت، للمطالبة برحيل المحافظ ماجد النصراوي من إدارة البصرة متهمين إياه بالفشل وخصوصا بعد تصريحات الحكيم الأخيرة.
وقال الصحافي البصري مسار علي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «نستغرب اللغة الانفعالية التي استخدمها زعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم والتي وصلت حد وضع الخطوط الحمراء. لأهل البصرة، الذين يعانون الأمرين من سوء الخدمات مع أنهم كما وصفهم الحكيم مورد العراق الوحيد، بينما يطالب الحكيم بنفسه وأفراد حزبه لتفهم مطالب المناطق الغربية ويطرح لهم مبادرات خدمية ذات جوانب مالية كانبارنا الصامدة وغيرها».
وأضاف: «هذا إن دل، فيدل على شيئين، إما أنهم مضللون عن وضع البصرة وسوء خدماتها أو أنهم يتعمدون ظلمها وسلب حقوقها والتي يريدون أن يكون آخرها حق التظاهر».



مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».