بورسعيد المصرية تستقبل بـ«هدوء» أحكامًا بالإعدام بحق المتهمين في مجزرة الاستاد

مساعد وزير الداخلية لـ («الشرق الأوسط»): تواصلنا مع الأهالي للسيطرة على الأمن

أهالي المحكوم عليهم بالإعدام في حالة من الغضب («الشرق الأوسط»)
أهالي المحكوم عليهم بالإعدام في حالة من الغضب («الشرق الأوسط»)
TT

بورسعيد المصرية تستقبل بـ«هدوء» أحكامًا بالإعدام بحق المتهمين في مجزرة الاستاد

أهالي المحكوم عليهم بالإعدام في حالة من الغضب («الشرق الأوسط»)
أهالي المحكوم عليهم بالإعدام في حالة من الغضب («الشرق الأوسط»)

قضت محكمة مصرية أمس بإعدام 11 شخصا، إضافة إلى أحكام بالسجن المشدد لآخرين، بينهم مدير أمن سابق، في إعادة محاكمتهم في القضية المعروفة إعلاميا بـ«مذبحة استاد بورسعيد»، والتي راح ضحيتها 72 شخصًا وأصيب المئات من مشجعي النادي الأهلي عام 2012.
وتعود أحداث الواقعة إلى أحداث الشغب التي وقعت خلال مباراة بدوري كرة القدم بين ناديي الأهلي والمصري البورسعيدي، أقيمت باستاد بورسعيد الرياضي (شرق القاهرة)، في فبراير (شباط) 2012. واتهم فيها 73 شخصا من بينهم 9 قيادات أمنية، و3 من مسؤولي النادي المصري، في حين ينتمي باقي المتهمين لرابطة مشجعي النادي المصري.
وعقب إعلان الحكم أمس سادت حالة من الترقب والحذر مدينة بورسعيد (شمال شرقي القاهرة)، خوفا من اندلاع أحداث عنف في أنحاء المدينة، نتيجة غضب أهالي المتهمين، استنادًا إلى ردة فعلهم خلال المحاكمة الأولى عندما وقعت بالمدينة، كما وقعت في العاصمة القاهرة أعمال شغب واشتباكات بين الأمن ومتظاهرين، خلفت عددا من القتلى والمصابين.
وقال اللواء سميح بشادي مساعد وزير الداخلية لمنطقة القناة لـ«الشرق الأوسط» إن الأوضاع الأمنية في المدينة وكل مدن قناة السويس هادئة تماما ومستقرة، مؤكدًا: «التعامل بكل حزم وقوة مع أي خارج عن القانون»، مشيرًا إلى أن الوزارة تنهي إجراءات خروج المفرج عنهم بموجب الحكم وتسليمهم لذويهم.
وأوضح اللواء بشادي أن «اختلاف الوضع حاليا عن الحكم الأول جاء لأمرين، الأول هو السيطرة الأمنية المحكمة والخطة الاستباقية التي تتبعها الوزارة لوأد أي أعمال شغب أو عنف، والثاني هو التواصل مع المواطنين بشكل عام وأهالي المتهمين خصوصا، لتوضيح أن ما يتم هو إجراءات قانونية وأن هناك مراحل مختلفة للتقاضي يمكن عن طريقها إثبات جميع حقوقهم». وأشار مساعد وزير الداخلية إلى أن «هناك إجراءات تأمين عالية المستوى لقناة السويس تحديدا، مستبعدا أي اختراق، ردًا على تلك الأحكام».
وجاء في الحكم الذي أصدرته، محكمة جنايات بورسعيد في جلستها المنعقدة أمس بأكاديمية الشرطة في القاهرة، معاقبة 11 متهما بالإعدام شنقا. ومعاقبة 10 متهمين آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، ومعاقبة 14 متهما بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات من بينهم 9 متهمين حضوريا و5 غيابيا، ومعاقبة 11 متهما بالسجن لمدة 5 سنوات.
كما عاقبت المحكمة 4 متهمين بالحبس لمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ، وهم كل من اللواء عصام الدين سمك مدير أمن بورسعيد في توقيت وقوع الأحداث، والعقيد محمد محمد سعد رئيس قسم شرطة البيئة والمسطحات المائية ببورسعيد وقت وقوع الأحداث، ومحسن مصطفى محمد السيد شتا المدير التنفيذي للنادي المصري، وتوفيق ملكان طه صبيحة مهندس الكهرباء والإذاعة الداخلية باستاد بورسعيد.
وعاقبت المحكمة أحمد محمد علي رجب (نقاش) بالحبس مع الشغل والنفاذ لمدة عام واحد. وقضت المحكمة ببراءة 21 متهما آخرين مما أسند إليهم من اتهامات في القضية.
وتسلمت المحكمة، في وقت سابق، رأي مفتي الجمهورية بشأن إعدام 11 متهما، حيث أحالت أوراقهم لإبداء الرأي الشرعي في الحكم عليهم بالإعدام، إلا أنها في جلسة 30 مايو (أيار) الماضي قررت المحكمة مد أجل الحكم لليوم (9 يونيو (حزيران) لاستكمال المداولة، واستمرار حظر النشر حتى جلسة النطق بالحكم.
وناشد المستشار محمد السعيد رئيس محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم، شباب مصر، بوصفهم جزءا من المجتمع، أن يعودوا إلى وطنهم، وأن يحافظوا عليه قدر حبهم وحرصهم على الرياضة، وأن يكونوا على يقين بأن القائمين على هذا البلد مخلصون له وحريصون على أن يسلموه له قويا عزيزا.
واستعرض رئيس المحكمة ظاهرة جماعات (الألتراس) التي انتشرت في مصر وأصبحت واقعا، معربا عن أسفه لأنها تركت لأصحاب الأغراض الذين وضعوا بين هؤلاء الشباب أفكارا مغلوطة وصلت بهم إلى حد إقناعهم أن الموت واجب في سبيل (قميص النادي الذي يشجعونه واللعبة والطبلة وغيرها)، داعيا إلى ضرورة وضع نصوص قانونية تنظم ذلك الأمر، بحيث يشرف عليها متخصصون وذوو خبرة لمواجهة كل من يخالف ذلك القانون.
وطالبت المحكمة حكام الألعاب الرياضية بضرورة أن يتصفوا بالحيادية وأن تكون لديهم القدرة على السرعة في اتخاذ القرارات، حتى لا يحدث ما لا يحمد عقباه. وشهدت المحكمة أمس حراسة أمنية مشددة، وحضر عدد من أهالي الضحايا الذين تجمعوا أمام بوابة الأكاديمية وتم منعهم من دخول الأكاديمية تجنبا لحدوث أي حالات شغب أو تظاهرات.
وجاءت إعادة محاكمة المتهمين في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض في فبراير 2014 بإلغاء حكم محكمة جنايات بورسعيد، في ضوء الطعون المقدمة من المتهمين المحبوسين الذين قضي بإدانتهم، بعقوبات تراوحت ما بين الإعدام شنقا والحبس مع الشغل لمدة عام واحد، وفي ضوء الطعون التي قدمتها النيابة العامة على ما تضمنه حكم الجنايات من براءة 28 متهما آخر من بينهم 7 متهمين من القيادات الشرطية سابقا بمحافظة بورسعيد.
وكانت جنايات بورسعيد في المحاكمة الأولى للمتهمين، قد قضت في 9 مارس (آذار) 2013 بمعاقبة 21 متهما بالإعدام شنقا، ومعاقبة 5 متهمين آخرين بالسجن المؤبد لمدة 25 عاما، ومعاقبة 6 متهمين آخرين بالسجن المشدد لمدة 15 عاما، ومعاقبة 6 متهمين بالسجن لمدة 10 سنوات، ومعاقبة متهم واحد بالحبس لمدة عام واحد مع الشغل، ومعاقبة 4 متهمين آخرين بالسجن لمدة 15 عاما، ومعاقبة متهمين اثنين آخرين بالسجن لمدة 5 سنوات، وبراءة بقية المتهمين في القضية وعددهم 28 متهما.
ومن بين المتهمين 9 من كبار القيادات الأمنية في محافظة بورسعيد وقت وقوع الحادثة (مدير الأمن ونائبه ومساعدوه وقائد قوات الأمن المركزي) والذين جرى اتهامهم بتسهيل دخول المتهمين مرتكبي جرائم قتل مشجعي النادي الأهلي، وإحجامهم عن مباشرة الواجبات التي يفرض الدستور والقانون القيام بها لحفظ النظام والأمن العام وحماية الأرواح والأموال ومنع وقوع الجرائم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».