الحريري: الحوار لم يعد يجدي مع من يجرنا إلى حروب خارجية

تأليف الحكومة يصطدم باعتراض حزب الله على مرشح «المستقبل» للداخلية

لبناني يسير إلى جانب صورة ضخمة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (أ.ف.ب)
لبناني يسير إلى جانب صورة ضخمة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

الحريري: الحوار لم يعد يجدي مع من يجرنا إلى حروب خارجية

لبناني يسير إلى جانب صورة ضخمة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (أ.ف.ب)
لبناني يسير إلى جانب صورة ضخمة لرئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري في بيروت أمس (أ.ف.ب)

شن رئيس الحكومة السابق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري، حملة على حزب الله، وعدّ أن الطرف الذي يجر البلاد إلى حروب خارجية لم تعد تجدي معه طريقة الحوار السياسي.
وطالب بضرورة تطبيق «اتفاق الطائف» «إعلان بعبدا» الذي ينص على حيادية لبنان، معلنا تأييده الكامل لـ«وثيقة بكركي الوطنية»، التي تشكل خارطة طريق للعبور إلى الدولة، ولانتخاب رئيس للجمهورية يمثل الإرادة الوطنية للمسيحيين.
وبعدما كان الحريري قد أعلن استعداده لمشاركة حزب الله في حكومة سياسية جامعة، من أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي، التي بدأت أعمالها الشهر الماضي، للنظر في قضية اغتيال والده، أكد أن «الشهداء لم يستشهدوا ليسلموا حزب الله حق الإمرة في الشؤون الوطنية، ويغطوا مشاركته في الحرب السورية».
وقال الحريري في كلمة له حملت عنوان «الاعتدال والعدالة»، ألقاها عبر الشاشة خلال إحياء قوى 14 آذار ذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، في بيروت، «كما يرفض تيار المستقبل أن يكون على صورة عن حزب الله، فإننا نرفض أن نكون صورة عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وجبهة النصرة»، مضيفا: «نحن من مدرسة نفتدي الوطن بالأرواح، ولسنا من مدرسة نفتدي الحزب بالوطن».
وتطرق الحريري في الاحتفال الذي غاب عنه قيادات الصف الأول من قوى 14 آذار، لأسباب أمنية، ولا سيما رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية، ورئيس الجمهورية السابق أمين الجميل، إلى عمل المحكمة الخاصة بلبنان والمتهمين من حزب الله باغتيال والده، قائلا: «عندما دخلت إلى قاعة المحكمة الدولية شعرت للمرة الأولى أن دوي العدالة في لاهاي كان أقوى من انفجار 14 فبراير (شباط) 2005»، مضيفا: «المتهمون الخمسة باغتيال الحريري والمتهم باغتيال النائب بطرس حرب هم بحماية حزب مسلح، ولا يمكن للدولة اللبنانية أن تصل إليهم لتسجيل مجرد شهادة. وهناك أيضا متهمون بتفجيري طرابلس معروفون بالأسماء ومكان إقامتهم ولا يمكن للدولة أن تصل إليهم، وبعد كل ذلك يسألون لماذا طالب اللبنانيون بالمحكمة الدولية؟».
وكان قد أعلن في بداية الاحتفال عن اتخاذ قرار فريق 14 آذار عن توقيع النواب المنضويين في أحزابه عريضة لتقديمها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون تطالب بتوسيع صلاحيات المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في قضية اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، لتضم عمليات الاغتيال التي طالت شخصيات في صفوف هذه القوى، بعد تاريخ 12 ديسمبر (كانون الأول) 2005، وهو تاريخ اغتيال النائب السابق جبران تويني، ووضعها في عهدة المحكمة الدولية».
وفي كلمته أيضا، تعهد الحريري بالتصدي للتحريض والمحاولات المشبوهة لزج اللبنانيين والطائفة السنّية خصوصا إلى حروب لا هدف لها إلا إدخال لبنان في محرقة طائفية، متوجها كذلك في كلامه إلى فريق 8 آذار، ولا سيما حزب الله، بالقول: «أما أولئك الذين يتهمون بوجود بيئة حاضنة للإرهاب في لبنان ويحاولون أن يلقوا المسؤولية على (تيار المستقبل) والمدن والبلدات المعروفة بغالبيتها السنية، فنؤكد لهم أن أوهامهم مردودة إليهم. نحن مع الأكثرية الساحقة من أهل السنّة في لبنان وسنواجه مشاريع الحروب في لبنان، وشهداؤنا لم يستشهدوا ليكون تيار المستقبل حاضنا للإرهاب».
وبعد فشل المساعي التي كادت توصل أمس، إلى الإعلان عن الحكومة، قبل أن تصطدم برفض حزب الله تولي مدير عام الأمن الداخلي أشرف ريفي وزارة الداخلية، قال الحريري: «أردنا أن تكون الحكومة خطوة على طريق الاستحقاق الرئاسي، وتتويج عهد الرئيس ميشال سليمان بمبادرة وطنية جامعة تضاف إلى الدعم الكبير الذي قدمته المملكة العربية السعودية للجيش اللبناني».
وأكد الحريري أنه إذا كانت وصاية «آل الأسد» في سوريا، قد جعلت رئاسة الجمهورية مناسبة لتخطي المسيحيين في لبنان وإشعارهم بغبن التمثيل وإشعار المسلمين بالوصاية التامة، «فإننا في تيار المستقبل لن نقبل إلا برئيس يمثل الإرادة الوطنية للمسيحيين، ونرفض كل وصاية غير وصاية الدستور».
وأضاف في هذا الإطار: «نرفض أن يكون منصب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي مرشحا للفراغ، لأن دولة يرأسها الفراغ هي برسم الانهيار، ولأننا من مدرسة تعتبر الرئيس المسيحي الماروني اللبناني رمزا للعيش الواحد بين المسلمين والمسيحيين، الذي نعلن تمسكنا به أساسا للبنان».
وتوجه الحريري إلى «الرفاق في تيار المستقبل» قائلا لهم: «إما أن يكون التيار على صورة رفيق الحريري أو لا يكون»، رافضا خرق القانون وحمل السلاح ومحاربة الآخرين وتكفيرهم.
وكان قد سبقت كلمة الحريري، كلمة لوزير العدل السابق شارل رزق، عد فيها أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لم تؤسس لتهميش القضاء اللبناني ومنعه من القيام بدوره لأنه هو مهمش أصلا، مؤكدا أن «لجوء المتهمين بقضية الحريري إلى الفرار لن يغير كثيرا»، وأن قرارها سيكون غيابيا لعدم تسليم المراجع المعنية الدولة اللبنانية المتهمين بالاغتيال.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».